Academia.eduAcademia.edu
‫مجلة جامعة الملك عبدالعزيز‪ :‬اآلداب والعلوم االنسانية‪ ،‬م‪26‬ع‪ 2‬ص ص‪2018( 143 -123 :‬م)‬ ‫‪DOI:10.4197 / Art.26-2.7‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫د‪ .‬حسين محمد القرني‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ -‬جامعة الملك عبدالعزيز‬ ‫جدة‪ -‬المملكة العربية السعودية‬ ‫الملخص يقدم البحث عرضاً لمنهج التحليل الثقافي للشعر العربي مقوماً ما له وما عليه‪ ،‬ومبر اًز مواطن القوة‬ ‫وجوانب الضعف فيه‪ .‬ويبدأ بمهاد نظري يستعرض ركائز القراءة الثقافية للنصوص األدبية‪ ،‬ثم يورد نموذجاً من‬ ‫شعر عمارة بن عقيل في العصر العباسي؛ يتسم باحتوائه جملة من المتضادات على مستويات اللفظ والتركيب‬ ‫والفكرة‪ .‬تهدف القراءة الثقافية لهذا النموذج الشعري الكتشاف األنساق المتعددة في النص مبينة في اآلن نفسه حدود‬ ‫هذا المنهج‪ ،‬وامكاناته في التحليل والتأويل‪ ،‬وكاشفة لمظان القصور والخلل‪ .‬ومن نتائج التحليل الثقافي لضادية‬ ‫عمارة تبين أن استعمال الثنائيات المتضادة يضمر جملة من المفارقات التي عاصرها الشاعر‪ ،‬فاختار لكشفها‬ ‫أسلوباً شعرياً يناسبها‪.‬‬ ‫كلمات مفتاحية‪ :‬التحليل الثقافي‪ ،‬جماليات الثقافة‪ ،‬التأويل‪ ،‬التضاد‪ ،‬عمارة بن عقيل‪.‬‬ ‫مدخل تمهيدي‬ ‫اهتمت المناهج التأويلية في عصر ما بعد الحداثة‬ ‫بالنظر في األنساق والبنى االجتماعية والثقافية‪،‬‬ ‫وعدتها مفاتيح للولوج إلى عوالم النص‪ ،‬وتفسير‬ ‫غوامضه‪ ،‬وتأويل مفارقاته‪ ،‬واستكناه مرامي مبدعه‪،‬‬ ‫وفك شيفراته من خالل التحليل المتأني‪ ،‬والدراسة‬ ‫الفاحصة لكل ما له عالقة بالنص من خلفيات علمية‬ ‫وثقافية وتاريخية واجتماعية واقتصادية‪ ،‬ومن هذه‬ ‫المناهج منهج "التأريخية الجديدة" أو "جماليات التحليل‬ ‫الثقافي"‪.‬‬ ‫ُي َع ُّد هذا المنهج إطا اًر عاماً لجهود قام بها عدد من‬ ‫النقاد الغربيين من أشهرهم ستيفن غرينبيالت؛‬ ‫لتأسيس مفهوم جديد لمقاربة النص من خارجه‬ ‫ويتيح للمتلقي‬ ‫اعتماداً على عوامل إشارية سياقية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫استلهام التأريخ عند تفسير النص األدبي دون التسليم‬ ‫بحرفيته؛ أو تلقائية تأثيره على العمل األدبي‪ ،‬ولكن‬ ‫‪123‬‬ ‫‪124‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫باعتباره أحد مفاتيح القراءة التي تلقي بالضوء على‬ ‫شيء من غوامض النص‪.‬‬ ‫إال أن "التأريخية الجديدة" عمدت إلى توسيع دائرة ما‬ ‫ينبغي اإلحاطة به قبل التمكن من فهم النص األدبي‬ ‫لتشمل األفكار السائدة في المجتمع‪ ،‬والتقاليد‬ ‫واألعراف‪ ،‬والمنتجات الثقافية؛ األدبية منها وغير‬ ‫األدبية‪ ،‬والفنون الشعبية‪ ،‬ومراكز السلطة‪ ،‬ودوائر‬ ‫الثروة‪ ،‬وطبقات المجتمع‪ ،‬وتنظيماته‪ ،‬والتراتبية فيه‪.‬‬ ‫وعمدت إلى محاولة تحديد أين تتقاطع دوائر‬ ‫المصالح مع مراكز السلطات المختلفة فيه‪ ،‬زعماً أن‬ ‫هذه التقاطعات تمثل مكاناً مالئماً تتضح فيه "شعرية‬ ‫الثقافة" واألفكار السائدة التي عايشها المبدع‪ ،‬وتشك َل‬ ‫في إطارها فك اًر وابداعاً‪.‬‬ ‫ه ذذذا الم ذذنهج وان ك ذذان ق ذذد ظه ذذر من ذذذ ثماني ذذات الق ذذرن‬ ‫العش ذ ذ ذ ذرين إال أنذ ذ ذ ذذه ال زال ذا شذ ذ ذ ذذهرة عنذ ذ ذ ذذد منظريذ ذ ذ ذذه‬ ‫وأنصذذاره‪ ،‬ففذذي شذذهر إبريذذل عذذام ‪2014‬م‪ ،‬تلقذذى الناقذذد‬ ‫األمريكذ ذذي البروفيسذ ذذور سذ ذذتيفن غ ذ ذرينبالت ( ‪Stephen‬‬ ‫‪ )Greenblatt‬دع ذذوة م ذذن جامع ذذة طهذ ذران إللق ذذاء كلم ذذة‬ ‫االفتتذذال للملتقذذى اإلي ارنذذي األول عذذن شكسذذبير‪ ،‬فقبذذل‬ ‫الذذدعوة ‪ -‬كمذذا يذذروي ‪ -‬مذذالمالً أن يحقذذق حلم ذاً عم ذره‬ ‫أكثر من خمسين عاماً بزيارة إيران‪.‬‬ ‫لم يكن عراب التأريخية الجديدة (‪)New Historicism‬‬ ‫والخبير بالتراجيديات الشكسبيرية‪ ،‬راغباً فذي أن يكذون‬ ‫ف ذ ذذي محاض ذ ذذرته م ذ ذذا يس ذ ذذتثير الس ذ ذذلطات خوفذ ذ ذاً عل ذ ذذى‬ ‫مستضذيفيه ‪-‬كمذذا يقذذول‪ -‬مذذن منظمذذين وطذذالب‪ ،‬لكنذذه‬ ‫فذذي الوقذذت نفسذذه لذذم يذذرد أن تمذذر هذذذه المناسذذبة النذذادرة‬ ‫دون ق ذ ذذول ش ذ ذذيء م ذ ذذا‪ .‬فك ذ ذذان مم ذ ذذا قال ذ ذذه ف ذ ذذي كلمت ذ ذذه‪،‬‬ ‫متحدثاً عن السياق الذي أنتج فيه شكسبير أعماله‪:‬‬ ‫"كان ذ ذذت إنجلتذ ذ ذ ار ف ذ ذذي أواخ ذ ذذر الق ذ ذذرن الس ذ ذذادس عش ذ ذذر‪،‬‬ ‫وبدايات القرن السابع عشر مجتمعاً منغلقاً ومستع َبداً‪،‬‬ ‫حتى أصبح التعبير الصذادق عمذا فذي دواخذل األنفذس‬ ‫مذ ذذن أفكذ ذذار عم ذ ذالً خطذ ذ ذ اًر‪ .‬كذ ذذان جواسذ ذذيس الحكوم ذ ذذة‬ ‫يراقبذ ذ ذ ذذون عذ ذ ذ ذذن كثذ ذ ذ ذذب األمذ ذ ذ ذذاكن العامذ ذ ذ ذذة والحانذ ذ ذ ذذات‬ ‫والخمذذارات‪ ،‬وكذذانوا يذذدونون كذذل مذذا يسذذمعون‪ ،‬ك ذاآلراء‬ ‫التي كانت تتعذارض مذع الذرأي الرسذمي للدولذة ‪ ...‬أو‬ ‫معتقذ ذ ذذدات السذ ذ ذذلطات الكنس ذ ذ ذية إذا قوبلذ ذ ذذت بالشذ ذ ذذجب‬ ‫واالستنكار‪ ،‬ويقود ذلك إلى عواقب وخيمة‪ .‬فقد حذدث‬ ‫أن قذذدم ُمخبذذر متعذذاون مذذع الشذذرطة شذذكو ً دون فيهذذا‬ ‫اآلراء المشينة في معارضة الكنيسة المسيحية للكاتذب‬ ‫المسذذرحي كريسذذتوفر مذذارلو‪ ،‬علم ذاً بذذأن ملكذذة إنجلتذ ذ ار‬ ‫هذ ذ ذذي رأس الكنيسذ ذ ذذة أيض ذ ذ ذاً‪ .‬قُتذ ذ ذذل مذ ذ ذذارلو فذ ذ ذذي نهايذ ذ ذذة‬ ‫المط ذ ذذاف عل ذ ذذى أي ذ ذذدي أعض ذ ذذاء م ذ ذذن األم ذ ذذن الس ذ ذذري‬ ‫اإلليزابيثذذي‪ ،‬واعتُبذر القتذ ُل نتيجذةَ عذراك داخذذل الحانذذة‪،‬‬ ‫ذب‬ ‫وف ذ ذذي الس ذ ذذياق نفس ذ ذذه‪ ،‬خض ذ ذذع زمي ذ ذذل م ذ ذذارلو الكات ذ ذ ُ‬ ‫المس ذ ذذرحي توم ذ ذذاس ك ذ ذذد للتحقي ذ ذذق‪ ،‬وم ذ ذذات عل ذ ذذى إث ذ ذذر‬ ‫التعذيب الشديد الذي تعرض له‪.‬‬ ‫لقذذد كذذان مكسذذباً عظيم ذاً إذا اسذذتطاع المذذرُء أن يكذذون‬ ‫ص ذذادقاً‪ ،‬وصذ ذريحاً‪ ،‬وحذ ذ اًر ف ذذي ذل ذذك الع ذذالم‪ .‬وبإمكانن ذذا‬ ‫القول أيضا‪ :‬لقد كان من الممكذن‪ ،‬وربمذا مذن السذهل‪،‬‬ ‫أن ُيوجذ ذذد مذ ذذن ُيصذ ذذادف أن تتطذ ذذابق هرااله مذ ذذع ال ذ ذ أري‬ ‫الرسذذمي للدولذذة والكنيسذذة‪ ،‬وبالتأكيذذد فقذذد جذذودل بب ارعذذة‬ ‫أن مسذ ذذرحيات شكسذ ذذبير غالب ذ ذاً مذ ذذا تعكذ ذذس مذ ذذا سذ ذذمي‬ ‫بذ ذ(ص ذذورة العذذالم اإلليزابيث ذذي)؛ لقذذد ص ذذورت مس ذذرحياته‬ ‫التراتبي ذذة المجتمعي ذذة الت ذذي تعل ذذي م ذذن ش ذذأن الس ذذالالت‬ ‫النبيل ذذة‪ ،‬وتج ذذرف التوجه ذذات المتع ذذددة والمتباع ذذدة إل ذذى‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫وجهات غير منطقيذة‪ ،‬ويبذرز فيهذا ‪ -‬بشذكل أسذاس ‪-‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫احترام الطبقات وأنظمتها"‪.‬‬ ‫ثم ينطلق غرينبالت فذي ضذرب األمثلذة لمذا وجذده فذي‬ ‫أعمال شكسبير مذن أمثلذة لنجاحذه فذي االحتيذال علذى‬ ‫الرقيذ ذذب؛ إذ ضذ ذذمن بعذ ذذض العبذ ذذارات المخاتلذ ذذة علذ ذذى‬ ‫ألس ذذنة شخص ذذياته المس ذذرحية‪ ،‬وأردف ذل ذذك ب ذذأن جع ذذل‬ ‫الشخصية ينتهي بها الحال إلى الجنون‪ ،‬ثم جعل هذا‬ ‫النوع من الحوارات عن عصور سابقة ال معاصرة له‪.