تخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما الذي يحدث في العراق وما أسباب الصراع على السلطة في البلاد؟

يشهد العراق في الآونة الأخيرة تصاعدا غير مألوف للصراع على السلطة بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه من الشيعة المدعومين من إيران. صراع أدى إلى اقتحام أنصار الصدر البرلمان السبت، للمرة الثانية خلال أيام، وبدء اعتصام مفتوح بداخله.

أنصار مقتدى الصدر يقتحمون مجلس النواب العراقي في بغداد، 30 تموز/ يوليو 2022.
أنصار مقتدى الصدر يقتحمون مجلس النواب العراقي في بغداد، 30 تموز/ يوليو 2022. © ثائر السوداني/ رويترز
إعلان

بات الخلاف على من سيشكل الحكومة المقبلة مصدر تفاقم الشقاق في المجتمع الشيعي العراقي الذي يهيمن على السياسة في البلاد منذ غزو الولايات المتحدة والإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين في العام 2003.

من هو مقتدى الصدر وما هو "الإطار التنسيقي"؟

ينحدر مقتدى الصدر من عائلة دينية بارزة، تدعمه قاعدة شعبية شديدة الولاء ولديه سجل حافل بالأعمال والقرارات الثورية، ومنها قتال القوات الأمريكية بعد الغزو والاشتباك مع السلطات العراقية.

وقاد الصدر فصيل جيش المهدي الذي برز في السنوات التي تلت الغزو، لكن تم حله رسميا في العام 2008 غير أن سرايا السلام النابع منها لازالت تحتفظ بآلاف المقاتلين المسلحين.

ولمقتدى الصدر نفوذ كبير في الدولة، حيث يشغل أنصاره مناصب عديدة. وقد أكد على أوراق اعتماده كوطني عراقي في السنوات القليلة الماضية بمعارضته نفوذ كل من الولايات المتحدة وإيران.

ومن جانبهم يشكل خصوم الصدر الشيعة تحالفا يعرف بـ"الإطار التنسيقي" يضم ساسة متحالفين مع طهران مثل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وجماعات شبه عسكرية تسلحها وتدربها إيران.

وتبقى علاقات العديد من هذه الجماعات بطهران مقترنة بالحرب الإيرانية العراقية، عندما دعمت إيران الشيعة ضد صدام. ويتبادل كلا الجانبين اتهامات الفساد في البلاد.

ما الذي صعّد التوتر؟

بدأ يشتد التوتر منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول التي برزت فيها حركة الصدر كأكبر كتلة برلمانية بـ74 مقعدا من مجموع 329 وتراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقا.

وبعدما فشلت في إلغاء نتيجة الانتخابات على الساحة القضائية، شرعت الفصائل المدعومة من إيران في إحباط جهود الصدر لتشكيل حكومة تضم حلفاءه من الأكراد والعرب السنة، لكنها استبعدت الجماعات التي وصفها الصدر بالفاسدة أو الموالية لطهران.

ورغم تضاؤل عدد ممثليها في البرلمان، تمكنت الجماعات المتحالفة مع إيران من إحباط الصدر عبر حرمانه من الحصول على ثلثي النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس دولة كردي، وهي الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة في العراق.

وبغية الخروج من هذا المأزق طلب الصدر من نوابه الانسحاب من البرلمان في يونيو/حزيران. وسمحت هذه الخطوة بإخلاء عشرات المقاعد "للإطار التنسيقي"، مما يعني أنه قد يحاول تشكيل حكومة من اختياره.

واقترح المالكي، خصم الصدر والذي يريد العودة إلى الحياة السياسية، نفسه لتولي منصب رئيس الوزراء، وهو منصب يجب أن ينتقل إلى شيعي في النظام السياسي العراقي، لكنه تراجع بعد أن انتقده الصدر في تغريدة على تويتر.

وقام خصوم الصدر بعد ذلك بطرح مرشح آخر، وهو محمد شياع السوداني، الذي يعتبره أنصار الصدر من الموالين للمالكي وهو الأمر الذي أشعل فتيل الاحتجاجات.

ما تبعات هذه التطورات؟

ويفتقد العراق لحكومة جديدة منذ أكثر من تسعة أشهر الآن ما يعتبر رقما قياسيا في حقبة ما بعد صدام.

وما يغذي هذه المواجهات الفشل السياسي الذريع في بلد يعاني من تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة على الرغم من الثروة النفطية الهائلة والهدوء النسبي الذي تعرفه البلاد منذ هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل خمس سنوات.

هذا، وفي الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار النفط الخام إلى زيادة في عائدات النفط العراقية إلى مستويات قياسية، لا توجد ميزانية حكومية للعام 2022، بل وتم تأجيل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية.

ومن جهته يبقى الشعب العراقي العادي يعاني من انقطاع الكهرباء والمياه. وفي السياق يدق برنامج الأغذية العالمي ناقوس الخطر ويؤكد إن 2.4 مليون من السكان البالغ عددهم 39 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة في توفير سبل العيش.

كما يصرف هذا الشلل الانتباه عن مشاكل مثل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والجفاف والتهديد المستمر الذي يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية".

أما رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي فيواصل مهامه في تصريف الأعمال في الوقت الحالي.

هل العراق في طريقه إلى موجة عنف؟

كانت أثارت دعوة الإطار التنسيقي لأنصاره بالتجمع الأحد مخاوف من حدوث مواجهة في الشوارع، لكن تم إلغاؤها.

ومن جانبها دعت الأمم المتحدة إلى وقف التصعيد بالقول إن "أصوات العقل والحكمة ضرورية لمنع المزيد من العنف". كما دعا العديد من الزعماء العراقيين إلى الحفاظ على السلم الأهلي.

أما الصدر فتعهد بالعمل السياسي السلمي، لكن تسانده سرايا السلام المسلحة إذ يحتفظ كثيرون من أتباعه المدنيين بالسلاح، ما يثير مخاوف من وقوع اشتباكات مسلحة إذا اشتدت المواجهة.

كما سيزعج الخلاف بين الشيعة العراقيين إيران ونفوذها الكبير في البلاد من خلال حلفائها الشيعة منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بخصمها صدام.

وللتذكير سبق لإيران وأن تدخلت من قبل لتهدئة الاضطرابات الداخلية في العراق ولكنها لم تعلق بعد على التطورات الأخيرة.

فرانس24/رويترز

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.