الصوم في الإسلام: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسم المقالة
|
ط بوت: تدقيق لغوي
|
||
(193 مراجعة متوسطة بواسطة 79 مستخدماً غير معروضة) | |||
سطر 1:
{{
{{إسلام}}
'''الصَّوْمُ في الإسلام''' نوع من العبادات
والصوم في الإسلام هو
== تعريف الصوم ==
{{أركان الإسلام}}
=== في اللغة ===
'''الصَّوْمُ''' في [[تعريف لغوي|اللغة]] مصدر بمعنى: الإمساك مطلقا، سواء كان إمساكا عن المشي أو عن الفعل والحركة أو إمساكا عن الكلام أو عن الأكل والشرب أو غير ذلك، قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم.<ref name="مختار">مختار الصحاح للرازي، حرف الصاد (ص و م)، ج1 ص180 و181.</ref> ومادته: '''([[صاد|ص]] [[واو|و]] [[ميم|مـ]])'''، والفعل صام مثل قال، والصوم أو الصيام بمعنى واحد، قال في [[القاموس المحيط]]: صام صوما وصياما واصطام: أمسك عن الطعام والشراب والكلام والنكاح والسير،<ref name="القاموس">القاموس المحيط مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، باب الميم فصل الصاد، ج1 ص 1042
.</ref> قال [[ابن فارس]]: (صوم) الصاد والواو والميم أصل يدل على إمساك وركود في مكان، من ذلك صوم الصائم هو إمساكه عن مطعمه ومشربه وسائر ما منعه، ويكون الإمساك عن الكلام صوما.<ref name="ابن فارس">معجم مقاييس اللغة كتاب الصاد، باب الصاد والواو وما يثلثهما، ج3 ص324.</ref> ومنه قول الله تعالى: {{قرآن|
قال [[ابن منظور]]: {{
{{أبيات|
قال [[أبو منصور الأزهري]] في ترجمة صون: الصائن من الخيل القائم على طرف حافره من الحفاء، وأما الصائم، فهو القائم على قوائمه الأربع من غير حفاء. وفي التهذيب: الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء والترك له، وقيل للصائم صائم؛ لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح، وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه.<ref name="لسان العرب"/> قال [[سفيان بن عيينة]]: «الصوم هو الصبر، يصبر الإنسان على الطعام والشراب والنكاح، ثم قرأ:
قال ابن منظور: {{
{{ فدعها وسل الهم عنك بجسرة
وصامت الشمس: استوت. التهذيب: وصامت الشمس عند انتصاف النهار إذا قامت ولم تبرح مكانها. وصام النعام إذا رمى بذرقه، وهو صومه. قال في المحكم: صام النعام صوما ألقى ما في بطنه. والصوم: عرة النعام، وهو ما يرمي به من دبره. وصام الرجل إذا تظلل بالصوم، وهو شجر كما نقل عن ابن الأعرابي.<ref name="لسان العرب"/> قال أبو زيد: أقمت بالبصرة صومين أي رمضانين. وقال الجوهري: رجل صومان أي صائم.<ref name="لسان العرب"/> وقال الجوهري: الصوم شجر في لغة هذيل. قال ابن بري: وصوام جبل؛ قال الشاعر:
{{أبيات|}}
=== بالمعنى الشرعي ===
الصَّوْمُ في شريعة الإسلام عبادة مخصوصة بمعنى: {{
{{أبيات|
ومنه قول الله تعالى ذكره: {{قرآن|فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ..
== مشروعية الصوم في الإسلام ==
=== فرض الصوم ===
الصوم من العبادات المشروعة في الإسلام، و[[فرض]] في السنة الثانية للهجرة، ونزلت فيه آيات من [[
القرآن|القرآن الكريم]]، دلت على فرضيته على المسلمين، وأنه كان مفروضا على من كان قبلهم في الشرائع السابقة، وشرعت [[الحكم الشرعي|أحكامه]] ومواقيته، في آيات الصيام، وبينت تفاصيل أحكامه
=== في الأمم السابقة ===
تدل النصوص الشرعية من [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]] على أن الصيام الذي فرضه الله على المسلمين كان مفروضا على الأمم السابقة، حيث أن الله هو الذي شرع الأحكام لعباده، وأن العبادة لله وحده لا شريك له، وتؤكد شريعة الإسلام أن الدين كله لله، وهو الذي أرسل الرسل ليبلغوا الناس، ودين الأنبياء واحد، وما أمروا إلا ليعبدوا إله واحدا. وقد ذكر المفسرون: أن الصيام كان مفروضا على الأمم السابقة، وأنه كان مفروضا على أهل الكتاب، فأما اليهود فقد فرض الله عليهم الصيام ولكنهم حولوه فصاموا يوما من السنة، وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني {{حديث|عن دغفل بن حنظلة عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملكهم فقالوا: لئن شفاه الله لنزيدن عشرا، ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فوه، قال: لئن شفاه الله ليزيدن سبعة، ثم كان عليهم ملك آخر فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام شيئا أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل فصارت خمسين يوما}}.<ref>[
وفي نص الآية الدالة على فرض الصيام جملة من الدلالات ومن أهمها: فرض الصيام على الناس، وأن الإيمان بالله والإسلام له وحده شرط في صحة العبادة، والخطاب في هذه الآية موجه لمن آمن بالله وبجميع رسله، ويؤكد نص الآية على أن الخلق كلهم عباد لله، وأن الخالق المعبود بحق هو الله وحده لا شريك له، وهو الذي أرسل جميع الرسل وله الدين الخالص، وفي النص القرآني من هذه الآية دلالة واضحة على أن الله هو الذي شرع الأحكام لعباده، فكما أنه فرض الصيام على الأمة المحمدية فكذلك فرض هذه العبادة على الأمم السابقة حيث يقول الله تعالى: {{قرآن|
فالذي فرضه الله على الأنبياء وأممهم هو أصل إيجاب الصوم، وأما حمل التشبيه على أنه من حيث الوقت والقدر؛ فقد ذكر القائلون بهذا القول وجوها منها: أن الله تعالى فرض صيام رمضان على أهل الكتاب: (اليهود والنصارى)، قال الرازي: {{
=== الأصل في مشروعية الصوم ===
{{
{{صندوق اقتباس
| align = left
| width = 225
| اقتباس = ذكرت آيات أحكام الصيام ضمن [[سورة البقرة]] في قول الله تعالى: {{قرآن|{{لون|أزرق|يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {{رقم آية|183}} أَيَّامًا مَّعْدُودَ ٰتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {{رقم آية|184}} شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنََـٰتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَ ٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {{رقم آية|185}}}} {{لون|أخضر|وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ{{رقم آية|186}}}} {{لون|أزرق|أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالۡـَٰٔنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {{رقم آية|187}}}}}}
▲| المصدر = [[سورة البقرة]]، آية: (١٨٣ و١٨٤ و١٨٥ و١٨٦ و١٨٧)
}}
ثبتت مشروعية الصوم في الإسلام بأدلة من [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]]، فمن الكتاب آيات أحكام الصيام وهي: آيات من [[
القرآن|القرآن الكريم]]، في [[سورة البقرة]] تضمن الأحكام الشرعية، المتعلقة بالصوم، وأهم ما اشتملت عليه: فرض الصيام على المسلمين، وبيان مقدار [[
ميقات الصوم|مواقيت الصوم]]، والرخصة [[
وأما أدلة مشروعية الصوم من السنة النبوية؛ فهي إيضاح لنصوص القرآن وبيان ما فيه من أحكام ذكرت فيه إجمالا، وتفصيلها، وبيان الأحكام الشرعية التي لم تذكر في القرآن، بل بنص السنة إذ أن القرآن منقول بطريق السنة، والوحي إما نص من القرآن أو من الحديث النبوي، مثل بيان المواقيت التي دل الحديث النبوي على بيانها، فالسنة هي بيان لمراد الله، فعدد الصلوات مثلا: لم يعلم بيانه إلا بطريق السنة، وقد جاء في الحديث: {{حديث|ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه}}.<ref>سنن أبي داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة حديث رقم: (
=== مراحل تشريع الصوم ===
للصوم في الإسلام مراحل تشريعية من قبل أن يفرض على المسلمين [[صوم شهر رمضان]] إلى أن استقرت الأحكام واكتمل الدين، فمن خصائص التشريع الإسلامي للأحكام أن الله هو الذي شرع الأحكام، فكان بيانها على لسان رسوله خلال فترة نزول الوحي، فلم تشرع الأحكام كلها جملة واحدة، بل كان بطريق التدرج في تشريعها، بطريق التعليم الرباني الذي يقصد به: تعليم الأحكام شيئا فشيئا، وتركزت مراحل التشريع الإسلامي في بدايتها على [[
الله (إسلام)|الإيمان بالله]] والبرهنة على وجود الله وأنه خالق كل شيء، والمستحق وحده للعبادة، ومن ثم فإن الكثير من الأحكام لم تشرع إلا بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، بما فيها الصوم الذي هو في نفس الوقت لم يشرع جملة واحدة، بل شرع في مراحل، وكان المسلمون قبل أن يفرض عليهم [[
صوم شهر رمضان|صوم رمضان]] يصومون يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، وكان الناس في الجاهلية يصومون يوم عاشوراء، فلما هاجر المسلمون إلى [[المدينة المنورة]] وجدوا اليهود يصومونه، فسئلوا عنه فقالوا: ذلك يوم نجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون فنحن نصومه شكرا لله، وفي الحديث: {{حديث|أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء وقالوا: إن موسى صامه، وإنه اليوم الذي نجوا فيه من فرعون وغرق فرعون فصامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه وقال: نحن أحق بموسى منهم}}. و{{حديث|عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه}}.<ref>صحيح مسلم كتاب الصيام باب صوم يوم عاشوراء حديث رقم: (1125)</ref> قال [[