‬‬ ‫ويالكذ ذ ذ ذذد غ ذ ذ ذ ذرينبالت موقفذ ذ ذ ذذه مذ ذ ذ ذذن عالقذ ذ ذ ذذة شكسذ ذ ذ ذذبير‬ ‫بمالسسات عصره بالقول‪" :‬لم يمثذل شكسذبير – أبذداً‪-‬‬ ‫الس ذذلطات المعاصذ ذرة ل ذذه بش ذذكل مباش ذذر‪ ،‬كم ذذا أن ذذه ل ذذم‬ ‫يعبر عن هرائه الشخصية فيمذا عاصذره مذن مجذادالت‬ ‫(‪)2‬‬ ‫حول الدولة أو الكنيسة"‪.‬‬ ‫وبع ذ ذذد سلس ذ ذذلة م ذ ذذن األمثل ذ ذذة التراجيدي ذ ذذة الت ذ ذذي يورده ذ ذذا‬ ‫غرينبالت لجمهوره‪ ،‬يختم حديثه برسالة موجهة‪ُ ،‬يلمح‬ ‫فيهذ ذذا إلذ ذذى أن الحذ ذذديث عذ ذذن هذ ذذذه القصذ ذذص الحزينذ ذذة‬ ‫"مهم ذذة الب ذذد م ذذن حمله ذذا حت ذذى تُخل ذذد ه ذذذه القص ذذص"؛‬ ‫َ‬ ‫ُليستلهم منها ما ُينير الطريق "حتى في ظل الظذروف‬ ‫الص ذذعبة‪ ،‬لك ذذي نحي ذذا ص ذذادقين أحذ ذ ار اًر‪ ،‬وص ذذرحاء ف ذذي‬ ‫(‪)3‬‬ ‫حديثنا عن حياتنا نحن"‪.‬‬ ‫هذه الع َينةُ نموذج يبزر عمل الناقذد الثقذافي‪ ،‬والباحذث‬ ‫فذي جماليذات الثقافذة (‪ )Cultural Poetics‬وأدواتذه فذي‬ ‫مقاربذ ذذة النصذ ذذوص األدبيذ ذذة والتاريخيذ ذذة‪ ،‬وتحمذ ذذل فذ ذذي‬ ‫الوق ذ ذ ذذت نفس ذ ذ ذذه إش ذ ذ ذذارات واض ذ ذ ذذحة إل ذ ذ ذذى دور الق ذ ذ ذذار‬ ‫المعاصذذر المتلقذذي لهذذذه النصذذوص‪ ،‬والمحذذددات التذذي‬ ‫‪Stephen Greenblatt, ‘Afterward: Shakespeare in‬‬ ‫‪Tehran’ in Shakespeare in Our Time: A Shakespeare‬‬ ‫‪Association of America Collection, ed. by: Dympna‬‬ ‫‪Callaghan and Suzanne Gossett, (London: Bloomsbury‬‬ ‫‪Arden Shakespeare, 2016), pp. 347-348.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫‪Ibid, p. 349.‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫‪Ibid, p. 350.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪125‬‬ ‫توجه عمله أثناء القراءة والتحليل‪ .‬وقذد سذبق أن أشذار‬ ‫غ ذرينبالت إلذذى اسذذتحالة الفصذذل بذذين مواقذذف المتلقذذي‬ ‫وتقاطعاتها مع ثقافة مبدع النص الذذي يقذوم بتحليلذه‪،‬‬ ‫وعصره بقوله‪:‬‬ ‫"يجذ ذذب أن أضذ ذذيف أنذ ذذه إذا كانذ ذذت البويطيقذ ذذا الثقافيذ ذذة‬ ‫واعيذذة بوظيفتهذذا كتفسذذير‪ ،‬فذذإن ذلذذك الذذوعي يمتذذد إلذذى‬ ‫تقبذذل اسذذتحالة إعذذادة بنذذاء ثقافذذة القذذرن السذذادس عشذذر‬ ‫بصذ ذذورة كاملذ ذذة‪ ،‬واعذ ذذادة الذ ذذدخول فيهذ ذذا‪ ،‬واسذ ذذتحالة أن‬ ‫يترك اإلنسان موقفه الخاص وراءه‪ :‬فمن الواضذح فذي‬ ‫كذذل موضذذع مذذن هذذذا الكتذذاب أن األسذذئلة التذذي أسذذألها‬ ‫لمذ ذذادتي‪ ،‬بذ ذذل طبيعذ ذذة هذ ذذذه المذ ذذادة ذاتهذ ذذا‪ ،‬هذ ذذي أسذ ذذئلة‬ ‫(‪)4‬‬ ‫تحددها األسئلة التي أسألها لنفسي"‪.‬‬ ‫وهذه إشارة واضذحة إلذى أن القذار لذن يكذون محايذداً‪،‬‬ ‫وال ينتظذ ذذر منذ ذذه ذلذ ذذك؛ ألنذ ذذه ببسذ ذذاطة ال يسذ ذذتطيع أن‬ ‫يتخلذذى عذذن تصذذوراته ومنطلقاتذذه وأيديولوجتذذه الخاصذذة‬ ‫التي تشكل وعيه بما حوله‪ ،‬وتذالثر فذي تلقيذه للمفذاهيم‬ ‫والتم ذذثالت الت ذذي يج ذذدها ف ذذي ال ذذنص ال ذذذي ب ذذين يدي ذذه؛‬ ‫فالح ذ ذ ذذديث – مذ ذ ذ ذذثالً‪ -‬ع ذ ذ ذذن الص ذ ذ ذ ذراع ب ذ ذ ذذين األديذ ذ ذ ذذب‬ ‫(شكسذذبير) والمالسسذذات الثقافيذذة فذذي عصذره‪ ،‬ال يمكذذن‬ ‫لن ذذا تص ذذوره دون اإلحال ذذة إل ذذى مخزونن ذذا الثق ذذافي ع ذذن‬ ‫صذ ذراع م ذذن ه ذذذا الن ذذوع ف ذذي تاريخن ذذا‪ ،‬أو ثقافتن ذذا نحذ ذن‬ ‫المنتمذذين إلذذى ثقافذذة مختلفذذة‪ ،‬وحقبذذة زمنيذذة بعيذذدة عذذن‬ ‫زمذذن الصذراع الماثذذل أمامنذذا فذذي الذذنص‪ .‬وبالتذذالي فذذإن‬ ‫إسذذقاطاتنا ستتسذذلل إلذذى تكذذوين الصذذورة الذهنيذذة لذذدينا‬ ‫عذذن هذذذا الص ذراع‪ ،‬وستضذذيف إليذذه مذذا يكمذذل الصذذورة‬ ‫ويمذذا الف ارغذذات الناقصذذة فذذي مفهومهذذا‪ .‬ثذذم إننذذا عنذذد‬ ‫)‪ (4‬عبدالعزيز حمودة‪ ،‬الخروج من التيه‪( ،‬الكويت‪ :‬المجلس الوطني‬ ‫للثقافة والفنون واآلداب‪ ،)2003 ،‬ص‪ ،255‬نقال عن‪:‬‬ ‫‪Stephen Greenblatt, Shakespearean Negotiations: The‬‬ ‫‪Circulation of social energy in Renaisssance England,‬‬ ‫‪Berkeley: University of California Press 1988), p.5.‬‬ ‫‪126‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫كتابتنذذا عذذن هذذذا الص ذراع وتحليلذذه ثقافي ذاً سذذنعبر عمذذا‬ ‫انطب ذذع ف ذذي أذهانن ذذا نحذ ذو ذل ذذك الصذ ذراع‪ ،‬وحتمذ ذاً فإن ذذه‬ ‫سذذيحمل بعذذض االختالفذذات (اليسذذيرة أو الكبي ذرة) عذذن‬ ‫تمثالت هذا الصراع في المدونات التاريخية واألدبيذة‪.‬‬ ‫ولذا فاإلشارة إلى ضرورة الوعي بدور الذات في خلق‬ ‫هذذذه التمذذثالت وتفسذذيرها ممذذا يحسذذب للتذذأريخين الجذذدد‬ ‫في ميدان التحليل الثقافي (‪.)Cultural Analysis‬‬ ‫ومم ذذا يحف ذذز عل ذذى تفس ذذير إس ذذقاطات المحاضذ ذرة عل ذذى‬ ‫الواقذ ذع المع ذذي ف ذذي إيذ ذران وس ذذلوك المحاض ذذر طريقذ ذاً‬ ‫مخذذاتالً لذذيقول شذذيئاً مذذا دون اسذذتثارة الرقيذذب‪ ،‬محاولتذذه‬ ‫خل ذذق ن ذذوع م ذذن التش ذذابه ب ذذين األدي ذذب شكس ذذبير والناق ذذد‬ ‫غ ذرينبالت‪ ،‬اللذذذين يفصذذل بينهم ذذا أربعذذة قذذرون‪ .‬الب ذذد‬ ‫ب ذ ذ ذ ذذالطبع أن نستحض ذ ذ ذ ذذر ‪ -‬كمتلق ذ ذ ذ ذذين ‪ -‬أن س ذ ذ ذ ذذتيفن‬ ‫غ ذ ذ ذ ذرينبالت (أمريكذ ذ ذ ذذي)‪ ،‬وعليذ ذ ذ ذذه فالتذ ذ ذ ذذاريخ الطويذ ذ ذ ذذل‬ ‫للعالقذ ذذات السياسذ ذذية المضذ ذذطربة بذ ذذين بذ ذذالده والنظذ ذذام‬ ‫ابتداء من حادثة مهاجمذة السذفارة‪ ،‬واحتجذاز‬ ‫اإليراني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫العذ ذذاملين بهذ ذذا رهذ ذذائن‪ ،‬ال بذ ذذد أن يلقذ ذذي بظاللذ ذذه عل ذ ذى‬ ‫تفكي ذذر غذ ذرينبالت وتصذ ذرفه بطريق ذذة أو ب ذذأخر ‪ ،‬وه ذذو‬ ‫أيض ذاً (يهذذودي)‪ ،‬والخطذذاب اإلي ارنذذي المعلذذن ‪ -‬علذذى‬ ‫األقذذل – معذذاد لليهوديذذة والصذذهيونية‪ ،‬ومذذن المفارقذذات‬ ‫التذي يشذير إليهذا غذرينبالت‪ ،‬وجعلتذه يشذعر باالرتيذذاب‬ ‫– على حد وصفه‪ -‬عندما وصلته الدعوة‪ ،‬أنها كانت‬ ‫مذيلة بتوقيذع ثذالث شخصذيات أحذدها (لذم يسذمه) مذن‬ ‫أكث ذ ذ ذذر المع ذ ذ ذذادين لليه ذ ذ ذذود‪ ،‬وال يف ذ ذ ذذرق ب ذ ذ ذذين اليهودي ذ ذ ذذة‬ ‫والصذ ذذهيونية ودولذ ذذة إس ذ ذرائيل التذ ذذي زارهذ ذذا غ ذ ذرينبالت‬ ‫(‪)5‬‬ ‫م ار اًر‪.‬‬ ‫التأسيس النظري‪:‬‬ ‫)‪(5‬‬ ‫‪Stephen Greenblatt, Shakespeare in Tehran, at:‬‬ ‫‪<http://www.nybooks.com/articles/2015/04/02/shakespe‬‬ ‫‪are-in-tehran/>, [accessed on 10 March 2017].‬‬ ‫سأعرض في السطور التالية عدداً من اإلشارات التي‬ ‫حاولت تحديد مفهوم التحليل الثقافي‪ .‬ستيفن‬ ‫غرينبيالت‪ ،‬الناقد األبرز في هذا السياق‪ )6(،‬يشير‬ ‫إلى أن التحليل الثقافي ال بد "أن يذهب إلى ما هو‬ ‫أبعد من النص والقيم من جهة‪ ،‬والمالسسات‬ ‫والممارسات األخر في الثقافة من جهة أخر " لذا؛‬ ‫فإن التحليل المتأني والمستقصي يمكن من "استعادة‬ ‫القيم الثقافية التي امتصها النص األدبي‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫النص ]األدبي[‪ ،‬على عكس النصوص األخر ‪،‬‬ ‫قادر على أن يتضمن بداخله السياق الذي تم إنتاجه‬ ‫وسيمك ُن نتيجة لهذا تكوين صورة للثقافة‬ ‫من خالله‪ُ ،‬‬ ‫كتشكيل معقد أو شبكة" يتم من خاللها التعامل‬ ‫والتبادل لكل ما يمكن انتقاله من أفكار ومنتجات بل‬ ‫حتى البشر يتم تبادلهم "من خالل ممارسات مثل‬ ‫االسترقاق والتبني والزواج"‪ )7( .