The Wayback Machine - https://web.archive.org/web/20140409041518/http://kenanaonline.com:80/users/samir2011/posts/209420
كيف يمكن للمنظفات أن تلوث البيئة
لم تبرز مشكلة التلوث البيئي إلا بعد استخدام المنظفات المصنعة (أو المنظفات اختصاراً) بشكل واسع، والتراجع في استخدام الصابون التقليدي العادي بسبب العامل الاقتصادي، والقدرة التنظيفية، وكذلك بسبب احتواء هذه المنظفات على المواد المضافة بنسب عالية، وبنوعيات متعددة.
وأهم الآثار البيئية التي يرجع سببها إلى المنظفات هما:
1- مشاكل الرغوة .
2- الإخصاب العضوي الزائد.
المشكلة الأولى : تلوث المياه بالرغوة :
يؤدي تزايد تركيز المواد النشطة سطحياً في مياه المجاري المنزلية، والمياه الصادرة عن النشاط الصناعي، إلى صعوبات جمة في محطات تكرير مياه المجاري، وخاصة في أقسام الفصل وأحواض الترسيب، بحيث تغطي الرغوة، في كثير من الحالات، 100% من سطوح الأحواض والأقسام المختلفة الأخرى، لدرجة تتعذر فيها متابعة العمل قبل التخلص منها.
وتعالج هذه الصعوبة إما بالرش بالماء، أو بمحاليل مانعة لتشكل الرغوة. ولم تكن هذه المصاعب قائمة عندما كان الصابون العادي هو المنظف الأساسي السائد، لأن العسر العادي للمياه المرتبط بوجود أملاح الكالسيوم والمغنزيوم كان كافياً لترسيب جميع كميات الصابون الداخلة إلى مياه المجاري.
والمغنزيوم كان كافياً لترسيب جميع كميات الصابون الداخلة إلى مياه المجاري.
قبل سنة 1965، كانت المنظفات في مياه المجاري تسبب أحياناً الرغوة على سطح الأنهار أو أي مجرى مائي. معظم هذه المنظفات تحتوي على مادة نشطة سطحياً تعرف بـ Alkyl Benzene Sulphonate (ABS)، والتي لا تنحل تماماً في محطات معالجة مياه المجاري. أما في سنة 1965، أي بعد أكثر من 10 سنوات من البحث، طورت صناعة المنظفات مادة نشطة سطحياً عُرفت بـ Linear Alkyl Benzene Sulphonate (LAS) التي تتحلل بسرعة بفعل البكتيريا، وبذلك فإن المنظفات التي تحتوي على الـ LAS لا تسبب رغوة.
لكن الدول المنتجة للمنظفات لا تزال تنتج المنظفات التي لا تتفكك، وتصدرها إلى الدول النامية، وتروج لها الدعايات المختلفة رغم منع استعمالها في بلد المنشأ.
تساعد الرغوة على تشكيل المحاليل المستحلبة الثابتة وغير الثابتة، فإذا كان المستحلب غير ثابت، ترسب وزالت المشكلة في محطات المعالجة. ولكن المشكلة تبقى في حالة المستحلبات الثابتة المحتوية على الزيوت معلقة في مياه المجاري. وقد بينت الدراسات أن وجود ما قيمته 200 جزءاً من المليون من المنظفات قد منع تماماً فصل المواد الصلبة من المستحلبات في كامل مجال الوسطين الحامضي والقلوي، وكذلك لم يكن ممكناً فصل الزيوت في أحواض الترسيب، الأمر الذي أدى إلى صعوبات كبيرة في قسم التحلل الحيوي، وبقيت المواد مبعثرة في الطور المائي. وبذلك، كانت الصعوبات مضاعفة، وخاصة عندما كانت المياه المعالجة تستخدم كمصدر للشرب أو الري في أماكن تلي نقاط التصريف على نهر أو أي مجرى مائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن للعديد من المنظفات مبيداً للميكروبات والبكتيريا النافعة اللازمة لعمليات التنقية والتحلل الحيوي في محطات المعالجة، لذلك، كان لابد من التخلص من الرغوة التي أضرت كثيراً بالتوازن الحيوي للعديد من الأوساط البيئية الطبيعية، وما يلحق بذلك من أضرار.
المشكلة الثانية : الإخصاب العضوي الزائد:
ظاهرة الإخصاب العضوي الزائد:
تحتوي التجمعات المائية، وخاصة السطحية، المتحركة والراكدة، على دورة حيوية وسلسلة غذائية معقدة، وبشكل منظم ومتوازن بيئياً. يتأثر هذا التوازن بشدة نتيجة النشاط البشري المتنوع. وكذلك تكون المياه القادمة من مناطق النشاط البشري غنية بالمواد العضوية، وهذا يعتبر جانباً إيجابياً، حيث تتزود الكائنات الحية بالطاقة اللازمة لنشاطها الحيوي من هذه المواد العضوية، على شرط أن تكون بكميات معقولة.
في البحيرات الملوثة بالفضلات المنزلية والمنظفات الغنية بالفوسفات بأنواعها، يحدث نمو شديد للعديد من النباتات، يترافق بنقص شديد في الأكسجين المنحل في الماء، الأمر الذي تعاني منه المكونات الحيوية الحيوانية في هذه الأوساط البيئية المائية، ويؤدي ذلك إلى موت آلاف الأسماك، وتزايد العمليات اللاهوائية في هذه المياه، فتنشر الروائح الكريهة منها، ومن الخزانات التي تُعبأ منها، وتعرف هذه العملية -كما ذكرنا سابقا- بظاهرة الإخصاب العضوي الزائد (Eutrophication)، التي تؤدي إلى إنسدادات خطرة في المصافي، وعدم صلاحية شرب هذه المياه لاحقاً.
فظاهرة الإخصاب العضوي الزائد تؤثر سلباً في العمليات الطبيعية الكيماوية والحيوية التي تحتاج إلى عناصر الكربون والهيدروجين والكبريت والنيتروجين وأشعة الشمس، وكذلك إلى كميات محدودة من الفوسفور والبوتاسيوم والماغنسيوم، وإلى درجة حرارة محددة.
يكون المصدر الأساسي للفوسفور هو الفضلات الإنسانية والمنظفات. فإذا كان إنتاج الفرد الواحد من الفوسفور يقارب 0.5 كجم في العام الواحد، فإن المنظفات تضيف إلى هذا الرقم 1.5 كجم في العام. وهذا يدل على مدى صعوبة السيطرة على كميات الفوسفور التي تصل إلى مياه المجاري وإلى الأوساط البيئية المحيطة. ويلاحظ التأثير السلبي الكبير للفوسفات على النشاط الحيوي لمياه المجاري، وتبين الإحصائيات أن حوالي 40% من الفوسفور الذي يدخل المياه، هو من مصادر المنظفات لوحدها. وقد حدا ذلك العلماء بأن ركزوا على ضرورة وضع ضوابط للمياه المصروفة إلى المجاري العامة، بحيث لا يزيد المحتوى عن 30 ملجم/لتراً من المواد الصلبة المعلقة، و20 ملجم/لتراً من الأكسجين الحيوي المطلوب، وذلك في نهاية مصارف المياه. وكذلك الحفاظ على نسبة تخفيف مياه الصرف المنزلي، بحيث لا تقل عن ثماني مرات من المياه الطبيعية الجارية لكل وحدة من مياه الصرف الملوثة.
تؤدي المعالجة الأولية والثانوية إلى مياه تحتوي على حوالي 2-4 جزءاً من المليون من الفوسفات. ويزيد هذا المقدار عن 50 ضعفاً القدر اللازم للنمو الأقصى للطحالب، الأمر الذي يستوجب إخضاع هذه المياه للمرحلة المتقدمة من المعالجة. غير أن الحل ليس سهل المنال، فتحديد صرف الفوسفات يعني التحكم وخفض استخدام المنظفات، وهو أمر غير سهل ويجابه بمعارضة من الرأي العام. لذلك توجب البحث عن حل بديل.
وينصح الآن باستخدام منظفات تحتوي على الزيوليتات (Zeolite) بدلاً من المنظفات المحتوية على الفوسفور للتقليل من تلوث المياه بالفوسفات. وتجدر الإشارة إلى أن تركيز الفوسفات في البيئات مازال قليلاً نسبياً، ولكن الوعي بالأخطار التي تهدد الأوساط البيئية، ألزم المجتمعات المتحضرة البحث عن المشكلة، وتشخيصها جيداً، وذلك لوضع الحلول الناجعة قبل الوصول إلى وضع بيئي خطر، قد يتعذر علاجه،و يكون هذا العلاج باهظ الثمن ( أموالا وأرواحا )!.
تلوث البيئة بالمخصبات الزراعية:
يتزايد عدد السكان في كثير من البلدان بشكل مضطرد , وقد بلغ تعداد هؤلاء السكان على مستوى العالم نحو6 مليارات في نهاية القرن العشرين,وينتظر أن يصل هذا العدد إلى نحو 8 مليار نسمة قبل منتصف القرن الحادي والعشرين.
وتتطلب هذه الزيادة المضطردة في أعداد السكان,ضرورة العمل على زيادة إنتاج المحاصيل الاقتصادية المستعملة في الغذاء مثل محاصيل القمح والذرة والأرز والبطاطس والبنجر وسكر القصب وغيرها لمجابهة هذه الزيادة الهائلة في أعداد السكان.
وأغلب الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة تقع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية,ورقعتها محدودة إلى حد كبير وحتى لو اتجهت الأنظار إلى الغابات لإزالة ما بها من أشجار واستخدامها في زراعة المحاصيل, فإن رقعة هذه الغابات محدودة أيضا, وهي تؤدي أيضا إلى نقص كبير في نسبة غاز ثنائي أكسيد الكربون الذي تقوم بامتصاصه هذه الأشجار بالإضافة إلى أن إزالة الغابات تسبب تآكل سطح التربة بمضي الوقت.
وتتجه كل المجهودات حاليا لرفع إنتاجية الأراضي المستغلة حاليا, ولذلك لجأ المزارعون إلى استخدام أنواع متعددة من المبيدات لمكافحة الآفات التي تضر بالإنتاج الزراعي وتستهلك جزءا لا بأس به من المحاصيل المستخدمة في غذاء الإنسان, رغم أن استعمال مثل هذه المبيدات يسبب أضرارا كثيرة للبيئة ومكوناتها.
لذلك لجأ المزارعون إلى استخدام بعض المواد الكيميائية التي تساعد على إخصاب التربة الزراعية, وتعويضا لما تمتصه النباتات من عناصر هذه التربة في أثناء نموها , وذلك بهدف رفع إنتاجية المحاصيل التي تنمو في هذه الأراضي الزراعية.
وقد لوحظ أن مداومة زراعة نفس المحاصيل في نفس الرقعة الزراعية يضعف هذه الأرض ويتسبب في حدوث نقص كبير في العناصر الهامة الموجودة بها, ومثال ذلك أن البنجر يمتص نحو 300 كيلو غرام في كل هكتار من مركبات النتروجين, ونحو400 كيلو غرام في كل هكتار من البوتاسيوم,ونحو45 كيلو غراما فيكل هكتار من المغنزيوم كما أن نبات الذرة يمتص نحو 70 كيلو غراما في كل هكتار من مركبات الفوسفات, ولذلك يجب تعويض هذه العناصر بمواد أخرى تضاف إلى التربة وهي ما نطلق عليه اسم المخصبات الزراعية.
وأهم المخصبات الزراعية المستخدمة اليوم هي مركبات الفوسفات ومركبات النترات, ويجب عدم الإسراف في استخدام هذه المخصبات, لأن النباتات والمحاصيل لا تستطيع أن تمتص كل ما يضاف منها إلى التربة, ولذلك يبقى جزء لا بأس به من هذه المخصبات في التربة الزراعية.
وهذا الجزء الذي يزيد على حاجة النباتات يعد إسرافا لا مبرر له من الناحية الاقتصادية,بالإضافة إلى أنه يعد عاملا هاما من عوامل تلوث التربة, وقد يذهب بعض هذا الجزء المتبقي في التربة مع مياه الري أو مياه الأمطار إلى المياه الجوفية ثم يصل بعد ذلك إلى المجاري المائية الأخرى , ويجعل مياهها غير صالحة للشرب ويخل بالتوازن القائم بين الكائنات التي تعيش فيها.
 
   
   
  • Currently 43/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 632 قراءة
نشرت فى 11 يناير 2011 بواسطة samir2011

ساحة النقاش

الكيميائى

samir2011
المنظفات الصناعيه وآثارها الإيجابيه والسلبيه على الإنسان والبيئه ـ وكذلك مقالات عن الأحداث التى يمر بها الوطن و الأمة العربية و الإسلامية ـ وكذلك معلومات وفوائد من كل شئ حول العالم »
جارى التحميل

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

179,384