المشاركات

رحيل الأثير الحزين عبد الصادق بنعيسى

صورة
في يوم 25 ماي 2024 رحل عنا الإذاعي عبد الصادق بنعيسى. إنه صوت إذاعة البحر الأبيض المتوسط (ميدي1) المألوف في الأسماع، منذ قرابة نصف قرن، وأشهر الأصوات التي قدمت البرامج الروائية في الإذاعة المغربية. مواليد السبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات في المغرب، يعرفون جيدًا من يكون الإذاعي عبد الصادق بنعيسى الذي كبروا على سماع صوته. صاحب ذلك الصوت العذب والرخيم، الذي أنتج وقدم أشهر برنامج إذاعي في تاريخ الإذاعة المغربية "ملفات بوليسية"، بلغة عربية سليمة وسرد مشوق لحيثيات الجريمة ومحيطها الاجتماعي، ما يجعل المستمع يتخيل الأحداث كما لو كان جزء منها، وكان المرحوم بإذن ربه، يستّهل برنامجه قائلا: "لم تكن الجريمة بكل أشكالها وألوانها مما طرأ على المجتمعات البشرية، بل إنها ولدت معها ومن رحمها خرجت. عبر التاريخ شدت الأنظار جرائم وذاع صيت مجرمين، ووقائع ألهمت العديد من الكتاب وجعلتهم يبدعون. الروايات البوليسية تنطلق من وقائع، ومن ملفات تعاطت معها أجهزة الأمن، تتبع خيوطها وصولا إلى النهاية؛ قد تكون نهاية أمام القضاء يفصل فيها، أو هي نهاية حياة " كما للراحل برامج أخرى اشتهر بها، مثل

المرأة الأكثر خصوبة في التاريخ: أنجبت 69 طفلاً !

صورة
إن مجرد انجاب طفل واحد والاعتناء به حتى يكبر ويشتّد عوده؛ لهو أمر ليس بالهيّن. فماذا ترى أيها القارئ لو علمت أن هناك زوجين جلبوا لهذا العالم 69 طفلا ؟! بلى، لقد مرت امرأة طبيعية على عالمنا أنجبت هذا العدد الكبير من الأطفال. فأي رحم هذا الذي لفظ هذا الكم الجبّار من البشر؟ حسب كتاب غينيس للأرقام القياسية، فإن سيدة روسية تُدعى فالنتينا فاسلييفا، أنجبت 69 طفلاً، وهو العدد الأكبر للأطفال الذين يتشاركون في أم واحدة في التاريخ، أي الذي تم توثيقه. وقد أنجبت فالنتينا أطفالاً بقدر ما يملأ مقاعد القطار، رفقة زوجها الفلاح الروسي، فيودور فاسلييفا، في بلدة روسية تدعى شويا، وحدث هذا في القرن الثامن عشر.  تطلب انجاب الزوجين الروسيين فالنتينا وفيودور لـ69 طفلاً، ما يقارب أربعين عامًا، أي ما بين عامي 1725 و 1765، في 27 ولادة منفصلة، فقد أنجبت السيدة ستة عشرة مرة توأمًا اثنين، وسبعة مرات أنجبث 3 توائم، وأربع مرات أنجبت 4 توائم، ليكون المجموع 69 ابنًا وابنة رُزقا بهما هذين الزوجين. ويُعتقد أن السيدة فالنتينا توفيّت في منتصف السبعينات من عمرها، وقد كبر أطفالها وتزوجوا وأنجبوا من البنين والبنات، ليصير لفال