‬وقد طوره من‬ ‫مصطلح التاريخانية الجديدة ثم ارتضى في أواخر‬ ‫الثمانينات مصطلح (الجماليات الثقافية‪ /‬شعرية‬ ‫(‪)8‬‬ ‫الثقافة)‪.‬‬ ‫ويحدد زميله في المدرسة ذاتها هيرولد هرام فيزر‬ ‫خمس فرضيات تجمع التأريخيين الجدد على الرغم‬ ‫من اختالف توجهاتهم في أعمالهم النقدية وتعددها‬ ‫في مقارباتهم للنص األدبي‪:‬‬ ‫)‪ (6‬من المهم اإلشارة إلى أن ستيفن غرينبالت يؤكد في سياقات مختلفة أنه‬ ‫يحاول أن يبتعد عن وضع إطار نظري‪ ،‬أو فلسفة خاصة بالتاريخانية‬ ‫الجديدة بل يكتفي باإلشارة إلى أنها مجرد محاولة وليست عقيدة‬ ‫(‪ )doctrine‬وإنما ممارسة (‪.)practice‬‬ ‫‪Stephen Greenblatt, ‘Toward a Poetics of Culture’, The‬‬ ‫‪New Historicism, (New York: Routledge, 1989), p.1.‬‬ ‫(‪)7‬ميجان الرويلي وسعد البازعي‪’ ،‬التاريخانية الجديدة‪/‬التحليل الثقافي‘‪،‬‬ ‫دليل الناقد األدبي‪ :‬إضاءة ألكثر من سبعين تيار ًا ومصطلح ًا نقديا‬ ‫معاصر ًا‪ ،‬ط ‪( ،5‬الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪ )2007 ،‬ص‬ ‫‪.80‬‬ ‫)‪ (8‬عبد هللا الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ :‬قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ ،‬ط‬ ‫‪( ،3‬الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪ ،)2005 ،‬ص‪.49‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫متجذر في شبكة من‬ ‫أوالً‪ :‬كل عمل تعبيري‬ ‫َ‬ ‫الممارسات المادية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬كل محاولة للكشف أو االنتقاد أو المعارضة‬ ‫]للعمل التعبيري[ إنما تستخدم األدوات نفسها التي‬ ‫تشجبها‪ ،‬وتخاطر في الوقت نفسه بالوقوع ضحية‬ ‫للممارسة التي تحاول كشفها‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬النصوص األدبية وغير األدبية تذيع معاً وال‬ ‫تنفك عن بعضها‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬ال يوجد خطاب‪ ،‬توثيقي أو متخيل‪ ،‬يستطيع‬ ‫أن يقدم حقائق ثابتة‪ ،‬أو يعبر عن طبيعة إنسانية‬ ‫غير قابلة للتغيير‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬اآلليات النقدية واللغة المالئمة لوصف ثقافة‬ ‫ما تحت نظام رأسمالي هي بالضرورة مشاركة في‬ ‫(‪)9‬‬ ‫تلك االقتصاديات‪.‬‬ ‫والتحليل الثقافي ليس بدعاً أو نشا اًز في الدراسات‬ ‫النقدية؛ بل امتداد طبيعي للمناهج التي ُعنيت‬ ‫بالسياق ابتداء "بالسياق التداولي‪ ،‬فالسياق المعرفي‬ ‫ثم السياق االجتماعي – النفسي‪ ،‬وأخي اًر السياق‬ ‫االجتماعي الثقافي"‪)10( .‬ولعل مما يسترعي االنتباه‬ ‫ويستدعي االهتمام شيوع مصطلحات تنتمي إلى‬ ‫حقول معرفية أخر كاالقتصاد وعلم االجتماع في‬ ‫الكتابات النقدية التي تعتمد التحليل الثقافي منهجا‬ ‫في مقاربة األعمال األدبية‪ .‬وقد القى عمل‬ ‫التأريخيين الجدد هذا استحسان "جماعات النقد‬ ‫المابعد بنيوي‪ ،‬ونظريات الخطاب‪ .‬إذ به َع َبر‬ ‫الدارسون الحدود فيما بين التاريخ واألنثروبولوجيا‬ ‫‪H.‬‬ ‫‪Aram Veeser, ‘Introduction’ inThe New‬‬ ‫‪Historicism, (New York: Routledge, 1989), p. XI.‬‬ ‫)‪ (10‬عبد هللا إبراهيم‪’ ،‬التلقي والسياقات الثقافية‪ :‬بحث في تأويل الظاهرة‬ ‫األدبية‘‪ ،‬كتاب الرياض‪ ،‬مؤسسة اليمامة الصحفية‪ ،‬ع ‪ ،93‬أغسطس‬ ‫‪ ،2001‬ص ‪.13‬‬ ‫)‪(9‬‬ ‫‪127‬‬ ‫والفن والسياسة واألدب واالقتصاد‪ .‬وتمت اإلطاحة‬ ‫بقاعدة الالتدخل التي كانت تحرم على دارسي‬ ‫اإلنسانيات التعامل مع أسئلة السياسة والسلطة ومع‬ ‫(‪)11‬‬ ‫ما هو في صلب حياة الناس"‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن االسم الذي اختاره ستيفن‬ ‫غرينبالت لمنهجه ‪ -‬دون روية؛ فسماه التاريخانية‬ ‫الجديدة‪ ،‬ثم عدل عنه إلى الشعريات الثقافية‪ ،‬ثم عاد‬ ‫إلى التاريخانية الجديدة مرة أخر ‪ -‬قد يوحي‬ ‫(‪)12‬‬ ‫بتقديس التاريخ كإطار يحدد قراءتنا للعمل الفني؛‬ ‫إال أنه في واقع األمر ينظر إليه نظرة مختلفة عن‬ ‫ذلك تماماً‪ ،‬إذ يفترض ضرورة الوعي المنهجي الذي‬ ‫"يميز التاريخانية الجديدة في حقل الدراسات الثقافية‬ ‫عن التاريخية ]التقليدية[ التي تالمن بصدق العالمات‬ ‫واإلجراءات التأويلية" لتمثالت جزئيات التاريخ في‬ ‫الفنون‪ .‬فالعمل الفني عنده ُ"ينتَج في إطار شبكة من‬ ‫العالقات والتفاعالت بين المبدع أو طبقة المبدعين‬ ‫المدججين بمخزون ]ثقافي[ معقد من األعراف‬ ‫الشائعة‪ ،‬ومالسسات المجتمع وممارساته"‪ (13).‬وجدير‬ ‫بالذكر أن أعماالً مختلفة كاالبتهاالت‪ ،‬والطقوس‬ ‫الشعائرية‪ ،‬والدعايات ‪ -‬في رأي غرينبالت ‪ -‬يمكن‬ ‫(‪ )11‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص‪.42‬‬ ‫‪Stephen Greenblatt, Resonance and Wonder,‬‬ ‫‪Literary Theory Today, ed. by: Peter Collier and Helda‬‬ ‫‪Geyer-Ryan, (New York: Cornell University Press,‬‬ ‫‪1999), p.74,‬‬ ‫غرينبالت نفسه يشير إلى أن مصطلح التأريخية الجديدة قد يوحي بمفاهيم‬ ‫متناقضة؛ إذ إن التعريف المعجمي للتاريخانية يعني أن اإلنسان قد يغير‬ ‫شيئا ً إذا اتبع سنن التاريخ وعمل في إطارها‪ ،‬أو تجنب الحكم على األزمان‬ ‫الماضية مدحا ً أو قدحاً‪ ،‬أو االعتداد باألعراف وتمجيد الماضي‪ ،‬ولكن‬ ‫التاريخانية الجديدة – على حد وصفه – تضاد هذه االفتراضات‬ ‫والتعريفات جميعها‪.‬‬ ‫)‪(13‬‬ ‫‪Stephen Greenblatt, 'Towards a Poetics of Culture',‬‬ ‫‪in The New Historicism, ed. by H. Aram Veeser (New‬‬ ‫‪York: Routledge, 1989), pp. 1-14, (p.12).‬‬ ‫)‪(12‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫‪128‬‬ ‫تلق للوهلة األولى باعتبارها‬ ‫تحليلها ثقافياً‪ ،‬وان لم تُ َ‬ ‫(‪)14‬‬ ‫(فنوناً)‪.‬‬ ‫إن التحليل الثقافي ألي عمل أدبي يهدف ‪ -‬من خالل‬ ‫إعادة قراءته في ضوء السياقات التاريخية والثقافية‬ ‫المحيطة به ‪ -‬إلى كشف "األنساق المضمرة والمخاتلة‬ ‫القادرة على المراوغة والتمنع والتي تتضمنها تلك‬ ‫النصوص في بناها"‪ )15(.‬ولم يعد مقبوال عند الناقد‬ ‫الثقافي النظر إلى األدب على أنه انعكاس لسياقه‪ ،‬أو‬ ‫تصور العالقة بين األدب والتاريخ على أنها "عالقة بين‬ ‫خلفية وأمامية (‪ )Background/Foreground‬والتاريخ‬ ‫خلفية لادب الذي هو أمامية للتاريخ"‪ )16( .‬كما لم يعد‬ ‫مقبوالً ما تقدمه "الثقافة المالسساتية حول االنتظام وحول‬ ‫معادلة األسباب والنتائج والذاتي والموضوعي‪ ،‬كل ذلك‬ ‫لم يعد مقنعاً‪ ،‬والكل يدرك أن مجموعة من العدميات‬ ‫تتحكم اآلن بعالمنا‪ :‬عدم الجزم وعدم اليقين وعدم‬ ‫الوضول‪ ،‬مما أد إلى تهشيم حنيننا المطواع لإلمساك‬ ‫(‪)17‬‬ ‫بنظام األشياء"‪.‬‬ ‫إن قصور المفاهيم النقدية القديمة كالمحاكاة‪،‬‬ ‫والتخييل‪ ،‬والترميز‪ ،‬وعجزها "عن تحليل الظاهرة‬ ‫الثقافية" أوجد الحاجة إلى مصطلحات جديدة تناسب‬ ‫ما استجد من ألوان وأعمال مادية تتحول إلى فنية أو‬ ‫تنتقل من خطاب اجتماعي إلى فني‪ ،‬ليس فقط‬ ‫بسبب أن "الفني متشابك مع المالسسة الرأسمالية‪،‬‬ ‫‪Ibid.