يحيى بن شرف النووي|النووي]]: اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنة ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبا، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين: أشهرهما عندهم: أنه لم يزل سنة من حين شرع، ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة، ولكنه كان متأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك الاستحباب، والثاني: كان واجبا، كقول أبي حنيفة، واستدل القائلون بالوجوب بقوله: {{حديث|وأمر بصيامه}}، ودليل القائلين بعدم وجوبه حديث: {{حديث|لم يكتب الله عليكم صيامه}}، وحديث: {{حديث|من شاء صامه ومن شاء تركه}}، وهذا الخلاف إنما هو فيما كان في صدر الإسلام، أما بعد تعيين صوم رمضان؛ فهو سنة مستحبة بالإجماع.<ref>{{
كان فرض الصوم في أول فرضه على المسلمين في أيام معدودات، وأنه ليس في كل يوم؛ لئلا يشق على النفوس، فتضعف عن حمله وأدائه، بل جعل فرضه في أيام معدودات، أي: قلائل، كما يدل على هذا نص الآية: {{قرآن|
وكان الصوم على التخيير، في بداية فرضه؛ لقوله تعالى: {{قرآن|
وقال السدي عن مرة عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية: {{قرآن|
روى البخاري بسنده عن عطاء سمع [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] يقرأ: {{قرآن|البقرة|184|من كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}}، قال [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: ليست منسوخة، هو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا. وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه. وعن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {{قرآن|البقرة|184|من كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}}، في الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا.عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء في رمضان، وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية: {{قرآن|
▲عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء في رمضان، وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية: {{قرآن|وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ }} ١٨٤، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا، ثم نزلت هذه الآية فنسخت الأولى، إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر، فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه، بقوله: {{قرآن|فمن شهد منكم الشهر فليصمه}}.<ref>تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى: {{قرآن|يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام}}، ج1 ص: (399).</ref> وخلاصة هذا: أن التخيير كان في بداية الأمر بالصوم في صدر الإسلام، ثم نسخ حكم التخيير بتعيين صوم رمضان، وقوله تعالى: {{قرآن|فليصمه}} دل على الفرض نصا من غير تخيير، كما أن الفدية باقية في حق من لا يطيق الصوم، وبهذا ثبت وجوب صوم رمضان، على المكلفين، وأجمع المسلمون على هذا، وقد كان وقت الصوم، يبدء من الليل، فمن نام أو صلى العشاء؛ صار بذلك صائما، وحرم عليه الأكل والشرب، وسائر المفطرات، فشق ذلك على المسلمين، فخفف الله عليهم، وجعل وقت الصوم من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس.
=== رخصة المرض والسفر ===
{{
الرخصة بالمعنى الشرعي عند علماء أصول الفقه: مقابل العزيمة. ففرض الصوم عزيمة، ورفع الحرج عن المكلف بالصوم، بالتخفيف حال المرض أو السفر: رخصة من الله؛ لقوله تعالى: {{قرآن|
=== التخفيف في وقت الصوم ===
وكان فرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية الهجرية، وكانوا في أول ما فرض عليهم الصوم: يصومون من بعد [[صلاة العشاء]]، أو النوم قبلها، أي: أن وقت الإمساك كان من بعد العشاء، أو بعد النوم على من نام قبل العشاء، ثم يستمر إمساك الصائم إلى غروب الشمس، في موعد الإفطار في الليلة التالية، فكان الوقت الذي يباح فيه الأكل والشرب في ليلة الصيام: من أول وقت [[صلاة المغرب]] إلى العشاء، بشرط عدم ال[[نوم]] فمن نام قبل العشاء؛ وجب عليه الإمساك في ليلته، إلى الليلة القابلة، وقد كان بيان هذا [[
قال البغوي: {{
=== أدلة فرض الصوم ===
[[ملف:002185 Al-Baqarah UsmaniScript.png|تصغير|يسار|شهر رمضان]]
[[ملف:The Badshahi in all its glory during the Eid Prayers.JPG|تصغير|يمين|[[
صلاة العيدين|صلاة العيد]] في مسجد بادشاه ([[باكستان]])]]
الأصل في مشروعية الصيام قبل [[إجماع (فقه)|الإجماع]]: أدلة من الكتاب والسنة، فمن القرآن قول الله تعالى: {{قرآن|
|عنوان مترجم= فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref>ولمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج، فقال رجل الحج وصيام رمضان قال لا صيام رمضان [[الحج في الإسلام|والحج]] هكذا سمعته من رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح1</ref> وفي رواية لمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح2
</ref> ولمسلم: {{حديث|بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح3</ref> ولمسلم بلفظ: "إني سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{حديث|إن الإسلام بني على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت}}"<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح4</ref>▼
▲ولمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج، فقال رجل الحج وصيام رمضان قال لا صيام رمضان [[الحج في الإسلام|والحج]] هكذا سمعته من رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح1</ref> وفي رواية لمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح2</ref>
وفي هذا الحديث دليل صريح على فرض [[صوم شهر رمضان]] بلفظ: {{حديث|وصوم رمضان}}، الذي هو أهم أنواع الصيام في الإسلام، وهو أحد
[[أركان الإسلام
|أركان
|
=== صوم شهر رمضان ===
السطر 94 ⟵ 85:
[[ملف:Koran.JPG|تصغير|يسار|تلاوة القرآن في رمضان]]
[[ملف:هلال ماه.JPG|تصغير|يسار|هلال]]
صوم شهر رمضان من كل عام هو الصوم المفروض على المسلمين، [[إجماع (فقه)|بالإجماع]]، وهو أحد [[أركان الإسلام]] الخمسة، وأفضل أنواع الصيام؛ للحديث القدسي بلفظ: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما فرضت عليه»، حيث أن أداء [[فرض|الفرائض]] أحب الأعمال إلى الله.<ref name="فتح349">[
وكان فرض الصيام أول ما فرض على المسلمين، بقول الله تعالى: {{قرآن|
== مواقيت الصوم ==
{{
[[ملف:Crescent Mars (8042918207).jpg|تصغير|يمين|رؤية الهلال]]
[[ملف:Le Couché du Soleil et l'arrivé du ftour.jpg|تصغير|يسار|رؤية غروب الشمس]]
مواقيت الصوم هي ظروف معلومة، محددة [[خطاب الوضع|بوضع]] الشرع لها، متعلقة بعبادة الصوم، وتشمل: وقت دخول الشهر وخروجه، ووقت دخول يوم الصوم وخروجه، ووقت التسحر، ووقت الإمساك، ووقت الإفطار، وبداية شهر رمضان، وآخره، وأوقات الأداء والقضاء للصوم واجبا كان أو نفلا، والأوقات المنهي عن الصوم فيها، واليوم هو الوقت الشرعي لفعل الصوم فيه، وأوله طلوع الفجر الثاني، وآخره غروب الشمس. ويتعلق صوم شهر رمضان بدخول الشهر القمري، وهو الشهر الشرعي، ودخول أي [[شهر]] من أشهر [[
تقويم قمري|السنة القمرية]]: يستلزم انقضاء الشهر الذي قبله، ويمكن معرفة دخول الشهر برؤية الهلال في أول منزلة من [[منازل القمر]]، كما أن هناك علم الفلك، وحساب المواقيت الفلكية، لكن دخول الشهر وخروجه في الشرع الإسلامي لا يعتمد على علم الحساب الفلكي، حيث لم يطلب في نصوص الشرع الرجوع لذلك، بل باتباع ضوابط الشرع، إما برؤية الهلال، أو بإكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً عند عدم رؤية هلال الشهر؛ لأن الحسابات الفلكية، لا يعرفها إلا الخواص، ويدل على هذا حديث: {{حديث|عن [[
عبد الله بن عمر بن الخطاب|عبد الله بن عمر]] رضي الله عنهما، أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له"}}.<ref>صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا وقال صلة عن عمار من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم</ref> وقوله: {{حديث|لا تصوموا حتى تروا الهلال}} يفيد النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال، وجاء حديث [[
عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] من وجهين، أحدهما بلفظ: {{حديث|فإن غم عليكم فاقدروا له}}، والآخر بلفظ: {{حديث|فأكملوا العدة ثلاثين}}، وقصد بذلك بيان المراد من قوله: «فاقدروا له»، وفي صحيح مسلم: {{حديث|عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رمضان فقال لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له}}.<ref>{{
=== ليلة الصيام ===
{{
[[ملف:Prière de Tarawih dans la Grande Mosquée de Kairouan. Ramadan 2012.jpg|تصغير|يسار|صلاة التراويح في الجامع الكبير في القيروان. رمضان 2012]]
[[ملف:Moon at 20 Ramadan (Bayda, Libya,2012-08-08).jpg|تصغير|يمين|القمر في 20رمضان 2012 بمدينة [[البيضاء (ليبيا)|البيضاء]]]]
ليلة الصيام هي: الفترة الزمنية المحدودة التي يباح فيها الطعام للصائم والشراب وسائر المفطرات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهي في مقابل النهار الذي هو وقت الصوم، كما أن الليل ليس محلا للصوم فيه، وقد فرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، وكانوا يصومون من بعد العشاء، أو النوم قبلها، فخفف الله تعالى عليهم فأباح لهم المفطرات في جميع ليلة الصيام إلى الفجر الثاني، ونزل قول الله تعالى: {{قرآن|
