الصوم في الإسلام: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة] [نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسم المقالة
ط بوت: تدقيق لغوي
 
(193 مراجعة متوسطة بواسطة 79 مستخدماً غير معروضة)
سطر 1:
{{ رسالة توضيح عن|الصوم في الإسلام ||صوم}}
{{إسلام}}
'''الصَّوْمُ في الإسلام''' نوع من العبادات الهامة، المهمة، وأصل الصَّوْمُ ([[صاد|ص]] [[واو|و]] [[ميم|مـ]])، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في [[تعريف لغوي|اللغة]]: مطلق الإمساك،<ref name="قاموس معجم المعاني - معنى كلمة صوم">[ http https://www.almaany.com/ home.php?language=arabic&lang_name=عربي&word=صوم ar/dict/ar-ar/%D8%B5%D9%88%D9%85/ قاموس معجم المعاني - معنى كلمة صوم] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20150117042727/http://www.almaany.com/home.php?language=arabic |date=17 يناير 2015}}</ref> أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: {{قرآن| فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا..}}<ref>[[سورةمريم ]] [[قالب:قرآن-سورة 19 آية |26| الآية: من (٢٦)]]</ref> كلمة=فقولي|إلى كلمة=صوما}} أي: إمساكا إمساكاً عن الكلام. والصوم في الشرع الإسلامي عبادة بمعنى: {{ مض اقتباس مضمن|الإمساك عن المفطرات على وجه مخصوص، وشروط مخصوصة من طلوع [[ الفجر (توضيح)|الفجر]] الثاني، إلى غروب الشمس، ب[[نية]]}}. ولا يقتصر على [[صوم شهر رمضان]]، بل يشمل جميع أنواع الصوم، وهو إما [[فرض عين]] وهو صوم [[ رمضان (شهر)|شهر رمضان]] من كل عام، وما عداه إما واجب مثل: صوم القضاء <ref>{{استشهاد ويب|مسار= https://fiqh.islamonline.net/صوم-القضاء-حكمه-وكيفيته/|عنوان=صوم القضاء حكمه وكيفيته|تاريخ=2021-05-24|موقع=فقه المسلم|لغة=ar|تاريخ الوصول=2023-07-26|الأخير=Tijcog|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230605232030/https://fiqh.islamonline.net/%D8%B5%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%AD%D9%83%D9%85%D9%87-%D9%88%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%AA%D9%87/|تاريخ أرشيف=2023-06-05}}</ref> أو النذر أو الكفارة. وإما [[صوم التطوع|تطوع]] ويشمل: المسنون [[سنة مؤكدة|المؤكد]]، و[[المندوب]] (المستحب) والنفل المطلق، ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو [[الصوم المنهي عنه]] كصيام [[يوم الشك]]، ويحرم صوم يوم عيدي [[عيد الفطر|الفطر]] [[عيد الأضحى|والأضحى]].
 
والصوم في الإسلام هو : [[فقه العبادات في الإسلام|عبادة]] يتفق المسلمون على اتباع نهج النبي في تحديد ماهيتها وأساسياتها، فهو بمعنى: {{ مض اقتباس مضمن|الإمساك عن المفطرات من طلوع [[ الفجر (توضيح)|الفجر]] الثاني إلى [[ غروب|غروب الشمس]] ب[[نية]]}}، كما أن [[صوم شهر رمضان]] من كل عام: فرض [[إجماع (فقه)|بإجماع]] المسلمين، وهو أحد [[أركان الإسلام]] الخمسة، وفضائله متعددة، ويشرع قيام لياليه، وخصوصاً [[العشر الأواخر]] منه، وفيه [[ليلة القدر]]، وتتعلق به [[زكاة الفطر]]، وهو عند المسلمين موعد للفرحة، والبر والصلة، وعوائد الخير. وفرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، بأدلة منها قول الله تعالى: {{قرآن| ْكُتِبَ البقرة|183|من عَلَيْكُمُ كلمة=كتب|إلى الصِّيَامَُ كلمة=الصيام}}، <ref>سورة البقرة [[قالب:قرآن-سورة 2 آية 183|الآية: (١٨٣)]]</ref> وقوله تعالى: {{قرآن| فَمَن البقرة|185|من شَهِدَ كلمة=فمن|إلى مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.. كلمة=فليصمه}}، <ref>سورة البقرة، [[قالب:قرآن-سورة 2 آية 183|الآية: (١٨٥)]]</ref> وحديث: {{حديث|بني الإسلام على خمس..}} وذكر منها: [[ صوم شهر رمضان|صوم رمضان]]، وحديث الأعرابي السائل عن شرائع الدين، قال: هل علي غيره؟ أي: صوم رمضان، قال في الحديث: {{حديث|لا، إلا أن تطوع شيئا}}. وصوم [[ رمضان (شهر)|شهر رمضان]] من كل عام : فرض فرضٌ على كل مسلم مكلف مطيق للصوم غير مترخص بسبب المرض أو السفر، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مع خلو المرأة من الحيض والنفاس. وللصوم [[ فقه أحكام الصيام الصوم|أحكام]] مفصلة في [[علم فروع الفقه]]، ومنها وجوب فرائض الصوم، وأركانه، وشروطه، ومبطلاته، ومستحباته، ومكروهاته، وأحكام الفطر، والأعذار الشرعية المبيحة للفطر، و[[ ميقات الصوم|مواقيت الصوم]]، لدخول الشهر وخروجه، ووقت الإمساك، والتسحر، والإفطار، والقضاء والأداء وغير ذلك.
 
== تعريف الصوم ==
{{أركان الإسلام}}
=== في اللغة ===
'''الصَّوْمُ''' في [[تعريف لغوي|اللغة]] مصدر بمعنى: الإمساك مطلقا، سواء كان إمساكا عن المشي أو عن الفعل والحركة أو إمساكا عن الكلام أو عن الأكل والشرب أو غير ذلك، قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم.<ref name="مختار">مختار الصحاح للرازي، حرف الصاد (ص و م)، ج1 ص180 و181.</ref> ومادته: '''([[صاد|ص]] [[واو|و]] [[ميم|مـ]])'''، والفعل صام مثل قال، والصوم أو الصيام بمعنى واحد، قال في [[القاموس المحيط]]: صام صوما وصياما واصطام: أمسك عن الطعام والشراب والكلام والنكاح والسير،<ref name="القاموس">القاموس المحيط مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، باب الميم فصل الصاد، ج1 ص 1042 .</ref> قال [[ابن فارس]]: (صوم) الصاد والواو والميم أصل يدل على إمساك وركود في مكان، من ذلك صوم الصائم هو إمساكه عن مطعمه ومشربه وسائر ما منعه، ويكون الإمساك عن الكلام صوما.<ref name="ابن فارس">معجم مقاييس اللغة كتاب الصاد، باب الصاد والواو وما يثلثهما، ج3 ص324.</ref> ومنه قول الله تعالى: {{قرآن| فَكُلِي مريم|26|من وَٱشۡرَبِي كلمة=|إلى وَقَرِّي كلمة=}} عَيۡنٗاۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدٗا فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا. قال [[ قالب:قرآن-سورة عبد 19 الله آية بن 26 عباس| (٢٦)]]}} قال [[ابن عباس]]: صمتا، أي: إمساكا عن الكلام،<ref>تفسير الطبري، [[سورة مريم]] آية: ( ٢٦ 26) ج18 ص182 و183</ref> ويقويه قوله تعالى: {{قرآن| فَلَنۡ مريم|26|من فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ كلمة=فلن|إلى إِنسِيّٗا كلمة=}} والامتناع عن الكلام بهذه الصفة المذكورة في قصة [[ مريم العذراء|مريم]] إنما هو إخبار عن حكم في شرع سابق، أما في شريعة الإسلام؛ فالامتناع عن الكلام مع الناس لا يعد عبادة، بل هو من التنطع المنهي عنه، فيأخذ الحكم في الشرع الإسلامي منحى وسطا بين الإفراط والتفريط، ويدل على هذا حديث: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت»، وحديث: {{حديث|لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث}}.
 
قال [[ابن منظور]]: {{ مض اقتباس مضمن|الصوم: ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام، صام يصوم صوما وصياما واصطام، ورجل صائم وصوم من قوم صوام وصيام وصوم بالتشديد}}.<ref name="لسان العرب">[[لسان العرب]] لابن منظور، الجزء الثامن، حرف الصاد مادة (صوم) ص: (309)، دار صادر 2003م.</ref> فالصَّوْمُ: إمساك عن أيَّ فعلٍ أو قَوْل كان.<ref>[ https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85/ المعجم الوسيط] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20150117042727/http://www.almaany.com/home.php?language=arabic &word |date= الصوم&cat_group=1&lang_name=عربي&type_word=2&dspl=0 17 المعجم يناير الوسيط] 2015}}</ref> فالسكوت عن الكلام يسمى في اللغة صوما. قال الخليل: الصوم قيام بلا عمل، والصوم أيضا الإمساك عن الطعم وقد صام الرجل من باب قال، وصياما أيضا، وصام الفرس قام على غير اعتلاف، وصام النهار قام قائم الظهيرة واعتدل، والصوم أيضا ركود الرياح،<ref name="مختار"/> وقال ابن فارس: والصوم: استواء الشمس انتصاف النهار، كأنها ركدت عند تدويمها، وكذا يقال: صام النهار، قال امرؤ القيس: إذا صام النهار وهجرا، ومصام الفرس: موقفه، وكذلك مصامته، قال الشماخ: إذا ما استاف منها مصامة.<ref name="ابن فارس"/> وفي القاموس المحيط: وصام منيته: ذاقها، والنعام: رمى بذرقه وهو صومه، والرجل: تظلل بالصوم لشجرة كريهة المنظر، والنهار: قام قائم الظهيرة، والصوم: الصمت وركود الريح ورمضان والبيعة، والصائم: للواحد والجميع، وأرض صوام كسحاب: يابسة لا ماء بها، ومصام الفرس ومصامته: موقفه.<ref name="القاموس"/> ويقال: صام الفرس صوما أي: قام على غير اعتلاف، وقال في المحكم: وصام الفرس على آريه صوما وصياما إذا لم يعتلف، وقيل: الصائم من الخيل القائم الساكن الذي لا يطعم شيئا؛ قال [[النابغة الذبياني]]:
{{أبيات|
{{قصيدة|خيل صيام وخيل غير صائمة | \\تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما}}
قال [[أبو منصور الأزهري]] في ترجمة صون: الصائن من الخيل القائم على طرف حافره من الحفاء، وأما الصائم، فهو القائم على قوائمه الأربع من غير حفاء. وفي التهذيب: الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء والترك له، وقيل للصائم صائم؛ لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح، وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه.<ref name="لسان العرب"/> قال [[سفيان بن عيينة]]: «الصوم هو الصبر، يصبر الإنسان على الطعام والشراب والنكاح، ثم قرأ: {{لون|أزرق|{{قرآن|إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }}}}».<ref name="لسان العرب"/>
 
قال ابن منظور: {{ مض اقتباس مضمن|وفي [[ الحديث النبوي|الحديث]]: {{حديث|قال [[محمد بن عبد الله|النبي]] {{صلى الله عليه وسلم}}: قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي}}. قال أبو عبيد: إنما خص الله تبارك وتعالى الصوم بأنه له وهو يجزي به، وإن كانت أعمال البر كلها له وهو يجزي بها؛ لأن الصوم ليس يظهر من ابن آدم بلسان، ولا فعل فتكتبه الحفظة، إنما هو [[نية]] في القلب وإمساك عن حركة المطعم والمشرب يقول الله تعالى: فأنا أتولى جزاءه على ما أحب من التضعيف وليس على كتاب كتب له؛ ولهذا {{حديث|قال النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: ليس في الصوم رياء}}}}.<ref name="لسان العرب"/> والصوم: ترك الأكل. قال الخليل: والصوم قيام بلا عمل. قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير، فهو صائم. والصوم: البيعة. وصامت الريح: ركدت. والصوم: ركود الريح. وصام النهار صوما إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة؛ قال امرؤ القيس:
{{ قصيدة أبيات|
فدعها وسل الهم عنك بجسرة | \\ذمول إذا صام النهار وهجرا}}
وصامت الشمس: استوت. التهذيب: وصامت الشمس عند انتصاف النهار إذا قامت ولم تبرح مكانها. وصام النعام إذا رمى بذرقه، وهو صومه. قال في المحكم: صام النعام صوما ألقى ما في بطنه. والصوم: عرة النعام، وهو ما يرمي به من دبره. وصام الرجل إذا تظلل بالصوم، وهو شجر كما نقل عن ابن الأعرابي.<ref name="لسان العرب"/> قال أبو زيد: أقمت بالبصرة صومين أي رمضانين. وقال الجوهري: رجل صومان أي صائم.<ref name="لسان العرب"/> وقال الجوهري: الصوم شجر في لغة هذيل. قال ابن بري: وصوام جبل؛ قال الشاعر:
{{أبيات|}}
{{قصيدة|بمستهطع رسل كأن جديله|بقيدوم رعن من صوام ممنع.<ref name="لسان العرب"/>}}
 
=== بالمعنى الشرعي ===
الصَّوْمُ في شريعة الإسلام عبادة مخصوصة بمعنى: {{ مض اقتباس مضمن|الإمساك عن المفطرات، على وجه مخصوص بنية}}، والصوم والصيام كلاهما بمعنى واحد في اللغة والشرع، قال [[ محمد بن جرير الطبري|ابن جرير]]: والصيام مصدر، من قول القائل: " «صُمت عن كذا وكذا " » يعني: كففت عنه، أصوم عَنه صوْما ًوصياماً، ومعنى الصيام: الكف عما أمر الله بالكف عنه، ومن ذلك قيل: " «صَامت الخيل " »، إذا كفت عن السير، ومنه قول نابغة بني ذبيان:
{{أبيات|
{{قصيدة|خَـيْلٌ صِيَـامٌ وخَـيْلٌ غَـيْرُ صَائِمَةٍ | \\تَحْـتَ العَجَـاجِ وأُخْـرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا.}}
ومنه قول الله تعالى ذكره: {{قرآن|فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا .. [[قالب:قرآن-سورة 19 آية 26| .الآية ]]}}<ref>[[سورة مريم]] آية: (26)</ref>، يعني: صمتًا عن الكلام.<ref>تفسير الطبري، سورة البقرة، آية: (183)، القول في تأويل قوله تعالى: يَا {{قرآن|البقرة|183|من أَيُّهَا كلمة=|إلى الَّذِينَ ءآمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، كلمة=}}، ج3 ص409 وما بعدها</ref><ref>انظر: تفسير الطبري، [[سورة مريم]]، آية: (26) ج18، ص182 و183.</ref> والصَّوْم بالمعنى الشرعي هو: {{ مض اقتباس مضمن|الإمساك عن المفطرات، على وجه مخصوص، في زمن مخصوص بنية}}، أو: {{ مض اقتباس مضمن|الإمساكٌ عن المُفْطِرَاتِ من طلوع الفَجْرِ إلى [[ غروب|غروب الشمس]] مع [[نية|النِّيَّة]]}}. وال[[نية]] في الصوم لا زمة عند جمهور الفقهاء، بصرف النظر عن كونها ركنا من أركان الصوم أو شرطا من شروطه. قال [[ابن حجر العسقلاني|ابن حجر]] في فتح الباري: {{ مض اقتباس مضمن|والصوم والصيام في اللغة: الإمساك، وفي الشرع: إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة}}. وقال صاحب المحكم: {{ مض اقتباس مضمن|الصوم ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام}}، قال الراغب: الصوم في الأصل الإمساك عن الفعل، ولذلك قيل: للفرس الممسك عن السير صائم، وفي الشرع: {{ مض اقتباس مضمن|إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب}}.<ref>،فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، كتاب الصوم، باب وجوب صوم رمضان، ص: (123)، (124)</ref> وقال السرخسي في المبسوط: {{ مض اقتباس مضمن|وفي الشريعة: عبارة عن إمساك مخصوص، وهو الكف عن قضاء الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج، من شخص مخصوص، وهو أن يكون مسلما طاهرا من الحيض والنفاس وفي وقت مخصوص، وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس بصفة مخصوصة، وهو أن يكون على قصد التقرب، فالاسم شرعي فيه معنى اللغة}}.<ref>المبسوط، لمحمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، (كتاب الصوم)، الجزء الثالث، ص: (55)</ref> قال [[ابن قدامة]]: {{ مض اقتباس مضمن|والصوم في الشرع: عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة، في وقت مخصوص}}.<ref>المغني لابن قدامة كتاب الصيام ص: (3)و (4)</ref> وقال في الذخيرة الصوم في الشرع: {{ مض اقتباس مضمن|الإمساك عن شهوتي الفم والفرج وما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار وبنية قبل الفجر أو معه إن أمكن فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد}}.<ref name="مواهب الجليل">مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل، محمد بن محمد الحطاب، كتاب الصيام، باب ما يثبت به رمضان، ج2 ص: (377) وما بعدها، دار الفكر ط3</ref> وقال ابن عرفة: {{ مض اقتباس مضمن|الصوم رسمه عبادة عدمية وقت طلوع الفجر حتى الغروب}}، وقال ابن رشد: {{ مض اقتباس مضمن|إمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية}}.<ref name="مواهب الجليل"/> أو هو: إمساك مخصوص عن المفطرات يوما كاملاً، من شخص مخصوص بنية، وفق [[شروط الصوم|شروط]] مخصوصة عند الفقهاء؛ لأن الصوم عمل، والنية لازمة شرعاً لصحة الأعمال، و[[نية الصوم]] لازمة باتفاق أئمة {{ال|مذاهب|فقهية}} فلا يصح الصوم إلا بالنية، وهذا لا خلاف عليه؛ لقول النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|لا صيام لمن لم بيت النية ليلا}}.<ref>المبدع شرح المقنع، لأبي إسحاق برهان الدين محمد بن عبد الله الحنبلي، كتاب الصيام، وجوب تبييت نية الصوم الواجب من الليل، ص18.</ref> وهو محمول على صوم ال[[فرض]] عند الجمهور، ووقت النية من بعد [[ غروب|غروب الشمس]] إلى طلوع الفجر، أما في صوم النفل؛ فتمتد النية إلى ما قبل الزول الزوال بشرط عدم تعاطي أي مفطر بعد الفجر.
 