‬‬ ‫)‪(14‬‬ ‫)‪ (15‬ينظر‪ :‬يوسف عليمات‪ ،‬النسق الثقافي‪ :‬قراءة ثقافية في أنساق الشعر‬ ‫العربي القديم‪( ،‬عمان‪ :‬وزارة الثقافة‪ )2014 ،‬ص ‪ .19‬وقد قدم عليمات‬ ‫للمكتبة العربية فيه عدداً من الدراسات الثقافية المهمة التي ظهرت في‬ ‫أصلها كأبحاث ومقاالت علمية‪ ،‬عني فيها بتحليل نماذج شعرية تنتمي إلى‬ ‫عصور أدبية مختلفة تحليالً ثقافياً‪ ،‬واهتم فيها بالنسق وطرق القراءة‪ ،‬وله‬ ‫أيضاً‪ :‬جماليات ال ّتحليل الثقافي‪ّ ،‬‬ ‫ي نموذج ًا‪( ،‬بيروت‪:‬‬ ‫الشعر الجاهل ّ‬ ‫المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪2004 ،‬م)‪.‬‬ ‫)‪ (16‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫)‪ (17‬السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫ولكن أيضاً ألن الخطاب االجتماعي ذاتي محمل‬ ‫بالطاقات الجمالية الفنية"‪ ))18((.‬وال يمكن أن يتم ذلك‬ ‫إال من خالل فهم األنساق‪ ،‬واألنساق ذاتها يصعب‬ ‫"كشف داللتها النامية في المنجز األدبي ]دون[‬ ‫إنجاز تصور ُكلي حول طبيعة البنى الثقافية‬ ‫للمجتمع‪ ،‬وادراك حقيقة هيمنة تلك األنساق على فكرة‬ ‫األيديولوجيا ومفهوم المحتمل في صراع القو‬ ‫(‪)19‬‬ ‫االجتماعية المختلفة"‪.‬‬ ‫ولذا فإن الحاجة قائمة العتماد "قراءة ثقافية" تتجاوز‬ ‫"القراءة الجمالية" التي تنظر في النص إلى األلفاظ‪،‬‬ ‫والتراكيب‪ ،‬وطرائق التعبير والتصوير‪ ،‬وتحاكمه إلى‬ ‫معايير معجمية ولغوية ونقدية‪ ،‬وتستنبط المنتج‬ ‫الداللي العام للنص‪ ،‬نحتاج "قراءة تتسلط على المنتج‬ ‫الداللي لترده إلى مرجعه الثقافي"‪ ،‬هذه القراءة تتأمل‬ ‫النص "بهدف رده إلى األنساق الثقافية التي تدخلت‬ ‫في إنتاج خطوط الداللة‪ ،‬سواء تلك الخطوط الطولية‬ ‫التي تتحرك بالمعنى إلى األمام أو التي تفسح‬ ‫الطريق أمامه‪ ،‬ومن هذه وتلك يتحقق ما نسميه‬ ‫(المعنى التكاملي)‪ ،‬وهذه الخطوط الطولية تتعانق مع‬ ‫الخطوط الرأسية التي تحفر في الداللة للوصول إلى‬ ‫منابعها العميقة أو المضمرة‪ ،‬أي الوصول إلى‬ ‫(‪)20‬‬ ‫الطبقات الثقافية المترسبة في هذه األعماق"‪.‬‬ ‫وباإلحالة على إسقاطات غرينبالت – هنفة الذكر ‪-‬‬ ‫في محاضرته عن المجتمع الفيكتوري على المجتمع‬ ‫اإليراني؛ فإنه يمكن القول بأن القار لهذه‬ ‫اإلسقاطات معرض في الوقت نفسه إلى االنسياق‬ ‫)‪ (18‬السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫)‪ (19‬عليمات‪ ،‬النسق الثقافي‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫(‪ ()20‬محمد عبد المطلب‪’ ،‬نقد ثقافي أم قراءة ثقافية‘‪ ،‬مجلة فصول –‬ ‫مصر‪ ،‬ع ‪2008( ،74‬م)‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫إلى تأويلها وقراءتها في ضوء األيديولوجية التي‬ ‫يحملها وينطلق منها في النظر إلى مواطن الصراع‬ ‫بين السلطة األدبية والسلطة المالسساتية‪ ،‬الدينية منها‬ ‫والسياسية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وكما هو واضح أن البحث في التحليل الثقافي أو‬ ‫جماليات الثقافة وشاعريتها ليس جديداً؛ لكن‬ ‫التطبيقات التي ظهرت في العالم العربي لهذا المنهج‬ ‫وتحديداً البحوث والدراسات التي أنتجها د‪ .‬يوسف‬ ‫عليمات دفعتني لتملي هذا المنهج مجدداً‪ ،‬وتقويمه‬ ‫على مستو النظرية كما نجده عند منشئيه‪ ،‬وعلى‬ ‫مستو تطبيق من اعتمده من الباحثين العرب‬ ‫لتحليل نماذج من الشعر العربي‪ ،‬وبيان ما لهذا‬ ‫المنهج وما عليه‪.‬‬ ‫سيقدم هذا البحث أنموذجاً تطبيقياً لمنهج التحليل‬ ‫الثقافي في دراسة النص األدبي‪ ،‬واظهار الفرص‬ ‫الواعدة التي يمكن أن يسهم هذا االتجاه في تحقيقها‪،‬‬ ‫واإلشارة إلى المزالق التي على الباحث تنكبها من‬ ‫خالل النظر في تنظير ستيفن غرينبالت وزمالئه‬ ‫لمنهج التاريخانية الجديدة وجماليات الثقافة والتحليل‬ ‫الثقافي‪ ،‬وفي اآلن ذاته استلهام نماذج من تطبيقات‬ ‫هذا المنهج في تجربة د‪ .‬يوسف عليمات‪ ،‬في تحليل‬ ‫نماذج من األشعار الجاهلية ثقافياً‪ .‬كما سيعنى‬ ‫ببحث الكيفية التي تُعامل بها النصوص والوثائق‬ ‫التأريخية في الدراسات التي تتبع هذا المنهج‪،‬‬ ‫وتعاطيها مع المواقف واأليديولوجيات التي تشكل‬ ‫إطا اًر تتقاطع فيه اختيارات الماللف مع القار ‪ ،‬وأثرها‬ ‫في توجيه األحكام النقدية‪ ،‬أو تفسير األعمال‬ ‫األدبية‪.‬‬ ‫‪129‬‬ ‫الثنائيات الضدية‪:‬‬ ‫شعرية األنساق الضدية كانت مبحثاً من مباحث‬ ‫دراسة عليمات عن جماليات الشعر الجاهلي حاول‬ ‫فيه "قراءة النص الشعري الجاهلي‪ ،‬ومن ثم تأويل‬ ‫شفراته ومضمراته النسقية بوصفه واقعة جمالية‬ ‫يتعانق فيها الواقعي مع المتخيل وتندغم فيها الذات‬ ‫اإلنسانية مع واقعها االجتماعي وتجربتها‬ ‫الثقافية"‪ )21(.‬ووصل عليمات إلى أن الشعرية "تقوم‬ ‫في بنيتها على فكرة األنساق الثقافية المضمرة‪ ،‬إذ‬ ‫تبدو صورة هذه األنساق متأسسة على مبدأ الضدية‬ ‫فيما يتعلق بالموضوعات التي تطرحها هذه الشفرات‬ ‫النسقية"‪ )22(.‬وقد درس فيها ألوانا من الصراع بين‬ ‫اإلنسان مع اإلنسان‪ ،‬واإلنسان مع المكان‪ ،‬واإلنسان‬ ‫مع الزمان‪.‬‬ ‫ثم أورد فصالً مستقالً خصه بدراسة الثنائيات‬ ‫الضدية قرر فيه أنه "ال يمكن لنا أن نغفل عن الدور‬ ‫المهم الذي يالديه قانون التضاد في إيجاد شبكة من‬ ‫العالقات التي تتنامى فيها األنساق المتضادة قصد‬ ‫تشكيل بنية واحدة يتحقق فيها ومن خاللها مفوم‬ ‫الوحدة واالنسجام ‪ )23( ."Harmoney‬وبين فيه دور‬ ‫التضاد في كشف األنساق الظاهرة والمضمرة وما‬ ‫ينشأ عنهما من مفارقات شعرية مستعرضاً عدداً من‬ ‫النماذج الشعرية الجاهلية‪ .‬وسأعرض في الصفحات‬ ‫المقبلة نموذجاً يستلهم تجربة عليمات‪ ،‬ويبين أثر‬ ‫الثنائيات الضدية في التأويل الثقافي للشعر العربي‬ ‫القديم‪.‬‬ ‫)‪ (21‬السابق‪ ،‬ص ‪.33-32‬‬ ‫)‪ (22‬نفسه‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫)‪ (23‬نفسه‪ ،‬ص ‪.227‬‬ ‫‪130‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫مقارنة الشيء بضده ومقابلته بنقيضه تجعلنا ندرك‬ ‫الفرق الشاسع بينهما وكما يقال‪ :‬بضدها تتميز‬ ‫األشياء؛ ولذا فإن "التضاد من أسباب الشعرية ألنه‬ ‫يخلق تناقضاً بين طرفين أو صورتين"‪ )24(.‬وقد تنبه‬ ‫علماالنا القدامى لاثر الذي يحدثه قرن المتقابالت‬ ‫وايراد المتضادات في سياق واحد‪ ،‬فعبدالقاهر‬ ‫الجرجاني ير أن "الصنعة والحذق والنظر الذي‬ ‫يلطف ويدق في أن تجمع أعناق المتنافرات‬ ‫والمتباينات في ربقة‪ ،‬وتعقد األجنبيات معاقد نسب‬ ‫وشبكة"‪ )25( .‬وما جمال المقابلة والطباق كأساليب‬ ‫بديعية‪ ،‬إال أثر من هثار الدهشة التي تستولي علينا‬ ‫عند رالية النقيضين قد قرنا معاً‪.‬‬ ‫غير أنه تضاد على مستو اللفظة المجردة أو‬ ‫التركيب‪ ،‬واألولى بالنظر البحث في التضاد بين‬ ‫البنى واألفكار والتقابل بين الرال واألنساق التي‬ ‫تتجاور في نص شعري واحد‪ ،‬وأن نحاول تحليلها‬ ‫وتأويلها ثقافياً بالنظر إلى المعطيات المتاحة داخل‬ ‫النص وخارجه‪ .‬وما أحاوله هنا هو رصد كيف‬ ‫تظهر الشعرية من خالل التضاد‪ ،‬أو الثنائيات‬ ‫المتضادة في قصيدة عمارة من خالل إبراز العناصر‬ ‫المتضادة ثم محاولة قراءتها قراءة ثقافية تنطلق من‬ ‫القراءة الجمالية وال تتوقف عند حدودها‪ ،‬بل تسعى‬ ‫من ورائها إلى كشف األنساق المضمرة في هذا‬ ‫النص‪ ،‬ومحاولة تقديم قراءة للعصر الذي عا فيه‬ ‫عمارة من خالل األفكار التي تشع من أنساق‬ ‫القصيدة‪.‬‬ ‫)‪ (24‬أحمد مطلوب‪ ،‬في المصطلح النقدي‪( ،‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان ناشرون‪،‬‬ ‫‪2010‬م)‪ ،‬ص ‪.159‬‬ ‫(‪)25‬عبدالقاهر الجرجاني‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬تح هـ‪ .‬ريتر‪( ،‬إسطنبول‪ :‬د‪.‬د‪،‬‬ ‫‪1954‬م) ‪ ،‬ص ‪.136‬‬ ‫والثنائيات المتضادة داخل النص األدبي تالدي دو اًر‬ ‫مهماً ال تالديه األساليب األخر في كشف ما خفي‪،‬‬ ‫وشرل ما غمض من سياقات النص الخارجية؛ ذلك‬ ‫أن العالقات األخر الدالة على االختالف كالتباين‪،‬‬ ‫واالختالف‪ ،‬والتباعد‪ ،‬وان دلت على انتفاء التشابه‬ ‫بين شيئين فإنها ال تعني أن أحدهما ٌّ‬ ‫ضد ومقابل‬ ‫على النقيض تماماً من اآلخر‪ ،‬فحينما نقول – على‬ ‫سبيل المثال – (كريم) و(بخيل)‪ ،‬فإنما نتحدث عن‬ ‫طرفي نقيض‪ ،‬ال عن منزلة بين المنزلتين أو منطقة‬ ‫رمادية بين األبيض واألسود‪ .‬ولذلك فإن ورود هذه‬ ‫الثنائيات المتضادة بكثرة في قصيدة ما ال يمكن عده‬ ‫مصادفة أو اختيا اًر عشوائياً غير مقصود‪ ،‬بل على‬ ‫العكس تماماً؛ هذه عالمة من العالمات وحيلة نسقية‬ ‫تضمر في أعطافها ما يسترعي نظر القار الثقافي‪.‬‬ ‫وما النص إال تجسيد لحياة منشئه‪ ،‬وقطعة من نمطه‬ ‫في التفكير‪ ،‬ودفقة من شعوره وما يخفق بين جوانحه‪.‬‬ ‫التحليل الثقافي يهتم كثي اًر بدوائر السلطات األدبية‬ ‫والمالسساتية وينطلق من حتمية الصراع بينها‪ ،‬هو‬ ‫أثر من هثار النقد الماركسي في إظهار العامل‬ ‫االقتصادي كمحرك حافز للعالقة بين الطبقات‬ ‫االجتماعية‪ .‬كما أن أثر مفهوم السلطة وسعيها‬ ‫للهيمنة عند فوكو (‪ )26‬باد في تكوين التأريخيين الجدد‬ ‫لفكرة السلطة‪ ،‬وأي صراع أقو من يتحول النص‬ ‫إلى ميدان لحشد المتناقضات‪ ،‬وسرد المفارقات‪،‬‬ ‫ورصد المثال الذي ينبغي أن يكون مقروناً بالواقع‬ ‫الذي ال يجمعه بهذا المثال إال عالقة الضدية‪.‬‬ ‫لقد ضم شعر عمارة ألواناً من المتضادات‪ ،‬وجملة‬ ‫من المفارقات التي أراد لها أن تكون نموذجاً يحكي‬ ‫(‪)26‬‬ ‫عليمات‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫عصره الذي حفل بالمتناقضات‪ ،‬إن على مستو‬ ‫حياته الشخصية‪ ،‬أو منزلته المجتمعية‪ ،‬أو مكانته‬ ‫األدبية‪ ،‬أو واقع قومه بين األمم وما هل إليه أمرهم‬ ‫في بغداد إبان مقامه بها في أواخر العصر العباسي‬ ‫األول‪ .‬وتظهر شعرية هذه المفارقات في تقوية البنية‬ ‫الفنية للنص‪ ،‬وتمايز عناصر الصور الشعرية وهي‬ ‫جماليات تعنى بها القراءة النقدية‪ ،‬وتنطلق من نتائج‬ ‫هذه القراءة القراءةُ الثقافيةُ التي تنطق بالمسكوت عنه‬ ‫وتظهر من أنساق النص ما أُضمر‪.‬‬ ‫ضادية عمارة بن عقيل‪:‬‬ ‫عمارة بن عقيل(‪)27‬وشعره كانا محل اهتمام عدد من‬ ‫أي منها‬ ‫الدراسات القديمة والحديثة‪ ،‬ولكن لم يقدم ٌّ‬ ‫قراءة ثقافية لشعره أو بعضه كما يقدم هذا البحث‪،‬‬ ‫وقد شرل ثعلب ضادية عمارة شرحاً لغوياً في القرن‬ ‫الثالث الهجري‪ .‬أما في العصر الحديث فأقدم هذه‬ ‫الدراسات عن عمارة وشعره‪ -‬فيما اطلعت عليه ‪ -‬ما‬ ‫كتبه شكري العاشور في مقدمة ما جمعه من‬ ‫شعره‪ )28(،‬ثم في مستدركه على الديوان مالخ اًر‪ )29(.‬ثم‬ ‫كتب عبدالمجيد المحتسب مقالة عن حياة عمارة‬ ‫وشعره‪ ،‬سرد فيها طائفة من أخباره‪ ،‬وما حوته‬ ‫المصادر عن عمارة اإلنسان والشاعر‪ ،‬وعرض‬ ‫(‪ )27‬عمارة بن عقيل بن بالل بن جرير‪ ،‬شاعر عباسي من بيت معرق في‬ ‫الشعر؛ فآباؤه عقيل وبالل وجرير شعراء‪ ،‬قضى أيامه األولى منتقالً في‬ ‫بعض قرى اليمامة وبواديها‪ ،‬ونشأ نشأة أعرابية‪ ،‬ثم انتقل إلى بغداد‬ ‫وقضى بهاء زهاء ‪ 20‬سنة‪ ،‬وتوفي منتصف القرن الثالث الهجري‪ ،‬ينظر‪:‬‬ ‫منصور خويلد المطيري‪ ،‬عمارة بن عقيل‪ – 000 ،‬منتصف القرن الثالث‬ ‫الهجري حياته وشعره‪( ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة اإلمام‬ ‫محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،)2008 ،‬ص ‪.58-49‬‬ ‫(‪ )28‬شاكر العاشور‪ ،‬ديوان عمارة بن عقيل‪( ،‬بغداد‪ :‬وزارة اإلعالم‪،‬‬ ‫‪1973‬م)‪ .‬وقد حظي الديوان بمراجعة تقويمية في العام التالي نشرت في‬ ‫مجلة العرب‪ .‬نوري حمودي القيسي‪’ ،‬ديوان عمارة بن عقيل‘‪ ،‬مجلة‬ ‫العرب – السعودية‪ ،‬مج ‪ ،8‬ع ‪9‬و‪.)1974( ،10‬‬ ‫(‪ )29‬شاكر العاشور‪’ ،‬المستدرك على ديوان عمارة بن عقيل‘‪ ،‬مجلة مجمع‬ ‫اللغة العربية بدمشق – سوريا‪ ،‬مج ‪ ،79‬ج‪.)2004( ،4‬‬ ‫‪131‬‬ ‫بعض موضوعات شعره من مديح ووصف وهجاء‪،‬‬ ‫ولم يقف طويالً عند قصيدته الضادية‪ ،‬وان كان قد‬ ‫ذكرها عرضاً‪ )30( .‬أما جمال محمود عيسى فقد‬ ‫أده القراء بدراستين عن عمارة‪ )31(،‬األولى مطابقة‬ ‫في معظمها لمقالة المحتسب السالفة!(‪ )32‬ودون أدنى‬ ‫إشارة إليه! والثانية ُّ‬ ‫جل نصها مما أخذه عن‬ ‫المحتسب في مقالته السابقة‪ ،‬بفارق يسير جداً‬ ‫بينهما؛ إذ ضمن األخيرة مقدمة مختلفة في أربع‬ ‫صفحات ثم نسخ المقالة السابقة كما هي بنصها! ولم‬ ‫يقدم فيهما ما يقترب من التحليل الثقافي أو قراءة‬ ‫جمالياته‪ .‬أما منصور بن خويلد المطيري‪ ،‬فقد أعد‬ ‫رسالة ماجستير عن حياة عمارة وشعره؛ عني فيها‬ ‫بتوثيق األخبار عن بيئته‪ ،‬ونشأته‪ ،‬ومصادر شعره‪،‬‬ ‫وموضوعاته الشعرية‪ ،‬ودرس شعره شكالً ومضموناً‬ ‫باذالً جهداً يذكر فيشكر‪ ،‬غير أنه لم يقدم تحليالً‬ ‫ثقافياً أو قراءة تأويلية لشعر عمارة‪.‬‬ ‫وقبل الشروع في تحليل قصيدة عمارة رأيت أن أثبتها‬ ‫بتمامها هنا لما وجدت من اختالفات في رواياتها‪،‬‬ ‫والتي وردت في شرل ثعلب للقصيدة‪ )33)،‬وفي‬ ‫المكاثرة عند المذاكرة‪ )34(،‬وفيما نقله عبد العزيز‬ ‫الميمني عن مخطوطة فريدة في دار الكتب المصرية‬ ‫(‪ )30‬عبدالمجيد عبدالسالم المحتسب‪’ ،‬عمارة بن عقيل بن بالل بن جرير‬ ‫حياته وشعره‘‪ ،‬مجلة آداب المستنصرية‪ ،‬ع ‪.)1984( ،9‬‬ ‫(‪ )31‬جمال محمود عيسى‪’ ،‬عمارة بن عقيل اإلنسان الشاعر‘‪ ،‬مجلة كلية‬ ‫اآلداب ـ جامعة طنطا – مصر‪ ،‬ع ‪ ،21‬ج‪ ، )2008( ،1‬و جمال محمود‬ ‫عيسى‪’ ،‬األثر الوراثي في شعر عمارة بن عقيل ت ‪239‬هـ‘‪ ،‬مجلة‬ ‫الدراسات الشرقية ـ جمعية خريجي أقسام الدراسات الشرقية بالجامعات‬ ‫المصرية ـ مصر‪ ،‬ع ‪.)2013( ،50‬‬ ‫(‪ )32‬في مقالة عيسى‪ ،‬الصفحات من ‪ 20 - 5‬منقولة حرفيا ً من مقالة‬ ‫المحتسب‪ ،‬الصفحات ‪!203 -187‬‬ ‫(‪ )33‬محمود عوده سالمة أبو جري‪’ ،‬قصيدة عمارة بن عقيل وشرحها‬ ‫ألبي العباس ثعلب المتوفى سنة ‪291‬هـ‘‪ ،‬مجلة التربية – قطر‪ ،‬س‪،28‬‬ ‫ع‪.)1999( ،130‬‬ ‫(‪ )34‬جعفر بن محمد الطياليسي‪ ،‬كتاب المكاثرة عند المذاكرة‪ ،‬تح محمد بن‬ ‫تاويت الطنجي‪( ،‬أنقرة‪ :‬جامعة إسطنبول‪.)1956 ،‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫‪132‬‬ ‫بالقاهرة‪ )35(،‬وعنهم نقل شاكر العاشور‪ ،‬جامعُ ديوان‬ ‫عمارة‪ .