(الإسلام في كوريا)④ ظهور سوق الحلال بحجم 2400 تريليون كمنجم للذهب أمام الصادرات الكورية

الشركات الحكومية تستعد لدخول أسواق الدول الإسلامية

النظرة السلبية للمسلمين وضعف نظام اعتماد الحلال يشكلان عقبة

سيئول، 23 أكتوبر(يونهاب) -- تعتبر معكرونة شركة ساميانغ بنكهة الدجاج الحار، طعام كوري معروف ويتمتع بشهرة عالمية.

بسبب مقطع فيديو لتحدي مواطن بريطاني وهو مدون على اليوتيوب لتناول معكرونة الدجاج الحار (fire noodle challenge)، تم بيع هذه المعكرونة في جميع أنحاء العالم، وبلغت مبيعات هذا النوع من المعكرونة سريعة التحضير 2 بليون كيس خلال 8 سنوات من طرحها في السوق عام 2012م.

غير أن المعكرونة المعنية التي تباع في السوق الصينية تختلف عن التي تباع في غير هذا من المناطق مثل جنوب شرق آسيا.

والفرق الأكبر هو عدم استخدام الزيوت الحيوانية. وذلك من أجل الحصول على توثيق الحلال الملزم للبضائع التي يتم تصديرها إلى دول جنوب شرق آسيا مثل أندونيسيا وماليزيا حيث يعيش الكثير من المسلمين.

وأصبحت معكرونة الدجاج الحار الحاصلة على شهادة الحلال منجما من الذهب. فقد بلغ حجم الصادرات من هذا النوع إلى جنوب شرق آسيا خلال العام الماضي 85 بليون وون (74.9 مليون دولار). وبلغت الصادرات إلى أندونسيا وماليزيا فقط 39 بليون وون. ويتوقع أن يتجاوز حجم صادرات هذا النوع خلال العام الجاري إلى دول جنوب شرق آسيا 100 بليون وون.

تشير قصة نجاح تصدير هذه المعكرونة في جنوب شرق آسيا إلى المكاسب الاقتصادية التي يمكن أن تحققها كوريا إذا فهمت الإسلام بشكل أفضل. ويمكن القول إن السوق الإسلامية التي تضم 1.8 بليون نسمة ويتجاوز حجم إنتاجها المحلي 8000 تريليون، سوق هائلة يجب ألا تفوتها الصادرات الكورية.

◇ الحلال ليس اختيارا بل نمط حياة ويُطبق على الطعام وأدوات التجميل والأدوية وكل شيء

على المسلم تقبل الحلال وتجنب الحرام، حيث يتناول المسلم لحوم الحيوانات التي تم ذبحها على الطريقة الإسلامية ويحرم عليه تناول لحم الخنزير والدم والخمر.

قد يبدو الفرق بين الحلال والحرام بسيطا غير أنه في الواقع ليس كذلك، لأن الحلال لا يشير فقط إلى الطعام ولكن يقيد محتويات وطريقة صنع المنتجات بما يشمل الملابس وأدوات التجميل والأدوية.

وعلى سبيل المثال، عند صنع ملمع الشفاه يُستخدم حمض الهيالورونيك المستخرج من تاج الديك. ولكي يمنح المنتج شهادة الحلال يجب إتمام عملية الذبح بطريقة إسلامية، ولا يمكن تصدير المنتجات إلى أسواق الدول الإسلامية دون الالتزام بهذا الشرط.

وفي ماليزيا تمنح شهادة الحلال لمياه الشرب منذ 5 ~6 سنوات. والسبب هو إمكانية إدراج مسحوق يُصنع من عظم الخنزير عند تنقية المياه من الشوائب. كما ظهر الأزر الحاصل على شهادة الحلال الخالي من مواد الخنزير أثناء عملية التقشير.