بقعة الضوء

صورة
تبين لي في سقف الغرفة بقعة ضوء تخدش عتمة المكان، إنها آتية من قنديل الشارع، ورحتُ أحملق فيها، حتى أخذني شرود حزين، وصارت بقعة ضوء تصنع لي وجوهًا مروا عليّ جميعًا. صورٌ تتّتالى في بقعة الضوء تلك، حتى بدأت تُعرض لي وجوهًا لم أكن أريد تذكرها، بعد أن دفنتها في مقبرة ذاكرتي. فشعرتُ بالانزعاج مما أرى، ودفعتُ عني شرودي وانتفضت من الفراش لأُنير مصباح الغرفة وأفني بُقعة الضوء في السقف، وليكتسح وجودها النور. أُمرر يدي جنب الباب في بحثٍ عن مفتاح الكهرباء، ولم ألقاه في الوقت الذي يُفترض، كما لو كان فرّ من مكانه! ثم واصلت تمرير يدي أملاً بالعثور عليه، حتى شعرتْ به أنامل يدي، وضغطتُ عليه مرارًا دون جدوى، فمصباح الغرفة لم يُنِر، وبقعة الضوء في السقف تزداد اتساعًا، وفيها وجوهًا تزداد اكفهرارًا ووضوحًا! إلى أن هبطت عليّ تلك الوجوه وتشكلت في أشخاصٍ، فانقضوا عليّ وغلوا يداي وربطوني إلى عمود مجهول في غرفتي، فحرر أحدهم سيفًا من غمده، فلمع في الغرفة كأنه برقٌ أضاء - بغتةً - في سماء كالحة، فبدا لي كأني أرى في السيف انعكاس وجوه باسمة قد ألفتها واستكن لها خاطري. أغمضت عيناي لعل نباهتي تتفتق بشيء.

أرتميس : عودة البشر إلى سطح القمر

صورة
 عام 1972 كان الرائد الأمريكي يوجين سيرنان آخر إنسان زار القمر في مهمة أبولو 17، فيما يُعرف ببرنامج أبولو الذي أرسل للقمر سبعة رحلات مأهولة،  أوصل من خلاها بشرًا إلى سطح القمر، والمشي هناك في الأفق المضيء الذي يتشارك فيه وجدان الناس. اثني عشر إنسانًا تأتى لهم زيارة القمر بين عامي 1969 و1972. وبعد انقضاء أزيد من نصف قرن، حان الوقت للرؤية جيل آخر من البشر يخطو في الغبار القمري، هذه المرة متسلحين بقوة حاسوبية هائلة، وتقدم تكنولوجي رهيب يسمح لتوثيق بدقة ووضوح، واكتشافات أعمق بطرق حديثة، أكثر مما كانت عليها القفزة البشرية العملاقة الأولى في زمن الأبيض والأسود. إنه مشروع أرتميس.  أرتميس، هي أخت التوأم لأبولو، وهي إلهة القمر والصيد في الأساطير الإغريقية. وهنا ظهر جليًا لم اختارت وكالة الفضاء الأمريكية المعروفة باختصار ناسا، هذا الاسم، فشقيقة أبولو أرتميس ستُكمل على ما بدأه شقيقها الملهم قبل عقود، وستعقد الوصال بالقمر بعد كل هذه السنوات، بل إن أرتميس إلهة القمر ستبدأ معها حقبة جديدة في غزو الفضاء يتجاوز أمجاد شقيقها أبولو، والهدف التالي سيكون الكوكب الأحمر، المريخ.   مهمة أرتميس في إعادة البشر

مارجوري ماكول : المرأة التي ماتت مرتين !