وينتهي وقت ليلة الصيام بانتهاء الليل وذهاب ظلامه، عند بداية ظهور أول بياض النهار من الفجر الصادق، وقد ذكر الله تعالى هذا بقوله تعالى: {{قرآن|
{{قصيدة|فلما أضاءت لنا سدفة|ولاح من الصبح خيط أنارا}}▼
{{أبيات|
فعدي لا ينسب إليه التقصير؛ لأنه أخذ بحقيقة اللفظ والحقيقة أصل في الدلالة، كما أن المعنى المجازي للخيط قد لا يكون معروفا عند بعض العرب.<ref name="تفسير الطبري"/>
والمقصود: أن وقت الإمساك هو: طلوع الفجر الثاني، وهو نفس وقت [[صلاة الفجر]]، والأذان إنما هو إعلام بالوقت، ويستحب تأخير السحور إلى قريب انفجار الفجر الثاني، والأفضل أن يفصل بين آخر وقت السحور وبين أول وقت صلاة الفجر بقدر خمسين آية متوسطة ويدل عليه ما رواه البخاري: {{حديث|عن أنس عن [[زيد بن ثابت]] رضي الله عنه قال تسحرنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}}، ثم قام إلى الصلاة قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية}}.<ref>صحيح البخاري، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، ص: 678</ref> ويستمر وقت السحور إلى ما قبل طلوع الفجر الثاني، وينتهي وقته بطلوع الفجر الذي هو وقت الإمساك وأول وقت صلاة الصبح، وفي الحديث {{حديث|عن عائشة رضي الله عنها أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر}}، قال القاسم: ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا}}.<ref>صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ص: 678</ref> "عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق}}"، وفي رواية: {{حديث|لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر وينفجر}}.<ref>تفسير (الطبري)، محمد بن جرير الطبري، الجزء الثالث، ص: (516)- (517)، تفسير سورة البقرة، القول في تأويل قوله تعالى:
{{قرآن|البقرة|187|من كلمة=وكلوا|إلى كلمة=الفجر}} {{قرآن|وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}}.</ref> وعن بلال قال: {{حديث|أتيت النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أوذنه بالصلاة وهو يريد الصوم، فدعا بإناء فشرب، ثم ناولني فشربت، ثم خرج إلى الصلاة}}.<ref name="تفسير الطبري"/>
== فضائل الصوم ==
=== فضل الصوم ===
{{
للصوم في الإسلام فضائل كثيرة وفوائد متعددة دلت عليها نصوص الشرع الإسلامي من القرآن والسنة، وهي جملة من الخصائص التي تضمنت الدلالة على مكانته وأهميته، وهي إما عامة لجميع أنواع الصوم، أو خاصة في بعض أنواعه، فالتفضيل بالخصوصية هو مزيد من الخصائص لبعض أنواع الصوم ومنها: [[صوم شهر رمضان]]، فيختص بكونه فرضا بمعنى: أن العبادة المفروضة أفضل من النفل، والتقرب إلى الله بما فرض أفضل رتبة من التقرب بالنوافل، كما يختص شهر رمضان بفضيلة نزول القرآن فيه، وبقيام لياله وغير ذلك، وهناك فضائل خاصة لبعض أنواع الصوم مثل: فضل صوم يوم عاشوراء والمحرم وغير ذلك.
أخرج البخاري: "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {{حديث|الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها}}".<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، حديث رقم: (1795)</ref>
وفي الموطأ: {{حديث|والحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به}}.<ref>الفتح ص125</ref> قال [[ابن حجر العسقلاني]]: والجنة بضم الجيم الوقاية والستر، فهو وقاية من عذاب النار كما أخرج النسائي بلفظ: {{حديث|الصيام جنة من النار}}، وفي رواية له بلفظ: {{حديث|الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال}}، ولأحمد من طريق أبي يونس عن أبي هريرة: {{حديث|جنة وحصن حصين من النار}}، وله من حديث أبي عبيدة بن الجراح: {{حديث|الصيام جنة ما لم يخرقها}}، زاد الدارمي: {{حديث|ما لم يخرقها بالغيبة}}.
وقال صاحب النهاية معنى كونه جنة أي: يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات، وقال القرطبي: جنة أي: سترة يعني: بحسب مشروعيته، فينبغي للصائم أن يصونه مما يفسده وينقص ثوابه، ويصح أن يراد أنه سترة بحسب فائدته وهو إضعاف شهوات النفس؛ لأن الصائم يدع شهوته، ويصح أن يراد أنه سترة بحسب ما يحصل من الثواب وتضعيف الحسنات، وقال عياض في الإكمال: معناه سترة من الآثام أو من النار أو من جميع ذلك، وبالأخير جزم [[
يحيى بن شرف النووي|النووي]]، وقال [[
ابن العربي (توضيح)|ابن العربي]]: إنما كان الصوم جنة من النار؛ لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات. فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساترا له من النار في الآخرة. انتهى كلام ابن حجر باختصار.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري ص125</ref>
ومن فضائل الصوم أنه من أسباب تكفير الذنوب، كما في صحيح مسلم: "عن [[
أبو هريرة|أبي هريرة]] رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {{حديث|الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر}}".<ref>صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، حديث رقم: (233)</ref> وفي رواية لمسلم: "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: {{حديث|الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر}}".<ref>صحيح مسلم، 233</ref>
وقد جاء في أكثر الأصول بلفظ: {{حديث|إذا اجتنب الكبائر}} آخره باء موحدة ولفظ: الكبائر منصوب على المفعولية، أي: إذا اجتنب فاعلها الكبائر، وجاء في بعض الأصول بلفظ: اجتنبت بزيادة تاء مثناة في آخره على ما لم يسم فاعله ورفع الكبائر، كذا ضبطه النووي وقال: وكلاهما صحيح ظاهر.<ref>شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، حديث رقم: (233)، ص469 و470، دار الخير، 1416 هـ/ 1996م.</ref> وفي صحيح مسلم: {{حديث|صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، الحديث الثالث رقم: (1162)</ref> وفي رواية لمسلم: {{حديث|قال وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية قال وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، الحديث الرابع رقم: (1162)</ref> و{{حديث|عن حذيفة قال: قال عمر رضى الله تعالى عنه من يحفظ حديثا عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته يقول: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة قال ليس أسأل عن هذه إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر قال وإن دون ذلك بابا مغلقا قال: فيفتح أو يكسر قال يكسر قال ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة فقلنا لمسروق سله أكان عمر يعلم من الباب فسأله فقال: نعم كما يعلم أن دون غد الليلة}}.<ref>{{
ومن فضائل الصوم أنه سبب لاستجابة الدعاء وفي الحديث: {{حديث|وعن أبي هريرة عن [[محمد|النبي]] {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|ثلاث حق على الله أن لا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع}}. رواه الترمذي باختصار المسافر وبغير هذا السياق رواه البزار}}.<ref>{{
ومن فضائل الصوم أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة، لما روى الإمام أحمد وغيره: "عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان}}".<ref>رواه البيهقي في شعب الإيمان.</ref><ref>{{
=== ثواب الصوم ===
الصوم عبادة يثاب الصائم عليها ويكتب الله له بها الجزاء الوفير يوم القيامة، وقد كتب الله الحسنات والسيئات وبينها، وضاعف الحسنات وجعل السيئة بمثلها، وفي الحديث القدسي: {{حديث|كل عمل ابن آدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي}}. فالصلاة مثلا: أقوال وأفعال، وإيتاء الزكاة: عمل، أما الصوم؛ فإنه عمل لكنه ليس بقول ولا فعل، بل هو بمعنى ترك المفطرات، والترك لا يعد قولا ولا فعلا، أي: أن الصوم عمل غير ظاهر، فلا يطلع على حقيقته إلا الله، ومن ثم فقد استثنى الله الصوم بقوله في الحديث القدسي: {{حديث|إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به}} أي: أن الصوم يختلف عن جميع الأعمال التي تحصيها الملائكة على الإنسان، حيث اختصه الله بالإثابة علية؛ لأن الصوم عبادة لا تظهر، فيجازي عليها لعلمه بمن أخلص له فيها. وقد جاء في الحديث: {{حديث|عن أبي هريرة قال قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ما شاء الله يقول الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك}}.<ref>{{
وحيث اختص الله الصوم بأنه هو الذي يجزي به فجزاء الله عظيم، وقد جعل الله الجنة جزاء للصائمين، وفي الحديث:
{{حديث|عن سهل رضى الله تعالى عنه عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد}}.<ref>{{
{{حديث|عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة؛ دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد؛ دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام؛ دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، فقال [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] رضى الله تعالى عنه: بأبي وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب، من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم}}.<ref>{{