== مشروعية الصوم في الإسلام ==
=== فرض الصوم ===
الصوم من العبادات المشروعة في الإسلام، و[[فرض]] في السنة الثانية للهجرة، ونزلت فيه آيات من [[ القرآن|القرآن الكريم]]، دلت على فرضيته على المسلمين، وأنه كان مفروضا على من كان قبلهم في الشرائع السابقة، وشرعت [[الحكم الشرعي|أحكامه]] ومواقيته، في آيات الصيام، وبينت تفاصيل أحكامه ومواقيتة، ومواقيته، بالأحاديث النبوية؛ لأن الحديث النبوي مفسر للقرآن، وشارح له، قال الله تعالى: {{قرآن| النحل|44|من كلمة=وأنزلنا |إلى إليك الذكر لتبين كلمة=للناس}}، وقال تعالى: {{قرآن| فَلاَ النساء|65|من وَرَبِّكَ كلمة=|إلى لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا كلمة=}}، <ref>سورة النساء آية: 65</ref> وفي الحديث: {{حديث|ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه}}.<ref name=" عون٢ عون2">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد شمس الحق العظيم آبادي| العنوان عنوان=عون المعبود، كتاب السنة، باب لزوم السنة حديث رقم: (4604)| الصفحات صفحات= ٢٧٧ 277 وما بعدها| الناشر ناشر=دار الفكر| السنة سنة=1415 هـ/ 1995م}}</ref> والأصل في مشروعية الصيام قبل [[إجماع (فقه)|الإجماع]]: أدلة من الكتاب والسنة، فمن القرآن قول الله تعالى: {{قرآن| يَا البقرة|183|من أَيُّهَا كلمة=|إلى الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ كلمة=}}. <ref>[[سورة البقرة]] آية: 183</ref> وهو دليل فرض الصيام على المسلمين، وكان هذا في بداية فرضه، ثم نزل بعد ذلك من [[ القرآن|القرآن الكريم]] تحديد مقدار الصوم المفروض وبيان زمنه ومواقيته المتعلقة به في قول الله تعالى: {{قرآن| شَهْرُ البقرة|185|من رَمَضَانَ كلمة=|إلى الَّذِي كلمة=فليصمه}} أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... [[قالب:قرآن-سورة 2 آية 185|الآية]]}}، الآية، إلى قوله تعالى: {{قرآن| وَلَعَلَّكُمْ البقرة|185|من تَشْكُرُونَ كلمة=ولعلكم|إلى كلمة=تشكرون}}. <ref>[[سورة البقرة]] آية: (185)</ref> وفي هذه الآية الأمر الصريح بوجوب [[صوم شهر رمضان]] على المسلمين المكلفين. ومعنى قوله تعالى: {{لون|أزرق|{{قرآن|يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا }}}}: يا أيها الذين [[ الإيمان الله بالله (إسلام)|ءامنوا بالله]] [[الإيمان بالرسل|ورسوله]] وصدقوا بهما وأقرُّوا، {{لون|أزرق|{{قرآن|كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ }}}} أي: فُرض عليكم الصيام، {{لون|أزرق|{{قرآن|كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }}}}، أي: كما فُرض على الذين من قبلكم، من الأمم السابقة، فهو من الشرائع القديمة، وكان فرضه على الأنبياء وأممهم،<ref>[[تفسير الجلالين]]، [[جلال الدين المحلي]] و[[جلال الدين السيوطي]]، تفسير سورة البقرة آية: (183)</ref> قال [[ أبو جعفر الطبري (توضيح)|أبو جعفر الطبري]] في تفسير الآية: فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين منْ قبلكم، وذكر أقوالا في الذين فرض عليهم الصوم من قبل فرضه على المسلمين، وفي المعنى الذي وقع فيه التشبيه بين فرض صومنا وصوم الذين من قبلنا، الأول: أن [[صوم شهر رمضان]] فرض على النصارى، وتشبيه صيامهم بصيام المسلمين هو اتفاقهما في الوقت والمقدار، الذي هو لازم للمسلمين اليوم فرضُه، عن الشعبي أنه قال: {{ مض اقتباس مضمن|لو صُمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان، وذلك أن النصارى فُرض عليهم شهر رَمضان كما فرض علينا فحوَّلوه إلى الفصل، وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثلاثين يوماً، ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم، فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الآخر يُستن سنّة القرن الذي قبله حتى صارت إلى خمسين، فذلك قوله: {{قرآن| كتبَ البقرة|183|من عليكم كلمة=كتب|إلى الصيام كما كتبَ عَلى الذين من قَبلكم كلمة=قبلكم}}}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن جرير الطبري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن جرير الطبري| العنوان عنوان=تفسير الطبري، تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين {{قرآن|البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون» كلمة=}}| الصفحة صفحة=409 وما بعدها| الناشر ناشر=دار المعارف| اللغة لغة=العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=تفسير الطبري}}</ref> وقيل بل التشبيه إنما هو من أجل أن صومهم كان من العشاء الآخرة إلى العشاء الآخرة، وهو الذي فرض على المسلمين في بداية فرضه؛ روى ابن جرير الطبري عن أسباط، عن السدي: أما الذين من قبلنا: فالنصارى، كتب عليهم رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم، ولا ينكحوا النساءَ شهر رمضان، فاشتد على النصارى صيامُ رمَضان، وجعل يُقَلَّبُ عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا: نزيد عشرين يوما نكفّر بها ما صنعنا، فجعلوا صيامهم خمسين.<ref>تفسير ابن جرير محمد بن جرير الطبري رقم الحديث:2721</ref> وفي رواية: كتب عليهم الصوم من العتمة إلى العتمة، وعن [[قتادة بن دعامة|قتادة]]: رمضانُ، كتبه الله على من كان قَبلهم، وعن [[مجاهد بن جبر|مجاهد]]: {{قرآن| كما كتب على الذين البقرة|183|من كلمة=كما|إلى كلمة=قبلكم}} أي: أهل الكتاب، وفي قول: أنه كان مفروضا على الناس كلهم، قال [[محمد بن جرير الطبري|أبو جعفر]]: {{ مض اقتباس مضمن|وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى الآية: يا أيها الذين ءامنوا فُرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب، {{قرآن| أَيَّاما البقرة|184|من مَّعْدُودَاتٍ كلمة=أياما|إلى كلمة=معدودات}}، وهي [[ رمضان (شهر)|شهر رمضان]] كله؛ لأن مَن بعدَ [[إبراهيم]] {{صلى الله عليه وسلم}} كان مأمورا باتباع إبراهيم، وذلك أن الله جل ثناؤه كان جعله للناس إماما، وقد أخبرنا الله عز وجل أن دينه كان [[حنيفية|الحنيفيةَ]] المسلمةَ، فأمر [[محمد|نبينا]] {{صلى الله عليه وسلم}} بمثل الذي أمر به مَنْ قبله من الأنبياء، وأما التشبيه، فإنما وقع على الوقت، وذلك أن مَنْ كان قبلنا إنما كان فرِض عليهم شهر رمضان، مثل الذي فُرض علينا سواء}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن جرير الطبري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن جرير الطبري| العنوان عنوان=تفسير الطبري، تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى: «أياما معدودات»| الصفحة صفحة=413 وما بعدها| الناشر ناشر=دار المعارف| المسار مسار= https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=533&idfrom=528&idto=528&flag=0&bk_no=50&ayano=0&surano=0&bookhad=0|لغة= العربية|عنوان مترجم=تفسير الطبري| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180808203150/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=528&idto=528&bk_no=50&ID=533 |اللغة= العربية| العنوان بالعربي تاريخ أرشيف= تفسير الطبري 8 أغسطس 2018}}</ref>
 
=== في الأمم السابقة ===
تدل النصوص الشرعية من [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]] على أن الصيام الذي فرضه الله على المسلمين كان مفروضا على الأمم السابقة، حيث أن الله هو الذي شرع الأحكام لعباده، وأن العبادة لله وحده لا شريك له، وتؤكد شريعة الإسلام أن الدين كله لله، وهو الذي أرسل الرسل ليبلغوا الناس، ودين الأنبياء واحد، وما أمروا إلا ليعبدوا إله واحدا. وقد ذكر المفسرون: أن الصيام كان مفروضا على الأمم السابقة، وأنه كان مفروضا على أهل الكتاب، فأما اليهود فقد فرض الله عليهم الصيام ولكنهم حولوه فصاموا يوما من السنة، وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني {{حديث|عن دغفل بن حنظلة عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملكهم فقالوا: لئن شفاه الله لنزيدن عشرا، ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فوه، قال: لئن شفاه الله ليزيدن سبعة، ثم كان عليهم ملك آخر فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام شيئا أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل فصارت خمسين يوما}}.<ref>[ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=81&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=66& ID ayano= 81 0&surano=0&bookhad=0 فتح القدير للشوكاني ج1 ص116 وما بعدها دار المعرفة] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20171002022717/http://library.islamweb.net :80/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=66&ID=81 |date=02 أكتوبر 2017}}</ref>
 
وفي نص الآية الدالة على فرض الصيام جملة من الدلالات ومن أهمها: فرض الصيام على الناس، وأن الإيمان بالله والإسلام له وحده شرط في صحة العبادة، والخطاب في هذه الآية موجه لمن آمن بالله وبجميع رسله، ويؤكد نص الآية على أن الخلق كلهم عباد لله، وأن الخالق المعبود بحق هو الله وحده لا شريك له، وهو الذي أرسل جميع الرسل وله الدين الخالص، وفي النص القرآني من هذه الآية دلالة واضحة على أن الله هو الذي شرع الأحكام لعباده، فكما أنه فرض الصيام على الأمة المحمدية فكذلك فرض هذه العبادة على الأمم السابقة حيث يقول الله تعالى: {{قرآن| كَمَا البقرة|183|من كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ كلمة=كما|إلى مِن قَبْلِكُمْ كلمة=قبلكم}} (١٨٣)، وقد ذكر [[ فخر الدين الرازي|الفخر الرازي]] في تفسير الآية: {{ مض اقتباس مضمن|في هذا التشبيه قولان: أحدهما: أنه عائد إلى أصل إيجاب الصوم، يعني هذه العبادة كانت مكتوبة واجبة على الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم، ما أخلى الله أمة من إيجابها عليهم لا يفرضها عليكم وحدكم، وفائدة هذا الكلام أن الصوم عبادة شاقة، والشيء الشاق إذا عم سهل تحمله}}. ثم ذكر القول الثاني بقوله: {{ مض اقتباس مضمن|والقول الثاني: أن التشبيه يعود إلى وقت الصوم وإلى قدره، وهذا ضعيف؛ لأن تشبيه الشيء بالشيء يقتضي استواءهما في أمر من الأمور، فأما أن يقال: إنه يقتضي الاستواء في كل الأمور فلا}}.<ref name="الرازي">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل| مؤلف1-وصلة المؤلف1=فخر الدين الرازي| العنوان عنوان=تفسير الرازي، تفسير سورة البقرة، قوله تعالى: «يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين {{قرآن|البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون» كلمة=}}| الصفحة صفحة=59 وما بعدها| السنة سنة=1425 هـ/ 2004م| الناشر ناشر=دار الكتب العلمية| المسار=|تاريخ الوصول= 1437 هـ|المكان مكان=بيروت- لبنان| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب}}</ref>
 
فالذي فرضه الله على الأنبياء وأممهم هو أصل إيجاب الصوم، وأما حمل التشبيه على أنه من حيث الوقت والقدر؛ فقد ذكر القائلون بهذا القول وجوها منها: أن الله تعالى فرض صيام رمضان على أهل الكتاب: (اليهود والنصارى)، قال الرازي: {{ مض اقتباس مضمن|أما اليهود فإنها تركت هذا الشهر وصامت يوما من السنة، زعموا أنه يوم غرق فيه فرعون، وكذبوا في ذلك أيضا؛ لأن ذلك اليوم يوم عاشوراء على لسان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، أما النصارى فإنهم صاموا رمضان فصادفوا فيه الحر الشديد فحولوه إلى وقت لا يتغير، ثم قالوا عند التحويل: نزيد فيه فزادوا عشرا، ثم بعد زمان اشتكى ملكهم فنذر سبعا فزادوه، ثم جاء بعد ذلك ملك آخر فقال: ما بال هذه الثلاثة فأتمه خمسين يوما، وهذا معنى قوله تعالى: {{قرآن| اتخذوا التوبة|31|من أحبارهم ورهبانهم كلمة=|إلى كلمة=أربابا ..}} [[سورة التوبة]] آية: 31 وهذا مروي عن الحسن}}.<ref name="الرازي"/> الوجه الثاني: مروي عن الشعبي وهو: أنهم أخذوا بالوثيقة زمانا فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الأخير يستسن بسنة القرن الذي قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما؛ ولهذا كره صوم يوم الشك.<ref name="الرازي"/> والوجه الثالث: أن وجه التشبيه أنه يحرم الطعام والشراب والجماع بعد النوم كما كان ذلك حراما على سائر الأمم، واحتج القائلون بهذا القول بأن الأمة مجمعة على أن قوله تعالى: {{قرآن| أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ.. [[قالب:قرآن-سورة 2 آية البقرة|187| الآية من (١٨٧)]] كلمة=|إلى كلمة=نسائكم}} يفيد نسخ هذا الحكم، فهذا الحكم لا بد فيه من دليل يدل عليه، ولا دليل عليه إلا هذا التشبيه وهو قوله: {{قرآن| كَمَا البقرة|183|من كُتِبَ كلمة=كما|إلى عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كلمة=قبلكم}} فوجب أن يكون هذا التشبيه دليلا على ثبوت هذا المعنى، قال أصحاب القول الأول: قد بينا أن تشبيه شيء بشيء لا يدل على مشابهتهما من كل الوجوه فلم يلزم من تشبيه صومنا بصومهم أن يكون صومهم مختصا برمضان، وأن يكون صومهم مقدرا بثلاثين يوما.<ref name="الرازي"/>
 
=== الأصل في مشروعية الصوم ===
{{ رئيسي مفصلة|آيات أحكام الصيام}}
{{صندوق اقتباس
| align = left
| width = 225
| اقتباس = ذكرت آيات أحكام الصيام ضمن [[سورة البقرة]] في قول الله تعالى: {{قرآن|{{لون|أزرق|يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {{رقم آية|183}} أَيَّامًا مَّعْدُودَ ٰتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {{رقم آية|184}} شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنََـٰتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَ ٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {{رقم آية|185}}}} {{لون|أخضر|وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ{{رقم آية|186}}}} {{لون|أزرق|أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالۡـَٰٔنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {{رقم آية|187}}}}}}
| اقتباس = ذكرت آيات أحكام الصيام ضمن [[سورة البقرة]] في قول الله تعالى: {{لون|أزرق|{{قرآن|يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}}}} (١٨٣)
| المصدر = [[سورة البقرة]]، آية: ( ١٨٣ 183 و١٨٤ و184 و١٨٥ و185 و١٨٦ و186 و١٨٧ و187)
 
{{لون|أزرق|{{قرآن|أَيَّامًا مَّعْدُودَ ٰتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}}}} (١٨٤)
 
{{لون|أزرق|{{قرآن|شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنََـٰتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَ ٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}}}} (١٨٥)
{{لون|أخضر|{{قرآن|وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ}}}} (١٨٦)
 
{{لون|أزرق|{{قرآن|أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالۡـَٰٔنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}}}} (١٨٧)
| المصدر = [[سورة البقرة]]، آية: (١٨٣ و١٨٤ و١٨٥ و١٨٦ و١٨٧)
}}
 
ثبتت مشروعية الصوم في الإسلام بأدلة من [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]]، فمن الكتاب آيات أحكام الصيام وهي: آيات من [[ القرآن|القرآن الكريم]]، في [[سورة البقرة]] تضمن الأحكام الشرعية، المتعلقة بالصوم، وأهم ما اشتملت عليه: فرض الصيام على المسلمين، وبيان مقدار [[ ميقات الصوم|مواقيت الصوم]]، والرخصة [[ صوم إفطار المريض|للمريض]] [[ الصوم في صوم السفر المسافر|والمسافر]]، والفدية وإطاقة الصوم، ثم اختصاص شهر رمضان بالفرضية، وتعيين صيامه، ونزلت آيات تحديد وقت الصيام من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وأحكام الاعتكاف، وأدلة فرض الصيام من القرآن الكريم قول الله تعالى: {{قرآن| يَا البقرة|183|2|من أَيُّهَا كلمة=|إلى الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ كلمة=}} (١٨٣) .
{{قرآن|أَيَّامًا مَّعْدُودَ ٰتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}} (١٨٤) {{قرآن|شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنََـٰتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَ ٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}} (١٨٥).
 
وأما أدلة مشروعية الصوم من السنة النبوية؛ فهي إيضاح لنصوص القرآن وبيان ما فيه من أحكام ذكرت فيه إجمالا، وتفصيلها، وبيان الأحكام الشرعية التي لم تذكر في القرآن، بل بنص السنة إذ أن القرآن منقول بطريق السنة، والوحي إما نص من القرآن أو من الحديث النبوي، مثل بيان المواقيت التي دل الحديث النبوي على بيانها، فالسنة هي بيان لمراد الله، فعدد الصلوات مثلا: لم يعلم بيانه إلا بطريق السنة، وقد جاء في الحديث: {{حديث|ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه}}.<ref>سنن أبي داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة حديث رقم: ( ٤٦٠٤ 4604)</ref> ومعنى «أوتيت الكتاب»: أي القرآن «ومثله معه»: أي الوحي الباطن غير المتلو أو تأويل الوحي الظاهر وبيانه بتعميم وتخصيص وزيادة ونقص، أو أحكاما ومواعظ وأمثالا تماثل القرآن في وجوب العمل أو في المقدار. قال البيهقي: هذا الحديث يحتمل وجهين أحدهما: أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر المتلو، والثاني أن معناه أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى، وأوتي مثله من البيان أي: أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس في الكتاب له ذكر فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن. قراه».<ref name=" عون٢ عون2"/> وفي الحديث دليل على وجوب اتباع السنة والأخذ بها، كما دلت عليه نصوص القرآن.<ref group="°">من الأدلة على وجوب اتباع السنة والأخذ بها قول الله تعالى: {{قرآن |النساء|80|من يطع الرسول فقد أطاع كلمة=|إلى كلمة=الله }} .. [[قالب:قرآن-سورة . 4 آية 80|الآية ]]}} وقال الله تعالى: {{قرآن| وما أتاكم الرسول فخذوه الحشر|7|من كلمة=وما |إلى نهاكم عنه كلمة=فانتهوا}} وقال تعالى: {{قرآن| النور|63|من كلمة=فليحذر |إلى الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم كلمة=}} وقال تعالى: {{قرآن| المائدة|92|من كلمة=وأطيعوا الله |إلى كلمة=وأطيعوا الرسول}} وقال تعالى: {{قرآن| ومن يشاقق الرسول النساء|115|من بعد كلمة=|إلى ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا كلمة=}} وقال تعالى: {{قرآن| يا أيها الذين ءآمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ..[[قالب:قرآن-سورة4 آية |59 |الآية]]}}، وقال تعالى: {{قرآن| ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ..[[قالب:قرآن-سورة4 آية |83 |الآية]]}}، وقال تعالى: {{قرآن| إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا النور|51|من كلمة=|إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا كلمة=وأطعنا}}، وقال الله تعالى: {{قرآن| وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ..[[قالب:قرآن-سورة33 آية |36 |الآية]]}}، والآيات في هذا كثيرة. وفي الحديث: {{حديث|لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به}}.</ref>
 
=== مراحل تشريع الصوم ===
للصوم في الإسلام مراحل تشريعية من قبل أن يفرض على المسلمين [[صوم شهر رمضان]] إلى أن استقرت الأحكام واكتمل الدين، فمن خصائص التشريع الإسلامي للأحكام أن الله هو الذي شرع الأحكام، فكان بيانها على لسان رسوله خلال فترة نزول الوحي، فلم تشرع الأحكام كلها جملة واحدة، بل كان بطريق التدرج في تشريعها، بطريق التعليم الرباني الذي يقصد به: تعليم الأحكام شيئا فشيئا، وتركزت مراحل التشريع الإسلامي في بدايتها على [[ الله (إسلام)|الإيمان بالله]] والبرهنة على وجود الله وأنه خالق كل شيء، والمستحق وحده للعبادة، ومن ثم فإن الكثير من الأحكام لم تشرع إلا بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، بما فيها الصوم الذي هو في نفس الوقت لم يشرع جملة واحدة، بل شرع في مراحل، وكان المسلمون قبل أن يفرض عليهم [[ صوم شهر رمضان|صوم رمضان]] يصومون يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، وكان الناس في الجاهلية يصومون يوم عاشوراء، فلما هاجر المسلمون إلى [[المدينة المنورة]] وجدوا اليهود يصومونه، فسئلوا عنه فقالوا: ذلك يوم نجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون فنحن نصومه شكرا لله، وفي الحديث: {{حديث|أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء وقالوا: إن موسى صامه، وإنه اليوم الذي نجوا فيه من فرعون وغرق فرعون فصامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه وقال: نحن أحق بموسى منهم}}. و{{حديث|عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه}}.<ref>صحيح مسلم كتاب الصيام باب صوم يوم عاشوراء حديث رقم: (1125)</ref> قال [[ يحيى بن شرف النووي|النووي]]: اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنة ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبا، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين: أشهرهما عندهم: أنه لم يزل سنة من حين شرع، ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة، ولكنه كان متأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك الاستحباب، والثاني: كان واجبا، كقول أبي حنيفة، واستدل القائلون بالوجوب بقوله: {{حديث|وأمر بصيامه}}، ودليل القائلين بعدم وجوبه حديث: {{حديث|لم يكتب الله عليكم صيامه}}، وحديث: {{حديث|من شاء صامه ومن شاء تركه}}، وهذا الخلاف إنما هو فيما كان في صدر الإسلام، أما بعد تعيين صوم رمضان؛ فهو سنة مستحبة بالإجماع.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=النووي| العنوان عنوان=شرح النووي على مسلم كتاب الصيام باب صوم يوم عاشوراء حديث رقم: (1125)| الصفحة صفحة=198 وما بعدها| الناشر ناشر=دار الخير| السنة سنة=1416هـ / 1996م}}</ref>
 
كان فرض الصوم في أول فرضه على المسلمين في أيام معدودات، وأنه ليس في كل يوم؛ لئلا يشق على النفوس، فتضعف عن حمله وأدائه، بل جعل فرضه في أيام معدودات، أي: قلائل، كما يدل على هذا نص الآية: {{قرآن| أَيَّاماً البقرة|184|من مَّعْدُودَاتٍ كلمة=|إلى ۚ كلمة=معدودات}} أي: أن تصوموا أياما معدودات هي أيام شهر رمضان، قال [[ محمد بن جرير الطبري|الطبري]]: وأما المعدودات: فهي التي تعد مبالغها وساعات أوقاتها، وعنى بقوله: {{قرآن| البقرة|184|من كلمة=معدودات|إلى كلمة=معدودات}}: محصيات.<ref>تفسير ابن جرير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى: «أياما معدودات»، ص413</ref>
 
