ثالث كبريات مدن منطقة القصيم ( الرس ) تلكم المدينة الحالمة والتي تزداد توهجاً وجمالاً يوماً بعد آخر بما تشهده من نهضة عمرانية واسعة ضاهت بها مدناً تزيدها مساحة وسكاناً.

شهدت طوال عمرها الحافل العديد من الأحداث التاريخية التي كانت شاهدة على عراقة هذه المدينة وشهامة أهلها ومواقفهم البطولية.

اليوم في جولتنا نأخذكم في محيط محافظة الرس ونجوب مافيها من شواهد تاريخية وإنجازات حضارية لنطلعكم عليها من خلال هذه الجولة:

سبب التسمية

الرس: ابتداء الشيء ومنه رسُّ الحمى ورسيسها، والبئر المطوية بالحجارة، وبئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم ورَسُّوهُ في بئر، والتعرف على أمور القوم وخبرهم يطلق عليه الرس. والرسيس: تعني الشيء الثابت، والفَطِن العاقل من الناس، والخبر الذي لم يصح، وابتداء الحُب يسمى كذلك.

الموقع

يقول ياقوت الحموي (معجم البلدان 43/3) الرس والرسيس.. واديان بنجد أو موضعان، وقال عليّ: الرس من أودية القبيلة. وقال غيره: الرس ماء لبني منقذ ابن أعيا من بني أسد.

أما العبودي في معجم بلاد القصيم (1023/3) فيقول عن الرس: الرس، مدينة رئيسة من مدن القصيم كله بعد بريدة وعنيزة، وموقعها من غربي القصيم.

ومحافظة الرس هي الثالثة في منطقة القصيم وتبعد عن مدينة بريدة (90) كيلا وعن الرياض (400) كيل وعن المدينة المنورة (450) كيلا وعن مكة المكرمة (800) كيل. كما ترتبط بطرق معبّدة مع جميع المدن والقرى في منطقة القصيم ومدن المملكة الأخرى.

تاريخ الرس القديم

يرى المؤرخون بأن الرس والرسيس من أقدم المواضع التي ورد ذكرها في التاريخ، حيث كانتا موجودتين أثناء وجود دولة كندة، الأمر الذي يدل على أن كندة كان من ضمن الرس مياههم الرس وما حوله من بقلع، ثم استوطنها بنو أسد حيث كان لهم فيها موارد. كما أن المؤكد أيضا أن الرس كانت موجودة قبل البعثة الشريفة بأكثر من ثلاثمائة سنة. كما أنها من المواقع التي كانت مقراً لبعض الممالك العربية القديمة.

المساحة

بعد أن توسعت المدينة بفضل النهضة العمرانية نتيجة الهجرات الوافدة من القرى والهجر المجاورة بلغت مساحة الكتلة العمرانية للمدينة حوالي (3500) هكتار، أي مايعادل (35) كيلو مترا مربعا.

وفي الوقت الحاضر بعد أن بلغت المحافظة قدرا من التوسع العمراني بفضل وجود المخططات السكنية المتعددة فقد بلغت مساحة المحافظة حاليا ما مقداره (20656) هكتارا، أي ما يعادل (206.56) كيلو متر مربع. أي بلغ طول المحافظة حوالي (15) كيلومترا وعرضها (14) كيلومتر.ا

السكان

أما سكان الرس قديما فلا يوجد لهم عدد معروف إلا ما كان يروى في سنوات الحرب بين أهل الرس وإبراهيم باشا في عام 1232ه حيث روي بأن سكان الرس يومها كان في حدود ثلاثمائة رجل والمقصود من ذلك عدد الرجال باعتبارهم هم الذين يباشرون الحرب، وفي وثيقة لإبراهيم بن عيسى كتبها عام 1320ه وهو يحدد فيها سكان بلدان القصيم وسدير قال (الرس وملحقاته عدد رجاله سبعمائة رجل).

أما عددهم وفقا لعام 1423ه بعد احتساب معدل نسبة الزيادة السنوية فقد بلغ حوالي ستة وسبعين ألفا وثلاثمائة وستين نسمة.

أبرز المعالم في الرس

@ حسو المروى: ويسمى (ريق البنات) لعذوبة الماء المتوفر فيه، وقد حفره الشيخ صالح القرناس عام 1339ه ويقع جنوب البلدة بجانب شعيب الحوطة، ويشتهر بعذوبة الماء فيه ويرتاده كل الناس ليأخذوا منه الماء لمنازلهم ولا يزال الحسو موجودا وتتولى إدارة المياه بالرس جلب الماء منه وتوزيعه على المنازل.