وفي هذا الصدد قال رئيس جمعية الحلال الكورية جو يونغ-تشان "الحلال هو نمط حياة يطبق في حياة المسلمين اليومية، وقواعد الحلال في الدول الإسلامية تطبق بصرامة، ونطاق الحلال يتوسع ويعقد تدريجيا، وعلى الكوريين القيام بدراسة دقيقة في هذا الصدد للحصول على شهادة الحلال".

◇الشركات الكورية تشمر سواعدها لدخول السوق الإسلامية

على الرغم من أن الحصول على شهادة الحلال يتطلب استيفاء شروط معقدة، إلا أنه من أجل دخول سوق العالم الإسلامي، لابد من أن تخضع المنتجات الكورية لإجراءات الحصول على هذه الشهادة، نظرا لعدم القدرة على تجاهل السوق الإسلامية نظرا لحجمها وقدراتها الكامنة.

ويزداد تعداد السكان المسلمين في العالم البالغ 1.8 بليون حاليا بحدود 3% سنويا، وفقا لإحصاءات البنك العالمي، وبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي (OIC) البالغ عددها 57 دولة، 7 تريليون و100 بليون دولار خلال العام الماضي، ويعتبر هذا المركز الثالث في العالم من حيث الحجم الاقتصادي بعد الولايات المتحدة والصين.

ووفقا لما قدرته وكالة تومسون رويتر العالمية للاستشارات، فإن حجم منتجات وخدمة الحلال بلغ 2 تريليون و100 بليون دولار عام 2017 ومن المتوقع ان ينمو بـ3 تريلونات دولار في عام 2023.

وتسرع الشركات الكورية أيضا خطواتها لدخول سوق الحلال الهائلة.

ومن بين هذه الأمثلة شركة كوسماكس لأدوات التجميل التي أسست مصنعها في ضاحية جاكارتا في أندونسيا عام 2013، وحصلت على شهادة الحلال من أندونسيا عام 2016م.

وحققت كوسماكس 1.7 بليون وون من المبيعات قبل حصولها على شهادة الحلال، غير أن مبيعاتها ارتفعت لـ23 مرة بعد 4 سنوات من حصولها على شهادة الحلال وكسبت 39.3 بليون وون خلال العام الماضي.

وقال مسئول في الشركة "عندما أسسنا شركة فرعية في أندونسيا لأول مرة، قمنا بإدارة المنتجات بدقة بهدف الحصول على شهادة الحلال، وسوق أدوات التجميل في أندونسيا مشرق نظرا لقدرته الكامنة فهو يحتضن 270 مليون نسمة، كما أن سوق أدوات التجميل في أندونسيا يشهد نموا سريعا بحدود 13% سنويا.

كما ظهرت شركة خاصة بالثروة الحيوانية تهدف إلى دخول السوق الإسلامية بالحصول على شهادة الحلال.

فقد حصلت شركة جونغ-وو للأغذية وهي شركة متخصصة في لحوم الدجاج على شهادة الحلال للدجاح، من مرحلة الذبح وحتى التغليف بعد خضوعها لإجراءات التدقيق التي دامت عامين. وبهذا فتحت لنفسها بابا لتصدير لحوم الدجاج إلى أندونسيا ودول إسلامية أخرى.

وقال مسئول في الشركة "شركتنا هي أول شركة كورية تحصل على شهادة الحلال في اللحوم من أندونسيا، وحتى بعد الحصول على تصديق الحلال لابد من معالجة بعض الأمور الأخرى بما يشمل الفحص الصحي والتخليص الجمركي، وإذا تعاونت الحكومة بإيجابية لمعالجة هذه القضايا، سيساعد هذا على تنشيط صناعة الحلال في البلاد".

ولكن على الرغم من وجود بعض التجارب الناجحة لدى بعض الشركات المحلية، لا يزال طريق دخول الشركات الكورية سوق الحلال طويلا.

وحققت الشركات متعددة الجنسيات للمواد الغذائية مثل شركة نستلة نجاحا كبيرا بعد دخولها سوق الحلال مبكرا، حيث تحصل نستلة 6.3 بليون دولار من مبيعاتها المطبق عليها شهادة الحلال خلال عام 2015، بينما بلغ حجم المنتجات الحلال التي صدرتها الشركات الكورية 70 مليون دولار فقط عام 2014.