روى البخاري بسنده: {{حديث|عن أبي صالح الزَّيَّات أنه سمع [[
أبو هريرة|أبا هريرة]] رضى الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: قال الله:<ref>حديث قدسي</ref> كل عمل ابن [[آدم]] له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يَصْخَبْ فإن سَابَّهُ أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس [[محمد]] بيده: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه}}.<ref>{{
=== فضل صوم رمضان ===
يختص شهر رمضان بكونه شهر الصوم عند المسلمين، ويختص بكونه أفضل أنواع الصوم، فيختص بكونه فرضا بمعنى: أن العبادة المفروضة أفضل من النفل، والتقرب إلى الله بما فرض أفضل رتبة من التقرب بالنوافل، كما يختص شهر رمضان بفضيلة نزول القرآن فيه، وبقيام لياله وغير ذلك، وشهر رمضان يقال له شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وصوم رمضان كفارة للذنوب وفي الحديث: "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه}}".<ref>{{
ويكون صوم شهر رمضان كفارة للذنوب لمن صامه إيمانا بالله وتصديقا بثوابه وإخلاصا له فيه، قد روى البخاري: "عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] رضي الله عنه قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه}}".<ref>صحيح البخاري كتاب الإيمان، [
"عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين}}".<ref>{{
"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم}}".<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=747&pid=163133&hid=1007 الأمالي الخمسينية للشجري، في ذكر ليلة القدر وفضلها] حديث رقم: (1007). {{Webarchive|url=
=== مما ورد في فضل الصوم ===
وفي المصنف روى ابن أبي شيبة: عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: "أتيت عثمان بن أبي العاص فدعا لي بلبن لقحة فقلت: إني صائم فقال: أما إني سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول : {{حديث|الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال وصيام حسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر}}".<ref name="المصنف">{{
عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: "قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إن الله يقول: إن الصوم لي وأنا أجزي به، وإن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله فرح، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك}}". وعن أبي هريرة قال: "قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، الصوم جنة الصوم جنة}}".<ref name="المصنف"/>
السطر 166 ⟵ 158:
=== أدب الصيام وسلوك الصائم ===
للصوم آداب منها: حفظ اللسان وإطعام الطعام والجود بالخير وفي الحديث: {{حديث|أن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: كان النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة}}.<ref>{{
ومن الآداب التي للصائم مراعاتها: صون الجوارح والابتعاد عن اللغو والرفث والمجادلة والمخاصمة، والتحلي بالسكينة والوقار؛ لأنه متلبس بعبادة، وفي الحديث: "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم (مرتين)، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها}}".<ref>{{
ولما كان الثواب على الصوم عند الله بمكان؛ كان حريا بالصائم أن يحافظ على هذه الفضيلة، وأن يجانب كل ما يفوتها، فاللغو والرفث حال الصوم لا يعني بطلان الصوم، وإنما يفوت بسببه فضل الصوم وينقص به الثواب، فهو كمثل من يتكلم أثناء خطبة [[صلاة الجمعة|الجمعة]] أو يحدث الضجيج أو الأذى في المسجد، وفي [[
الحديث النبوي|الحديث]]: {{حديث|وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم}}.
=== فوائد الصوم ===
للصوم فوائد حسية ومعنوية إذ أن فية تهذيب السلوك النفسي وتقويم اعوجاج النفس، وتغيير النمط الذي اعتاد الشخص عليه في حياته اليومية، وفي هذا تعليم لمعنى الطاعة والامتثال في عبادة الله، وتخليص النفس من قيود الهوى وتزكيتها وتهذيبها، وتعليم النفس معنى الصبر بالامتناع عن المفطرات، حتى يشعر الإنسان بحال الجائع والبائس الفقير، لتحصيل العطف والمودة والتراحم بين المجتمع. وفي الحديث: {{حديث|وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ}}.<ref>{{
قال [[
أبو جعفر الطبري (توضيح)|أبو جعفر الطبري]]: وأما تأويل قوله: {{قرآن|
البقرة|183|من كلمة=لعلكم
|إلى
كلمة=تتقون}} فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه، يقول: فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.<ref>{{
قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: {{قرآن|
البقرة|183|من كلمة=لعلكم
|إلى
كلمة=تتقون}}: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية [[فرض]]ت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في [[القرآن|كتابي]]، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: {{قرآن|
البقرة|183|من كلمة=لعلكم
|إلى
كلمة=تتقون}} منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا.<ref name="الفخر">{{
وذكر في معنى «لعل»: المعنى ينبغي لكم بالصوم أن يقوى وجاؤكم في التقوى وهذا معنى «لعل» في سياق الآية، والمعنى: {{قرآن|
البقرة|183|من كلمة=لعلكم
|إلى
كلمة=تتقون}} الله بصومكم وترككم للشهوات، فإن الشيء كلما كانت الرغبة فيه أكثر كان الاتقاء عنه أشق، والرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في سائر الأشياء، فإذا سهل عليكم اتقاء الله بترك المطعوم والمنكوح؛ كان اتقاء الله بترك سائر الأشياء أسهل وأخف
.<ref name="الفخر"/> ورابعها: المراد {{قرآن|البقرة|183|من كلمة=كتب|إلى كلمة=}} إهمالها وترك المحافظة عليها بسبب عظم درجاتها وأصالتها. وخامسها: لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ لأن الصوم شعارهم.<ref name="الفخر"/>
قال [[
ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] في تفسيره: {{
== الأحكام الفقهية للصوم ==
{{
{{فقه الصيام}}
أحكام الصوم في علم [[علم فروع الفقه|فروع]] [[
فقه إسلامي|الفقه]] الإسلامي هي دراسة شرعية لأحكام الصوم مستفادة من أدلة الشرع الإسلامي، وقد اهتم علماء الفقه بموضوع الصيام، وجعلوه قسما من أقسام [[
فقه العبادات في الإسلام|فقه العبادات]] يعرف بـ«كتاب الصوم»، ويشمل أبوابا وفصولا ومسائل وغيرها من التفريعات، ويتضمن: تعريف الصوم، وحكمه، والأصل في [[مشروعية الصوم|مشروعيته]]، وأركان الصوم [[شروط الصوم|وشروطه]] [[مبطلات الصوم|ومبطلاته]] و[[مستحبات الصوم]] ومكروهاته، و[[صوم شهر رمضان]] و[[أنواع الصوم]] [[
=== أنواع الصوم ===
{{
أنواع الصوم من حيث الحكم الشرعي المتعلق به يشمل أنواعا متعددة، وقد ذكر الفقهاء تقسيمات متعددة، ومهما اختلفت هذه النقسيمات فهي لا تخرج عن قسمين بحسب تقسيم [[الحكم الشرعي]] أي: باعتبار أن الصيام من حيث هو عبادة مشروعة يطلب في الشرع فعلها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، وقد يقتضي الشرع تركها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، فالصوم إما أن يكون مما يطلب فعله أو تركه، فهذان قسمان وكل منهما إما على جهة الإلزام أو بغير إلزام، فهذه أربعة أقسام بحسب الحكم الشرعي، أما القسم الخامس وهو [[
مباح|المباح]] فلا يدخل في الصوم؛ لأنه عبادة والعبادة لا توصف بالإباحة. وعلى هذا التقسيم فالصوم إما أن يكون مما يطلب في الشرع فعله على وجه الإلزام وهو أنواع أولها: الصيام المفروض وهو [[صوم شهر رمضان]] أداءً وقضاءً، وصيام الكفارات، والصيام المنذور. ولا فرق بين الفرض والواجب واللازم والحتمي عند جمهور الفقهاء، فهي كلها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد، خلافا للحنفية حيث أنهم فرقوا بين الفرض [[واجب شرعي|والواجب]]، وعلى كل الأحوال فهذه الأنواع من الصيام الذي يطلب فعله على وجه الإلزام. وإن كان الصيام مما يطلب في الشرع فعله لا على وجه الإلزام؛ فهذا قسم ثان من أقسام الصيام، وهو الصيام [[
=== أركان الصوم ===
{{
أركان الصوم أي: أجزاء ماهية الصوم التي لا يصح إلا بها». هي: الإمساك فالصوم في حقيقته هو: «الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس» و[[نية الصوم]] ركن من أركان الصيام عند [[
مالكية|المالكية]] و[[
شافعية|الشافعية]] ورجح بعض الفقهاء أن [[
نية|النية]]
=== شروط الصوم ===
{{
شروط الصوم هي: [[شرط شرعي|شروط]] وجوب الصوم، وشروط صحته، ومنها: شروط للوجوب والصحة معا، وشروط صحة الأداء. وشروط الصيام عموما هي: البلوغ، والعقل، والإسلام، والقدرة أي: (إطاقة الصوم)، والصحة، والإقامة. فلا يجب [[
إفطار المريض|صوم المريض]] ولا [[
صوم المسافر|الصوم في السفر]]، بل يجوز للمسافر [[الإفطار في رمضان]]، ولا يجب الصوم على من لا يقدر عليه. ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مميز، ويشترط النقاء من الحيض والنفاس، والعلم بالوقت القابل للصوم فيه، كما أن النية لازمة للصوم فلا يصح إلا بها. وهناك تفاصيل أوفى في كتب [[علم فروع الفقه]].
