نضجت في نهاية القرن 16 في روسيا فكرة اجراء اصلاحات في النظام الكنسي. بدأت هذه الاصلاحات مع بداية القرن 17 وبالذات في الفترة بين 1619 – 1633 قام البطريرك فيلاريت بمحاولات لرفع اسم الكنيسة وسمعتها وجعلها اكثر استقلالا كما وسع ملكية الكنيسة والاديرة من الاراضي كما اسس مبنى البطريركية ومنح البطريرك سلطات قضائية على رجال الدين وفلاحي الاديرة. مع كل هذا بدأت الكنيسة في اربعينات القرن 17 تفقد استقلالها ورجال الدين يهتمون فقط بالحقوق السياسية والاقتصادية وتتقلص امتيازاتها وتمنع من شراء اراضي جديدة.
اصلاحات البطريرك نيكون
عمل نيكون الذي انتخب بطريركا لموسكو وسائر روسيا عام 1652 على تعزيز دور الكنيسة واعادة هيبتها بعد ان حصل على دعم كبير من طرف القيصر اليكسي ميخائيلوفيتش وباشر بالاصلاحات الكنسية التي حسب رأيه كانت ضرورية لتوحيد الطقوس ومحتوى الكتب الدينية لكافة الكنائس الارثوذكسية. ان طقوس الكنيسة اليونانية التي اعتمدتها روس القديمة عام 980 حصلت فيها تغيرات جوهرية كما حصل في كتب الخدمة الدينية بعكس الكنيسة الروسية التي حافظت عليها بشكلها الاولي. ان جوهر الاصلاحات الكنسية التي بدأها البطريرك نيكون عام 1653 كانت تهدف الى توحيد القواعد والطقوس الكنسية واكثر التعديلات تعرضت لها الكتب الدينية حيث امر باتلاف كافة الكتب السابقة. كما امر نيكون من المصلين ان يرسموا علامة الصليب بثلاثة اصابع كما يفعل اليونانيون بدلا من اصبعين كما منع مس الارض عند الخشوع واستبداله بانحناء كما امر ان يكون الدوار حول المذبح بعكس دوران الشمس.معارضة الاصلاحات وظهور جماعة الطقوس القديمة
بدا وكأن التغيرات التي اقترحها نيكون لم تمس الاشخاص، ولكن يجب الاخذ بنظر الاعتبار انها لاكثرية المؤمنين في ذلك الوقت كانت تطابق طقوس المعتقد الارثوذكسي واي تغير فيها كان مرفوضا. ان الاصلاحات الكنسية رفضتها مجموعة من رجال الدين والعلمانيين وترأس المعارضة رئيس الاساقفة افاكوم. لقد كانت معارضة افاكوم وجماعته هي بداية ظاهرة الطقوس القديمة. ان جماعة الطقوس القديمة تعرضوا الى مضايقات شديدة وحتى الاعدامات. وفي عام 1667 بعد انتهاء المجمع الكنسي تقرر قطع اذان وانوف والسن وقطع ايادي اعضاء هذه الجماعة اضافة الى نفيهم وسجنهم. وبالرغم من ذلك لم يقبل الكثيرون بالتغيرات واستمروا بطقوسهم القديمة ولم ينصاعوا مثل كاهن دير سولوفيتسكي المشهور فلقد تمكن الرهبان ومن معهم من الصمود بوجه الحصارالذي فرضته قوات الحكومة لمدة 7 سنوات ولكن في نهاية المطاف استسلموا. وبسبب الاضطهاد الذي تعرض له اتباع الطقوس القديمة اضطر العديد منهم الى اللجوء الى الغابات والاماكن النائية ( في الشمال ومنطقة ماوراء الفولغا وجبال الاورال )
حيث اسسوا المناسك حيث ادوا الصلاة حسب الطقوس القديمة، واعتبروا نيكون واتباعه رسل الشيطان. وبالرغم من ذلك تمكن اتباع نيكون من الوصول الى بعض اماكنهم واعتدوا عليهم وصادروا ممتلكاتهم واجبروهم على نبذ الطقوس القديمة وكل من رفض تنفيذ ذلك تعرض الى تعذيب شديد والموت. ولكي يتهرب هؤلاء من التعذيب كانوا يحرقون نفسهم على شكل مجموعات كلما كانوا يشعرون بوصول ملاحقيهم.الطقوس القديمة في المرحلة الحالية
يتمتع اتباع الطقوس القديمة في روسيا حاليا بكامل حريتهم كاعضاء في المجتمع الروسي. ويحاول اتباع هذه الطقوس عزل نفسهم عن " اغراءات الدنيا " ويبتعدون عن الاعياد والصخب ولايستخدمون ماتوصل اليه العلم من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة الا الضروري منها ( كثيرون منهم لا يشاهدون التلفزيون ولايستخدمون اجهزة الهاتف والكمبيوتر ) لانهم يعتبرونها تعمل على ابعاد الانسان عن الايمان ويقربونه من الحياة الدنيا على الارض.