وكان الصوم على التخيير، في بداية فرضه؛ لقوله تعالى: {{قرآن| وَعَلَى البقرة|184|من الَّذِينَ كلمة=وعلى|إلى يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون كلمة=}}، فعن [[معاذ بن جبل]] قال: كان في ابتداء الأمر: من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا، ثم [[نسخ (إسلام)|نسخ]] حكم التخيير بآية فرض [[ صوم شهر رمضان|صوم رمضان]]، وهكذا روى البخاري عن [[سلمة بن الأكوع]] أنه قال: لما نزلت: {{قرآن| وَعَلَى البقرة|184|من الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}}: كان من أراد أن يفطر يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها، وعن [[نافع مولى ابن عمر|نافع]] عن [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]]، قال: {{ مض اقتباس مضمن|هي منسوخة}}. وذهب أكثر العلماء إلى أن الآية منسوخة وهو قول [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] و[[سلمة بن الأكوع]] وغيرهما، وذلك أنهم كانوا في ابتداء الإسلام مخيرين بين أن يصوموا وبين أن يفطروا ويفدوا، خيرهم الله تعالى لئلا يشق عليهم لأنهم كانوا لم يتعودوا الصوم ثم نسخ التخيير ونزلت العزيمة بقوله تعالى: {{قرآن| فَمَن البقرة|185|من شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ كلمة=فمن|إلى كلمة=فليصمه}} (١٨٥)، وقال قتادة: هي خاصة في حق الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ولكن يشق عليه رخص له في أن يفطر ويفدي ثم نسخ وقال [[الحسن البصري|الحسن]]: هذا في المريض الذي به ما يقع عليه اسم المرض وهو مستطيع للصوم خير بين أن يصوم وبين أن يفطر ويفدي، ثم نسخ بقوله تعالى: {{قرآن| فَمَن البقرة|185|من شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ كلمة=فمن|إلى كلمة=فليصمه}}، وثبتت الرخصة للذين لا يطيقون، وذهب جماعة إلى أن الآية محكمة غير منسوخة، ومعناه وعلى الذين كانوا يطيقونه في حال الشباب فعجزوا عنه بعد الكبر فعليهم الفدية بدل الصوم وقرأ [[ عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: {{قرآن|وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ}} بضم الياء وفتح الطاء وتخفيفها وفتح الواو وتشديدها، بلفظ: {{قرآن|يُطَوَّقُونَهُ}} بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو بمعنى: يكلفونه.<ref>تفسير القرطبي ج1، ص267</ref> أي: يكلفون الصوم، وتأويله على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصوم والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه فهم يكلفون الصوم ولا يطيقونه فلهم أن يفطروا ويطعموا مكان كل يوم مسكينا وهو قول سعيد بن جبير وجعل الآية محكمة.<ref name="البغوي">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=الحسين بن مسعود البغوي| العنوان عنوان=تفسير البغوي، [[سورة البقرة]]، تفسير قوله تعالى: {{قرآن|أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}} آية: 184، ج1| الصفحات صفحات=196 وما بعدها| الناشر ناشر=دار طيبة}}</ref>
 
وقال السدي عن مرة عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية: {{قرآن| وَعَلَى البقرة|184|من الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}} قال: يقول: {{قرآن| وَعَلَى البقرة|184|من الَّذِينَ كلمة=وعلى|إلى يُطِيقُونَهُ كلمة=يطيقونه}} أي: يتجشمونه، قال عبد الله: فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا، {{قرآن| البقرة|184|من كلمة=فمن تطوع |إلى كلمة=خيرا}} أي: أطعم مسكينا آخر؛ {{قرآن| البقرة|184|من كلمة=فهو خير له}} {{قرآن| وأن تصوموا خير إلى كلمة=لكم}}: فكانوا كذلك حتى نسختها: {{قرآن| فمن البقرة|185|من شهد منكم الشهر كلمة=فمن|إلى كلمة=فليصمه}}.<ref>تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى: {{قرآن| يا البقرة|183|من أيها الذين آمنوا كتب عليكم كلمة=|إلى كلمة=الصيام}}، ج1 ص: (500).</ref>
 
روى البخاري بسنده عن عطاء سمع [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]] يقرأ: {{قرآن|البقرة|184|من كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}}، قال [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: ليست منسوخة، هو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا. وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه. وعن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {{قرآن|البقرة|184|من كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}}، في الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا.عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء في رمضان، وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية: {{قرآن| وَعَلَى البقرة|184|من الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ كلمة=وعلى|إلى كلمة=مسكين}} ١٨٤، ، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا، ثم نزلت هذه الآية فنسخت الأولى، إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر، فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه، بقوله: {{قرآن| فمن البقرة|185|من شهد منكم الشهر كلمة=فمن|إلى كلمة=فليصمه}}.<ref>تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى: {{قرآن| يا البقرة|183|من أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم كلمة=|إلى كلمة=الصيام}}، ج1 ص: (399).</ref> وخلاصة هذا: أن التخيير كان في بداية الأمر بالصوم في صدر الإسلام، ثم نسخ حكم التخيير بتعيين صوم رمضان، وقوله تعالى: {{قرآن| البقرة|185|من كلمة=فليصمه|إلى كلمة=فليصمه}} دل على الفرض نصا من غير تخيير، كما أن الفدية باقية في حق من لا يطيق الصوم، وبهذا ثبت وجوب صوم رمضان، على المكلفين، وأجمع المسلمون على هذا، وقد كان وقت الصوم، يبدء من الليل، فمن نام أو صلى العشاء؛ صار بذلك صائما، وحرم عليه الأكل والشرب، وسائر المفطرات، فشق ذلك على المسلمين، فخفف الله عليهم، وجعل وقت الصوم من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس.
روى البخاري بسنده عن عطاء سمع [[ابن عباس]] يقرأ: {{قرآن|وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}}، قال [[ابن عباس]]: ليست منسوخة، هو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا. وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه.
وعن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {{قرآن|وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ }} ١٨٤، في الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا.
عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء في رمضان، وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية: {{قرآن|وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ }} ١٨٤، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا، ثم نزلت هذه الآية فنسخت الأولى، إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر، فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه، بقوله: {{قرآن|فمن شهد منكم الشهر فليصمه}}.<ref>تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى: {{قرآن|يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام}}، ج1 ص: (399).</ref> وخلاصة هذا: أن التخيير كان في بداية الأمر بالصوم في صدر الإسلام، ثم نسخ حكم التخيير بتعيين صوم رمضان، وقوله تعالى: {{قرآن|فليصمه}} دل على الفرض نصا من غير تخيير، كما أن الفدية باقية في حق من لا يطيق الصوم، وبهذا ثبت وجوب صوم رمضان، على المكلفين، وأجمع المسلمون على هذا، وقد كان وقت الصوم، يبدء من الليل، فمن نام أو صلى العشاء؛ صار بذلك صائما، وحرم عليه الأكل والشرب، وسائر المفطرات، فشق ذلك على المسلمين، فخفف الله عليهم، وجعل وقت الصوم من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس.
 
=== رخصة المرض والسفر ===
{{ انظرأيضا|صوم المريض|الصوم في السفر}}
الرخصة بالمعنى الشرعي عند علماء أصول الفقه: مقابل العزيمة. ففرض الصوم عزيمة، ورفع الحرج عن المكلف بالصوم، بالتخفيف حال المرض أو السفر: رخصة من الله؛ لقوله تعالى: {{قرآن| فَمَن البقرة|184|من كَانَ كلمة=فمن|إلى مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ كلمة=أخر}}، والمعنى: أن من كان منكم مكلفا بالصوم، وأفطر بسبب المرض، أو بسبب السفر، فلا حرج عليه، حيث رخص الله للمريض بالإفطار حال المرض الذي يباح معه الفطر، وللمسافر حال السفر الذي يباح معه الفطر، وعلى من أفطر مترخصا بذلك؛ فعليه قضاء عدد الأيام التي أفطرها، في مرضه، أو في سفره، في أيام أخرى، أي: في وقت لاحق، وفي هذا التخفيف في الصيام، بالرخصة للمريض الذي يشق عليه المرض، والمسافر بعد حدوث السفر المبيح للفطر، فالمريض والمسافر لا يلزمهما الصوم في حال المرض وفي حال السفر؛ لما في ذلك من المشقة عليهما، بل رخص الشارع لهما بالفطر في نهار رمضان، وعليهما بعد ذلك قضاء الصوم في أيام أخر.
 
=== التخفيف في وقت الصوم ===
وكان فرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية الهجرية، وكانوا في أول ما فرض عليهم الصوم: يصومون من بعد [[صلاة العشاء]]، أو النوم قبلها، أي: أن وقت الإمساك كان من بعد العشاء، أو بعد النوم على من نام قبل العشاء، ثم يستمر إمساك الصائم إلى غروب الشمس، في موعد الإفطار في الليلة التالية، فكان الوقت الذي يباح فيه الأكل والشرب في ليلة الصيام: من أول وقت [[صلاة المغرب]] إلى العشاء، بشرط عدم ال[[نوم]] فمن نام قبل العشاء؛ وجب عليه الإمساك في ليلته، إلى الليلة القابلة، وقد كان بيان هذا [[ حديث الحديث نبوي النبوي|بالسنة النبوية]]، ثم خفف الله تعالى ذلك على المسلمين، فجعل وقت إباحة الأكل والشرب إلى بداية طلوع الفجر الثاني، حيث نزلت الآية الدالة على ذلك، وكان نزولها بعد فرض الصيام، وتضمنت نسخ الحكم السابق بحكم أخف، وهو نسخ [[ حديث الحديث نبوي النبوي|للسنة]] [[القرآن الكريم|بالكتاب]]، في قوله تعالى: {{قرآن| أُحِلَّ البقرة|187|من لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ كلمة=|إلى إِلَى نِسَائِكُمْ كلمة=نسائكم}} ١٨٧، ، أي: أباح الله لكم في ليلة الصيام: «الرفث» وهو كناية عن الجماع. قال [[ عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: إن الله تعالى حيي كريم يكني، كل ما ذكر في القرآن من المباشرة والملامسة والإفضاء، والدخول والرفث فإنما عنى به الجماع. وقال الزجاج: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجال من النساء.
 
قال البغوي: {{ مض اقتباس مضمن|قال أهل التفسير: كان في ابتداء الأمر إذا أفطر الرجل حل له الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة أو يرقد قبلها فإذا صلى العشاء أو رقد قبلها حرم عليه الطعام والنساء إلى الليلة القابلة ثم إن [[عمر بن الخطاب]] رضي الله عنه واقع أهله بعدما صلى العشاء فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فقال: يا رسول الله إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة إني رجعت إلى أهلي بعدما صليت العشاء فوجدت رائحة طيبة فسولت لي نفسي فجامعت أهلي فهل تجد لي من رخصة فقال النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|ما كنت جديرا بذلك يا عمر}}، فقام رجال واعترفوا بمثله فنزل في عمر وأصحابه}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=الحسين بن مسعود البغوي| مؤلف1-وصلة المؤلف1=البغوي| العنوان عنوان=سورة البقرة، تفسير قوله تعالى: «أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن» الجزء الأول| الطبعة=|الصفحة صفحة=206 وما بعدها| السنة=|الناشر ناشر=دار طيبة| المسار مسار= https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=94&idfrom=97&idto=99&flag=0&bk_no=51&ayano=0&surano=0&bookhad=0|لغة= العربية|عنوان مترجم=تفسير البغوي| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180808202846/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=97&idto=99&bk_no=51&ID=94 | تاريخ الوصول=|المكان=|اللغة أرشيف= العربية|العنوان 8 بالعربي=تفسير أغسطس 2018 البغوي}}</ref>
 
=== أدلة فرض الصوم ===
[[ملف:002185 Al-Baqarah UsmaniScript.png|تصغير|يسار|شهر رمضان]]
[[ملف:The Badshahi in all its glory during the Eid Prayers.JPG|تصغير|يمين|[[ صلاة العيدين|صلاة العيد]] في مسجد بادشاه ([[باكستان]])]]
الأصل في مشروعية الصيام قبل [[إجماع (فقه)|الإجماع]]: أدلة من الكتاب والسنة، فمن القرآن قول الله تعالى: {{قرآن| يَا البقرة|183|من أَيُّهَا كلمة=|إلى الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ كلمة=}}، [[قالب:قرآن-سورة 2 آية 183|١٨٣]] وقول الله تعالى: {{قرآن| فَمَن البقرة|185|من شَهِدَ كلمة=فمن|إلى مِنكُمُ كلمة=فليصمه}} الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... [[قالب:قرآن-سورة 2 آية 185|الآية]]}}، الآية، إلى قوله تعالى: {{قرآن| وَلَعَلَّكُمْ البقرة|185|من تَشْكُرُونَ كلمة=ولعلكم|إلى كلمة=تشكرون}}. <ref>سورة البقرة آية: (١٨٥)</ref> وأدلة فرض الصوم من السنة ما ثبت في [[ الصحيحان|الصحيحين]]: {{حديث|عن [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] رضي الله عنهما أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|بني الإسلام على خمس: [[ شهادتان الشهادتان|شهادة]] أن لا إله إلا الله وأن محمدا رَسُول الله، وإقام [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]]، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان}}، متفق عليه}}.<ref>متفق عليه، رياض الصالحين للنووي، باب وجوب الحج وفضله، حديث رقم: (1271)</ref> وللبخاري بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء [[ زكاة|الزكاة]] والحج و[[ صوم شهر رمضان|صوم رمضان]]}}.<ref>صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس، حديث رقم: (8) انظر الفتح ص60</ref><ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني| مؤلف1-وصلة المؤلف1=ابن حجر العسقلاني| العنوان عنوان=شرح صحيح البخاري كتاب الإيمان باب قول النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: بني الإسلام على خمس، حديث رقم: 8 ج1| الصفحة صفحة=60 وما بعدها| السنة سنة= 1407 هـ/ 1986م| الناشر ناشر= دار الريان للتراث| المسار=|تاريخ الوصول= 07 ربيع الثاني/ 1436 هـ|اللغة لغة= العربية
|عنوان مترجم= فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref>ولمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج، فقال رجل الحج وصيام رمضان قال لا صيام رمضان [[الحج في الإسلام|والحج]] هكذا سمعته من رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح1</ref> وفي رواية لمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح2 </ref> ولمسلم: {{حديث|بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح3</ref> ولمسلم بلفظ: "إني سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{حديث|إن الإسلام بني على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت}}"<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح4</ref>
|العنوان بالعربي= فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref>
ولمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج، فقال رجل الحج وصيام رمضان قال لا صيام رمضان [[الحج في الإسلام|والحج]] هكذا سمعته من رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح1</ref> وفي رواية لمسلم بلفظ: {{حديث|بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح2</ref>
ولمسلم: {{حديث|بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح3</ref>
ولمسلم بلفظ: "إني سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{حديث|إن الإسلام بني على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت}}"<ref>صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم: (16) ح4</ref>
 
وفي هذا الحديث دليل صريح على فرض [[صوم شهر رمضان]] بلفظ: {{حديث|وصوم رمضان}}، الذي هو أهم أنواع الصيام في الإسلام، وهو أحد [[أركان الإسلام |أركان الخمسة، الإسلام الخمسة]]، ويدل أيضا على هذا حديث: "عن [[طلحة بن عبيد الله]] أن أعرابيا جاء إلى رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} -ثائر الرأس- فقال يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]]؟ فقال: {{حديث|الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا}}، فقال: أخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: {{حديث|شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا}}، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من [[ زكاة|الزكاة]]؟ فقال: فأخبره رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} شرائع الإسلام، قال: "والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا" فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|أفلح إن صدق}} أو: {{حديث|دخل الجنة إن صدق}}".<ref>صحيح البخاري، حديث رقم: (1792)</ref><ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1= أحمد بن علي بن حجر العسقلاني| مؤلف1-وصلة المؤلف1= ابن حجر العسقلاني| العنوان عنوان= فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان، حديث رقم: (1792)| الصفحة صفحة= 123 و124| السنة سنة= 1407 هـ/ 1986م| الناشر ناشر= دار الريان للتراث| المسار=|تاريخ الوصول= 07 ربيع الثاني/ 1436 هـ|اللغة لغة= العربية
| العنوان عنوان بالعربي مترجم=فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref> وهذا الحديث يدل بوضوح على قاعدة مهمة من قواعد الإسلام وهي تحديد الفرائض التي فرضها الله، وأن الصيام المفروض على المسلمين هو: صوم شهر رمضان، وما عداه من أنواع الصيام المشروع هو صوم تطوع دلت السنة النبوية على بيان أحكامه ومقاديره ومواقيته، ليكون صوم النفل تكميلا للفرض وجبرا لما قد يعرض له من خلل أو نقص في الأجر.
 
=== صوم شهر رمضان ===
السطر 94 ⟵ 85:
[[ملف:Koran.JPG|تصغير|يسار|تلاوة القرآن في رمضان]]
[[ملف:هلال ماه.JPG|تصغير|يسار|هلال]]
صوم شهر رمضان من كل عام هو الصوم المفروض على المسلمين، [[إجماع (فقه)|بالإجماع]]، وهو أحد [[أركان الإسلام]] الخمسة، وأفضل أنواع الصيام؛ للحديث القدسي بلفظ: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما فرضت عليه»، حيث أن أداء [[فرض|الفرائض]] أحب الأعمال إلى الله.<ref name="فتح349">[ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=11911&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=52& ID ayano= 11911 0&surano=0&bookhad=0 فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الرقائق، باب التواضع، ص349 وما بعدها، حديث رقم: (6137)] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807193629/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=11911 |date=07 أغسطس 2017}}</ref> وفرض في السنة الثانية من الهجرة النبوية، قال البهوتي: {{ مض اقتباس مضمن|فرض في السنة الثانية من الهجرة، إجماعا، فصام النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: تسع [[رمضان |رمضانات]] ات إجماعا}}.<ref>كشف القناع، مقدمة كتاب الصيام، الجزء الثاني، ص: (300).</ref> والأصل في وجوب صومه قول الله تعالى: {{لون|أزرق|{{قرآن|يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ.. |س=2|آ=183}}}} [[قالب:قرآن-سورة 2 آية 183|الآية ]] ثم تعين صوم شهر رمضان بقوله تعالى: {{لون|أزرق|{{قرآن|فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}}}} وحديث: {{حديث|بني الإسلام على خمس}} وذكر منها: {{حديث|صوم رمضان}}. ويجب صوم شهر رمضان إما برؤية الهلال، أو باستكمال شهر [[شعبان]] ثلاثين يوما عند تعذر رؤية [[هلال رمضان]]. ويجب على كل مسلم، مكلف بالغ عاقل، مطيق للصوم، صحيح، مقيم، غير معذور. ولا يصح إلا من مسلم، كما يشترط لصحته شروط منها: نقاء المرأة من الحيض والنفاس. ويختص صوم رمضان بخصوصية فضيلة الوقت من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس. وصوم رمضان يكفر الذنوب لمن صامه إيمانا واحتسابا.
 