@ مرقب الرس: الذي يقع بجوار منارة المسجد الداخلي مربع الشكل يتكون من عشرة مرامل، والذي بناه قبل عام 1232ه أي قبل حرب إبراهيم باشا رجلٌ مشهور بالبناء يسمى(فريح) من البكيرية بمساعدة جماعة من الرس من طينة الوادي المخلوطة بالتبن، ويُشاهد الرقيبة المعتدي على البلدة من فوق المرقب على مسافة خمسين كيلو مترا من جميع الجهات، وكان ارتفاع المرقب حوالي (40مترا) وهو واسع من الأسفل ثم يضيق كلما ارتفع، وقد هدم جيش إبراهيم باشا من المرقب ستة أدوار. وعندما أرادت البلدية تأسيس شارع وسط البلدة القديمة عام 1394ه هدمت باقي المرقب.

@ مَقءصُورَة بَاب الأَمِير: وهي الوحيدة من بقايا سور الرس القديم التي لا تزال موجودة لم تصل إليها أيدي الفساد، وتقع شرق البلدة بين منازل العساف.

@ مَقءبَرَة الشُّهَدَاء: وهي مقبرة تقع في الجهة الجنوبية من البلدة غرب المدرسة الثانوية للبنات، بجوار شارع الملك فيصل من الجنوب، ودفن فيها سبعون رجلا وهم شهداء الحرب بين أهل الرس وإبراهيم باشا عام 1232ه .

@ الءجِرَيءفء: وهو تصغير (جُرءف) وهو ربوة مرتفعة من الأرض في الجهة الجنوبية من البلدة، كان أهل الرس يستخرجون منه ملح البارود أثناء حربهم مع إبراهيم باشا.

@بُرءجء الشَّنَانَة: وهو الصرح الأثري الذي بقي شامخا بكل عزة وأَنَفه رغم تعاقب السنون عليه ورغم ما يلقاه من أيدي العابثين، فقد بقي رمزا من رموز البطولة والفداء يحكي قصة البطولة التي أبداها أهل الرس وقوة بأسهم في التصدي للعدوان وكان شاهدا على شجاعتهم وتضحيتهم بنفوسهم الغالية في الدفاع عن بلدتهم يحدوهم الأمل في العيش الرغيد والحياة الهانئة، فناصروا صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز رحمه الله وانتصروا لدينهم.

هذا البرج الشاهق الذي بناه رجل من البكيرية يدعى (فريح) بمساعدة رجال من أسرة الخليفة التي تسكن بلدة الشنانة عام 1211ه ليكون متراسا لهم وقت الحرب، وفي البرج سلالم توصل إلى أعلاه، وقد تعرض البرج لقصف مدفعي أثناء الحرب التي وقعت حوله، كما إن عوامل التعرية وبعض الأيدي الطائشة لها دور ثان في تخريبه فتهدم أكثره وبقي منه الآن حوالي (20) مترا، وقد قامت إدارة الآثار بوزارة التربية في الأعوام الأخيرة بترميمه.

@ المَدءرَسَة العَسءكَريّة بالرس: من خلال المواقف المشهورة والشجاعة لأهل الرس وحبهم للحرب وبطولتهم في الدفاع عن بلدتهم فقد قامت الحكومة الرشيدة آنذاك بافتتاح المدرسة العسكرية بالرس لتحقيق رغبة أهل الرس في انخراط أبنائهم في الحياة العسكرية لغرض إحياء البطولات التي يتميز بها آباؤهم، ويشاركوا في الدفاع عن بلادهم. وهذا ما حصل إذ نجد أن أكثر أبناء الرس يعملون في المجالات العسكرية. وبقي حاليا من مبنى المدرسة العسكرية أطلال من الطين.

تأسست المدرسة العسكرية بالرس في شهر شوال عام 1374ه وتفضّل صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران آنذاك بافتتاح المدرسة في شهر ربيع الأول من عام 1375ه .

@ النّفق: ولا تزال آثاره موجودة حتى الآن في الجهة الجنوبية من المدينة وهو يحكي قصة الملحمة البطولية لأهل الرس عندما أغار عليهم إبراهيم باشا وجنوده، حيث قام الباشا وجنوده بحفر النفق بقصد هدم السور المنيع، وعندما اكتشف أهل الرس ذلك في أحد المنازل القريبة من السور أمر الشيخ قرناس قائد حرب الأهالي بأن يحضروا قطاً ويربطوا في ذيله فتيلا فتم إشعال الفتيل وهرب القط باتجاه النفق فاشتعلت النار في الذخيرة التي عبأها جنود الباشا واحترق كل من بالنفق من الجنود.

مطالب واحتياجات

نالت محافظة الرس نصيبا وافرا من كافة الخدمات الحيوية الهامة ولازال أهالي الرس يؤملون في افتتاح المزيد ومنها:

@ فرع هيئة التحقيق والإدعاء العام وفرع وزارة التجارة والصناعة ومعهد صحي للبنات وفرع بنك التسليف السعودي وكلية المجتمع ومكتب مكافحة التسول ومركز صحي وتطوير الخدمات البلدية وقسم لجوازات السعوديين وزيادة المخططات ا لسكنية ومكتب للتأمينات الاجتماعية.