صورة
كثيرٌ ما سمعنا رجوع الموتى للحياة بعد دفنهم، أو بالأحرى بعد أن أخطأ الناس في تشخيص موتِهم، ليقضي هؤلاء ساعات أو ربما ليلة كاملة في قبورٍ جاورا فيها الموتى إلى حين، قبل أن يُكتب لهم عمر جديد، وانتُشلوا من كنف الظلمة وقد عادوا إلى حياتهم الدنيا بعد أن تم تعدادهم من أصحاب الآخرة. والراجح أن هناك ضحايا تشخيص الموت لم يسعفهم الحظ للرجوع إلى منازلهم، وواجهوا على انفراد رعب الظلام في القبر وهم أحياء إلى أن فاضت روحهم فزعًا من هول مقامهم. في بلدة تُدعى لورغان بأيرلندا، عام 1705، أُصيبت السيدة مارجوري ماكول بحمى مفاجئة وتوفيّت بسببها، ليتّم التعجيل بمراسم الدفن مخافة انتشار العدوى، وإذ ذاك دُفنت السيدة مارجوري على عجل، حتى دون نزع خاتم كان في أصبعها لشدّة عجلتهم في التّخلص من الجثمان وحشره في القبر بأسرع ما يُمكن. في الليلة الأولى للسيدة مارجوري في قبرها، جاءتها أول طلب زيارة تحت جنح الظلام، وزوارها كانوا لصوصًا وصلهم خبر مفاده، أن السيدة دُفنت بخاتم في أصبعها، والخاتم من النوع الجيد، وإن كان ليس باهض الثمن إلا أنّ مقداره يُقدر بما يُغري المعدومين. قام اللصوص بنبش القبر حتى وصلوا الى ثبوت الس

وما زال في الناس قراء...

صورة
انتهيت من وجبة الفطور، وعدّلت بصري الذي كان معلقًا في شاشة تلفاز عملاق تبثُ الصرعات في مملكة الحيوانات بعد أن انطفأت بغتةً، فأخرجت هاتفي؛ فجأة تبين لي شاب يجلس أمامي ويقرأ كتابًا ما، أثار انتباهي القارئ ذاك في هذا الصباح، فقد خلق الاستثناء في هذا المكان، وكان المرء الوحيد الذي يحمل كتابًا، بينما البقية يُحدق في شاشة هاتفه الذي في يده أو واضعًا إياه على الطاولة بينما يدس المأكل في وجهه وأبصاره إلى الشاشة، وأنا واحد في رهط هؤلاء، عدا ذلك القارئ أعلن في مقامنا هذا، أنه ليس منا!  وضعت هاتفي على الطاولة، وخضعتُ لفضولي أن أعرف عنوان الكتاب الذي يفتحه هذا الشاب أمامي، ولم يطل انتظار فضولي حتى أشبعت رغبته، واكتشفت عنوان الكتاب، الذي سبق أن قرأته قبل بضع سنوات، إنها رواية   la chartreuse de parme  للكاتب الفرنسي هنري بيل والمعروف باسم ستندال، وهو أحد عمالقة الأدباء الفرنسيين في القرن التاسع عشر، وقد قام بتأليف هذه الرواية التي تُقرأ أمامي - بنهمٍ بادٍ - عام 1839، والذي عرفني عليه أحد أصدقائي القراء.  زاد إعجابي بهذا الشاب الذي يفتح كتابًا في  هذا الصباح، بعد أن عرفت عن ماذا يقرأ، فالذي يقرأ أمث

أسطورة تسليت أونزار (زوجة المطر)

صورة
في ليالٍ سادها صوت المطر المنهمر الصافع للأرض، ودوي الرعد كأنه مُهددٌ، والرياح ترد بصيحات مهيبة؛ يجتمع الأطفال محلقين حول جدتهم، التي استحضرت لهم حكاية مسقية مما حلّ بقريتهم هذه الليلة: يا أبنائي، صلوا على النبي: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. كان ذات زمان في قريتنا، فتاة نالت من الجمال ما لم تنله واحدة من أقرانها في باقي الأصقاع. أحبت الفتاة المياه، فدأبت على زيارة النهر كل يوم، هناك تغتسل وتلعب بالماء، بينما يراقبها الشاب "أنزار" وهو إله المطر، الذي سقط صريع عشقها، فدفعه العشق ليغدق على محبوبته بالأمطار، فكان ذلك منفعة على القرية التي تعيش على ربيع دائم، فلا تجف ينابيع مياهها. فتساءل أهل قبائل الجوار، كيف أن أحبّت السماء تلك القرية ولا تنفك على سقياها، كما لم يحدث مع باقي القرى؟ قرر الشاب "أنزار" الظهور لفتاة النهر، وطلب يدها للزواج، فارتدى أحلى ثيابه وانتظر جنب النهر قدوم فتاته، حتى أجاءها حبها لمياه النهر، إنما هذه المرة لم يكن النهر وحيدًا؛ ففيه الشاب الذي عرف على نفسه وغايته، وكيف عصفت بقلبه بعد أن كان هو الآمر للعواصف. بوح "أنزار"

وجدتُ عملاً !