‬يقول عمارة‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عذص ُذر الشذبذيذبذة ناضر‬ ‫(‪)36‬‬ ‫غض‬ ‫ُ‬ ‫فذيذه يذُنذال اللين‬ ‫‪2‬‬ ‫مث ُل الشبيبة كالربيع إذا‬ ‫مذا جذيذد‬ ‫األرض‬ ‫ُ‬ ‫(‪)37‬‬ ‫ذفض‬ ‫والخ ُ‬ ‫فذاخضرت‬ ‫به‬ ‫(‪)38‬‬ ‫‪17‬‬ ‫تذذرُد‬ ‫‪18‬‬ ‫واذا السذنذون كذََلح َن عن َيَلل‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫العذفذاةُ‬ ‫ُ‬ ‫واثذقذ ًة‬ ‫عذليذه‬ ‫(‪)47‬‬ ‫وألح مذنذهذا‬ ‫بذهذا‬ ‫وعذذز القذذرض والفَذذرض‬ ‫نذذار َ‬ ‫األرض خذاشع ًة‬ ‫المذسذي ُذم‬ ‫و أر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذجذ َذمذذت وال َحذمذض‬ ‫ال ُخذذلة نذَ َ‬ ‫وتذذأرثذذت للش ذعذ َذريذَيذن‬ ‫(‪)49‬‬ ‫يع إذا‬ ‫المر ُ‬ ‫بيع لها َ‬ ‫فهو الر ُ‬ ‫‪3‬‬ ‫والشيب كالمحل الجماد له‬ ‫لون ذذان‬ ‫وم ذب ذيذ ُّ‬ ‫ذض‬ ‫‪21‬‬ ‫‪4‬‬ ‫بينا الفتى يختال كالغصن الذ‬ ‫‪5‬‬ ‫الخذطذا ُّ‬ ‫يهتز في َغَيد‬ ‫ذح ُ‬ ‫سذ م ُ‬ ‫ذض‬ ‫مذذولي‬ ‫َ‬ ‫أورق خذذوطُذه الغ ُ‬ ‫‪22‬‬ ‫يق بها‬ ‫واذا األمذور َدجذت وض َ‬ ‫تذرنذو إليذه األعذين المرض‬ ‫‪23‬‬ ‫َج ذذلى‬ ‫لنذذاظ ذره‬ ‫‪6‬‬ ‫ذاء مذن كثب‬ ‫سذنذحذت له َده َذي ُ‬ ‫دانذذت خ ذطذاه ومذا بذه أبذض‬ ‫‪24‬‬ ‫رأي إذا نذاجذى الضذمذي َذر بذه‬ ‫‪7‬‬ ‫ذديده َس َمال‬ ‫تذرك الجذدي ُذد ج َ‬ ‫ال الصون يرجعه وال الرحض‬ ‫‪25‬‬ ‫ح ذتذذى كذأن عذلى الخذطذوب له‬ ‫‪8‬‬ ‫وتذَ َعاقُب‬ ‫في‬ ‫يقدل‬ ‫صذذم الص ذفذذا ف ذيذظذل يذرف ُّ‬ ‫ذض‬ ‫‪26‬‬ ‫ولرب جذ ذ ذرار ي ذ ذَ َذغذ ذذص بذ ذذه‬ ‫‪9‬‬ ‫أوعذظ بذشذيذب قذص ُذر البذسذه‬ ‫كذرهذان وشذك الهذلك أو ُحرض‬ ‫(‪)39‬‬ ‫(‪)41‬‬ ‫الفتيين‬ ‫(‪)40‬‬ ‫مذ ذغ ذبذ ُّذر‬ ‫‪10‬‬ ‫فسذقذى‬ ‫اإلله شذبيبةً درست‬ ‫أُقذرضذتُذهذا‬ ‫‪11‬‬ ‫وعذذذافذذر سذذدس ي ذعذ ُّ‬ ‫ذض بذذه‬ ‫ُ‬ ‫رحذل‬ ‫الغرض‬ ‫و َ‬ ‫ذص‬ ‫َن ُّ‬ ‫(‪)43‬‬ ‫‪12‬‬ ‫أن ذضذذاه‬ ‫وهذاجذرة‬ ‫‪13‬‬ ‫وطذوتذه أرض فذانذطو‬ ‫‪29‬‬ ‫ذصذهذا‬ ‫تذج ُ‬ ‫ذلوب له ُ‬ ‫ذف الق ُ‬ ‫ويذشذخ ُ‬ ‫ذبى‬ ‫كذالليذل أنذجذمذه سذنذ ًا وظُ ً‬ ‫وم ذعذذابذذل‬ ‫َ‬ ‫م ذس ذنذذونذذة‬ ‫ُذ ُرب‬ ‫ف الومذض‬ ‫ضذذن الربذيذع وأخذَل َ‬ ‫َ‬ ‫ذف َمذ َذزلُّهذا الدحذض‬ ‫ذرع وخ ذيذ َ‬ ‫(‪)50‬‬ ‫والن ذقذذض‬ ‫رأي له اإلب ذرام‬ ‫َو َح َذديذن أُبذرَز ضذحذ ُكذه المحض‬ ‫الغمض‬ ‫جفنها َ‬ ‫ب َ‬ ‫عذيذنذاً تذَجذنذ َ‬ ‫(‪)51‬‬ ‫طذول الفذضذاء ويذشرق العرض‬ ‫عذذن م ذسذذتَذقَذر قذرارهذا أرض‬ ‫الهذبذر‬ ‫تذَخذفذاقذُهذن‬ ‫يذحذدو بذهذا ُش ُذرع لهذا‬ ‫(‪)53‬‬ ‫الوخذض‬ ‫وَ‬ ‫(‪)52‬‬ ‫َنذبذض‬ ‫‪30‬‬ ‫ذوف إليذه في لَجب‬ ‫ذدت الحذت َ‬ ‫قُ َ‬ ‫ُس ًذر‬ ‫ذي والنحض‬ ‫حذتذى تذسذر الذن ُّ‬ ‫(‪)44‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ك ذقذذدي ج ذربذذان وريذشذة إذ‬ ‫حذشذر‬ ‫والقض‬ ‫بشو‬ ‫ن ذقذذض عذذليذذه شذذاحذذب نذقذض‬ ‫‪32‬‬ ‫لم يشكروا نُعماك إذ َغ َمطوا‬ ‫نُعماك‬ ‫يرضوا‬ ‫‪33‬‬ ‫صد‬ ‫وشذريذت نذفذسذك والقذنا ق َ‬ ‫ُّ‬ ‫مرفض‬ ‫ذض تذحذت البذيذض‬ ‫البذي ُ‬ ‫وَ‬ ‫‪34‬‬ ‫وع ذذلي ذذك‬ ‫ك ذذأضذذا‬ ‫ة اللوب مذا فذي سردها َحبض‬ ‫‪35‬‬ ‫والسذذرُج فذذوق أقذب تذحذمذله‬ ‫البذسذط والقذبض‬ ‫ُعذوج بذنذاه َ‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫يذنذفذي ُسذراه َكذراه عذنه إذا‬ ‫‪16‬‬ ‫ب ذح ذ اًر مذن بذنذي‬ ‫ويذذالم‬ ‫طذر‬ ‫َمذ َ‬ ‫ويذشذجذي‬ ‫النسع‬ ‫‪28‬‬ ‫ُد ُج ذذن ذتذَهذذا‬ ‫(‪)48‬‬ ‫العذض‬ ‫َ‬ ‫النذه ُذس و َ‬ ‫لليذذم‬ ‫َ‬ ‫م ذت ذس ذربذذل‬ ‫(‪)46‬‬ ‫بذذالليذذل‬ ‫(‪)45‬‬ ‫فذاسذتُرجع‬ ‫القرض‬ ‫ُ‬ ‫‪27‬‬ ‫الجرض‬ ‫بذالري حذيذن ُيذغذصذها َ‬ ‫ُمذذدرع‬ ‫بذذاآلل‬ ‫(‪)42‬‬ ‫والرم ذضذذاء‬ ‫تذذرمذذض‬ ‫ُّ‬ ‫البض‬ ‫ذوس َذن النوامة‬ ‫مذا اسذت َ‬ ‫البرض‬ ‫ال النزر نائلُه وال َ‬ ‫(‪ )35‬عبد العزيز الميمني الراجكوتي‪ ،‬الطرائف األدبية‪( ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة‬ ‫لجنة التأليف والترجمة والنشر‪ .)1927 ،‬وذكر أنه نقل ضادية عمارة عن‬ ‫مخطوطة بدار الكتب المصرية "مجاميع ‪ 166‬من ‪ 45‬ب إلى ‪ 47‬ب‪،‬‬ ‫وبها نسخة أخرى نقلت عن هذه"‪.‬‬ ‫(‪" )36‬ناعم غض" عند الطياليسي‪ ،‬في المكاثرة‪ ،‬ص ‪.46‬‬ ‫(‪ )37‬في المكاثرة "العيش"‪ ،‬السابق‪.‬‬ ‫(‪ )38‬في المكاثرة "به"‪ ،‬نفسه‪.‬‬ ‫(‪ )39‬في الطرائف األدبية ورد هذا البيت عاشراً ولفظه‪( :‬فتعاقب‬ ‫الفتيين‪ )...‬وتبع ذلك عاشور في الديوان‪.‬‬ ‫(‪ )40‬في شرح ثعلب للقصيدة (فتعاقب الفتيان)‪.‬‬ ‫(‪ )41‬في المكاثرة‪( :‬وسقى)‪.‬‬ ‫(‪ )42‬في المكاثرة‪( :‬ويشجى الضبع والعرض)‪.‬‬ ‫ى)‪.‬‬ ‫(‪ )43‬في المكاثرة‪( :‬نِضو سر ً‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )44‬في الطرائف األدبية‪ ،‬ضبط (النِ ّي) والصحيح (الن ُّي) ومعناه الشحم‬ ‫كما ورد في اللسان (نيأ)‪ ،‬وهو األنسب لمجاورة (النحض) وهو اللحم‬ ‫المكتنز كلحم الفخذ‪( ،‬انظر اللسان‪ :‬نحض‪ ،)4367/6 ،‬وعليه يكون‬ ‫بق األسفار ليالً ونهاراً على هذه الناقة لحما ً مكتنزاً أو شحماً‪.‬‬ ‫المعنى‪ :‬لم تُ ِ‬ ‫(‪ )45‬في المكاثرة‪( :‬فانطوت)‪.‬‬ ‫داودي ذذة‬ ‫العذرض‬ ‫م ذنذه‬ ‫ُ‬ ‫اللون و َ‬ ‫(‪)54‬‬ ‫(‪)55‬‬ ‫القذضذيذض‬ ‫إذ‬ ‫سخطوا‬ ‫عذليك‬ ‫ولم‬ ‫(‪ )46‬في شرح ثعلب (وتؤ ّم)‬ ‫(‪ )47‬في شرح ثعلب‪ ،‬والطرائف‪ ،‬وفي الديوان‪( :‬كحلن عن بلل)‪ ،‬وذكر‬ ‫الميمني أن نفطويه رواه (كحلن عن بلد) وأن اليلل هو قصر األسنان عند‬ ‫األخفش‪ ،‬وطولها عند أبي العباس‪ .‬الطرائف‪ ،49 ،‬ولكنها في المكاثرة‬ ‫(كلحن عن يلل) وهو األصوب‪.‬‬ ‫(‪ )48‬في المكاثرة‪( :‬منه)‪.‬‬ ‫(‪ )49‬في شرح ثعلب (بالشعريين)‪.‬‬ ‫(‪ )50‬في الديوان‪" :‬األبرام"‪ ،‬وليس بصحيح‪.‬‬ ‫(‪ )51‬هذا البيت والذي يليله مذكوران مرتين في الطرائف األدبية (البيتان‬ ‫الثامن والتاسع) ثم (السابع والعشرين والثامن والعشرين)‪ ،‬وتبع عاشو ٌر‬ ‫ي في هذا الخطأ؛ ولذا فعدد أبيات القصيدة عندهما ‪ 59‬بيتاً‪،‬‬ ‫الميمن َّ‬ ‫والصواب أن العدد ‪ 57‬بيتا ً وأن مكان هذين البيتين األليق بهما واألنسب‬ ‫للسياق‪ ،‬أن يكونا في الموضع الثاني (البيتين السادس والعشرين والسابع‬ ‫والعشرين) ضمن جزء المدح ال جزء الرحلة من القصيدة‪.‬‬ ‫(‪ )52‬هكذا في شرح ثعلب‪.‬‬ ‫(‪ )53‬في شرح ثعلب (كالي ّم)‪.‬‬ ‫(‪ )54‬هذا البيت لم يرد في شرح ثعلب‪.‬‬ ‫(‪ )55‬ذكر الميمني أن األخفش رواه‪ :‬لم يشكروا بقياك إذ غمطوا نعماك‪.‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫العذقذيذان‬ ‫‪36‬‬ ‫كذسذبذيذكذة‬ ‫‪37‬‬ ‫ف ذكذذأنذذه‬ ‫‪38‬‬ ‫حذتذى ثذنذى مذن بذيذن ُمذنجدل‬ ‫ذاء‬ ‫ف ذت ذخ ُ‬ ‫‪39‬‬ ‫عذذز الهذذد‬ ‫‪40‬‬ ‫ش ذطذران يذومذك للنذد‬ ‫أدم َجه‬ ‫َ‬ ‫ُمذلح َذمذة‬ ‫بذك بذعذد ذلتذه‬ ‫بذعذض‬ ‫‪41‬‬ ‫ت النذد‬ ‫ُحذز َ‬ ‫سلف‬ ‫‪42‬‬ ‫ُسذبذُط األنذامذل يج َذلون إذا‬ ‫‪43‬‬ ‫البأس عن‬ ‫و َ‬ ‫ف ذكذذأن حذذل المذال عذنذدهذم‬ ‫‪44‬‬ ‫(‪)57‬‬ ‫كذنذزوا‬ ‫المحامد وهي باقية‬ ‫‪45‬‬ ‫أشذبذهذتذَهذم‬ ‫فهم‬ ‫ُ‬ ‫وخذلفتَهم‬ ‫قال‬ ‫ربذيذعةُ‬ ‫‪46‬‬ ‫واذا‬ ‫‪47‬‬ ‫مذنذا يذزيذد‬ ‫‪48‬‬ ‫ومذالمذليذن بذخذالد شذحذطذت‬ ‫‪49‬‬ ‫َوفَ َدت عليهم من َنداك لُهًى‬ ‫وخذالد‬ ‫َخ َذنعت‬ ‫أو هذذارب لم يذنذجذه الركذض‬ ‫والك ذفذر ذل فذمذا بذه َنذغذض‬ ‫والم ذكذ ُذرمذذات‬ ‫َسذنذُّوهذمذا‬ ‫وللرد‬ ‫بذعذض‬ ‫وعذليذهذمذا‬ ‫حذَضُّذوا‬ ‫ُسذئلوا ويغتفرون‬ ‫(‪)56‬‬ ‫إن ُع ُّ‬ ‫ذضوا‬ ‫وحذ ُّ‬ ‫ذصذذون ذه بذُغذض‬ ‫حذذجذذر ُ‬ ‫ذب مذَ ُ‬ ‫العذرض‬ ‫العذيذن و َ‬ ‫مذحذمذودة ال َ‬ ‫ضوا‬ ‫بذاقذون مذا ُعذم َ‬ ‫ذرت لم يذَم ُ‬ ‫الحكماء كي يقضوا‬ ‫ىء‬ ‫ُ‬ ‫واستُنب َ‬ ‫ص ذيذ ُذد القذروم وأُفذحذم العذض‬ ‫ب ذهذم البذالد وعذاقَذهذم أَبذض‬ ‫تذتذر فلم ُيح ُنوا‬ ‫(‪)58‬‬ ‫ولم ُينضوا‬ ‫ٌّ‬ ‫ذض‬ ‫أم ذ ذذل‬ ‫وود ص ذ ذذادق َمذ ذذحذ ذ ُ‬ ‫‪50‬‬ ‫‪51‬‬ ‫وذريذعذتي ثقتي وفضلُك إذ‬ ‫‪52‬‬ ‫بذه‬ ‫ش ذكذذري وش ذكذذرك واجذذب فذذرض‬ ‫‪53‬‬ ‫لم تذبذتذل وجهي وال َشفعت‬ ‫‪54‬‬ ‫فذفَذداك مناعون لو ملكوا‬ ‫ش ذُفذَعذذاء لي فذذي َمذنذهذا َه ُّ‬ ‫ذض‬ ‫‪55‬‬ ‫أيديهم‬ ‫و َ‬ ‫‪57‬‬ ‫هذنذأتذَنذي‬ ‫عذَضُّذوا‬ ‫بذ اًر‬ ‫تذكذنذفذها‬ ‫فذذرخ ذيذذن طُذذلت وهذذي تذرفذض‬ ‫لي‬ ‫‪56‬‬ ‫حذرمذة‬ ‫بذكذم‬ ‫فاخرها‬ ‫ُ‬ ‫العذذض‬ ‫مذَذحذذض وألحذذق إطذذله ُ‬ ‫ذت‬ ‫مذلك َ‬ ‫ذاهذهذم‬ ‫شذ ف َ‬ ‫ولَ َووا َمذعذاط َسهم على لَ َهب‬ ‫فذهذنذاك أنذك‬ ‫(‪)59‬‬ ‫منتهى أملي‬ ‫َشذ ُذرف الفَ ذعذا ُل وطُذهذر العذرض‬ ‫َم َذد َد البذحذار إذن لمذا َب ُّ‬ ‫ضوا‬ ‫ذسذداً عذليذك وطذالمذا عذَضُّذوا‬ ‫َح َ‬ ‫تذحذت الكذشذول وليذتذهم ُر ُّ‬ ‫ضوا‬ ‫(‪)60‬‬ ‫ج ذذاد‬ ‫وراج م ذذا ب ذذه نذ ذهذذض‬ ‫(‪ )56‬في شرح ثعلب‪ ،‬والطرائف األدبية‪" :‬يغتمون"‪ ،‬وأرى أن "يغتفرون"‬ ‫أليق بالسياق‪ ،‬إذ االغتمام ممن ظلم‪ ،‬ولم ينتصر لنفسه منقصة ومذمة ال‬ ‫محمدة‪.