تنتظر قمة العشرين التي تستضيفها الهند في دورتها الـ18 لرؤساء دول وحكومات المجموعة في نيودلهي التي تأتي تتويجاً لاجتماعات بين الوزراء وكبار المسؤولين والمجتمعات المدنية على مدار العام، فتشهد الدورة الحالية تحديات كبيرة أهمها تزايد الفقر في العالم، ومعضلة التغير المناخي الذي ألقى بظلاله الكثيفة على العالم، وما زال يعيش تداعياته، إضافة إلى الطاقة المستدامة، والإعفاء من الديون الدولية، والتركيز على التنمية المستدامة، وسبل تيسير الحركة التجارية العالمية، وسط حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وموجة التضخم التي ضربت دول العالم أجمع.

إن العالم ينتظر ما ستسفر عنه اجتماعات قادة الدول الأعلى قيمة اقتصادية وسياسية، في ظل غياب الرئيسين الصيني والروسي، حيث يأمل الكثيرون أن تكون هناك مساع حثيثة لحل الأزمة الروسية - الأوكرانية، تلك الأزمة التي تحمل المملكة ملفاً في غاية الأهمية للتوسط لحلها، كما نجحت من قبل في التوسط للإفراج عن الأسرى بين الدولتين الجارتين، كما تشارك المملكة بحزمة استثمارية ضخمة تشهدها طاولة المباحثات، وسبل تعزيز الخطوة الاقتصادية السعودية، إضافة لدور المملكة المحوري السياسي، والعمل على التوسط في النزاعات الدولية والإقليمية، وتقديم المساعدات الاقتصادية والإغاثية الاجتماعية للعديد من دول العالم، من واقع مسؤولياتها ومكانتها بين دول العالم.

إن المملكة تولي مشكلة تزايد الفقر أهمية كبيرة وتسعى مع العديد من دول العالم، داخل مجموعة العشرين وخارجها على سبل أهمية مواجهة تلك الأزمة العالمية، خاصة أن شعار هذه الدورة «أرض واحدة، أُسرة واحدة، مستقبل واحد».

لقد كانت المشاركة الأولى للمملكة العربية السعودية في اجتماعات قمة مجموعة العشرين في واشنطن للعام 2008، ومنذ ذلك التاريخ الذي كان يعاني فيه العالم من أزمة اقتصادية عالمية، كانت المملكة في المرتبة العاشرة، من حيث قيمة الثروة السيادية في العالم، كما تمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، ما جعلها من أهم الدول المؤثرة في استقرار الاقتصاد العالمي رغم أزماته عبر عقود طويلة، إضافة لدورها المحوري في إعداد مشروع طموح لصياغة نظام اقتصادي عالمي يسهم في تحقيق أهداف مجموعة العشرين، ومن أهم تلك الأهداف تقديم يد العون للدول النامية ذات الاقتصادات الناشئة، والمساهمة في إيجاد حلول لديون الدول التي تثقل كاهل شعوب تلك الدول، حيث تقدم السعودية برامج استثمارية في العديد من دول العالم، لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهلها، والعمل لدى القنوات والمنظمات العالمية المانحة للتخفيف من القيود على الدول النامية، هذا الدور الذي تضطلع به المملكة منذ انضمامها لمجموعة العشرين.

إن المملكة تحمل الكثير من الرسائل التي تضع كثير من دول العالم آمالها على تلك الدورة، بما تحمله المملكة من قدرة على تجاوز الأزمات الاقتصادية وتداعياتها التي صارت مضرب المثل، وتشرع العديد من دول العالم في استنساخ التجربة السعودية لمواجهة موجة التضخم والكساد الاقتصادي، حيث يحسب لها نجاحها ضمن مجموعة العشرين في الاستجابة للأزمة المالية العالمية، بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد؛ بفضل الإجراءات الصارمة والرقابة الاستباقية، في ظل أن النظام المصرفي احتفظ بسلامة أوضاعه، إضافة لدور المؤسسات السعودية مثل الملكية الفكرية في كشف حالات الغش التجاري، بنسبة تتجاوز 36 % ومنع تصديرها، ما يؤكد قدرة الجمارك السعودية على ضبط مثل هذه المواد، في الوقت الذي تتطلع فيه دول العالم لحماية المستهلكين من المواد المغشوشة بشكل عام، وفق رؤية سعودية عالمية.