{|align="center" class="wikitable collapsible collapsed" style="width:90%;margin:auto;"
السطر 206 ⟵ 196:
|-height="17" style="font-size:100%"
| valign="top" |
::[[
شافعية|الشافعية]]
[[
شافعية|الشافعية]] قالوا: تنقسم شروط الصيام إلى قسمين:
# شروط وجوبه وهي:
## [[
بلوغ (إنسان)|البلوغ]]
## [[الإسلام]]
## [[
عقل|العقل]]
## الإطاقة حسا وشرعا
## الصحة
السطر 218 ⟵ 208:
## [[الإسلام]] حال الصيام.
## التمييز.
## خلو الصائم من [[
حيض|الحيض]] و[[نفاس|النفاس]] والولادة وقت الصوم وإن لم تر الوالدة دماً.
## أن يكون الوقت قابلاً للصوم.
::[[
حنفية|الحنفية]]
[[
حنفية|الحنفية]] قالوا: شروط الصيام ثلاثة أنواع:
# شروط وجوبه وهي:
## [[الإسلام]].
## [[
عقل|العقل]].
## [[
بلوغ (إنسان)|البلوغ]].
# شروط وجوب الأداء وهي:
## الصحة.
## الإقامة.
# شروط صحة الأداء وهي:
## الطهارة من [[
حيض|الحيض]] و[[نفاس|النفاس]].
## [[
نية|النية]]؛ فلا يصح أداء الصوم إلا بالنية تمييزاً للعبادات عن العادات.
| valign="top" |
::[[
مالكية|المالكية]]
[[
مالكية|المالكية]] قالوا: شروط الصيام ثلاثة أنواع:
# شروط وجوبه وهي:
## [[
بلوغ (إنسان)|البلوغ]].
## القدرة على الصوم.
# شروط صحته وهي:
## [[الإسلام]].
## الزمان القابل للصوم.
## [[
نية|النية]] على الراجح من الآراء.
# شروط وجوبه وصحته معا وهي:
## [[
عقل|العقل]]
## النقاء من دم [[
حيض|الحيض]] و[[نفاس|النفاس]].
## دخول شهر رمضان فلا يجب صوم رمضان قبل ثبوت الشهر.
::[[
حنابلة|الحنابلة]]
[[
حنابلة|الحنابلة]] قالوا: شروط الصيام ثلاثة أنواع:
# شروط وجوبه وهي:
## [[الإسلام]].
## [[
بلوغ (إنسان)|البلوغ]].
## القدرة على الصوم.
# شروط صحته وهي:
## [[
نية|النية]].
## انقطاع [[دم]] [[
حيض|الحيض]].
## انقطاع دم النفاس.
# شروط وجوبه وصحته معا وهي:
## [[الإسلام]].
## [[
عقل|العقل]]
## التمييز
السطر 274 ⟵ 264:
=== مبطلات الصوم ===
{{
مبطلات الصوم أو: مفسدات الصوم، والفاسد والباطل في [[فقه
* ما وصل عمدا إلى الجوف مثل: الأكل والشرب، وما هو بمعنى الأكل والشرب، حال العمد والعلم والاختيار، فيبطل الصوم بما وصل عمدا إلى مسمى جوف، كال[[
حلق (توضيح)|حلق]] والبطن وال[[دماغ]]، فيفطر بكل ما أدخله الصائم باختياره عمدا إلى جوفه، أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه، ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته، إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرز منه، سواء وصل من الفم على العادة، أو غير العادة كالوجور واللدود، أو من الأنف كالسعوط وهو إدخال الدواء عن طريق الأنف، أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ، أو ما يدخل إلى الجوف من طريق القبل أو الدبر كالحقنة، أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه، أو من دواء المأمومة إلى دماغه، فهذا كله يفطره؛ لأنه واصل إلى جوفه باختياره، فأشبه الأكل، وكذلك لو جرح نفسه، أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه، سواء استقر في جوفه، أو عاد فخرج منه، وبهذا كله قال الشافعي. وقال مالك: لا يفطر بالسعوط، إلا أن ينزل إلى حلقه، ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة. واختلف عنه في الحقنة، واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء، أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف. وذكر [[ابن قدامة]] أنه واصل إلى جوف الصائم باختياره، فيفطره كالواصل إلى الحلق، والدماغ جوف، والواصل إليه يغذيه، فيفطره كجوف البدن.<ref>{{
وبلع الريق غير مبطل للصوم وإن تجمع في الفم، ولا يلزم لأجل الصوم إخراج الريق كما قد يتوهم البعض، وأما بلع النخامة عمدا مبطل للصوم، وهي تختلف عن الريق، ويجب على الصائم قطعها ومجها، فهي مستقذر ويبطل الصوم ببلعها عمدا، أما وصلت بغير تعمد ولا تقصير فلا يبطل بها الصوم.
السطر 287 ⟵ 277:
* الولادة وهو خروج الولد ولو جافا؛ لأنه منعقد مما يوجب الغسل، وخروج الولد غالبا يعقبه خروج دم النفاس، لكن لو خرج الولد جافا ولم يخرج بعده دم النفاس؛ فيبطل صوم المرأة بسبب الولادة.
* الجنون إذا طرأ على الصائم ولو لحظة.
* ال[[إغماء]] إن عم جميع النهار، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويلزم
* السكر عمدا إن عم جميع النهار، أما النوم فلا يبطل به الصوم.
* الردة وهي الرجوع عن الإسلام إلى الكفر باختيار بكفر صريح. وهناك تفاصيل أوفى، في كتب: [[علم فروع الفقه|فروع الفقه]].