‬‬ ‫(‪ )57‬في شرح ثعلب والطرائف األدبية‪" :‬كنز"‪ ،‬وفي نسخة الديوان كذلك‪،‬‬ ‫والصحيح‪ ،‬كما ورد في المكاثرة‪" :‬كنزوا"؛ ألن الحديث ال يزال عن‬ ‫أسالفه‪.‬‬ ‫(‪ )58‬في شرح ثعلب (لم يُحْ فَوا)‪.‬‬ ‫(‪ )59‬في المكاثرة‪" :‬فهناك ربك"‪.‬‬ ‫"جار" وذكر الميمني أن نفطويه رواه‪":‬حاد‬ ‫(‪ )60‬وردت في المكاثرة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وراج"‪ ،‬واقترح هو "حا ٍو"‪.‬‬ ‫‪133‬‬ ‫عمارة والنسق الجمعي‪:‬‬ ‫ضادية عمارة هذه ليست فريدة في اختيار قافيتها‪،‬‬ ‫بل حلقة في سلسلة من الضاديات التي ُشهر بها‬ ‫عدد من الشعراء المعدودين في الحجج الفصحاء؛‬ ‫كما بين الميمني‪" ،‬للعرب ضاديات تعد من أجود ما‬ ‫قالوا‪ ،‬كضادية الطرمال (قل في شط نه اروان‬ ‫اغتماضي)‪ ،‬وضادية أبي الشيص (ال تنكري صدي‬ ‫وال إعراضي) وضادية بشار (غمض الحديد‬ ‫بصاحبيك فغمضا) وضاديتي الطائيين (أهلوك‬ ‫أضحوا شاخصا ومقوضا) و (ترك السو َاد لالبسيه‬ ‫وبيضا) ‪ ...‬إال أن ضادية عمارة هذه درة تاجها‬ ‫وصاحبة معراجها"‪ )61(.‬وكذا فعل من جاء بعد من‬ ‫شعراء المشرق والمغرب‪ ،‬محتذياً سنن أصحاب‬ ‫الضاديات؛ إذ نظم ابن زيدون األندلسي في القرن‬ ‫الخامس الهجري ضاديته الخالدة (أثرت هزبر الثر‬ ‫إذ ربض)‪.‬‬ ‫وهذا االختيار الواعي من عمارة بن عقيل يجب أال‬ ‫َيغ َفل عنه المالو ُل الثقافي‪ ،‬وفي الوقت نفسه أال‬ ‫ُيحمله حموالت ثقافية من غير عصره؛ فاختيار‬ ‫الضاد رويًّا للقافية قد يغري القار بعزوه إلى ما شاع‬ ‫من اختصاص العرب والعربية بهذا الصوت‪ ،‬وعده‬ ‫اختيار يناسب حال عمارة وحال ممدوحه القائد‬ ‫اً‬ ‫(‪)62‬‬ ‫العربي خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني‪ ،‬خصوصاً‬ ‫إذا ما ُأنعم النظر في السياق التاريخي للقصيدة‪.‬‬ ‫رح َل إلى بغداد زمن ُّ‬ ‫تمكن الثقافة‬ ‫وذلك أن عمارة َ‬ ‫الفارسية ورجاالتها من بالط الخلفاء‪ ،‬وكثرة الوزراء‬ ‫والكتاب والقُواد من غير العرب؛ حتى كان ممدو ُل‬ ‫(‪ )61‬الميمني‪ ،‬الطرائف األدبية‪.47/1،‬‬ ‫(‪ )62‬قال بهذا عبد المجيد المحتسب‪ ،‬ص ‪ ،205‬وتابعه ناقالً جمال محمود‬ ‫عيسى‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫‪134‬‬ ‫خالد بن يزيد بن مزيد‬ ‫عمارة في هذه القصيدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الشيباني‪ ،‬كالغريب بينهم‪.‬‬ ‫فالقراءة الثقافية لهذا االختيار يجب أال تقتنص هذه‬ ‫المشاكلة؛ فتزعم أن الشاعر أتى بما يشاكل حاله في‬ ‫االغتراب ببغداد وحال ممدوحه في التفرد باألصل‬ ‫العربي بين أقرانه‪ ،‬وتتجاهل ما تقرره البحوث‬ ‫والدراسات حول الحقائق التاريخية لافكار‪ ،‬ومنها‬ ‫تسمية العربية "لغة الضاد"‪ ،‬التي يقرر صالل راوي‬ ‫ بعد تتبع تاريخي لهذه التسمية ‪ -‬أن نسبة العربية‬‫إلى الضاد ُسمع للمرة األولى(‪ )63‬في شعر المتنبي‬ ‫في قوله‪:‬‬ ‫فخرت‬ ‫ال‬ ‫بجدودي‬ ‫فت‪ ،‬بل شرفوا بي‬ ‫ال بقومي شر ُ‬ ‫وبنفسي‬ ‫وهم فخر من نطق الض ذ ذ ذ ذ ذذا‬ ‫ُ‬ ‫د‪ ،‬وعوذ الجاني‪ ،‬وغوث الطريد‬ ‫ويقرر راوي في بحثه "العربية لغة الضاد‪ ..‬لماذا؟!"‬ ‫أن أكثر العجم‪ ،‬وبعض العرب في مطلع القرن‬ ‫الثالث الهجري عانوا من الخلط بين الضاد والظاء‪،‬‬ ‫أو لم يحسنوا إخراجه من مخرجه الموصوف في‬ ‫كتب اللغة‪ )65(.‬وينقل الشمسان أن هذا الخلط ُسجل‬ ‫حتى في زمن عمر بن الخطاب؛(‪ )66‬ولعله وان وجد‬ ‫عند بعض العرب غير الفصحاء‪ ،‬فإنه كان أظهر‪،‬‬ ‫وأكثر شيوعاً بين العجم؛ لثقله‪ ،‬ودقة مخرجه‪،‬‬ ‫ومشابهته للظاء‪ .‬وعليه فإن اختيار عمارة لهذه‬ ‫(‪ )63‬ينفي راوي ويوافقه في ذلك إبراهيم الشمسان األثر الذي ينسب إلى‬ ‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪" ،‬أنا أفصح من نطق الضاد"‪ ،‬انظر‪ :‬صالح‬ ‫راوي‪’ ،‬العربية لغة الضاد ‪ ...‬لماذا؟!‘‪ ،‬مجلة كلية دار العلوم جامعة‬ ‫القاهرة – مصر‪ )1988( ،‬ع ‪ ،11‬ص ‪ ،88‬و إبراهيم الشمسان‪’ ،‬الضاد‬ ‫بين الكتابية والشفاهية‘‪ ،‬مجلة الخطاب الثقافي – دراسات‪ ،‬ع ‪،2‬‬ ‫(‪ ،)2007‬ص ‪.110‬‬ ‫(‪ )64‬أبو الطيب المتنبي أحمد بن حسين الجعفي‪ ،‬ديوان المتنبي‪( ،‬بيروت‪:‬‬ ‫دار بيروت للطباعة والنشر‪ ،)1983،‬ص ‪.21‬‬ ‫(‪ )65‬راوي‪ ،‬العربية لغة الضاد‪ ،‬ص ‪.89‬‬ ‫(‪ )66‬حكاه أبو علي القالي‪ ،‬ذيل األمالي والنوادر‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتب‬ ‫التجاري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،).‬ص ‪.142‬‬ ‫(‪)64‬‬ ‫القافية يمكن تأويله ثقافياً برغبة الشاعر في السير‬ ‫في ركاب أصحاب الضاديات‪ ،‬وهم من الحجج‬ ‫الفصحاء لالمتياز عن قرنائه الشعراء عربهم‬ ‫وعجمهم‪ ،‬وعمارة قد "جاء على ساقة الشعراء"(‪،)67‬‬ ‫وعد من فصحاء عصره‪ ،‬وروي أنه لما قدم بغداد‬ ‫ُ‬ ‫"اجتمع الناس إليه‪ ،‬وكتبوا شعره‪ ،‬وسمعوا منه‪،‬‬ ‫شعر‬ ‫وعرضوا عليه األشعار" واستحسن مما أُنشد َ‬ ‫أبي تمام‪ )68(.‬وقصده النحويون وعلماء اللغة للسماع‬ ‫واألخذ منه كابن السكيت‪ ،‬وابن األعرابي‪ ،‬وأبي‬ ‫(‪)69‬‬ ‫العباس المبرد‪ ،‬وأبي العيناء محمد بن القاسم‪.‬‬ ‫واألليق بسياق النص أن عمارة أراد أن يظهر‬ ‫منسجماً مع النسق الثقافي العربي منضوياً تحت لواء‬ ‫أصحاب الضاديات هويةً وال ينفي ذلك بالطبع سعي‬ ‫الشاعر إلى التفرد األدبي‪ ،‬ولكن التفرد بهوية دون‬ ‫هوية قومه تجعله ال قيمة له في صراع القوميات‬ ‫المتنافسة (العربية والفارسية)‪ .‬إن قراءة هذه القصيدة‬ ‫أفقياً في سياقها التاريخي تقود إلى تقصي واقع عمارة‬ ‫وحياته في بغداد التي امتدت عشرين عاماً‪ ،‬دخلها‬ ‫صحيح الدين والمروءة – كما تنقل كتب األخبار‪-‬‬ ‫وخرج منها ال يلوي على شيء منهما‪ ،‬إذ صاحب‬ ‫بعض الدهريين فأفسدوا معتقده وأخالقه‪ )70(.