ويعني هذا أن الشركات الكورية يمكن أن تجني الكثير إذا دخلت سوق الحلال بصورة نشطة مستقبلا.

◇ الحكومة بدأت دعم صناعة الحلال غير انها تواجه معارضة المدنيين بسبب النظرة السلبية تجاه الإسلام

بدأت الحكومة الكورية منذ سنوات دعم صناعة الحلال باعتبارها صناعة ذات مستقبل واعد.

فقد أبرمت الحكومة مذكرة تفاهم من أجل التعاون فيما يتعلق بالمأكولات الحلال مع دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2015. وبموجب الاتفاقية، سعت لبناء "مجمع المنتجات الغذائية الحلال" في إكسان بإقليم جولا الشمالي، بهدف زيادة الصادرات من المنتجات الغدائية الحلال إلى تريليون و400 بليون وون حتى عام 2017.

كما سعت لتنفيذ خطة تشجيع السياحة الحلال لجذب السياح المسلمين.

وخططت الحكومة لجذب جزء من السياح المسلمين الذين بلغ عددهم 140 مليون سائح عام 2018. وارتفع عدد السياح المسلمين إلى 970 ألفا عام 2018 من 870 ألفا عام 2017. وبلغ عددهم في النصف الأول من عام 2019 حوالي 510 آلاف، على الرغم من أن السياحة توقفت حاليا بسبب جائحة كوفيد-19.

غير أن هذه المساعي الحكومية تتعرض لعقبة، حيث اصطدمت النظرات السلبية الموجهة للإسلام ببعض المشاريع الحكومية.

وتوقفت خطة بناء مجمع المنتجات الغدائية الحلال بسبب معارضة المنظمات الدينية والمدنية الشديدة. وانتشرت شائعات تقول "إن بناء مجمع المنتجات الغذائية الحلال سيجلب مليون مسلم إلى البلاد ويتحول المجتمع إلى قاعدة إرهابية لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

ولم تنفذ خطة هيئة السياحة الكورية لبناء مصلى للمسلمين وتخصيص مطعم لهم في أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوية بصورة جيدة، بسبب عرائض احتجاجية ومظاهرات معارضة.

ويوجد 314 مطعما صديقا للمسلمين في البلاد. حصل 12 مطعما فقط منها على شهادة الحلال من منظمات خارجية. أما باقي المطاعم تستخدم لحوم حلال تحضرها بأنفسها، وبعض المطاعم الأخرى تتضمن قائمتها لحم الخنزير.

وحتى المطاعم التي حصلت على شهادة الحلال، لا تضع علامة الحلال أمام الباب بسبب احتجاج بعض الزبائن على بيع الطعام للمسلمين.

فإن البنية التحتية الضعيفة للحصول على شهادة الحلال في كوريا، تشكل كذلك عقبة لتطوير صناعة الحلال أيضا.

وقال مدير الهيئة الكورية لاعتماد الحلال جين جيه-نام "تعرضت العديد من الشركات لرفض منتجاتها المصدرة إلى الدول الإسلامية بعد أن حصلت على شهادة الحلال اعتمادا على مستشارين غير متخصصين، ولم تتواجد مؤسسة رسمية تقيم مدى الالتزام بقواعد الحلال في كوريا إلا مؤخرا".

وقال رئيس جمعية الحلال الكورية جو يونغ-تشان "سوق الحلال سوق هائلة بحجم 2000 تريليون وون، في حين أن الصادرات الكورية الحلال تتجاوز التريليون وون بقليل وحسب، ومع الحصول على اعتماد الحلال بالإضافة إلى شهرة الثقافة الكورية في جنوب شرق آسيا والشرق الاوسط، يمكن أن تزيد الصادرات الكورية في أسواق الدول الاسلامية بصورة كبيرة مستقبلا".

(انتهى)

peace@yna.co.kr