=== سنن الصوم ===
{{
[[ملف:Prière de Tarawih dans la Grande Mosquée de Kairouan. Ramadan 2012.jpg|تصغير|يمين|صلاة التراويح في الجامع الكبير في القيروان. رمضان 2012]]
[[ملف:Ftour de ramadan.jpg|تصغير|يسار|إفطار رمضان في الجزائر]]
[[ملف:Iftar in Istanbul Turkey.jpg|تصغير|يسار|إفطار رمضان في
مستحبات الصوم أو: مسنونات الصوم هي [[المندوب]]ات التي يستحب للصائم أن يأتي بها، ومشروعيتها إما؛ بنص يدل على استحبابها، أو: من مفهوم النص ومقتضاه، وتشمل: المستحبات المتعلقة بـ[[صوم شهر رمضان]]، وغيره من [[أنواع الصوم]]، ومنها: تعجيل الإفطار أول الوقت، وأن يفطر على [[رطب]] وإن لم يجد أفطر على [[تمر]] وإلا فبشربة [[ماء]]، وتأخير السحور إلى قريب [[مطلع الفجر]] الثاني، وحفظ اللسان من اللغو والرفث، والدعاء عند الإفطار، وغير ذلك.<ref group="°">5</ref> ومن مستحبات الصوم التسحر وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على استحبابه والترغيب فيه، وأن يتسحر مريد الصوم حتى ولو بجرعة من ماء، تشبها بالآكلين، وفي الصحيحين: {{حديث|عن أنس قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "تسحروا فإن في السحور بركة"}}.<ref>رواه البخاري ومسلم.</ref> والسحور -بفتح ال[[سين]]- بمعنى: المأكول كال[[خبز]] وغيره، أو بمعنى: الوجبة التي يتناولها الصائم فيما قبل طلوع الفجر الثاني، أو -بضم السين- هو الفعل والمصدر، وهو من [[مستحبات الصوم]]، وسبب البركة فيه تقويته الصائم على الصوم وتنشيطه له وفرحه به وتهوينه عليه، وذلك سبب لكثرة الصوم.<ref name="المجموع">{{
قال النووي: فاتفق أصحابنا وغيرهم من العلماء على أن السحور سنة، وأن تأخيره أفضل، وعلى أن تعجيل الفطر سنة بعد تحقق غروب الشمس، ودليل ذلك كله الأحاديث الصحيحة؛ ولأن فيهما إعانة على الصوم، ولأن فيهما مخالفة للكفار، ففي صحيح مسلم: عن [[عمرو بن العاص]]: أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر}} رواه مسلم. أكلة السحر بفتح الهمزة هي السحور؛ ولأن محل الصوم هو النهار فلا معنى لتأخير الفطر والامتناع من السحور في آخر الليل؛ ولأن بغروب الشمس صار مفطرا فلا فائدة في تأخير الفطر. ووقت السحور بين نصف الليل وطلوع الفجر، ويحصل السحور بكثير المأكول وقليله، ويحصل بالماء أيضا، ففي
[[مسند أحمد
]]: {{حديث|عن أبي سعيد قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"}}.<ref name="المجموع"/> ويستحب تأخير السحور إلى قريب طلوع الفجر الثاني، ويستحب للصائم أن يفطر على [[تمر]]، والأفضل منه ال[[رطب]]، فإن لم يجد فعلى ال[[ماء]]، وذلك لما روى سلمان بن عامر قال: «قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور»}}.<ref>رواه أبو داود والترمذي وقال: هو حديث حسن صحيح.</ref> «عن أنس قال:
=== تأخير السحور ===
{{
[[ملف:Suhur.jpg|تصغير|يمين|مثال لسحور أردني.]]
يستحب تأخير السحور إلى قريب انفجار الفجر الثاني، وذلك هو الأفضل، وفي الحديث: {{حديث|عن أبي ذر قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور"}}.<ref name="المجموع"/><ref>رواه أحمد انظر المجموع للنووي</ref> يدل الحديث على أنه يستحب للصائم التسحر، أي: أن يتناول أكلة السحر، وتسمى: الغداء المبارك، وينتهي وقته بدخول وقت [[صلاة الفجر]]، ويستحب تأخير السحور إلى ما قبل وقت صلاة الفجر؛ لأن ذلك هو الأبلغ في حصول المقصود منه، وفي الصحيحين: {{حديث|عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ثم قام إلى الصلاة}}.<ref name="المجموع"/> كما أن وقت السحور يمتد إلى ما قبل بداية وقت الإمساك، بدخول وقت صلاة الفجر، لكن الفصل بين التسحر وبين الصلاة بفاصل يسير، هو الأفضل ليتسنى للصائم الاستعداد للصلاة، وليكون له من ذلك الوقت تناول الشراب، والذكر والاستغفار وقراءة القرآن، وقد سئل [[أنس بن مالك|أنس]]: زيد ابن ثابت عن مقدار الوقت الذي كان ما بين انتهاء أكل السحور، وبين ابتداء أول وقت الشروع في الصلاة، فقال له زيد بن ثابت: «قدر خمسين آية» كما جاء ذلك في الحديث: {{حديث|عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ثم قام إلى الصلاة قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية}}.<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر. رقم: (1821).</ref> فقول [[
زيد بن ثابت|زيد ابن ثابت]]: «قدر خمسين آية» أي: متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة، وهو تقدير الوقت في تلك الحال، وذلك لتقريب مقدار الوقت، قال المهلب وغيره: فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدر الأوقات بالأعمال كقوله: قدر حلب شاة، وقدر نحر جزور، فعدل زيد بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة؛ إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة. وقال [[ابن أبي جمرة]]: فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة.
قال ابن حجر: {{اقتباس مضمن|قال ابن أبي جمرة: كان {{صلى الله عليه وسلم}} ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر. وقال فيه أيضا تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراويا فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان. قال: وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشي بالليل للحاجة؛ لأن [[زيد بن ثابت]] ما كان يبيت مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}}. وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة لقوله: {{حديث|تسحرنا مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}، ولم يقل نحن ورسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} لما يشعر لفظ المعية بالتبعية}}.<ref name="الفتح">فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، صفحة رقم: (165).</ref>
والفصل بين آخر وقت التسحر وبين وقت [[صلاة الفجر]] بقدر خمسين آية هو الأفضل؛ لخبر
الفصل بين السحور وبين صلاة الفجر هو الأفضل. ويدل على ذلك ما رواه أنس عن معاذ ابن جبل في الصحيحين أنه: {{حديث|قدر خمسين آية}}، لكن وردت روايات أخرى تدل على جواز تمديد وقت السحور إلى آخر وقته،
قال ابن حجر في رواية أنس عن معاذ: «وقال الطبري: فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة
=== تعجيل الإفطار ===
{{
[[ملف:
[[ملف:Dattes deglet from Biskra.jpg|تصغير|يسار|[[رطب]] كامل النضج]]
[[ملف:Valencia market - dates.jpg|تصغير|يسار|تمر]]
من مستحبات الصوم تعجيل الفطر عند بداية دخول وقت [[صلاة المغرب]]، أي: أنه يستحب للصائم المبادرة بالإفطار في أول الوقت ولا يؤخره، ويدل عليه من [[أدلة الفقه#السنة|السنة]] حديث: "عن سهل بن سعد أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر}}".<ref>صحيح البخاري كتاب الصوم، باب تعجيل الفطر حديث رقم: (1856).</ref> قال ابن حجر: قال ابن عبد البر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة. وعند عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن
[[عمرو بن ميمون
]] الأودي قال: {{حديث|كان أصحاب محمد {{صلى الله عليه وسلم}} أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا}}.<ref>[
{{حديث|عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال سرنا مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وهو صائم فلما غربت الشمس قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال يا رسول الله إن عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا، فنزل فجدح ثم قال: {{حديث|إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم}} وأشار بإصبعه قبل المشرق}}.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب الصوم، باب: يفطر بما تيسر من ماء أو غيره، حديث رقم: 1855 ص233 دار الريان للتراث</ref>
يدخل وقت صلاة المغرب بغروب الشمس؛ لحديث:
{{حديث|عن سلمة بن الأكوع، أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب}}.<ref group="°">
[[رواه الجماعة
]] إلا النسائي. قال الشوكاني: {{
وقيل: برؤية الكوكب الليلي، وبه قالت القاسمية، واحتجوا بقوله: {{حديث|حتى يطلع الشاهد}} النجم. أخرجه مسلم والنسائي من حديث أبي بصرة.
وقيل: بل بالإظلام، وإليه ذهب زيد بن علي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى والإمام يحيى.