وكان فرض الصيام أول ما فرض على المسلمين، بقول الله تعالى: {{قرآن| يَا البقرة|183|من أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا كلمة=|إلى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كلمة=الصيام}} وكان في ابتداء فرضه: مقدرا في أيام معدودات، هي: {{ مض اقتباس مضمن|شهر رمضان}}، ثم بين الله ذلك بقوله تعالى: {{قرآن| فَمَن البقرة|185|من شَهِدَ كلمة=فمن|إلى مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ كلمة=فليصمه}}. <ref>[[سورة البقرة]] آية: (185).</ref> وقوله تعالى: {{قرآن| كُتِبَ البقرة|183|من عَلَيْكُمُ كلمة=كتب|إلى الصِّيَامُ كلمة=الصيام}} دل على الفرصية، بلفظ: {{قرآن| كُتِبَ البقرة|183|من كلمة=كتب|إلى كلمة=كتب}} بمعنى: فرض الله عليكم الصيام، وخطاب التكليف للمكلفين الذين ءآمنوا أي: صدقوا بالله ورسوله وأقروا. وقول الله تعالى: {{قرآن| كَمَا البقرة|183|من كُتِبَ كلمة=كما|إلى عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كلمة=قبلكم}} بمعنى: الإخبار أن الصوم كان مفروضا في الشرائع السابقة، وقد كان المسلمون قبل فرض صوم رمضان: يصومون يوم عاشوراء، وفي الحديث: {{حديث|عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال: "من شاء صامه ومن شاء تركه"}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=يحيى بن شرف النووي| مؤلف1-وصلة المؤلف1=يحيى بن شرف النووي| العنوان عنوان=المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج كتاب الصيام، باب صوم يوم عاشوراء، حديث رقم: (1125)| الصفحة= |السنة سنة= 1416 هـ/ 1996م| الناشر ناشر=دار الخير| تاريخ الوصول=07 ربيع الثاني/ 1436 هـ|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=شرح النووي على مسلم}}</ref>
 
== مواقيت الصوم ==
{{ رئيسي مفصلة|مواقيت الصوم}}
[[ملف:Crescent Mars (8042918207).jpg|تصغير|يمين|رؤية الهلال]]
[[ملف:Le Couché du Soleil et l'arrivé du ftour.jpg|تصغير|يسار|رؤية غروب الشمس]]
مواقيت الصوم هي ظروف معلومة، محددة [[خطاب الوضع|بوضع]] الشرع لها، متعلقة بعبادة الصوم، وتشمل: وقت دخول الشهر وخروجه، ووقت دخول يوم الصوم وخروجه، ووقت التسحر، ووقت الإمساك، ووقت الإفطار، وبداية شهر رمضان، وآخره، وأوقات الأداء والقضاء للصوم واجبا كان أو نفلا، والأوقات المنهي عن الصوم فيها، واليوم هو الوقت الشرعي لفعل الصوم فيه، وأوله طلوع الفجر الثاني، وآخره غروب الشمس. ويتعلق صوم شهر رمضان بدخول الشهر القمري، وهو الشهر الشرعي، ودخول أي [[شهر]] من أشهر [[ تقويم قمري|السنة القمرية]]: يستلزم انقضاء الشهر الذي قبله، ويمكن معرفة دخول الشهر برؤية الهلال في أول منزلة من [[منازل القمر]]، كما أن هناك علم الفلك، وحساب المواقيت الفلكية، لكن دخول الشهر وخروجه في الشرع الإسلامي لا يعتمد على علم الحساب الفلكي، حيث لم يطلب في نصوص الشرع الرجوع لذلك، بل باتباع ضوابط الشرع، إما برؤية الهلال، أو بإكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً عند عدم رؤية هلال الشهر؛ لأن الحسابات الفلكية، لا يعرفها إلا الخواص، ويدل على هذا حديث: {{حديث|عن [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|عبد الله بن عمر]] رضي الله عنهما، أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له"}}.<ref>صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا وقال صلة عن عمار من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم</ref> وقوله: {{حديث|لا تصوموا حتى تروا الهلال}} يفيد النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال، وجاء حديث [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] من وجهين، أحدهما بلفظ: {{حديث|فإن غم عليكم فاقدروا له}}، والآخر بلفظ: {{حديث|فأكملوا العدة ثلاثين}}، وقصد بذلك بيان المراد من قوله: «فاقدروا له»، وفي صحيح مسلم: {{حديث|عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رمضان فقال لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=يحيى بن شرف النووي| مؤلف1-وصلة المؤلف1=يحيى بن شرف النووي| العنوان عنوان=المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج كتاب الصوم، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما، حديث رقم: (1080)| الصفحة صفحة=154 وما بعدها| السنة سنة= 1416 هـ/ 1996م| الناشر ناشر=دار الخير| المسار مسار= http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=471&idfrom=3042&idto=3065 &flag=0&bk_no=53& ID ayano= 471 0&surano=0&bookhad=0|تاريخ الوصول=07 ربيع الثاني/ 1436 هـ| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=شرح النووي على مسلم | مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181006195153/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3042&idto=3065&bk_no=53&ID=471 | تاريخ أرشيف = 6 أكتوبر 2018}}</ref> وفي رواية: {{حديث|فاقدروا له ثلاثين}}، وفي رواية: {{حديث|إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له}}، وفي رواية {{حديث|فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما}}، وفي رواية: {{حديث|فإن غمي عليكم فأكملوا العدد}}، وفي رواية: {{حديث|فإن عمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين}}، وفي رواية: {{حديث|فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين}}. هذه الروايات كلها في صحيح مسلم، على هذا الترتيب، وفي رواية للبخاري: {{حديث|فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين}}. والمعنى: أن وقت صوم رمضان: محدد برؤية هلال الشهر، عند غروب شمس ليلة الثلاثين من شهر شعبان، فإذا حصلت رؤية الهلال حينها؛ دخل شهر رمضان، وتلك الليلة هي بداية زمن شهر رمضان، فيلزم صيام نهار هذه الليلة، وإذا لم يشاهد الهلال حينها؛ لزم إتمام شهر شعبان ثلاثين يوماً، ويكون الشهر عندئذ تاماً، فالشهر الهلالي إما أن يتم عدده ثلاثون يوماً، أو ينقص يوما، فيكون عدده تسعة وعشرون يوماً، وفي الحديث: {{حديث|عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أنه قال: {{حديث|إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا}} يعني: مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني| مؤلف1-وصلة المؤلف1=ابن حجر العسقلاني| العنوان عنوان=شرح صحيح البخاري، كتاب الصيام، باب قول النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: «لا نكتب ولا نحسب»، رقم الحديث: (1814)| الصفحة صفحة= 152| السنة سنة= 1407 هـ/ 1986م| الناشر ناشر= دار الريان للتراث| المسار=|تاريخ الوصول= 07 ربيع الثاني/ 1436 هـ|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref>
 
=== ليلة الصيام ===
{{ رئيسي مفصلة|ليلة الصيام}}
[[ملف:Prière de Tarawih dans la Grande Mosquée de Kairouan. Ramadan 2012.jpg|تصغير|يسار|صلاة التراويح في الجامع الكبير في القيروان. رمضان 2012]]
[[ملف:Moon at 20 Ramadan (Bayda, Libya,2012-08-08).jpg|تصغير|يمين|القمر في 20رمضان 2012 بمدينة [[البيضاء (ليبيا)|البيضاء]]]]
ليلة الصيام هي: الفترة الزمنية المحدودة التي يباح فيها الطعام للصائم والشراب وسائر المفطرات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهي في مقابل النهار الذي هو وقت الصوم، كما أن الليل ليس محلا للصوم فيه، وقد فرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، وكانوا يصومون من بعد العشاء، أو النوم قبلها، فخفف الله تعالى عليهم فأباح لهم المفطرات في جميع ليلة الصيام إلى الفجر الثاني، ونزل قول الله تعالى: {{قرآن| أُحِلَّ البقرة|187|من لَكُمْ كلمة=|إلى لَيْلَةَ كلمة=الصيام}} الصِّيَامِ...الآية }} إلى قوله تعالى: {{قرآن| [[قالب:قرآن-سورة 2 آية البقرة|187| لَعَلَّهُمْ من يَتَّقُونَ]] كلمة=لعلهم|إلى كلمة=يتقون}}. <ref> ويدخل وقت[[ سورة ليلة البقرة الصيام]] آية: بغروب الشمس، وحينها يدخل أول وقت [[ قالب صلاة المغرب]]، ووقت إفطار الصائم، ويستحب فيها التسحر قريب الفجر الثاني، ويكون فيها تبيييت النية، و[[صلاة التراويح]] في شهر رمضان. فالليل والنهار فترتان متعاقبتان من الزمن، يدخل أول وقت أحدهما بانتهاء الآخر، وقدرهما: قرآن-سورة 2 أربعة آية وعشرون 187 ساعة فلكية موزعة عليهما بنظام دقيق على مدار السنة القمرية، ويمتاز النهار بالضياء، والليل بالإظلام، وقد بين الشرع الإسلامي أحكام ليلة الصيام، وحدد فترتها الزمنية، وما يتعلق بها من أحكام الإفطار والسحور والإمساك، [[ميقات الصوم| 187 والتوقيت]] </ref> المخصوص بذلك.
ويدخل وقت [[ليلة الصيام]] بغروب الشمس، وحينها يدخل أول وقت [[صلاة المغرب]]، ووقت إفطار الصائم، ويستحب فيها التسحر قريب الفجر الثاني، ويكون فيها تبيييت النية، و[[صلاة التراويح]] في شهر رمضان. فالليل والنهار فترتان متعاقبتان من الزمن، يدخل أول وقت أحدهما بانتهاء الآخر، وقدرهما: أربعة وعشرون ساعة فلكية موزعة عليهما بنظام دقيق على مدار السنة القمرية، ويمتاز النهار بالضياء، والليل بالإظلام، وقد بين الشرع الإسلامي أحكام ليلة الصيام، وحدد فترتها الزمنية، وما يتعلق بها من أحكام الإفطار والسحور والإمساك، [[مواقيت الصيام|والتوقيت]] المخصوص بذلك.
 
وينتهي وقت ليلة الصيام بانتهاء الليل وذهاب ظلامه، عند بداية ظهور أول بياض النهار من الفجر الصادق، وقد ذكر الله تعالى هذا بقوله تعالى: {{قرآن| وَكُلُوا البقرة|187|من وَاشْرَبُوا كلمة=وكلوا|إلى حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ.. كلمة=الفجر}}، والمعنى: أبيح لكم الأكل والشرب في جميع ليلة الصيام، إلى أن يظهر لكم بياض النهار وعبر عنه بـ«الخيط الأبيض»، وينشق هذا البياض وينفلق من سواد الليل، المعبر عنه بـ«الخيط الأسود»، والمقصود: بداية طلوع الفجر الصادق، عن سهل بن سعد قال: {{ مض اقتباس مضمن|نزلت هذه الآية: {{قرآن| وَكُلُوا البقرة|187|من وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ كلمة=وكلوا|إلى الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ كلمة=الأسود}} فلم ينزل {{قرآن| مِنَ البقرة|187|من الْفَجْرِ كلمة=من الفجر|إلى كلمة=من الفجر}} قال: فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له، فأنزل الله بعد ذلك: {{قرآن| مِنَ البقرة|187|من الْفَجْرِ كلمة=من الفجر|إلى كلمة=من الفجر}} فعلموا إنما يعني بذلك الليل والنهار}}.<ref name="تفسير الطبري">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن جرير الطبري| العنوان عنوان=تفسير الطبري تفسير سورة البقرة، القول في تأويل قوله تعالى: «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر»، الجزء الثالث| الصفحات صفحات=509 إلى 529| الناشر ناشر=دار المعارف}}</ref> ويدل على هذا حديث: "عن [[ عدي بن حاتم الطائي|عدي بن حاتم]] رضي الله عنه قال: لما نزلت: {{قرآن| حَتَّى البقرة|187|من يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ كلمة=حتى|إلى الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد كلمة=الأسود}} عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر انظر في الليل فلا يستبين لي فغدوت على رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فذكرت له ذلك فقال: {{حديث|إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار}}".<ref>صحيح البخاري، (كتاب الصوم)، باب قول الله تعالى {{قرآن|البقرة|187|من كلمة=وكلوا|إلى كلمة=من الفجر}} وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، رقم: (1817)</ref> وفي هذا الحديث بيان المقصود، في رواية: قال له: {{حديث|ألم أقل لك: {{قرآن| البقرة|187|من كلمة=من الفجر|إلى كلمة=من الفجر}}}}، فالخيطان كناية عن سواد الليل وبياض النهار، فالبياض اليسير ينفلق من سواد الليل، قال تعالى: {{قرآن| فالق الأنعام|96|من كلمة=|إلى كلمة=الإصباح}} أي شاق نوره من ظلمة الليل، وقال تعالى: {{قرآن| الحج|61|من كلمة=يولج |إلى الليل في النهار ويولج النهار كلمة=في الليل}} يدخل هذا في هذا ويخرج هذا من هذا، فالعرب يكنون بالخيط عما دق من الأشياء، قال الطبري: وهو المعروف في كلام العرب، قال [[أبو دواد الإيادي]]:
 
{{قصيدة|فلما أضاءت لنا سدفة|ولاح من الصبح خيط أنارا}}
{{أبيات|
{{قصيدة|فلما أضاءت لنا سدفة | \\ولاح من الصبح خيط أنارا}}
فعدي لا ينسب إليه التقصير؛ لأنه أخذ بحقيقة اللفظ والحقيقة أصل في الدلالة، كما أن المعنى المجازي للخيط قد لا يكون معروفا عند بعض العرب.<ref name="تفسير الطبري"/>
 
والمقصود: أن وقت الإمساك هو: طلوع الفجر الثاني، وهو نفس وقت [[صلاة الفجر]]، والأذان إنما هو إعلام بالوقت، ويستحب تأخير السحور إلى قريب انفجار الفجر الثاني، والأفضل أن يفصل بين آخر وقت السحور وبين أول وقت صلاة الفجر بقدر خمسين آية متوسطة ويدل عليه ما رواه البخاري: {{حديث|عن أنس عن [[زيد بن ثابت]] رضي الله عنه قال تسحرنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}}، ثم قام إلى الصلاة قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية}}.<ref>صحيح البخاري، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، ص: 678</ref> ويستمر وقت السحور إلى ما قبل طلوع الفجر الثاني، وينتهي وقته بطلوع الفجر الذي هو وقت الإمساك وأول وقت صلاة الصبح، وفي الحديث {{حديث|عن عائشة رضي الله عنها أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر}}، قال القاسم: ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا}}.<ref>صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ص: 678</ref> "عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق}}"، وفي رواية: {{حديث|لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر وينفجر}}.<ref>تفسير (الطبري)، محمد بن جرير الطبري، الجزء الثالث، ص: (516)- (517)، تفسير سورة البقرة، القول في تأويل قوله تعالى: {{قرآن|البقرة|187|من كلمة=وكلوا|إلى كلمة=الفجر}} {{قرآن|وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}}.</ref> وعن بلال قال: {{حديث|أتيت النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أوذنه بالصلاة وهو يريد الصوم، فدعا بإناء فشرب، ثم ناولني فشربت، ثم خرج إلى الصلاة}}.<ref name="تفسير الطبري"/>
 
== فضائل الصوم ==
=== فضل الصوم ===
{{ رئيسي مفصلة|فضائل الصوم}}
للصوم في الإسلام فضائل كثيرة وفوائد متعددة دلت عليها نصوص الشرع الإسلامي من القرآن والسنة، وهي جملة من الخصائص التي تضمنت الدلالة على مكانته وأهميته، وهي إما عامة لجميع أنواع الصوم، أو خاصة في بعض أنواعه، فالتفضيل بالخصوصية هو مزيد من الخصائص لبعض أنواع الصوم ومنها: [[صوم شهر رمضان]]، فيختص بكونه فرضا بمعنى: أن العبادة المفروضة أفضل من النفل، والتقرب إلى الله بما فرض أفضل رتبة من التقرب بالنوافل، كما يختص شهر رمضان بفضيلة نزول القرآن فيه، وبقيام لياله وغير ذلك، وهناك فضائل خاصة لبعض أنواع الصوم مثل: فضل صوم يوم عاشوراء والمحرم وغير ذلك.
أخرج البخاري: "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {{حديث|الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها}}".<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، حديث رقم: (1795)</ref>
وفي الموطأ: {{حديث|والحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به}}.<ref>الفتح ص125</ref> قال [[ابن حجر العسقلاني]]: والجنة بضم الجيم الوقاية والستر، فهو وقاية من عذاب النار كما أخرج النسائي بلفظ: {{حديث|الصيام جنة من النار}}، وفي رواية له بلفظ: {{حديث|الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال}}، ولأحمد من طريق أبي يونس عن أبي هريرة: {{حديث|جنة وحصن حصين من النار}}، وله من حديث أبي عبيدة بن الجراح: {{حديث|الصيام جنة ما لم يخرقها}}، زاد الدارمي: {{حديث|ما لم يخرقها بالغيبة}}.
وقال صاحب النهاية معنى كونه جنة أي: يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات، وقال القرطبي: جنة أي: سترة يعني: بحسب مشروعيته، فينبغي للصائم أن يصونه مما يفسده وينقص ثوابه، ويصح أن يراد أنه سترة بحسب فائدته وهو إضعاف شهوات النفس؛ لأن الصائم يدع شهوته، ويصح أن يراد أنه سترة بحسب ما يحصل من الثواب وتضعيف الحسنات، وقال عياض في الإكمال: معناه سترة من الآثام أو من النار أو من جميع ذلك، وبالأخير جزم [[ يحيى بن شرف النووي|النووي]]، وقال [[ ابن العربي (توضيح)|ابن العربي]]: إنما كان الصوم جنة من النار؛ لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات. فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساترا له من النار في الآخرة. انتهى كلام ابن حجر باختصار.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري ص125</ref>
 
ومن فضائل الصوم أنه من أسباب تكفير الذنوب، كما في صحيح مسلم: "عن [[ أبو هريرة|أبي هريرة]] رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {{حديث|الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر}}".<ref>صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، حديث رقم: (233)</ref> وفي رواية لمسلم: "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: {{حديث|الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر}}".<ref>صحيح مسلم، 233</ref>
 
وقد جاء في أكثر الأصول بلفظ: {{حديث|إذا اجتنب الكبائر}} آخره باء موحدة ولفظ: الكبائر منصوب على المفعولية، أي: إذا اجتنب فاعلها الكبائر، وجاء في بعض الأصول بلفظ: اجتنبت بزيادة تاء مثناة في آخره على ما لم يسم فاعله ورفع الكبائر، كذا ضبطه النووي وقال: وكلاهما صحيح ظاهر.<ref>شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، حديث رقم: (233)، ص469 و470، دار الخير، 1416 هـ/ 1996م.</ref> وفي صحيح مسلم: {{حديث|صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، الحديث الثالث رقم: (1162)</ref> وفي رواية لمسلم: {{حديث|قال وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية قال وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية}}.<ref>صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، الحديث الرابع رقم: (1162)</ref> و{{حديث|عن حذيفة قال: قال عمر رضى الله تعالى عنه من يحفظ حديثا عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته يقول: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة قال ليس أسأل عن هذه إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر قال وإن دون ذلك بابا مغلقا قال: فيفتح أو يكسر قال يكسر قال ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة فقلنا لمسروق سله أكان عمر يعلم من الباب فسأله فقال: نعم كما يعلم أن دون غد الليلة}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب الصوم كفارة حديث رقم: 1796| الصفحة=|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
ومن فضائل الصوم أنه سبب لاستجابة الدعاء وفي الحديث: {{حديث|وعن أبي هريرة عن [[محمد|النبي]] {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|ثلاث حق على الله أن لا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع}}. رواه الترمذي باختصار المسافر وبغير هذا السياق رواه البزار}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي| العنوان عنوان=مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، كتاب الأدعية، باب فيمن لا يرد دعاؤهم من مظلوم وغائب وغيره رقم الحديث: (17228)| الناشر ناشر=مكتبة القدس| السنة سنة= 1414 هـ/ 1994م| المسار مسار= http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=17471&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=87& ID ayano= 17471 0&surano=0&bookhad=0| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160405195220/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1 | تاريخ أرشيف = 5 أبريل 2016}}</ref>
 
ومن فضائل الصوم أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة، لما روى الإمام أحمد وغيره: "عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان}}".<ref>رواه البيهقي في شعب الإيمان.</ref><ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=علي بن سلطان محمد القاري| العنوان عنوان=مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح كتاب الصوم حديث رقم: (1963)| الصفحة صفحة=1366| الناشر ناشر=دار الفكر| السنة سنة=1422 هـ/ 2002م| المسار مسار=http://xzqv.islamweb.org/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=79&ID=3915 | مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170807232722/http://xzqv.islamweb.org/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=79&ID=3915 | تاريخ أرشيف = 7 أغسطس 2017}}</ref><ref>[http://xzqv.islamweb.org/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=203&ID=214 الدر المنثور للسيوطي] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807193447/http://xzqv.islamweb.org/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=203&ID=214 |date=07 أغسطس 2017}}</ref>
 
=== ثواب الصوم ===
الصوم عبادة يثاب الصائم عليها ويكتب الله له بها الجزاء الوفير يوم القيامة، وقد كتب الله الحسنات والسيئات وبينها، وضاعف الحسنات وجعل السيئة بمثلها، وفي الحديث القدسي: {{حديث|كل عمل ابن آدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي}}. فالصلاة مثلا: أقوال وأفعال، وإيتاء الزكاة: عمل، أما الصوم؛ فإنه عمل لكنه ليس بقول ولا فعل، بل هو بمعنى ترك المفطرات، والترك لا يعد قولا ولا فعلا، أي: أن الصوم عمل غير ظاهر، فلا يطلع على حقيقته إلا الله، ومن ثم فقد استثنى الله الصوم بقوله في الحديث القدسي: {{حديث|إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به}} أي: أن الصوم يختلف عن جميع الأعمال التي تحصيها الملائكة على الإنسان، حيث اختصه الله بالإثابة علية؛ لأن الصوم عبادة لا تظهر، فيجازي عليها لعلمه بمن أخلص له فيها. وقد جاء في الحديث: {{حديث|عن أبي هريرة قال قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ما شاء الله يقول الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=ابن ماجه| وصلة المؤلف1=|العنوان عنوان=سنن ابن ماجه، كتاب الصوم باب، حديث رقم: 1638| المسار مسار= https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=504&idfrom=3023&idto=3298&flag=0&bk_no=54&ayano=0&surano=0&bookhad=0|لغة=العربية|عنوان مترجم=سنن ابن ماجه| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190306042920/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3023&idto=3298&bk_no=54&ID=504 | اللغة=العربية|العنوان بالعربي تاريخ أرشيف= سنن ابن 6 مارس 2019 ماجه}}</ref> وفي سنن الترمذي: {{حديث|عن أبي هريرة قال قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: إن ربكم يقول: كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف والصوم لي وأنا أجزي به الصوم جنة من النار ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل إني صائم}}.<ref>رواه الترمذي وقال: «وفي الباب عن معاذ بن جبل وسهل بن سعد وكعب بن عجرة وسلامة بن قيصر وبشير ابن الخصاصية واسم بشير زحم بن معبد والخصاصية هي أمه، قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه».</ref><ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري| العنوان عنوان=تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل الصوم حديث رقم: (764)| الصفحة صفحة=393| الناشر ناشر=دار الكتب العلمية| المسار مسار= https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=540&idfrom=1372&idto=1377&flag=0&bk_no=56&ayano=0&surano=0&bookhad=0|لغة=العربية|عنوان مترجم=تحفة| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190306043925/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1372&idto=1377&bk_no=56&ID=540 | اللغة=العربية|العنوان بالعربي تاريخ أرشيف= تحفة 6 مارس 2019}}</ref> وفي رواية للبخاري بلفظ: {{حديث|والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها}}.<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم</ref>
 
وحيث اختص الله الصوم بأنه هو الذي يجزي به فجزاء الله عظيم، وقد جعل الله الجنة جزاء للصائمين، وفي الحديث:
{{حديث|عن سهل رضى الله تعالى عنه عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب الريان للصائمين، حديث رقم: 1797| الصفحة=|اللغة لغة=العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
{{حديث|عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة؛ دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد؛ دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام؛ دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، فقال [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]] رضى الله تعالى عنه: بأبي وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب، من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب الريان للصائمين، حديث رقم: 1798| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
روى البخاري بسنده: {{حديث|عن أبي صالح الزَّيَّات أنه سمع [[ أبو هريرة|أبا هريرة]] رضى الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: قال الله:<ref>حديث قدسي</ref> كل عمل ابن [[آدم]] له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يَصْخَبْ فإن سَابَّهُ أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس [[محمد]] بيده: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب هل يقول إني صائم إذا شُتِمَ؟، حديث رقم: 1805، انظر أيضا: فتح الباري ص142| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref> وفي الحديث: {{حديث|للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه}} أي: يفرح في الدنيا وقت الإفطار، ويوم الجزاء في الآخرة حين يلقى ثواب الصوم إن أخلصه لله. «ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، والخلوف: رائحة تغير الفم، «والصيام جنة» أي: وقاية من عذاب النار، «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم».
 