صورة
بعد أسابيع من العمل المُضنٍ في جنيّ الزيتون عند أثرى واحد في قريتنا، الذي كان جده قاطع طريق في باكورة الاستعمار؛ ناولني أجري في ألفيْ درهم. التزمت مع نفسي أن أُمتعها عند التحيّن الأول، وأعيش دور الأعوّز الذي تُطل الفرحة من عيناه، وأخذت في صرف كل المبلغ على ما يرضي سعادتي، ويضخ هرمون (الدوبامين) في عروقي. في اليوم الموالي اكتسّيتُ أزهى أثواب خزينتي، سروال جينز شديد الزرقة، وحذاء برتقالي، واستّقامت أناقتي بقميص أصفر، ثم توجهت إلى الطريق الرئيسية حيث تمر الحافلات قاصدةً المدينة. جاءت الحافلة المتوجهة إلى العاصمة، وأخذتني معها، هناك بعد نزولي إلى شوارع المدينة، أدركت أن أناقتي بها خرقٍ ما، فهي لا تمتثل لم يتأنق به الناس، إلا أن رضاي استكن لها، فلا غمغمة شك بعدها. بعد أولى خطواتي في العاصمة، فكرت كيف سأصنع سعادتي في أوج التمدن حيث أنا، قبل الارتداد إلى حضن المشقة في القرية؟ وأول قراراتي المتخذة، كانت في زيارة لابن قريتنا حتى أقضي ليلتي الأولى في منزله، كما سأدخر ثمن المبيت في الفندق، ثم لعله يدلني إلى مساكن صناعة السعادة في مدينته. اتصلت به وأفصح لي عن عنوان منزله. هلّني منظر منزله الفا

عام آخر 2024

صورة
ليلة أمس، كتبتُ على محرك البحث خاصية الصور: "العام الجديد" لتُعرض أمامي عشرات الصور المتعلقة بعملية بحثي، ملؤها تهانئ قدوم السنة الجديدة، وأرقامها المزخرفة، وإذ ذاك أُقلب فيها، حتى نالت إحدى الصور رضاي، فقمت بتحميلها إلى صفحتي على (الفيس بوك) لأعلن مشاركتي - الكاذبة - بتبريكات العام الجديد في العالم الافتراضي، فأنا لا أحتفل لكي نتفق على هذا أولاً. بعد لحظات، اكتشفت أمرًا مذهلاً! مذهلٌ إلى درجة تجعل المرء يظن أن الواقع به خلل ما! لقد أدركت أن هذا الذي قمت به ليل أمس؛ مرت عليه عشر سنوات كاملة. لستُ أحتفل برؤوس السنوات، ولا أظنني سأفعل يومًا، ولا بداخلي ما يُشعرني بالاحتفال بأي عيد، حتى العيدين، الفطر والأضحى، أجعلهما كأيتها الأيام. في الحقيقة في عيد الفطر أميل إلى حزن الفراق، بعد انقضاء رمضان، فهو الشهر الوحيد المميز عندي في السنة، لما فيه من أجواء روحانية. اقترب رقم آخر من ضِعف اثنين، الذي أتفاءل بهم منذ صباي. قطار 2024 سينطلق بعد حين، وسيحملنا إلى مشيئة الله تعالى، منا من سينزل في إحدى محطاته، ومنا من سيواصل الرحلة إلى أن يمتطي قطار آخر غير بعيد، يظهر عليه رقم خمسة وعشرون.