السطر 328 ⟵ 317:
وأجاب صاحب البحر عن هذه الأدلة بأنها مطلقة، وحديث "حتى يطلع الشاهد" مقيد، ورد بأنه ليس من المطلق والمقيد أن يكون طلوع الشاهد أحد أمارات غروب الشمس، على أنه قد قيل: إن قوله والشاهد النجم مدرج فإن صح ذلك لم يبعد أن يكون المراد بالشاهد ظلمة الليل ويؤيد ذلك حديث السائب بن يزيد عند أحمد والطبراني مرفوعا بلفظ: {{حديث|لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم}}. وحديث أبي أيوب مرفوعا: {{حديث|بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم}}. وحديث أنس ورافع بن خديج قال: {{حديث|كنا نصلي مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ثم نرمي فيرى أحدنا موقع نبله}}.انتهى ملخصا من نيل الأوطار للشوكاني، الجزء الثاني، كتاب الصلاة: أبواب المواقيت: باب وقت صلاة المغرب، صفحة رقم: (6).</ref>
ويستحب تعجيل صلاة المغرب لأول وقتها؛ لحديث: "وعن عقبة بن عامر أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|لا تزال أمتي بخير، أو: على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم}}".<ref>رواه أحمد وأبو داود، والحاكم في المستدرك.</ref> وعند ابن ماجه والحاكم وابن خزيمة في صحيحه بلفظ: {{حديث|لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم}}. قال الشوكاني: {{
== صوم النفل ==
{{
صوم النفل أو صوم التطوع، والنفل بمعنى: الزيادة المشروعة على الفرض على وجه مخصوص، والتطوع بمعنى: ما يشرع فعله من غير إلزام، ويسمى أيضا: الصوم [[المندوب]]، أو المستحب، وهو: ما اقتضى الشرع فعله من غير إلزام. والصوم الذي اقتضى الشرع فعله إما على وجه الإلزام، وهو: [[صوم شهر رمضان]]، وكل صوم واجب بنذر أو قضاء وغيره، وإما على غير وجه إلزام وهو: [[صوم التطوع]]، وهو النوع الثاني من أنواع الصيام، وهو: ما ليس بواجب، فهو بمعنى [[
صوم النفل أنواع، فهو إما؛ نفل مطلق، أو مقيد، فالمطلق هو [[المندوب]] فعله في الشرع من غير تقييد له بخصوصه، كمن أراد أن يصوم يوما، فله أن يصوم في غير الأقات المنهي عن صيامها. والنفل المقيد هو الذي ورد في الشرع استحبابه بخصوصه، وهو أنواع منها: صوم يوم عاشوراء، وصوم
والصوم من حيث هو قربة يتقرب بها العبد إلى الله، وهو إما فرض أو تطوع، فال[[فرض]] أفضل ما تقرب به العبد وفي الحديث القدسي: {{حديث|وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه}}، وأما التطوع فهو زيادة في التقرب إلى الله، وفي الحديث القدسي: {{حديث|ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..}}.
من المنهي عنه في الشرع الإسلامي التعمق في العبادة، أي: المبالغة فيها بما يعد من قبيل التنطع. والمشروع في الإسلام هو التوسط في العبادة بمعنى الأخذ بأوسط الأمور وأعدلها وأحبها إلى الله، ومما يدل على النهي عن المبالغة في العبادة ما أخرجه البخاري في صحيحه قال: «حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع [[أنس بن مالك]] رضي الله عنه يقول: {{حديث|جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يسألون عن عبادة النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فلما أخبروا كأنهم تَقَالُّوهَا فقالوا: وأين نحن من النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني}}.<ref>{{
وقد بين في الحديث أنه لا يلزم منه حصوله، وأشار إلى هذا بأنه أشدهم خشية وذلك بالنسبة لمقام العبودية في جانب الربوبية، وأشار في حديث عائشة والمغيرة في صلاة الليل إلى معنى آخر بقوله: {{حديث|أفلا أكون عبدا شكورا}}. وأن العلم بالله ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدرا من مجرد العبادة البدنية. وقوله: {{حديث|أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له}}، قال ابن حجر: فيه إشارة إلى رد ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره، فأعلمهم أنه مع كونه يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشددون، وإنما كان كذلك لأن المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه، وقد أرشد إلى ذلك في قوله في الحديث الآخر: {{حديث|المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى}}.
قوله: {{حديث|فمن رغب عن سنتي فليس مني}}: لا يستلزم الخروج عن الملة لمجرد المبالغة في العبادة، والسنة هنا بمعنى: الطريقة لا التي تقابل الفرض، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره، قال ابن حجر: {{
=== الفطر في صوم النفل ===
{{
صوم النفل هو الزائد عن الفرض بمعنى أن الصائم المتطوع متلبس بعبادة غير واجبة عليه، والصوم من حيث هو عبادة اقتضى الشرع فعلها إما على جهة الإلزام وهو الصوم المفروض وهو [[صوم شهر رمضان]]، وما وجب مثل صوم النذر والقضاء، فالصوم المفروض لا يجوز قطعه إلا لعذر شرعي، وأما صوم النفل فهناك اعتبارات متعلقة به، فمن حيث هو عبادة متطوع بها، والعبادة المتطوع بها غير لازمة في ابتداء الشروع فيها، أما إذا شرع فيها ثم أراد قطعها؛ فإما أن يكون بعذر أو بغير عذر، فإن كان بعذر؛ فقطعها جائز بسبب العذر، وهذا بخلاف الحج فإنه وإن كان نفلا فلا يقطعه إلا إن كان لعذر فيتحلل بعمل عمرة فيستثنى من ذلك، وإن كان قطع النافلة بعد الشروع فيها لغير عذر؛ فهناك اعتباران أحدهما: أن قطع للعبادة إبطال للعمل، وقد قال الله تعالى: {{قرآن|ولا تبطلوا أعمالكم}}، والمتطوع قد ألزم نفسه فلا يبطل عمله بعد الشروع فيه، وثانيهما: أن المتطوع بالنافلة غير ملزم بها أصلا فلو قطعها فذلك جائز، ومما يدل عليه حديث: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر».<ref>[https://books.google.com/books?id=5kxKCwAAQBAJ&pg=RA2-PT338&lpg=RA2-PT338&dq=الصائم+المتطوع+أمير+نفسه+إن+شاء+صام+وإن+شاء+أفطر+سنن+النسائي&source=bl&ots=jWYB68XHRq&sig=NWxyt6BzlIfWGIos7aPyTZwgzAI&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiPrKKhrs7SAhXPyRoKHQnCCbkQ6AEIIjAD#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B9%20%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%20%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%87%20%D8%A5%D9%86%20%D8%B4%D8%A7%D8%A1%20%D8%B5%D8%A7%D9%85%20%D9%88%D8%A5%D9%86%20%D8%B4%D8%A7%D8%A1%20%D8%A3%D9%81%D8%B7%D8%B1%20%D8%B3%D9%86%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%8A&f=false شرح الكوكب المنير في أصول الفقه، لابن النجار الفتوحي، فصل: (المندوب) ج1، ص408]
{{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200126131741/https://books.google.com/books?id=5kxKCwAAQBAJ&pg=RA2-PT338&lpg=RA2-PT338&dq=الصائم+المتطوع+أمير+نفسه+إن+شاء+صام+وإن+شاء+أفطر+سنن+النسائي&source=bl&ots=jWYB68XHRq&sig=NWxyt6BzlIfWGIos7aPyTZwgzAI&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiPrKKhrs7SAhXPyRoKHQnCCbkQ6AEIIjAD |date=26 يناير 2020}}</ref> وعن جعدة عن جدته أم هانئ: {{حديث|أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} دخل عليها فدعى بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر}}.<ref>سنن الترمذي حديث رقم: (732)</ref> قال: {{
«عن
[[عون بن أبي جحيفة
]] عن أبيه قال: {{حديث|آخى النبي {{صلى الله عليه وسلم}} بين سلمان وأبي الدرداء، فزار [[سلمان الفارسي|سلمان]] أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن قال: فصليا فقال له سلمان: "إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه" فأتى النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فذكر ذلك له فقال النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|صدق سلمان}}. (أبو جحيفة وهب السوائي يقال وهب الخير)}}.