=== فضل صوم رمضان ===
يختص شهر رمضان بكونه شهر الصوم عند المسلمين، ويختص بكونه أفضل أنواع الصوم، فيختص بكونه فرضا بمعنى: أن العبادة المفروضة أفضل من النفل، والتقرب إلى الله بما فرض أفضل رتبة من التقرب بالنوافل، كما يختص شهر رمضان بفضيلة نزول القرآن فيه، وبقيام لياله وغير ذلك، وشهر رمضان يقال له شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وصوم رمضان كفارة للذنوب وفي الحديث: "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية وقالت عائشة رضى الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم يبعثون على نياتهم، حديث رقم: 1802| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
ويكون صوم شهر رمضان كفارة للذنوب لمن صامه إيمانا بالله وتصديقا بثوابه وإخلاصا له فيه، قد روى البخاري: "عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] رضي الله عنه قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه}}".<ref>صحيح البخاري كتاب الإيمان، [ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=31&idfrom=37&idto=37 &flag=0&bk_no=0& ID ayano= 31 0&surano=0&bookhad=0 باب صوم احتسابا من الإيمان]، حديث رقم: (38) {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807232244/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=37&idto=37&bk_no=0&ID=31 |date=07 أغسطس 2017}}</ref> ومعناه: من صام رمضان إيماناً: تصديقا بالله وبثوابه، واحتساباً: بنية التقرب إلى الله، غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام [[ليلة القدر]] إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه؛ لأن الصوم إنما يكون بنية التقرب إلى الله، والنية شرط في وقوعه.<ref>[ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=1202&idfrom=3478&idto=3479 &flag=0&bk_no=52& ID ayano= 1202 0&surano=0&bookhad=0 الفتح ص138..] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20171002064530/http://library.islamweb.net :80/NewLibrary/display_book.php?idfrom=3478&idto=3479&bk_no=52&ID=1202 |date=02 أكتوبر 2017}}</ref> "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا، وقال النبي {{صلى الله عليه وسلم}} من صام رمضان، وقال لا تقدموا رمضان. حديث رقم: 1799| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
"عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا، وقال النبي {{صلى الله عليه وسلم}} من صام رمضان، وقال لا تقدموا رمضان، حديث رقم: 1800| الصفحة=|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم}}".<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=747&pid=163133&hid=1007 الأمالي الخمسينية للشجري، في ذكر ليلة القدر وفضلها] حديث رقم: (1007). {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807194034/http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=747&pid=163133&hid=1007 |date=07 أغسطس 2017}}</ref>
 
=== مما ورد في فضل الصوم ===
وفي المصنف روى ابن أبي شيبة: عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: "أتيت عثمان بن أبي العاص فدعا لي بلبن لقحة فقلت: إني صائم فقال: أما إني سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول : {{حديث|الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال وصيام حسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر}}".<ref name="المصنف">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=عبد الله بن محمد بن أبي شيبة| العنوان عنوان=المصنف، كتاب الصيام، (1012) (3) فضل الصيام وثوابه، الجزء الثاني| الصفحة صفحة=423 وما بعدها| الناشر ناشر=دار الفكر| السنة سنة= 1414 هـ/ 1994م| المسار مسار= http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=1003&idfrom=1012&idto=1012 &flag=0&bk_no=10& ID ayano= 1003 0&surano=0&bookhad=0| اللغة لغة=العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=المصنف لابن أبي شيبة | مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180808203058/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1012&idto=1012&bk_no=10&ID=1003 | تاريخ أرشيف = 8 أغسطس 2018}}</ref> وعن هبيرة قال: قال عبد الله: {{ مض اقتباس مضمن|الصوم جنة من النار كجنة الرجل إذا حمل من السلاح ما أطاق}}.<ref name="المصنف"/>
 
عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: "قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إن الله يقول: إن الصوم لي وأنا أجزي به، وإن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله فرح، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك}}". وعن أبي هريرة قال: "قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، الصوم جنة الصوم جنة}}".<ref name="المصنف"/>
السطر 166 ⟵ 158:
 
=== أدب الصيام وسلوك الصائم ===
للصوم آداب منها: حفظ اللسان وإطعام الطعام والجود بالخير وفي الحديث: {{حديث|أن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: كان النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان، حديث رقم: 1803| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
ومن الآداب التي للصائم مراعاتها: صون الجوارح والابتعاد عن اللغو والرفث والمجادلة والمخاصمة، والتحلي بالسكينة والوقار؛ لأنه متلبس بعبادة، وفي الحديث: "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم (مرتين)، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب وجوب صوم رمضان وقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين {{قرآن|البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون» كلمة=}}، حديث رقم: 1795| الصفحة صفحة=669 ما بعدها| الناشر ناشر=دار ابن كثير| السنة سنة= 1414 هـ/ 1993م| المسار مسار= http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=1196&idfrom=1796&idto=1907 &flag=0&bk_no=0& ID ayano= 1196 0&surano=0&bookhad=0|تاريخ الوصول= 07 ربيع الثاني/ 1436 هـ| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح | مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190323114248/http://library.islamweb.net/NEWLIBRARY/display_book.php?idfrom=1796&idto=1907&bk_no=0&ID=1196 | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2019}}</ref>
 
ولما كان الثواب على الصوم عند الله بمكان؛ كان حريا بالصائم أن يحافظ على هذه الفضيلة، وأن يجانب كل ما يفوتها، فاللغو والرفث حال الصوم لا يعني بطلان الصوم، وإنما يفوت بسببه فضل الصوم وينقص به الثواب، فهو كمثل من يتكلم أثناء خطبة [[صلاة الجمعة|الجمعة]] أو يحدث الضجيج أو الأذى في المسجد، وفي [[ الحديث النبوي|الحديث]]: {{حديث|وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم}}.
 
=== فوائد الصوم ===
للصوم فوائد حسية ومعنوية إذ أن فية تهذيب السلوك النفسي وتقويم اعوجاج النفس، وتغيير النمط الذي اعتاد الشخص عليه في حياته اليومية، وفي هذا تعليم لمعنى الطاعة والامتثال في عبادة الله، وتخليص النفس من قيود الهوى وتزكيتها وتهذيبها، وتعليم النفس معنى الصبر بالامتناع عن المفطرات، حتى يشعر الإنسان بحال الجائع والبائس الفقير، لتحصيل العطف والمودة والتراحم بين المجتمع. وفي الحديث: {{حديث|وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب هل يقول إني صائم إذا شتم؟، حديث رقم: 1805}}</ref> بمعنى: أنه وقاية من النار، كما أن من فوائد الصوم في الإسلام أنه يعين على تهذيب النفس وكسر الشهوة لمن خاف على نفسه العزوبة، ويدل على هذا حديث: "عن إبراهيم عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع [[ ابن عبد الله بن مسعود|عبد الله]] رضى الله تعالى عنه، فقال: كنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فقال: {{حديث|من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، حديث رقم: 1806| الصفحة صفحة=673 و674| الناشر ناشر=دار ابن كثير| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref> فالزواج مستحب لمن يقدر عليه، ومن لم يقدر عليه فعليه بالصوم فإنه يكون له كالوجاء في كسر الشهوة، ولا وسيلة لذلك غير الصوم.
 
قال [[ أبو جعفر الطبري (توضيح)|أبو جعفر الطبري]]: وأما تأويل قوله: {{قرآن| البقرة|183|من كلمة=لعلكم |إلى كلمة=تتقون}} فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه، يقول: فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن جرير الطبري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن جرير الطبري| العنوان عنوان=تفسير الطبري، تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين {{قرآن|البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون»|الطبعة كلمة= }}| الصفحة صفحة=413 وما بعدها| السنة=|الناشر ناشر=دار المعارف| المسار=|تاريخ الوصول=|المكان=|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=تفسير الطبري}}</ref>
 
قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: {{قرآن| البقرة|183|من كلمة=لعلكم |إلى كلمة=تتقون}}: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية [[فرض]]ت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في [[القرآن|كتابي]]، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: {{قرآن| البقرة|183|من كلمة=لعلكم |إلى كلمة=تتقون}} منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا.<ref name="الفخر">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل| مؤلف1-وصلة المؤلف1=فخر الدين الرازي| العنوان عنوان=تفسير الرازي، تفسير سورة البقرة، قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين {{قرآن|البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون» كلمة=}}| الصفحة صفحة=60 وما بعدها| السنة سنة=1425 هـ/ 2004م| الناشر ناشر=دار الكتب العلمية| المسار=|تاريخ الوصول= 1437 هـ|المكان مكان=بيروت- لبنان| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب}}</ref>
 
وذكر في معنى «لعل»: المعنى ينبغي لكم بالصوم أن يقوى وجاؤكم في التقوى وهذا معنى «لعل» في سياق الآية، والمعنى: {{قرآن| البقرة|183|من كلمة=لعلكم |إلى كلمة=تتقون}} الله بصومكم وترككم للشهوات، فإن الشيء كلما كانت الرغبة فيه أكثر كان الاتقاء عنه أشق، والرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في سائر الأشياء، فإذا سهل عليكم اتقاء الله بترك المطعوم والمنكوح؛ كان اتقاء الله بترك سائر الأشياء أسهل وأخف .<ref name="الفخر"/> ورابعها: المراد {{قرآن|البقرة|183|من كلمة=كتب|إلى كلمة=}} إهمالها وترك المحافظة عليها بسبب عظم درجاتها وأصالتها. وخامسها: لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ لأن الصوم شعارهم.<ref name="الفخر"/>
ورابعها: المراد {{قرآن|كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}} إهمالها وترك المحافظة عليها بسبب عظم درجاتها وأصالتها.
وخامسها: لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ لأن الصوم شعارهم.<ref name="الفخر"/>
 
قال [[ ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] في تفسيره: {{ مض اقتباس مضمن|لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. وفيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان؛ ولهذا ثبت في الصحيحين: {{حديث|يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء}}}}.<ref>تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، الجزء الأول، تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى: "يا {{قرآن|البقرة|183|من أيها الذين آمنوا كتب عليكم كلمة=|إلى كلمة=الصيام " }}، ص: (397).</ref>
 
== الأحكام الفقهية للصوم ==
{{ رئيسي مفصلة|فقه الصيام}}
{{فقه الصيام}}
أحكام الصوم في علم [[علم فروع الفقه|فروع]] [[ فقه إسلامي|الفقه]] الإسلامي هي دراسة شرعية لأحكام الصوم مستفادة من أدلة الشرع الإسلامي، وقد اهتم علماء الفقه بموضوع الصيام، وجعلوه قسما من أقسام [[ فقه العبادات في الإسلام|فقه العبادات]] يعرف بـ«كتاب الصوم»، ويشمل أبوابا وفصولا ومسائل وغيرها من التفريعات، ويتضمن: تعريف الصوم، وحكمه، والأصل في [[مشروعية الصوم|مشروعيته]]، وأركان الصوم [[شروط الصوم|وشروطه]] [[مبطلات الصوم|ومبطلاته]] و[[مستحبات الصوم]] ومكروهاته، و[[صوم شهر رمضان]] و[[أنواع الصوم]] [[ أقسام أنواع الصوم|وأقسامه]] و[[الصوم المنهي عنه]] وأحكام [[نية الصوم]] وتبييت [[ نية|النية]]، وأحكام [[الإفطار في رمضان]] [[قضاء الصوم|والقضاء ]] والفدية و[[ صوم المسافر|الصوم في السفر]] و[[ إفطار المريض|صوم المريض]] و[[صوم الحائض]] وما يذكر ضمن ذلك من [[آيات أحكام الصيام]]، وأحكام [[ ميقات الصوم|مواقيت الصوم]] وأحكام [[ليلة الصيام]] ورؤية هلال رمضان و[[يوم الشك]] و[[يوم الغيم]] و[[مطلع الفجر]] و[[ليلة القدر]] في ليالي [[رمضان (شهر)|شهر رمضان]] وقيام ليالي [[رمضان]] بالعمل الصالح فيها، وصلاة [[صلاة التراويح|قيام رمضان]]، واستكمال عدة شهر رمضان ثلاثين يوما عند عدم رؤية [[هلال شوال]]، واستكمال شهر [[شعبان]] ثلاثين يوما عند عدم رؤية [[هلال رمضان]]، و[[صوم التطوع]] مثل: صوم عاشوراء، وصوم [[المحرم (شهر)|المحرم]]. ومن الأبواب الملحقة بالصيام: [[ اعتكاف|الاعتكاف]] والأحكام المتعلقة به.
 
=== أنواع الصوم ===
{{ رئيسي مفصلة|أنواع الصوم}}
أنواع الصوم من حيث الحكم الشرعي المتعلق به يشمل أنواعا متعددة، وقد ذكر الفقهاء تقسيمات متعددة، ومهما اختلفت هذه النقسيمات فهي لا تخرج عن قسمين بحسب تقسيم [[الحكم الشرعي]] أي: باعتبار أن الصيام من حيث هو عبادة مشروعة يطلب في الشرع فعلها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، وقد يقتضي الشرع تركها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، فالصوم إما أن يكون مما يطلب فعله أو تركه، فهذان قسمان وكل منهما إما على جهة الإلزام أو بغير إلزام، فهذه أربعة أقسام بحسب الحكم الشرعي، أما القسم الخامس وهو [[ مباح|المباح]] فلا يدخل في الصوم؛ لأنه عبادة والعبادة لا توصف بالإباحة. وعلى هذا التقسيم فالصوم إما أن يكون مما يطلب في الشرع فعله على وجه الإلزام وهو أنواع أولها: الصيام المفروض وهو [[صوم شهر رمضان]] أداءً وقضاءً، وصيام الكفارات، والصيام المنذور. ولا فرق بين الفرض والواجب واللازم والحتمي عند جمهور الفقهاء، فهي كلها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد، خلافا للحنفية حيث أنهم فرقوا بين الفرض [[واجب شرعي|والواجب]]، وعلى كل الأحوال فهذه الأنواع من الصيام الذي يطلب فعله على وجه الإلزام. وإن كان الصيام مما يطلب في الشرع فعله لا على وجه الإلزام؛ فهذا قسم ثان من أقسام الصيام، وهو الصيام [[ مندوب المندوب|المسنون]] ويشمل جميع أنواع [[صوم التطوع]] وأنواعه كثيرة، مثل: صوم يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم، ويتأكد معه صيام يوم قبله أو بعده، وصيام [[المحرم (شهر)|المحرم]] وصوم ست من شوال، وثلاثة أيام من كل شهر وغير ذلك من أنواع صوم التطوع، ويتضمن أيضا صيام النفل المطلق. والقسم الثاني من أقسام الصيام هو: ما اقتضى الشرع تركه وهو [[الصوم المنهي عنه]] إما على وجه الإلزام وهو: الصوم [[حرام|المحرم]] بمعنى: المنهي عنه في الشرع لذاته، نهيا يقتضي إثم فاعله. وهو صيوم يومي [[عيد الفطر]] و[[عيد الأضحى]]، وأيام التشريق الثلاثة. ويدخل في هذا القسم كل ما يترتب عليه إثم فاعله مثل صوم الحائض عمدا بقصد الصوم، ويشمل أيضا الصوم المكروه كراهة تحريم مثل صوم [[يوم الشك]]. وإما أن يكون مما اقتضى الشرع تركه لا على جهة الإلزام مثل: صوم يوم عرفة للحاج، وإفراد يوم الجمعة.
 
=== أركان الصوم ===
{{ انظرأيضا|نية الصوم}}
أركان الصوم أي: أجزاء ماهية الصوم التي لا يصح إلا بها». هي: الإمساك فالصوم في حقيقته هو: «الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس» و[[نية الصوم]] ركن من أركان الصيام عند [[ مالكية|المالكية]] و[[ شافعية|الشافعية]] ورجح بعض الفقهاء أن [[ نية|النية]] شرط شرط من [[شروط الصوم]] وفي الحالين: فإن [[نية]] الصوم لازمة شرعاً باتفاق جمهور الفقهاء، سواء على القول بأنها ركن أو شرط، والمعنى: أن الصوم لا يصح إلا بالنية. وأضاف بعض الفقهاء ركنا ثالثا من أركان الصوم وهو: الصائم أي: الشخص باعتبار أنه لا يعقل الصوم الشرعي إلا بفاعل وهو الصائم.
 
=== شروط الصوم ===
{{ رئيسي مفصلة|شروط الصوم}}
شروط الصوم هي: [[شرط شرعي|شروط]] وجوب الصوم، وشروط صحته، ومنها: شروط للوجوب والصحة معا، وشروط صحة الأداء. وشروط الصيام عموما هي: البلوغ، والعقل، والإسلام، والقدرة أي: (إطاقة الصوم)، والصحة، والإقامة. فلا يجب [[ إفطار المريض|صوم المريض]] ولا [[ صوم المسافر|الصوم في السفر]]، بل يجوز للمسافر [[الإفطار في رمضان]]، ولا يجب الصوم على من لا يقدر عليه. ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مميز، ويشترط النقاء من الحيض والنفاس، والعلم بالوقت القابل للصوم فيه، كما أن النية لازمة للصوم فلا يصح إلا بها. وهناك تفاصيل أوفى في كتب [[علم فروع الفقه]].
 
{|align="center" class="wikitable collapsible collapsed" style="width:90%;margin:auto;"
السطر 206 ⟵ 196:
|-height="17" style="font-size:100%"
| valign="top" |
::[[ شافعية|الشافعية]]
[[ شافعية|الشافعية]] قالوا: تنقسم شروط الصيام إلى قسمين:
# شروط وجوبه وهي:
## [[ بلوغ (إنسان)|البلوغ]]
## [[الإسلام]]
## [[ عقل|العقل]]
## الإطاقة حسا وشرعا
## الصحة
السطر 218 ⟵ 208:
## [[الإسلام]] حال الصيام.
## التمييز.
## خلو الصائم من [[ حيض|الحيض]] و[[نفاس|النفاس]] والولادة وقت الصوم وإن لم تر الوالدة دماً.
## أن يكون الوقت قابلاً للصوم.
 