قال ابن حجر: ووقع في التكلف للضيف حديث سلمان {{حديث|نهانا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} أن نتكلف للضيف}}، أخرجه أحمد والحاكم، وفيه قصة سلمان مع ضيفه حيث طلب منه زيادة على ما قدم له فرهن مطهرته بسبب ذلك، ثم قال الرجل لما فرغ:
ومن دخل في صوم تصوع أو صلاة تطوع استحب له إتمامهما، وهو قول الشافعي، وأيضا هو قول الشافعية، كما حكاه النووي في المجموع وأضاف أنه لو أبطلهما بعذر أو بغير عذر جاز له ذلك، لكن يكره إبطالهما بغير عذر، لقوله تعالى: {{قرآن|ولا تبطلوا أعمالكم}}، أما الخروج منه بعذر فلا يكره، ولا قضاء عليه، ويستحب له قضاءه سواء كان بعذر أو بغير عذر.<ref>[
وذكر ابن قدامة في المغني في كلامه على المتن في قوله: {{
واستدل القائلون بوجوب القضاء بما ورد عن عائشة أنها قالت: {{حديث|أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي لنا حيس فأفطرنا، ثم سألنا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فقال: "اقضيا يوما مكانه"}}، ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة.<ref name="المغني"/> واستدل القائلون بعدم وجوب القضاء بما روى مسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يوما فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت: لا. قال: فإني صائم. ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه، وكان يحب الحيس قلت: يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس، فخبأت لك منه قال: أدنيه، أما إني قد أصبحت وأنا صائم، فأكل منه ثم قال لنا: إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها» هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره
السطر 357 ⟵ 346:
وروت أم هانئ قالت: {{حديث|دخلت على رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فأتي بشراب، فناولنيه فشربت منه، ثم قلت: يا رسول الله، لقد أفطرت وكنت صائمة، فقال لها: أكنت تقضين شيئا؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعاً}}. وفي لفظ قالت: {{حديث|قلت: إني صائمة فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: إن المتطوع أمير نفسه، فإن شئت فصومي، وإن شئت فأفطري}}. ولأن كل صوم لو أتمه كان تطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاؤه، كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبان أو من شوال.<ref name="المغني"/>
== أنواع صوم التطوع
=== صوم شهر المحرم ===
{{
شهر المحرم الحرام [[
المندوب|مستحب]]، وهو من أنواع صوم النفل، الذي ثبث في الحديث استحباب صيامه وبيان فضله، فعن أبي هريرة قال: "سئل رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: {{حديث|الصلاة في جوف الليل}} قيل: ثم أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: {{حديث|شهر الله الذي تدعونه المحرم}}". رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود. وفي رواية:
=== صوم عاشوراء ===
{{
صوم يوم عاشوراء هو يوم العاشر من المحرم، وهو من الصوم المشروع في الإسلام في مراحل التشريع، فقد كان الناس في الجاهلية يصومونه، ولما هاجر المسلمون إلى المدينة وجدوا اليهود أيضا يصومونه، وقد أمر المسلمون بصيامه، قبل أن يفرض عليهم [[صوم شهر رمضان]]، فلما فرض عليهم صوم شهر رمضان، لم يبق طلب الإتيان به شرعا كما كان في السابق، وهو بعد فرض صوم رمضان مستحب بإجماع أهل العلم. وفي الحديث:
عن معاوية قال: {{حديث|سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول لهذا اليوم: هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب منكم أن يفطر فليفطر}}. قال النووي: {{
=== صوم ست من شوال ===
{{
من أنواع صوم النفل صيام ستة أيام من شهر شوال، وشهر [[شوال]] هو الشهر العاشر في ترتيب شهور السنة الهلالية، ويقع بعد [[
رمضان (شهر)|شهر رمضان]]، ويستحب صيام ستة أيام منه سواء كانت متوالية أو متفرقة، باستثناء أول يوم من شوال الذي هو يوم [[عيد الفطر]]، فلا يجوز الصيام فيه حيث أنه يحرم صيام يومي العيد الفطر والأضحى. ويدل على استحباب صيام الست من شوال: ما أخرجه مسلم في صحيحه: "عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر}}".<ref>{{
=== صوم يوم عرفة لغير الحاج ===
[[ملف:Covering the mountain - Flickr - Al Jazeera English.jpg|250px|تصغير|يسار|وقوف الحجاج على [[جبل عرفة]] يوم التاسع من ذي الحجة]]
{{
يوم عرفة وهو أحد أيام العشر من ذي الحجة، وهو يوم التاسع من ذي الحجة، ويستحب صيامه لما ورد في الحديث: {{حديث|صيام يوم عرفة يكفر سنتين سنة قبلها وسنة بعدها}}، ولكن هذا الاستحباب لغير من كان حاجا، فلا يستحب له صيامه؛ لأنه يكون في حال اشتغاله ب[[
يوم عرفة|الوقوف بعرفة]]، حيث أن الصيام حينذ يضعفه عن الذكر والعبادة في ذلك اليوم، وقد ورد النهي عن صيامه بحديث: عن أبي هريرة قال: {{حديث|نهى رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} عن صوم يوم عرفة بعرفات}}. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وابن ماجه. قال الترمذي، قد استحب أهل العلم، صيام يوم عرفة إلا بعرفة. وعن أم الفضل:
وفي هذا دلالة على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج،
وأما صيام الحاج يوم عرفة ففيه خلاف، فقد روي عن عثمان بن أبي العاص وابن الزبير أنهما كانا يصومانه، وقال أحمد بن حنبل: إن قدر على أن يصوم صام، وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى قوة، وكان إسحاق يستحب صومه للحاج، وكان عطاء يقول: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف، وكان مالك وسفيان الثوري يختاران الإفطار للحاج وكذلك الشافعي. وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: {{
=== صوم
{{
من أنواع صوم النفل صوم يومي
=== صوم ثلاثة أيام من كل شهر ===
{{
من الصوم المستحب صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويدل عليه حديث: {{حديث|عن [[
أبو هريرة|أبي هريرة]] رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي {{صلى الله عليه وسلم}} بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن [[صلاة الوتر|أوتر]] قبل أن أنام}}.<ref>{{
=== صوم يوم وفطر يوم ===
{{
من أنواع صوم النفل صوم يوم وإفطار يوم، هو صوم نبي الله داود عليه السلام، وهو مستحب لمن يريد التطوع بالصوم في جميع أيام العام، باستثناء [[صوم شهر رمضان]]، والأيام المنهي عن صومها، وهذا النوع من الصوم لمن رغب في المزيد من التنفل بالصوم ووجد في نفسه قدرة عليه من غير تضييع الحقوق والواجبات، وأما الزيادة على هذا فهو منهي عنه. ويدل على هذا حديث: {{حديث|عن [[
عبد الله بن عمرو (توضيح)|عبد الله بن عمرو]] رضي الله عنهما عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: صم من الشهر ثلاثة أيام قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: صم يوما وأفطر يوما، فقال: اقرء [[القرآن]] في كل شهر، قال إني أطيق أكثر فما زال حتى قال في ثلاث}}.<ref>رواه البخاري في كتاب الصوم باب صوم يوم وإفطار يوم، حديث رقم: (1877)</ref> وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال، "قال لي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|لقد أخبرت أنك تقوم الليل وتصوم النهار}}، قال: قلت: يا رسول الله نعم، قال: {{حديث|فصم، وافطر وصل ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام}} قال: فشددت فشدد علي قال: فقلت، يا رسول الله إني أجده قوة قال: {{حديث|فصم من كل جمعة ثلاثة أيام}} قال: فشددت فشدد علي قال فقلت: يا رسول الله إني أجد قوة قال: {{حديث|صم صوم نبي الله داود، ولا تزد عليه}}، قلت: يا رسول الله وما كان صيام داود عليه الصلاة والسلام؟ قال: {{حديث|كان يصوم يوما، ويفطر يوما}}".<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=121&hid=6690&pid=672351 مسند الإمام أحمد حديث رقم: (6690)] {{Webarchive|url=
== معرض الصور ==
السطر 409 ⟵ 399:
== انظر أيضًا ==
{{
{{عمو-2}}
* [[أركان الإسلام]]
* [[الحج في الإسلام]]
* [[صلاة الجماعة]]
* [[
الصلاة في الإسلام|فوائد الصلاة]]
{{عمو-2}}
* [[حج|الحج]]
* [[الطهارة في الإسلام]]
* [[زكاة|الزكاة]]
* [[
وضوء|الوضوء]]
{{نهاية-عمو}}
==
الملاحظات
==
<div class="reflist4" style="height: 300px; overflow: auto; padding: 3px">
<references group="°"/>
</div>
== المراجع ==
▲{{مراجع|2}}
== وصلات خارجية ==
{{روابط شقيقة}}
* كتاب [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=134&idto=141&bk_no=91&ID=69 الاختيار لتعليل المختار].
* كتاب [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=96&ID=451&idfrom=918&idto=963&bookid=96&startno=1 المبدع في شرح المقنع].
{{فروع الفقه}}▼
{{مواضيع الإسلام}}
▲{{فروع الفقه}}
{{فقه العبادات}}
{{الصوم}}
السطر 450 ⟵ 431:
{{دراسات إسلامية}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات
|الأديان|الإسلام|الفقه الإسلامي
{{شريط مختارة|تاريخ=11 يوليو 2018|نسخة= }}▼
{{لا للتصنيف المعادل}}
[[تصنيف:
[[تصنيف:دراسات إسلامية]]
[[تصنيف:
[[تصنيف:صوم]]
[[تصنيف:علوم شرعية]]
[[تصنيف:فن الأكل والدين]]
[[تصنيف:مصطلحات إسلامية]]
|