::[[ حنفية|الحنفية]]
[[ حنفية|الحنفية]] قالوا: شروط الصيام ثلاثة أنواع:
# شروط وجوبه وهي:
## [[الإسلام]].
## [[ عقل|العقل]].
## [[ بلوغ (إنسان)|البلوغ]].
# شروط وجوب الأداء وهي:
## الصحة.
## الإقامة.
# شروط صحة الأداء وهي:
## الطهارة من [[ حيض|الحيض]] و[[نفاس|النفاس]].
## [[ نية|النية]]؛ فلا يصح أداء الصوم إلا بالنية تمييزاً للعبادات عن العادات.
| valign="top" |
 
::[[ مالكية|المالكية]]
[[ مالكية|المالكية]] قالوا: شروط الصيام ثلاثة أنواع:
# شروط وجوبه وهي:
## [[ بلوغ (إنسان)|البلوغ]].
## القدرة على الصوم.
# شروط صحته وهي:
## [[الإسلام]].
## الزمان القابل للصوم.
## [[ نية|النية]] على الراجح من الآراء.
# شروط وجوبه وصحته معا وهي:
## [[ عقل|العقل]]
## النقاء من دم [[ حيض|الحيض]] و[[نفاس|النفاس]].
## دخول شهر رمضان فلا يجب صوم رمضان قبل ثبوت الشهر.
 
::[[ حنابلة|الحنابلة]]
[[ حنابلة|الحنابلة]] قالوا: شروط الصيام ثلاثة أنواع:
# شروط وجوبه وهي:
## [[الإسلام]].
## [[ بلوغ (إنسان)|البلوغ]].
## القدرة على الصوم.
# شروط صحته وهي:
## [[ نية|النية]].
## انقطاع [[دم]] [[ حيض|الحيض]].
## انقطاع دم النفاس.
# شروط وجوبه وصحته معا وهي:
## [[الإسلام]].
## [[ عقل|العقل]]
## التمييز
 
السطر 274 ⟵ 264:
 
=== مبطلات الصوم ===
{{ رئيسي مفصلة|مبطلات الصوم}}
مبطلات الصوم أو: مفسدات الصوم، والفاسد والباطل في [[فقه عبادات العبادات في الإسلام|العبادات]] بمعنى واحد، ضد الصحيح. والذي يبطل به الصوم بمعنى: ما يكون به الصوم غير صحيح، وإذا بطل الصوم في يوم من [[صوم شهر رمضان]] خاصة لمن لا رخصة في الإفطار؛ لزمه بعد بطلان صومه؛ الإمساك بقية اليوم لحرمة الوقت، والقضاء بعد ذلك. وأما المعذور الذي يباح له الفطر كالمريض؛ فلا يلزمه الإمساك. [[حرام|ويحرم]] تعمد الاستمرار في الإمساك ب[[نية]] الصيام على من يحرم عليه الصيام كما في [[صوم الحائض]]. ومبطلات الصوم أي: المفطرات هي:
* ما وصل عمدا إلى الجوف مثل: الأكل والشرب، وما هو بمعنى الأكل والشرب، حال العمد والعلم والاختيار، فيبطل الصوم بما وصل عمدا إلى مسمى جوف، كال[[ حلق (توضيح)|حلق]] والبطن وال[[دماغ]]، فيفطر بكل ما أدخله الصائم باختياره عمدا إلى جوفه، أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه، ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته، إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرز منه، سواء وصل من الفم على العادة، أو غير العادة كالوجور واللدود، أو من الأنف كالسعوط وهو إدخال الدواء عن طريق الأنف، أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ، أو ما يدخل إلى الجوف من طريق القبل أو الدبر كالحقنة، أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه، أو من دواء المأمومة إلى دماغه، فهذا كله يفطره؛ لأنه واصل إلى جوفه باختياره، فأشبه الأكل، وكذلك لو جرح نفسه، أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه، سواء استقر في جوفه، أو عاد فخرج منه، وبهذا كله قال الشافعي. وقال مالك: لا يفطر بالسعوط، إلا أن ينزل إلى حلقه، ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة. واختلف عنه في الحقنة، واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء، أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف. وذكر [[ابن قدامة]] أنه واصل إلى جوف الصائم باختياره، فيفطره كالواصل إلى الحلق، والدماغ جوف، والواصل إليه يغذيه، فيفطره كجوف البدن.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة| العنوان عنوان=المغني لابن قدامة، الجزء الثالث، كتاب الصيام، مبطلات الصيام، الفصل الثالث: يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده| الناشر ناشر= دار إحياء التراث العربي| الإصدار طبعة=الأولى| الصفحة صفحة= (2020)}}</ref> ويشترط فيما يصل إلى الجوف أن يكون عمدا، أما لو أدخله ناسيا فلا يبطل صومه؛ لحديث: من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه..
وبلع الريق غير مبطل للصوم وإن تجمع في الفم، ولا يلزم لأجل الصوم إخراج الريق كما قد يتوهم البعض، وأما بلع النخامة عمدا مبطل للصوم، وهي تختلف عن الريق، ويجب على الصائم قطعها ومجها، فهي مستقذر ويبطل الصوم ببلعها عمدا، أما وصلت بغير تعمد ولا تقصير فلا يبطل بها الصوم.
 
السطر 287 ⟵ 277:
* الولادة وهو خروج الولد ولو جافا؛ لأنه منعقد مما يوجب الغسل، وخروج الولد غالبا يعقبه خروج دم النفاس، لكن لو خرج الولد جافا ولم يخرج بعده دم النفاس؛ فيبطل صوم المرأة بسبب الولادة.
* الجنون إذا طرأ على الصائم ولو لحظة.
* ال[[إغماء]] إن عم جميع النهار، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويلزم [[قضاء الصوم ]]. وإذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه.
* السكر عمدا إن عم جميع النهار، أما النوم فلا يبطل به الصوم.
* الردة وهي الرجوع عن الإسلام إلى الكفر باختيار بكفر صريح. وهناك تفاصيل أوفى، في كتب: [[علم فروع الفقه|فروع الفقه]].
 
=== سنن الصوم ===
{{ رئيسي مفصلة|مستحبات الصوم}}
[[ملف:Prière de Tarawih dans la Grande Mosquée de Kairouan. Ramadan 2012.jpg|تصغير|يمين|صلاة التراويح في الجامع الكبير في القيروان. رمضان 2012]]
[[ملف:Ftour de ramadan.jpg|تصغير|يسار|إفطار رمضان في الجزائر]]
[[ملف:Iftar in Istanbul Turkey.jpg|تصغير|يسار|إفطار رمضان في اسطنبول إسطنبول تركيا]]
مستحبات الصوم أو: مسنونات الصوم هي [[المندوب]]ات التي يستحب للصائم أن يأتي بها، ومشروعيتها إما؛ بنص يدل على استحبابها، أو: من مفهوم النص ومقتضاه، وتشمل: المستحبات المتعلقة بـ[[صوم شهر رمضان]]، وغيره من [[أنواع الصوم]]، ومنها: تعجيل الإفطار أول الوقت، وأن يفطر على [[رطب]] وإن لم يجد أفطر على [[تمر]] وإلا فبشربة [[ماء]]، وتأخير السحور إلى قريب [[مطلع الفجر]] الثاني، وحفظ اللسان من اللغو والرفث، والدعاء عند الإفطار، وغير ذلك.<ref group="°">5</ref> ومن مستحبات الصوم التسحر وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على استحبابه والترغيب فيه، وأن يتسحر مريد الصوم حتى ولو بجرعة من ماء، تشبها بالآكلين، وفي الصحيحين: {{حديث|عن أنس قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "تسحروا فإن في السحور بركة"}}.<ref>رواه البخاري ومسلم.</ref> والسحور -بفتح ال[[سين]]- بمعنى: المأكول كال[[خبز]] وغيره، أو بمعنى: الوجبة التي يتناولها الصائم فيما قبل طلوع الفجر الثاني، أو -بضم السين- هو الفعل والمصدر، وهو من [[مستحبات الصوم]]، وسبب البركة فيه تقويته الصائم على الصوم وتنشيطه له وفرحه به وتهوينه عليه، وذلك سبب لكثرة الصوم.<ref name="المجموع">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=يحيى بن شرف النووي| مؤلف-وصلة المؤلف=الإمام النووي| العنوان عنوان=المجموع شرح المهذب كتاب الصيام، باب السحور في الصوم، ج6| الطبعة طبعة=ط.د د.ط| الصفحة صفحة=404 وما بعدها| الناشر ناشر=مطبعة المنيرية| اللغة لغة=العربية}}</ref> وفي صحيح مسلم: {{حديث|عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}:"إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"}}.<ref>رواه مسلم في صحيحه</ref> و{{حديث|عن أبي سعيد قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"}}.<ref>رواه أحمد</ref>
 
قال النووي: فاتفق أصحابنا وغيرهم من العلماء على أن السحور سنة، وأن تأخيره أفضل، وعلى أن تعجيل الفطر سنة بعد تحقق غروب الشمس، ودليل ذلك كله الأحاديث الصحيحة؛ ولأن فيهما إعانة على الصوم، ولأن فيهما مخالفة للكفار، ففي صحيح مسلم: عن [[عمرو بن العاص]]: أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر}} رواه مسلم. أكلة السحر بفتح الهمزة هي السحور؛ ولأن محل الصوم هو النهار فلا معنى لتأخير الفطر والامتناع من السحور في آخر الليل؛ ولأن بغروب الشمس صار مفطرا فلا فائدة في تأخير الفطر. ووقت السحور بين نصف الليل وطلوع الفجر، ويحصل السحور بكثير المأكول وقليله، ويحصل بالماء أيضا، ففي [[مسند أحمد ]]: {{حديث|عن أبي سعيد قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"}}.<ref name="المجموع"/> ويستحب تأخير السحور إلى قريب طلوع الفجر الثاني، ويستحب للصائم أن يفطر على [[تمر]]، والأفضل منه ال[[رطب]]، فإن لم يجد فعلى ال[[ماء]]، وذلك لما روى سلمان بن عامر قال: «قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور»}}.<ref>رواه أبو داود والترمذي وقال: هو حديث حسن صحيح.</ref> «عن أنس قال: « {{اقتباس مضمن|كان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم يكن رطبات فتميرات، فإن لم يكن تميرات حسا حسوات من ماء » }}.<ref>رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن ورواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح.</ref> ويستحب للصائم الدعاء عند الإفطار، ويقول عند إفطاره: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت»؛ لما روى أبو هريرة قال: {{حديث|كان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} إذا صام ثم أفطر قال: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت"}}.<ref name="المجموع للنووي">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=الإمام النووي| العنوان عنوان=المجموع شرح المهذب، كتاب الصيام، ما يفطر عليه الصائم ج6| الصفحة صفحة=407 وما بعدها| الناشر ناشر=مطبعة المنيرية| الإصدار طبعة=د.ت د.ط| المسار مسار= https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=2635&idfrom=4005&idto=4006&flag=0&bk_no=14&ayano=0&surano=0&bookhad=0| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170807193626/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4005&idto=4006&bk_no=14&ID=2635 | تاريخ أرشيف = 7 أغسطس 2017}}</ref> و « {{اقتباس مضمن|عن ابن عمر: كان النبي {{صلى الله عليه وسلم}} إذا أفطر قال: ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. » }}<ref>رواه أبو داود والنسأئي</ref> وعن مروان يعني ابن سالم المقفع قال: رأيت [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف وقال: « {{اقتباس مضمن|كان رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله" » }}.<ref>سنن أبي داود، باب القول عند الإفطار، وفي بعض النسخ باب ما يقول إذا أفطر. (2357).</ref> ويستحب أن يدعو الصائم عند فطره، قال [[ يحيى بن شرف النووي|النووي]]: وهذا لا خلاف في استحبابه للحديث، وفي كتاب ابن ماجه: {{حديث|عن ابن عمرو بن العاص أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد}}، وكان ابن عمرو إذا أفطر يقول: "اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء اغفر لي"}}.<ref name="المجموع للنووي"/> ويستحب أن يفطر الصائم في وقت الإفطار؛ لما روى زيد بن خالد الجهني: « {{اقتباس مضمن|أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: "من فطر صائما فله مثل أجره، ولا ينقص من أجر الصائم شيء" » }}.<ref>رواه الترمذي وقال: هو حديث صحيح ورواه النسائي أيضا وغيره.</ref> ويحصل بما يفطر به الصائم ولو على تمرة أو شربة ماء أو لبن إن لم يقدر على عشائه عشاءه. قال الماوردي: "إن بعض الصحابة قال: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن.<ref name="المجموع للنووي"/>
 
=== تأخير السحور ===
{{ رئيسي مفصلة|سحور}}
[[ملف:Suhur.jpg|تصغير|يمين|مثال لسحور أردني.]]
يستحب تأخير السحور إلى قريب انفجار الفجر الثاني، وذلك هو الأفضل، وفي الحديث: {{حديث|عن أبي ذر قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور"}}.<ref name="المجموع"/><ref>رواه أحمد انظر المجموع للنووي</ref> يدل الحديث على أنه يستحب للصائم التسحر، أي: أن يتناول أكلة السحر، وتسمى: الغداء المبارك، وينتهي وقته بدخول وقت [[صلاة الفجر]]، ويستحب تأخير السحور إلى ما قبل وقت صلاة الفجر؛ لأن ذلك هو الأبلغ في حصول المقصود منه، وفي الصحيحين: {{حديث|عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ثم قام إلى الصلاة}}.<ref name="المجموع"/> كما أن وقت السحور يمتد إلى ما قبل بداية وقت الإمساك، بدخول وقت صلاة الفجر، لكن الفصل بين التسحر وبين الصلاة بفاصل يسير، هو الأفضل ليتسنى للصائم الاستعداد للصلاة، وليكون له من ذلك الوقت تناول الشراب، والذكر والاستغفار وقراءة القرآن، وقد سئل [[أنس بن مالك|أنس]]: زيد ابن ثابت عن مقدار الوقت الذي كان ما بين انتهاء أكل السحور، وبين ابتداء أول وقت الشروع في الصلاة، فقال له زيد بن ثابت: «قدر خمسين آية» كما جاء ذلك في الحديث: {{حديث|عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ثم قام إلى الصلاة قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية}}.<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر. رقم: (1821).</ref> فقول [[ زيد بن ثابت|زيد ابن ثابت]]: «قدر خمسين آية» أي: متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة، وهو تقدير الوقت في تلك الحال، وذلك لتقريب مقدار الوقت، قال المهلب وغيره: فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدر الأوقات بالأعمال كقوله: قدر حلب شاة، وقدر نحر جزور، فعدل زيد بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة؛ إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة. وقال [[ابن أبي جمرة]]: فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة. قال ابن حجر: {{اقتباس مضمن|قال ابن أبي جمرة: كان {{صلى الله عليه وسلم}} ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر. وقال فيه أيضا تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراويا فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان. قال: وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشي بالليل للحاجة؛ لأن [[زيد بن ثابت]] ما كان يبيت مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}}. وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة لقوله: {{حديث|تسحرنا مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}، ولم يقل نحن ورسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} لما يشعر لفظ المعية بالتبعية}}.<ref name="الفتح">فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، صفحة رقم: (165).</ref>
قال ابن حجر: {{مض|قال ابن أبي جمرة: كان {{صلى الله عليه وسلم}} ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر. وقال فيه أيضا تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراويا فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان. قال: وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشي بالليل للحاجة؛ لأن [[زيد بن ثابت]] ما كان يبيت مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}}. وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة لقوله: {{حديث|تسحرنا مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}}}، ولم يقل نحن ورسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} لما يشعر لفظ المعية بالتبعية}}.<ref name="الفتح">فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، صفحة رقم: (165).</ref>
 
والفصل بين آخر وقت التسحر وبين وقت [[صلاة الفجر]] بقدر خمسين آية هو الأفضل؛ لخبر الصحيحن، الصحيحين، أما آخر وقت السحور فيمتد إلى طلوع الفجر الثاني؛ كما يدل على ذلك حديث: {{حديث|إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم}}.<ref>رواه البخاري ومسلم</ref> وحديث: {{حديث|لا يمنعكم سحوركم أذان بلال}}. وقد ورد في الصحيحين من حديث القاسم: {{حديث|عن عائشة: أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: "لا يمنعكم أذان بلال عن سحوركم، فإنه ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر"}}. لفظ البخاري وعن حماد، عن إبراهيم، قال: «السحور بليل، والوتر بليل».<ref>تفسير الطبري</ref> و « {{اقتباس مضمن|عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} » }}.<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم باب تأخير السحور، حديث رقم: (1820).</ref> وعن بلال قال: {{حديث|أتيت النبي {{صلى الله عليه وسلم}} أؤذنه بالصلاة وهو يريد الصوم، فدعا بإناء فشرب، ثم ناولني فشربت، ثم خرج إلى الصلاة}}. وعن عامر بن مطر، قال: «أتيت عبد الله بن مسعود في داره، فأخرج فضلا من سحوره، فأكلنا معه، ثم أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا». وعن سالم مولى أبي حذيفة قال: «كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان، فأتيت ذات ليلة فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأومأ بيده أن كف، ثم أتيته مرة أخرى، فقلت له: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فأومأ بيده أن كف. ثم أتيته مرة أخرى، فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف. ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ قال: هات غداءك، قال: فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة».
 
الفصل بين السحور وبين صلاة الفجر هو الأفضل. ويدل على ذلك ما رواه أنس عن معاذ ابن جبل في الصحيحين أنه: {{حديث|قدر خمسين آية}}، لكن وردت روايات أخرى تدل على جواز تمديد وقت السحور إلى آخر وقته،
قال ابن حجر في رواية أنس عن معاذ: «وقال الطبري: فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة " «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع " ». انتهى. والجواب: أن لا معارضة بل تحمل على اختلاف الحال، فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة، فتكون قصة حذيفة سابقة، وكونه من مسند زيد بن ثابت أو من مسند أنس».<ref name="الفتح"/> {{حديث|عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر وما أرى مواقع النبل. قال: قلت: أبعد الصبح؟ قال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس}}. قال ابن كثير: {{مض|وهو حديث تفرد به عاصم بن أبي النجود، قاله النسائي، وحمله على أن المراد قرب النهار، كما قال تعالى: {{قرآن|فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف}}.<ref>[[سورة الطلاق]] آية: (2)</ref> أي: قاربن انقضاء العدة، فإما إمساك أو ترك للفراق، وهذا الذي قاله هو المتعين حمل الحديث عليه: أنهم تسحروا ولم يتيقنوا طلوع الفجر، حتى أن بعضهم ظن طلوعه وبعضهم لم يتحقق ذلك. وحكى أبو جعفر ابن جرير في تفسيره، عن بعضهم: أنه إنما يجب الإمساك من طلوع الشمس كما يجوز الإفطار بغروبها. قلت: وهذا القول ما أظن أحدا من أهل العلم يستقر له قدم عليه، لمخالفته نص القرآن في قوله: {{قرآن|وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}}<ref> [[تفسير ابن كثير، كثير]]، سورة البقرة ج1 ص513 وما بعدها</ref>
 
=== تعجيل الإفطار ===
{{ رئيسي مفصلة|وصال الصوم}}
[[ملف: Hmirasaoura رطب-درخت-نخل.jpg|تصغير|يمين|رطب متوسط النضج]]
[[ملف:Dattes deglet from Biskra.jpg|تصغير|يسار|[[رطب]] كامل النضج]]
[[ملف:Valencia market - dates.jpg|تصغير|يسار|تمر]]
من مستحبات الصوم تعجيل الفطر عند بداية دخول وقت [[صلاة المغرب]]، أي: أنه يستحب للصائم المبادرة بالإفطار في أول الوقت ولا يؤخره، ويدل عليه من [[أدلة الفقه#السنة|السنة]] حديث: "عن سهل بن سعد أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر}}".<ref>صحيح البخاري كتاب الصوم، باب تعجيل الفطر حديث رقم: (1856).</ref> قال ابن حجر: قال ابن عبد البر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة. وعند عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن [[عمرو بن ميمون ]] الأودي قال: {{حديث|كان أصحاب محمد {{صلى الله عليه وسلم}} أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا}}.<ref>[ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=1240&idfrom=3581&idto=3584 &flag=0&bk_no=52& ID ayano= 1240 0&surano=0&bookhad=0 فتح الباري شرح صحيح البخاري] لابن حجر العسقلاني حديث رقم: (1856) ص234 وما بعدها. {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807232331/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3581&idto=3584&bk_no=52&ID=1240 |date=07 أغسطس 2017}}</ref> ويكون ذلك بغروب [[الشمس]]، ومن كان وراء أبنية [[جبل|الجبال]] ولم يشاهد الغروب؛ فيدخل الوقت بغروب شمس أقرب الأمكنة إليه ويكون بإقبال ظلمة الليل وذهاب ضوء النهار، ويدل عليه حديث: "عن [[عاصم بن عمر بن الخطاب ]] عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم}}". أي: دخل وقت الفطر.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=ابن حجر العسقلاني| العنوان عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الصوم، باب: متى يحل فطر الصائم رقم الحديث: 1853| الصفحة صفحة=231| الناشر ناشر=دار الريان للتراث| المسار مسار= https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1238&idfrom=3575&idto=3578&flag=0&bk_no=52&ayano=0&surano=0&bookhad=0| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170807193814/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3575&idto=3578&bk_no=52&ID=1238 | تاريخ أرشيف = 7 أغسطس 2017}}</ref>
 
{{حديث|عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال سرنا مع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وهو صائم فلما غربت الشمس قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال يا رسول الله إن عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا، فنزل فجدح ثم قال: {{حديث|إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم}} وأشار بإصبعه قبل المشرق}}.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب الصوم، باب: يفطر بما تيسر من ماء أو غيره، حديث رقم: 1855 ص233 دار الريان للتراث</ref>
 
يدخل وقت صلاة المغرب بغروب الشمس؛ لحديث:
{{حديث|عن سلمة بن الأكوع، أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب}}.<ref group="°"> [[رواه الجماعة ]] إلا النسائي. قال الشوكاني: {{ مض اقتباس مضمن|والحديث يدل على أن وقت المغرب يدخل عند غروب الشمس، وهو مجمع عليه، وأن المسارعة بالصلاة في أول وقتها مشروعة}}.</ref> وقد اتفق العلماء على أن أول وقت صلاة المغرب: غروب الشمس، ووقع الخلاف في العلامة التي يعرف بها الغروب.<ref group="°">ذكر الشوكاني أن وقت صلاة المغرب يدخل بغروب الشمس بالإجماع، وإنما وقع الخلاف في العلامة الدالة على ذلك على ثلاثة أقول فقيل: بسقوط قرص الشمس بكماله، وهذا إنما يتم في الصحراء، وأما في العمران فلا.
وقيل: برؤية الكوكب الليلي، وبه قالت القاسمية، واحتجوا بقوله: {{حديث|حتى يطلع الشاهد}} النجم. أخرجه مسلم والنسائي من حديث أبي بصرة.
وقيل: بل بالإظلام، وإليه ذهب زيد بن علي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى والإمام يحيى.
السطر 328 ⟵ 317:
وأجاب صاحب البحر عن هذه الأدلة بأنها مطلقة، وحديث "حتى يطلع الشاهد" مقيد، ورد بأنه ليس من المطلق والمقيد أن يكون طلوع الشاهد أحد أمارات غروب الشمس، على أنه قد قيل: إن قوله والشاهد النجم مدرج فإن صح ذلك لم يبعد أن يكون المراد بالشاهد ظلمة الليل ويؤيد ذلك حديث السائب بن يزيد عند أحمد والطبراني مرفوعا بلفظ: {{حديث|لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم}}. وحديث أبي أيوب مرفوعا: {{حديث|بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم}}. وحديث أنس ورافع بن خديج قال: {{حديث|كنا نصلي مع النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ثم نرمي فيرى أحدنا موقع نبله}}.انتهى ملخصا من نيل الأوطار للشوكاني، الجزء الثاني، كتاب الصلاة: أبواب المواقيت: باب وقت صلاة المغرب، صفحة رقم: (6).</ref>
 
ويستحب تعجيل صلاة المغرب لأول وقتها؛ لحديث: "وعن عقبة بن عامر أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|لا تزال أمتي بخير، أو: على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم}}".<ref>رواه أحمد وأبو داود، والحاكم في المستدرك.</ref> وعند ابن ماجه والحاكم وابن خزيمة في صحيحه بلفظ: {{حديث|لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم}}. قال الشوكاني: {{ مض اقتباس مضمن|والحديث يدل على استحباب المبادرة بصلاة المغرب وكراهة تأخيرها إلى اشتباك النجوم . وقد عكست الروافض القضية فجعلت تأخير صلاة المغرب إلى اشتباك النجوم، مستحبا والحديث يرده}}. وقال أيضا: {{ مض اقتباس مضمن|قال النووي في شرح مسلم: إن تعجيل المغرب عقيب غروب الشمس مجمع عليه، قال: وقد حكي عن الشيعة فيه شيء لا التفات إليه ولا أصل له، وأما الأحاديث الواردة في تأخير المغرب إلى قرب سقوط الشفق فكانت لبيان جواز التأخير، وقد سبق إيضاح ذلك؛ لأنها كانت جوابا للسائل عن الوقت، وأحاديث التعجيل المذكورة في هذا الباب وغيره إخبار عن عادة رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} المتكررة التي واظب عليها إلا لعذر فالاعتماد عليها}}.<ref>نيل الأوطار، للشوكاني، الجزء الثاني، كتاب الصلاة: أبواب المواقيت: باب وقت صلاة المغرب، صفحة رقم: (7).</ref>
 
== صوم النفل ==
{{ رئيسي مفصلة|صوم التطوع}}
صوم النفل أو صوم التطوع، والنفل بمعنى: الزيادة المشروعة على الفرض على وجه مخصوص، والتطوع بمعنى: ما يشرع فعله من غير إلزام، ويسمى أيضا: الصوم [[المندوب]]، أو المستحب، وهو: ما اقتضى الشرع فعله من غير إلزام. والصوم الذي اقتضى الشرع فعله إما على وجه الإلزام، وهو: [[صوم شهر رمضان]]، وكل صوم واجب بنذر أو قضاء وغيره، وإما على غير وجه إلزام وهو: [[صوم التطوع]]، وهو النوع الثاني من أنواع الصيام، وهو: ما ليس بواجب، فهو بمعنى [[ مندوب المندوب|المستحب]]، سواء كان مقيدا أو مطلقا، ويشمل أنواعاً متعددة، وقد شرع صوم التطوع من أجل جبر الخلل الذي يحصل في الفريضة، ومن أجل زيادة الأجر والثواب. «عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|من صام يوما في سبيل الله بَعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفا}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=ابن دقيق العيد| مؤلف-وصلة المؤلف=ابن دقيق العيد| العنوان عنوان= [[إحكام الإحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، الأحكام]]، كتاب الصيام، حديث من صام يوما في سبيل الله، رقم: (204) الحديث الثامن| الصفحة=|الناشر ناشر=دار الجيل| السنة سنة= 1416 هـ/ 1995م}}</ref><ref>متفق عليه وأخرجه البخاري في كتاب الصيام الجهاد والسير ـ باب فضل الصوم في سبيل الله ـ برقم: (2840).</ref> و"عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما}}".<ref>إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصيام حديث أحب الصيام إلى الله صيام داود، 198 - الحديث الثاني</ref> و{{حديث|عن عامر بن مسعود عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء}}.<ref>قال أبو عيسى هذا حديث مرسل عامر بن مسعود لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو والد إبراهيم بن عامر القرشي الذي روى عنه شعبة والثوري.</ref><ref>سنن الترمذي كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الصوم في الشتاء، رقم: (797).</ref>
 
صوم النفل أنواع، فهو إما؛ نفل مطلق، أو مقيد، فالمطلق هو [[المندوب]] فعله في الشرع من غير تقييد له بخصوصه، كمن أراد أن يصوم يوما، فله أن يصوم في غير الأقات المنهي عن صيامها. والنفل المقيد هو الذي ورد في الشرع استحبابه بخصوصه، وهو أنواع منها: صوم يوم عاشوراء، وصوم الإثنين الاثنين والخميس..
والصوم من حيث هو قربة يتقرب بها العبد إلى الله، وهو إما فرض أو تطوع، فال[[فرض]] أفضل ما تقرب به العبد وفي الحديث القدسي: {{حديث|وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه}}، وأما التطوع فهو زيادة في التقرب إلى الله، وفي الحديث القدسي: {{حديث|ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..}}.
 
من المنهي عنه في الشرع الإسلامي التعمق في العبادة، أي: المبالغة فيها بما يعد من قبيل التنطع. والمشروع في الإسلام هو التوسط في العبادة بمعنى الأخذ بأوسط الأمور وأعدلها وأحبها إلى الله، ومما يدل على النهي عن المبالغة في العبادة ما أخرجه البخاري في صحيحه قال: «حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع [[أنس بن مالك]] رضي الله عنه يقول: {{حديث|جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يسألون عن عبادة النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فلما أخبروا كأنهم تَقَالُّوهَا فقالوا: وأين نحن من النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري| العنوان عنوان=كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، الجزء الخامس. بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح لقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء الآية، حديث رقم: (4776)| الصفحة صفحة=1949| الناشر ناشر=دار ابن كثير| السنة سنة= 1414 هـ/ 1993م}}</ref> في هذا الحديث دليل النهي عن التعمق في العبادة، حيث أنه يطلب الفرض وما يشرع معه من النوافل، والتعمق بمعنى التنطع أو التشدد الذي يخالف الشرع، وتظهر صورته في وصل الصيام وصوم الدهر. وسبب النهي عن المبالغة في العبادة أنه مما يؤدي إلى ترك الواجبات، كما أن ملازمة الاقتصار على الفرائض وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة وخير الأمور الوسط. كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها. ومعنى: {{ مض اقتباس مضمن|كأنهم تقالوها}}: بتشديد اللام المضمومة أي: رأى كل منهم أنها قليلة، وتأولوا ذلك بأن من علم أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لا يحتاج إلى مزيد من العمل، وأن من لم يعلم بحصول ذلك له يحتاج إلى المبالغة في العبادة عسى أن يحصل له ذلك.
وقد بين في الحديث أنه لا يلزم منه حصوله، وأشار إلى هذا بأنه أشدهم خشية وذلك بالنسبة لمقام العبودية في جانب الربوبية، وأشار في حديث عائشة والمغيرة في صلاة الليل إلى معنى آخر بقوله: {{حديث|أفلا أكون عبدا شكورا}}. وأن العلم بالله ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدرا من مجرد العبادة البدنية. وقوله: {{حديث|أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له}}، قال ابن حجر: فيه إشارة إلى رد ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره، فأعلمهم أنه مع كونه يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشددون، وإنما كان كذلك لأن المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه، وقد أرشد إلى ذلك في قوله في الحديث الآخر: {{حديث|المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى}}.
 
قوله: {{حديث|فمن رغب عن سنتي فليس مني}}: لا يستلزم الخروج عن الملة لمجرد المبالغة في العبادة، والسنة هنا بمعنى: الطريقة لا التي تقابل الفرض، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره، قال ابن حجر: {{ مض اقتباس مضمن|والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني، ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التزموه، وطريقة النبي {{صلى الله عليه وسلم}} الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم وينام ليتقوى على القيام ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل}}. وفي كلامه: أن في هذا الحديث دلالة على تقديم الحمد والثناء على الله عند إلقاء مسائل العلم وبيان الأحكام للمكلفين وإزالة الشبهة عن المجتهدين وأن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة والاستحباب.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني| مؤلف1-وصلة المؤلف1=ابن حجر العسقلاني| العنوان عنوان=كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، حديث رقم: (4776)| الصفحة صفحة=7 و8| السنة سنة=1407 هـ/ 1986م| الناشر ناشر=دار الريان للتراث| المسار=|تاريخ الوصول=07 ربيع الثاني/ 1436 هـ|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref>
 
=== الفطر في صوم النفل ===
{{ رئيسي مفصلة|الفطر في صوم النفل}}
صوم النفل هو الزائد عن الفرض بمعنى أن الصائم المتطوع متلبس بعبادة غير واجبة عليه، والصوم من حيث هو عبادة اقتضى الشرع فعلها إما على جهة الإلزام وهو الصوم المفروض وهو [[صوم شهر رمضان]]، وما وجب مثل صوم النذر والقضاء، فالصوم المفروض لا يجوز قطعه إلا لعذر شرعي، وأما صوم النفل فهناك اعتبارات متعلقة به، فمن حيث هو عبادة متطوع بها، والعبادة المتطوع بها غير لازمة في ابتداء الشروع فيها، أما إذا شرع فيها ثم أراد قطعها؛ فإما أن يكون بعذر أو بغير عذر، فإن كان بعذر؛ فقطعها جائز بسبب العذر، وهذا بخلاف الحج فإنه وإن كان نفلا فلا يقطعه إلا إن كان لعذر فيتحلل بعمل عمرة فيستثنى من ذلك، وإن كان قطع النافلة بعد الشروع فيها لغير عذر؛ فهناك اعتباران أحدهما: أن قطع للعبادة إبطال للعمل، وقد قال الله تعالى: {{قرآن|ولا تبطلوا أعمالكم}}، والمتطوع قد ألزم نفسه فلا يبطل عمله بعد الشروع فيه، وثانيهما: أن المتطوع بالنافلة غير ملزم بها أصلا فلو قطعها فذلك جائز، ومما يدل عليه حديث: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر».<ref>[https://books.google.com/books?id=5kxKCwAAQBAJ&pg=RA2-PT338&lpg=RA2-PT338&dq=الصائم+المتطوع+أمير+نفسه+إن+شاء+صام+وإن+شاء+أفطر+سنن+النسائي&source=bl&ots=jWYB68XHRq&sig=NWxyt6BzlIfWGIos7aPyTZwgzAI&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiPrKKhrs7SAhXPyRoKHQnCCbkQ6AEIIjAD#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B9%20%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%20%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%87%20%D8%A5%D9%86%20%D8%B4%D8%A7%D8%A1%20%D8%B5%D8%A7%D9%85%20%D9%88%D8%A5%D9%86%20%D8%B4%D8%A7%D8%A1%20%D8%A3%D9%81%D8%B7%D8%B1%20%D8%B3%D9%86%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%8A&f=false شرح الكوكب المنير في أصول الفقه، لابن النجار الفتوحي، فصل: (المندوب) ج1، ص408] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200126131741/https://books.google.com/books?id=5kxKCwAAQBAJ&pg=RA2-PT338&lpg=RA2-PT338&dq=الصائم+المتطوع+أمير+نفسه+إن+شاء+صام+وإن+شاء+أفطر+سنن+النسائي&source=bl&ots=jWYB68XHRq&sig=NWxyt6BzlIfWGIos7aPyTZwgzAI&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiPrKKhrs7SAhXPyRoKHQnCCbkQ6AEIIjAD |date=26 يناير 2020}}</ref> وعن جعدة عن جدته أم هانئ: {{حديث|أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} دخل عليها فدعى بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر}}.<ref>سنن الترمذي حديث رقم: (732)</ref> قال: {{ مض اقتباس مضمن|والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي {{صلى الله عليه وسلم}} وغيرهم أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه إلا أن يحب أن يقضيه وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحق والشافعي}}.<ref>سنن الترمذي كتاب الصوم عن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع، رقم: (732)</ref> قال في شرح سنن الترمذي: قوله: «أمين نفسه» بالنون قال في المجمع معناه: أنه إذا كان أمين نفسه فله أن يتصرف في أمانة نفسه على ما يشاء. ومعنى أمير نفسه أنه أمير لنفسه بعد دخوله في الصوم إن شاء صام أي أتم صومه، وإن شاء أفطر؟ إما بعذر أو بغيره.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري| العنوان عنوان=شرح سنن الترمذي كتاب الصوم عن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع، رقم: (732)| الصفحة صفحة=356 وما بعدها| الناشر ناشر=دار الكتب العلمية}}</ref>
 
«عن [[عون بن أبي جحيفة ]] عن أبيه قال: {{حديث|آخى النبي {{صلى الله عليه وسلم}} بين سلمان وأبي الدرداء، فزار [[سلمان الفارسي|سلمان]] أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن قال: فصليا فقال له سلمان: "إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه" فأتى النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فذكر ذلك له فقال النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|صدق سلمان}}. (أبو جحيفة وهب السوائي يقال وهب الخير)}}.
قال ابن حجر: ووقع في التكلف للضيف حديث سلمان {{حديث|نهانا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} أن نتكلف للضيف}}، أخرجه أحمد والحاكم، وفيه قصة سلمان مع ضيفه حيث طلب منه زيادة على ما قدم له فرهن مطهرته بسبب ذلك، ثم قال الرجل لما فرغ: " «الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا " ». فقال له سلمان: " «لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة " ».<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني| العنوان عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الآداب، باب صنع الطعام والتكلف للضيف، حديث رقم: (5788)| الصفحة صفحة=551| الناشر ناشر=دار الريان للتراث| السنة سنة=1407 هـ/ 1986م}}</ref>
 
ومن دخل في صوم تصوع أو صلاة تطوع استحب له إتمامهما، وهو قول الشافعي، وأيضا هو قول الشافعية، كما حكاه النووي في المجموع وأضاف أنه لو أبطلهما بعذر أو بغير عذر جاز له ذلك، لكن يكره إبطالهما بغير عذر، لقوله تعالى: {{قرآن|ولا تبطلوا أعمالكم}}، أما الخروج منه بعذر فلا يكره، ولا قضاء عليه، ويستحب له قضاءه سواء كان بعذر أو بغير عذر.<ref>[ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=4051&idfrom=0&idto=0&flag=1&bk_no=14& ID ayano= 4051 0&surano=0&bookhad=0 المجموع شرح المهذب، للنووي ص446 وما بعدها] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807194427/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=14&ID=4051 |date=07 أغسطس 2017}}</ref> وعند الحنفية: وجوب الصوم بالشروع ووجوب القضاء بالإفساد، بمعنى أن صوم النفل بعد الشروع فيه يصير واجبا، وإفساده يوجب القضاء.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني| العنوان عنوان=بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، كتاب الصوم| الصفحة صفحة=75 وما بعدها| الناشر ناشر=دار الكتب العلمية| السنة سنة=1406هـ/1986م| الطبعة طبعة=الثانية}}</ref><ref>[ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=222&idfrom=811&idto=845 &flag=0&bk_no=12& ID ayano= 222 0&surano=0&bookhad=0 فصل حكم فساد الصوم ج2 ص94 وما بعدها] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807194124/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=811&idto=845&bk_no=12&ID=222 |date=07 أغسطس 2017}}</ref>
 
وذكر ابن قدامة في المغني في كلامه على المتن في قوله: {{ مض اقتباس مضمن|ومن دخل في صيام تطوع فخرج منه فلا قضاء عليه، وإن قضاه فحسن}} أنه يستحب إتمام صوم النفل بعد الشروع فيه، وأن من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب، فإن خرج منه فلا قضاء عليه. ونقل عن [[ عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا وقال ابن عمر: لا بأس به، ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان، وقال [[ عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه قطعه وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت هذا مذهب أحمد والثوري والشافعي وإسحاق.<ref name="المغني">{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة| العنوان عنوان=المغني لابن قدامة كتاب الصيام مسألة من دخل في صيام تطوع فخرج منه فلا قضاء عليه، الجزء الثالث، مسألة رقم: (2097)| الصفحة صفحة=44 وما يليها| الناشر ناشر=دار إحيار التراث العربي| السنة سنة=1405 هـ/ 1985م| الطبعة طبعة=الأولى}}</ref> وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك: يلزم بالشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر، فإن خرج قضى. وعن مالك: لا قضاء عليه.
 
واستدل القائلون بوجوب القضاء بما ورد عن عائشة أنها قالت: {{حديث|أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي لنا حيس فأفطرنا، ثم سألنا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فقال: "اقضيا يوما مكانه"}}، ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة.<ref name="المغني"/> واستدل القائلون بعدم وجوب القضاء بما روى مسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يوما فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت: لا. قال: فإني صائم. ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه، وكان يحب الحيس قلت: يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس، فخبأت لك منه قال: أدنيه، أما إني قد أصبحت وأنا صائم، فأكل منه ثم قال لنا: إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها» هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره
السطر 357 ⟵ 346:
وروت أم هانئ قالت: {{حديث|دخلت على رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فأتي بشراب، فناولنيه فشربت منه، ثم قلت: يا رسول الله، لقد أفطرت وكنت صائمة، فقال لها: أكنت تقضين شيئا؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعاً}}. وفي لفظ قالت: {{حديث|قلت: إني صائمة فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: إن المتطوع أمير نفسه، فإن شئت فصومي، وإن شئت فأفطري}}. ولأن كل صوم لو أتمه كان تطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاؤه، كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبان أو من شوال.<ref name="المغني"/>
 
== أنواع صوم التطوع ==
=== صوم شهر المحرم ===
{{ رئيسي مفصلة|الصوم في شهر المحرم}}
شهر المحرم الحرام [[ المندوب|مستحب]]، وهو من أنواع صوم النفل، الذي ثبث في الحديث استحباب صيامه وبيان فضله، فعن أبي هريرة قال: "سئل رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: {{حديث|الصلاة في جوف الليل}} قيل: ثم أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: {{حديث|شهر الله الذي تدعونه المحرم}}". رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود. وفي رواية: « {{اقتباس مضمن|عن أبي هريرة قال: "سئل رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: {{حديث|الصلاة في جوف الليل}}، قال: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: {{حديث|شهر الله المحرم}}". رواه الجماعة إلا البخاري ولابن ماجه منه فضل الصوم فقط » }}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن علي الشوكاني| السنة سنة=1413هـ/1993م| العنوان عنوان=نيل الأوطار، أبواب صلاة التطوع، باب ما جاء في قيام الليل، الجزء الثالث حديث رقم: (949)| الصفحة صفحة=69| الناشر ناشر=دار الحديث| الطبعة طبعة=الأولى}}</ref>
 
=== صوم عاشوراء ===
{{ رئيسي مفصلة|صوم يوم عاشوراء}}
صوم يوم عاشوراء هو يوم العاشر من المحرم، وهو من الصوم المشروع في الإسلام في مراحل التشريع، فقد كان الناس في الجاهلية يصومونه، ولما هاجر المسلمون إلى المدينة وجدوا اليهود أيضا يصومونه، وقد أمر المسلمون بصيامه، قبل أن يفرض عليهم [[صوم شهر رمضان]]، فلما فرض عليهم صوم شهر رمضان، لم يبق طلب الإتيان به شرعا كما كان في السابق، وهو بعد فرض صوم رمضان مستحب بإجماع أهل العلم. وفي الحديث: « {{اقتباس مضمن|عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال صام النبي {{صلى الله عليه وسلم}} عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه » }}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب وجوب صوم رمضان وقول الله تعالى: {{قرآن| يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون كلمة=}}، حديث رقم: 1793| اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref> و « {{اقتباس مضمن|عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} بصيامه حتى فرض رمضان، وقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: من شاء فليصمه ومن شاء أفطر » }}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف1 مؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| مؤلف1-وصلة المؤلف1=محمد بن إسماعيل البخاري| العنوان عنوان=صحيح البخاري، كتاب الصوم باب وجوب صوم رمضان وقول الله تعالى: {{قرآن| يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين البقرة|183|من قبلكم كلمة=|إلى لعلكم تتقون كلمة=}}، حديث رقم: 1794| الصفحة=|المسار=|تاريخ الوصول= 07 ربيع الثاني/ 1436 هـ|اللغة لغة= العربية| العنوان عنوان بالعربي مترجم=الجامع الصحيح}}</ref>
 
عن معاوية قال: {{حديث|سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول لهذا اليوم: هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب منكم أن يفطر فليفطر}}. قال النووي: {{ مض اقتباس مضمن|هذا كله من كلام النبي {{صلى الله عليه وسلم}} هكذا جاء مبينا في رواية النسائي}}. وعن معاوية بن أبي سفيان قال: "سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{حديث|إن هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر}}"، متفق عليه. و"عن [[ عبد الله بن عباس|ابن عباس]] رضي الله عنهما قال: قدم النبي {{صلى الله عليه وسلم}} المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: {{حديث|ما هذا؟}} قالوا: يوم صالح، نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، فقال {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|أنا أحق بموسى منكم}}، فصامه وأمر بصيامه". متفق عليه. و"عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان يوم عاشوراء، تعظمه اليهود، وتتخذه عيدا، فقال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|صوموه أنتم}}". متفق عليه. و"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما صام رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى..فقال: {{حديث|إذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع}}، قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}". رواه مسلم، وأبو داود. وفي لفظ: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {{حديث|لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع}}، يعني مع يوم عاشوراء". رواه أحمد ومسلم. وقد ذكر العلماء في صيامه ثلاث كيفيات أحدها: صوم يوم العاشر من المحرم فقط، وثانيها: صوم يوم التاسع والعاشر، وثالثها: صوم ثلاثة أيام: التاسع، والعاشر، والحادي عشر.
 
=== صوم ست من شوال ===
{{ رئيسي مفصلة|صوم ست من شوال}}
من أنواع صوم النفل صيام ستة أيام من شهر شوال، وشهر [[شوال]] هو الشهر العاشر في ترتيب شهور السنة الهلالية، ويقع بعد [[ رمضان (شهر)|شهر رمضان]]، ويستحب صيام ستة أيام منه سواء كانت متوالية أو متفرقة، باستثناء أول يوم من شوال الذي هو يوم [[عيد الفطر]]، فلا يجوز الصيام فيه حيث أنه يحرم صيام يومي العيد الفطر والأضحى. ويدل على استحباب صيام الست من شوال: ما أخرجه مسلم في صحيحه: "عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر}}".<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري| العنوان عنوان=صحيح مسلم كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان، الجزء الثاني، (1984) باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان رقم الحديث: (1164)| الصفحة صفحة=822| الناشر ناشر=دار إحياء الكتب العربية}}</ref> وفي رواية: {{ مض اقتباس مضمن|من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر}}.
 
=== صوم يوم عرفة لغير الحاج ===
[[ملف:Covering the mountain - Flickr - Al Jazeera English.jpg|250px|تصغير|يسار|وقوف الحجاج على [[جبل عرفة]] يوم التاسع من ذي الحجة]]
{{ رئيسي مفصلة|صوم يوم عرفة}}
يوم عرفة وهو أحد أيام العشر من ذي الحجة، وهو يوم التاسع من ذي الحجة، ويستحب صيامه لما ورد في الحديث: {{حديث|صيام يوم عرفة يكفر سنتين سنة قبلها وسنة بعدها}}، ولكن هذا الاستحباب لغير من كان حاجا، فلا يستحب له صيامه؛ لأنه يكون في حال اشتغاله ب[[ يوم عرفة|الوقوف بعرفة]]، حيث أن الصيام حينذ يضعفه عن الذكر والعبادة في ذلك اليوم، وقد ورد النهي عن صيامه بحديث: عن أبي هريرة قال: {{حديث|نهى رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} عن صوم يوم عرفة بعرفات}}. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وابن ماجه. قال الترمذي، قد استحب أهل العلم، صيام يوم عرفة إلا بعرفة. وعن أم الفضل: « {{اقتباس مضمن|أنهم شكوا في صوم رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يوم عرفة، فأرسلت إليه بلبن، فشرب، وهو يخطب الناس بعرفة » }}. متفق عليه. وفي سنن أبي داود عن عكرمة قال: « {{اقتباس مضمن|كنا عند أبي هريرة في بيته فحدثنا أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة » }}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد شمس الحق العظيم آبادي| الناشر ناشر=دار الفكر| السنة سنة= 1415 هـ/ 1995م| العنوان عنوان=عون المعبود سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب في صوم يوم عرفة بعرفة، باب في صوم يوم عرفة بعرفة، حديث رقم: (2440)| الصفحة صفحة=85}}</ref> وظاهر حديث أبي هريرة هذا: أنه لا يجوز صومه بعرفات، والأصل في النهي أنه للتحريم، لكن حمله العلماء على الكراهه الكراهة من غير تحريم، والأصل في صوم يوم عرفة أنه مستحب إلا للحاج حيث أن الصيام يضعفه عن اغتنام وقت الوقوف بعرفة، ويجمع بين الأحاديث بأن صوم هذا اليوم مستحب لكل أحد مكروه لمن كان بعرفات حاجا. قال الخطابي: هذا نهي استحباب لا نهي إيجاب، فإنما نهى المحرم عن ذلك خوفا عليه أن يضعف عن الدعاء والابتهال في ذلك المقام، فأما من وجد قوة لا يخاف معها ضعفا فصوم ذلك اليوم أفضل له إن شاء الله وقد قال {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|صيام يوم عرفة يكفر سنتين سنة قبلها وسنة بعدها}} ذكره في عون المعبود.
وفي هذا دلالة على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج،
وأما صيام الحاج يوم عرفة ففيه خلاف، فقد روي عن عثمان بن أبي العاص وابن الزبير أنهما كانا يصومانه، وقال أحمد بن حنبل: إن قدر على أن يصوم صام، وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى قوة، وكان إسحاق يستحب صومه للحاج، وكان عطاء يقول: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف، وكان مالك وسفيان الثوري يختاران الإفطار للحاج وكذلك الشافعي. وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: {{ مض اقتباس مضمن|لم يصمه النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا أصومه أنا}}. انتهى كلامه. وفي صحيح البخاري: {{حديث|عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي {{صلى الله عليه وسلم}} فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه}}.<ref>صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب صوم يوم عرفة، حديث رقم: (1887).</ref> وفي رواية للبخاري أيضا: {{حديث|عن ميمونة رضي الله عنها أن الناس شَكُّوا في صيام النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يوم عرفة فأرسلت إليه بِحِلَابٍ وهو واقف في الموقف فشرب منه والناس ينظرون}}.<ref>صحيح البخاري حديث رقم: (1888)</ref> قال الشوكاني: واعلم أن ظاهر حديث أبي قتادة عند مسلم وأصحاب السنن مرفوعا صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة الحديث أنه يستحب صوم يوم عرفة مطلقا، وظاهر حديث عقبة بن عامر عند أهل السنن غير ابن ماجه يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام الحديث أنه يكره صومه مطلقا لجعله قريبا في الذكر ليوم النحر وأيام التشريق، وتعليل ذلك أنها عيد وأنها أيام أكل وشرب. وسبب كراهية صيام يوم عرفة للحاج أنه ربما كان مؤديا إلى الضعف عن الدعاء والذكر يوم عرفة هنالك وعن القيام بأعمال الحج. وقيل: بل لأنه يوم عيد لأهل الموقف لاجتماعهم فيه، ويؤيده حديث أبي قتادة. وفي حديث أبي هريرة هذا التصرح بالنهي عن صومه مطلقا. ومما يدل على عدم استحباب صومه للحاج: ما أخرجه أبو داود في سننه « {{اقتباس مضمن|عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب » }}. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد شمس الحق العظيم آبادي| الناشر ناشر=دار الفكر| السنة سنة= 1415 هـ/ 1995م| العنوان عنوان=عون المعبود سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب في صوم يوم عرفة بعرفة، باب في صوم يوم عرفة بعرفة، حديث رقم: (2441)}}</ref>
 
=== صوم الإثنين الاثنين والخميس ===
{{ رئيسي مفصلة|صوم يومي الإثنين الاثنين والخميس}}
 
من أنواع صوم النفل صوم يومي الإثنين الاثنين والخميس، وهو الصوم المستحب في الأسبوع، وهو أن يتحرى مريد التطوع بالصوم الصيام في كل إثنين اثنين وخميس من الأسبوع، وفي الحديث: عن [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] قالت: {{حديث|إن [[محمد|النبي]] {{صلى الله عليه وسلم}} كان يتحرى صيام الإثنين والخميس}}.<ref>رواه الخمسة إلا أبا داود، لكنه له من رواية أسامة بن زيد. قال الترمذي: حسن صحيح.</ref><ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن علي الشوكاني| الناشر ناشر=دار الحديث| السنة سنة=1413 هـ/ 1993م| الإصدار طبعة=1| العنوان عنوان=نيل الأوطار، كتاب الصيام، أبواب صوم التطوع، باب الحث على صوم الإثنين والخميس، الجزء الرابع، رقم الحديث: (1725)| الصفحة صفحة=295}}</ref> وثبت في مشروعية استحباب صيامهما دليل الترغيب وهو أن يومي الإثنين الاثنين والخميس تعرض فيهما الأعمال، ووجه ذلك: أن الصوم عمل فيستحب للمسلم الصوم فيهما ليعرض عمله وهو صائم، ويدل على هذا حديث: عن أبي هريرة: "أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|تعرض الأعمال كل إثنين وخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم}}".<ref>رواه أحمد والترمذي، ولابن ماجه معناه ولأحمد والنسائي هذا المعنى من حديث أسامة بن زيد.</ref><ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن علي الشوكاني| الناشر ناشر=دار الحديث| السنة سنة=1413 هـ/ 1993م| الإصدار طبعة=1| العنوان عنوان=نيل الأوطار، كتاب الصيام، أبواب صوم التطوع، باب الحث على صوم الإثنين والخميس، الجزء الرابع، رقم الحديث: (1726)| الصفحة صفحة=294 و295}}</ref> كما ورد أيضا في صوم يوم الإثنين الاثنين حديث: عن أبي قتادة: "أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} سئل عن صوم يوم الإثنين الاثنين فقال: {{حديث|ذلك يوم ولدت فيه، وأنزل علي فيه}}".<ref>رواه أحمد ومسلم وأبو داود.</ref> ولمسلم بلفظ: "عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الإثنين الاثنين فقال: {{حديث|فيه ولدت وفيه أنزل علي}}".<ref>صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، الحديث الخامس رقم: (1162)</ref> وفي هذا دليل استحباب صوم يومي الإثنين الاثنين والخميس؛ لأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال، وقوله في الحديث: قال: {{حديث|ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه}}، ويوم الإثنين الاثنين هو اليوم الذي كانت ولادته فيه، وهو أيضا اليوم الذي أنزل الله فيه عليه الوحي.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=محمد بن علي الشوكاني| الناشر ناشر=دار الحديث| السنة سنة=1413 هـ/ 1993م| الإصدار طبعة=1| العنوان عنوان=نيل الأوطار، كتاب الصيام، أبواب صوم التطوع، باب الحث على صوم الإثنين والخميس، الجزء الرابع، رقم الحديث: (1727)| الصفحات صفحات=294 و295}}</ref>
 
=== صوم ثلاثة أيام من كل شهر ===
{{ رئيسي مفصلة|صوم ثلاثة أيام من كل شهر}}
من الصوم المستحب صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويدل عليه حديث: {{حديث|عن [[ أبو هريرة|أبي هريرة]] رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي {{صلى الله عليه وسلم}} بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن [[صلاة الوتر|أوتر]] قبل أن أنام}}.<ref>{{ مرجع استشهاد كتاب بكتاب| المؤلف مؤلف=ابن دقيق العيد| مؤلف-وصلة المؤلف=ابن دقيق العيد| العنوان عنوان=إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام كتاب الصيام حديث أوصاني خليلي بثلاث، الحديث الثالث رقم: (199)| الصفحة صفحة=416 وما بعدها| الناشر ناشر=دار الجيل| السنة سنة= 1416 هـ/ 1995م}}</ref> قال [[ابن دقيق العيد]]: فيه دليل على تأكيد هذه الأمور بالقصد إلى الوصية بها، وصيام ثلاثة أيام قد وردت علته في الحديث، وهو تحصيل أجر الشهر، باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها، وقد ذكرنا ما فيه، ورأى من يرى أن ذلك أجر بلا تضعيف، ليحصل الفرق بين صوم الشهر تقديرا، وبين صومه تحقيقا. وفي الحديث دليل على استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، واستحباب [[صلاة الضحى]]. وعن أبي ذر قال: {{حديث|أمرنا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة}}.<ref>أخرجه النسائي في السنن الصغرى حديث رقم: [http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=319&hid=2390&pid=149287 (2390)] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807192302/http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=319&hid=2390&pid=149287 |date=07 أغسطس 2017}}</ref>
 
=== صوم يوم وفطر يوم ===
{{ رئيسي مفصلة|صوم يوم وفطر يوم}}
من أنواع صوم النفل صوم يوم وإفطار يوم، هو صوم نبي الله داود عليه السلام، وهو مستحب لمن يريد التطوع بالصوم في جميع أيام العام، باستثناء [[صوم شهر رمضان]]، والأيام المنهي عن صومها، وهذا النوع من الصوم لمن رغب في المزيد من التنفل بالصوم ووجد في نفسه قدرة عليه من غير تضييع الحقوق والواجبات، وأما الزيادة على هذا فهو منهي عنه. ويدل على هذا حديث: {{حديث|عن [[ عبد الله بن عمرو (توضيح)|عبد الله بن عمرو]] رضي الله عنهما عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: صم من الشهر ثلاثة أيام قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: صم يوما وأفطر يوما، فقال: اقرء [[القرآن]] في كل شهر، قال إني أطيق أكثر فما زال حتى قال في ثلاث}}.<ref>رواه البخاري في كتاب الصوم باب صوم يوم وإفطار يوم، حديث رقم: (1877)</ref> وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال، "قال لي رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{حديث|لقد أخبرت أنك تقوم الليل وتصوم النهار}}، قال: قلت: يا رسول الله نعم، قال: {{حديث|فصم، وافطر وصل ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام}} قال: فشددت فشدد علي قال: فقلت، يا رسول الله إني أجده قوة قال: {{حديث|فصم من كل جمعة ثلاثة أيام}} قال: فشددت فشدد علي قال فقلت: يا رسول الله إني أجد قوة قال: {{حديث|صم صوم نبي الله داود، ولا تزد عليه}}، قلت: يا رسول الله وما كان صيام داود عليه الصلاة والسلام؟ قال: {{حديث|كان يصوم يوما، ويفطر يوما}}".<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=121&hid=6690&pid=672351 مسند الإمام أحمد حديث رقم: (6690)] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807192203/http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=121&hid=6690&pid=672351 |date=07 أغسطس 2017}}</ref> و{{حديث|عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما}}.<ref>إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، لابن دقيق العيد، كتاب الصيام حديث أحب الصيام إلى الله صيام داود، الحديث الثاني رقم: [ http https:// library.islamweb.net/ newlibrary ar/ display_book library/index.php? page=bookcontents&ID=394&idfrom=569&idto=570 &flag=0&bk_no=80& ID ayano= 394 0&surano=0&bookhad=0 (198)] {{Webarchive|url= http https://web.archive.org/web/20170807193922/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=569&idto=570&bk_no=80&ID=394 |date=07 أغسطس 2017}}</ref>
 
== معرض الصور ==
السطر 409 ⟵ 399:
 
== انظر أيضًا ==
{{ col بداية- begin عمو}}
{{عمو-2}}
* [[أركان الإسلام]]
* [[الحج في الإسلام]]
* [[صلاة الجماعة]]
* [[ الصلاة في الإسلام|فوائد الصلاة]]
{{عمو-2}}
* [[حج|الحج]]
* [[الطهارة في الإسلام]]
* [[زكاة|الزكاة]]
* [[ وضوء|الوضوء]]
{{نهاية-عمو}}
 
== الملاحظات ==
<div class="reflist4" style="height: 300px; overflow: auto; padding: 3px">
 
<references group="°"/>
 
</div>
 
== المراجع ==
{{مراجع |2}}
<div class="reflist4" style="height:300px; overflow: auto; padding: 3px">
 
{{مراجع|2}}
 
</div>
 
== وصلات خارجية ==
{{روابط شقيقة}}
{{تصنيف كومنز|Fasting
}}{{ويكي مصدر|صحيح_البخاري/كتاب الصوم|الصوم}}
 
* كتاب [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=134&idto=141&bk_no=91&ID=69 الاختيار لتعليل المختار].
 
* كتاب [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=96&ID=451&idfrom=918&idto=963&bookid=96&startno=1 المبدع في شرح المقنع].
{{فروع الفقه}}
{{مواضيع الإسلام}}
{{فروع الفقه}}
{{فقه العبادات}}
{{الصوم}}
السطر 450 ⟵ 431:
{{دراسات إسلامية}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات |الأديان|الإسلام|الفقه الإسلامي |الإسلام|رمضان}}
{{شريط مختارة|تاريخ=11 يوليو 2018|نسخة= }}
{{لا للتصنيف المعادل}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة| تاريخ التاريخ=11 يوليو 2018| نسخة النسخة= 29311905}}
[[تصنيف:رمضان|*]]
 
[[تصنيف:الصوم في الإسلام|*]]
[[تصنيف: أركان الصوم في الإسلام |]]
[[تصنيف:دراسات إسلامية]]
[[تصنيف: شريعة شعائر إسلامية الإسلام في رمضان]]
[[تصنيف:صوم]]
[[تصنيف:عبادات إسلامية]]
[[تصنيف:علوم إسلامية]]
[[تصنيف:علوم شرعية]]
[[تصنيف:فقه العبادات]]
[[تصنيف:فقه إسلامي]]
[[تصنيف:فن الأكل والدين]]
[[تصنيف:مصطلحات إسلامية]]
[[تصنيف:مصطلحات عربية]]