‬وفي‬ ‫بغداد اتصل بعدد من كبرائها ونبالئها ونحجت بعض‬ ‫مساعيه في كسب الثروة وفشل أكثرها‪ ،‬فعبر عن‬ ‫ألمه وسأمه مما وصل إليه حاله في بغداد كقوله‪:‬‬ ‫ما إن ي از ُل ببغداد تزاحمنا‬ ‫على البراذين أمثا ُل البراذين‬ ‫(‪ )67‬أبو بكر محمد بن يحيى الصولي‪ ،‬أخبار أبي تمام‪ ،‬تح خليل محمود‬ ‫عساكر ومحمد عبده عزام ونظير اإلسالم الهندي‪ ،‬ط ‪( ،3‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫اآلفاق الجديدة‪ ،)1980 ،‬ص ‪.63‬‬ ‫(‪ )68‬السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬ ‫(‪ )69‬شاكر العاشور‪ ،‬المستدرك على ديوان عمارة بن عقيل‪ ،‬ص ‪.882‬‬ ‫(‪ )70‬عبد هللا بن المعتز‪ ،‬طبقات الشعراء المحدثين‪ ،‬تح عبد الستار أحمد‬ ‫فراج‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار المعارف‪ ،)1976 ،‬ص ‪.317-316‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫أعطاه ُم اللُ أمواالً ومنزلةً‬ ‫ُ‬ ‫(‪)71‬‬ ‫عند الملوك بال عقل وال دين‬ ‫وله أيضا إشارات إلى بعض المتنفذين فيها من غير‬ ‫العرب وقد هجاهم بمثل قوله‪:‬‬ ‫عمرو بن مسعدة الكرام فعاله‬ ‫خير وأمجد من أبي عباد‬ ‫من لم يذمم والداه‪ ،‬ولم يكن‬ ‫بطانة‬ ‫علج‬ ‫بالري‬ ‫هذا فضالً عن أبيات ذكر فيها امتعاضه من بغداد‬ ‫بعد أن سئم هواءها وترابها‪:‬‬ ‫سلح‬ ‫ما أنت يا بغداد إال ُ‬ ‫نفح‬ ‫إذا اعتراك مطر أو ُ‬ ‫وان جففت فتراب برُل‬ ‫وأبيات أُ َخر يفضل فيها خيمة في الصحراء على‬ ‫قصر ببغداد أو سفن ضخمة بنهر دجلة‪:‬‬ ‫هجان بحبل ذي هالء وعرفج‬ ‫لمستمطر بالرمل في بيت‬ ‫حرة‬ ‫تخور به الغزالن كل عشية‬ ‫إلى كل خشف كالسوار وتخرج‬ ‫أحب إلينا من قراقير ساحل‬ ‫ببغداد‬ ‫بدجلة‪،‬‬ ‫مترج‬ ‫(‪)73‬‬ ‫أو‬ ‫قصر‬ ‫خالد نسق الفرد‪:‬‬ ‫القصيدة في كل أجزائها (المقدمة التأملية‪ ،‬والرحلة‪،‬‬ ‫المدل) تقوم على فكرة التقابل والتضاد بين كل ما‬ ‫يرد فيها من عناصر‪ ،‬فانضواء عمارة المادل في‬ ‫ركب أصحاب الضاديات‪ ،‬يقابله انفراد خالد بين‬ ‫أقرانه من القُّواد العباسيين باألصل العربي واالنتماء‬ ‫إلى الموروث الثقافي البدوي‪ .‬وهو اختيار حقيق‬ ‫بالتأمل وجدير بالتحليل والتأويل الثقافي؛ إذ ال يمكن‬ ‫عده اختيا اًر عشوائياً أو من قبيل المصادفة‪ ،‬ألننا‬ ‫نر عمارة يعرض جملة من المفارقات المعيشة في‬ ‫ذلك العصر ويسجلها في ثنائيات متضادة منها‪:‬‬ ‫(‪)71‬‬ ‫(‪)72‬‬ ‫(‪)73‬‬ ‫العاشور‪ ،‬المستدرك‪ ،‬ص ‪.890‬‬ ‫العاشور‪ ،‬ديوان عمارة‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪135‬‬ ‫(الشبيبة والشيب‪ ،‬الرخاء والشدة‪ ،‬السمن والهزال‪،‬‬ ‫السر‬ ‫القحط والربيع‪ ،‬الرخاء والشدة‪ ،‬الجديد و َ‬ ‫الخلق‪ُ ،‬‬ ‫وال َكر ‪ ،‬الشجاعة والخوف‪ ،‬الضيق والفرج‪ ،‬اإلبرام‬ ‫والنقض‪ ،‬الشكر والغمط‪ ،‬السخط والرضى‪ ،‬البسط‬ ‫والقبض‪ ،‬العزة والذلة‪ ،‬الحب والبغض‪ ،‬العفو‬ ‫واالنتقام‪ ،‬الماضي والحاضر‪ ،‬العطاء والمنع‪ ،‬الشرف‬ ‫والخسة‪ ،‬سالمة الصدر والحسد)‪.‬‬ ‫مقدمة ضادية عمارة في جوهرها طللية وال تخرج عن‬ ‫الفكرة األساس للوقوف على األطالل‪ ،‬بوصف‬ ‫(االرتحال‪ ،‬والنزول)؛ ولذا انتقل عمارة – بداهة –‬ ‫إلى ما يستلزمهما في المقدمات الطللية التقليدية من‬ ‫حلول القحط بأرض واحتياج أهلها إلى البحث عن‬ ‫الربيع واخضرار األرض‪ .‬ثم واصل عمارة اقتفاء أثر‬ ‫القصيدة القديمة منتقالً من مقدمته إلى وصف‬ ‫الراحلة والرحلة نحو خالد البحر‪ ،‬الربيع‪ ،‬المريع‪،‬‬ ‫مقصد العفاة‪ ،‬ومستمال كل ممتال‪ ،‬سارداً إلى جانب‬ ‫ذلك فضائله ومحاسنه‪ ،‬وشجاعته ونبله‪ ،‬ومختتماً‬ ‫بطلب العطاء والنوال‪.‬‬ ‫إن إلباس عمارة قصيدته هذا الملبس المألوف ينسجم‬ ‫مع النسق الظاهري له كشاعر أعرابي األصل‬ ‫والمنشأ والثقافة‪ ،‬يمدل ممدوحاً يشاكله في االنتماء‬ ‫إلى الموروث الثقافي والقبلي‪ ،‬خالد بن يزيد بن مزيد‬ ‫الشيباني‪ ،‬من أسرة القائد العربي معن بن زائدة‬ ‫الشيباني‪ .‬ولكن األنساق المضمرة التي يبطنها هذا‬ ‫النص تستلزم حف اًر رأسياً بحثاً عن المضامين الثقافية‬ ‫البعيدة لنستخرج من هذه األنساق الظاهرة والمضمرة‬ ‫معنى تكاملياً يتجاوز القراءة الجمالية إلى القراءة‬ ‫ً‬ ‫الثقافة‪.‬‬ ‫‪136‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫لعل عدداً من األفكار التي توحي بها أنساق هذه‬ ‫القصيدة تدور حول (استفحال المفارقات في عصر‬ ‫عمارة) على مختلف صعد الحياة؛ سياسياً واجتماعياً‬ ‫وثقافياً واقتصادياً‪ .‬واستهالل القصيدة بوصف الشبيبة‬ ‫المرتحلة والمشيب النازل (عالمة) وان كان من‬ ‫الممكن قراءتها جمالياً في سياق التطور الفني‬ ‫لمقدمات القصائد‪ ،‬التي كانت طللية‪ ،‬ثم ثار عليها‬ ‫بعض محدثي العصر العباسي‪ ،‬إال أنها من منظور‬ ‫التحليل الثقافي (دالة) أراد الشاعر من خاللها البدء‬ ‫بسرد المفارقات التي امتا بها عصره بطريقة السرد‬ ‫االرتدادي (‪ ،)flashback‬يقدم فيه خالصة فكره‬ ‫وعصارة تجربته‪ ،‬كشيخ أفل نجم شبابه‪ ،‬وحان‬ ‫ارتحاله عن هذا العالم المتناقض‪.‬‬ ‫لقد جعل عمارة أفكار القصيدة تقوم على المفارقات‪،‬‬ ‫وهذا يمكن تأويله باتجاه الشاعر نحو توصيف ما هو‬ ‫كائن أمامه‪ ،‬وما ينبغي أن يكون؛ إن في قيم الناس‬ ‫وعالقاتهم ومعامالتهم‪ ،‬أو طبيعة الحكم السياسي‬ ‫ورجاله‪ ،‬أو في واقع األدب والثقافة في عصره‪ .‬إنها‬ ‫لمفارقة – كما يصف في نص شعري هخر ‪ -‬أن‬ ‫تتركز المكانة االجتماعية‪ ،‬والثروة‪ ،‬في (أمثال‬ ‫البراذين) الذين اقتعدوا بالط الخلفاء وحظوا عندهم‬ ‫بالمكانة الرفيعة‪ ،‬مع أنهم ال حظ لهم من علم أو‬ ‫دين‪ )74(.‬وهي في اآلن نفسه‪ ،‬شكو مريرة من سوء‬ ‫الحظ الذي الزمه في بغداد‪ ،‬وتسخط من قدره الذي‬ ‫لم يسعفه‪ ،‬على الرغم من علمه وأدبه‪.‬‬ ‫ومفارقة أخر أن البالط العباسي ال يعدو أن يكون‬ ‫واجهة عربية لحكم فارسي؛ الخليفة فيها عربي ومن‬ ‫يسير شالون دولته‪ ،‬ويصرف أمورها‪ ،‬ويتحكم في‬ ‫(‪ )74‬العاشور‪ ،‬المستدرك على ديوان عمارة‪ ،‬ص ‪.890‬‬ ‫مفاصلها الفرس من وزراء وكتاب وحجاب وقواد‪،‬‬ ‫حتى غدا ممدوحه خالد بينهم غريباً‪ .‬ومع ذلك لم‬ ‫يسلم خالد من عوادي الزمن؛ إذ جاءه عمارة يوماً‬ ‫يريد النوال‪ ،‬فلقيه في كرب وحاجة وضيق من‬ ‫غضب المأمون‪ ،‬ومع ذلك أطعمه وسقاه‪ ،‬ولم يكن‬ ‫معه من المال حينئذ إال أثواب من خز فدفعها إلى‬ ‫عمارة‪ ،‬فأثنى عليه مادحاً‪:‬‬ ‫أأترك إن قلت دراهم خالد‬ ‫زيارته إني إذاً للئيم‬ ‫(‪)75‬‬ ‫أبيات عمارة باختالل األحوال فيه‬ ‫لقد كان زمناً تشي‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫وتبدل الموازين؛ أر فيه البخس من قيمته كأعرابي‬ ‫فصيح عالم بالعربية‪ ،‬بعد أن كان مقصداً لطالبها‬ ‫ونحاتها‪ ،‬ولكنه ما عاد ذا قيمة؛ كما كان أسالفه‬ ‫الذين كانت لهم سوق رائجة ارتحلوا من البادية إلى‬ ‫المدينة فنعموا بالثراء‪ ،‬وحظوا بالمكانة العالية عند‬ ‫عامة الناس قبل خاصتهم‪ .‬إن األلم الشخصي باد‬ ‫فيما تظهره أنساق النص من خيبة األمل التي كانت‬ ‫تحاصر عمارة في بغداد‪ ،‬وقد اجتمعت عليه‬ ‫المصاعب‪ ،‬وموت الزوجة‪ ،‬وكبر السن‪ ،‬وعقوق‬ ‫األبناء‪:‬‬ ‫كبرت ودق العظم مني‪ ،‬وعقني‬ ‫وأصبحت أعمى ال أر الشمس في‬ ‫الضحى‬ ‫بني‪ ،‬وأجلت عن فراشي القعائد‬ ‫(‪)76‬‬ ‫تعيرني بين البيوت الوالئد‬ ‫ومفارقة أخر يصفها عمارة أن فاحشي الثراء و"لو‬ ‫ملكوا مدد البحار" فسيظلون مناعين للخير عن‬ ‫الناس‪ ،‬وفي اختيار لفظة "مناعون" استحضار‬ ‫وعاً" وما تلقي به‬ ‫ومُن َ‬ ‫"مناع‪َ ،‬‬ ‫لمدلوالت األلفاظ القرهنية َ‬ ‫(‪ )75‬أبو الفرج األصبهاني‪ ،‬األغاني‪ ،‬تح علي مهنا وسمير جابر‪،‬‬ ‫(بيروت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬د‪.‬ت‪.212/24 ).‬‬ ‫(‪ )76‬هذان البيتان مما نقله شاكر العاشور فيما نسب إلى عمارة وإلى‬ ‫غيره‪ ،‬وقد نسبا في معجم الشعراء إلى علي بن أحمد بن ربيعة العبادي‪.‬‬ ‫أبو عبيد هللا بن محمد بن عمران المرزباني‪ ،‬معجم الشعراء‪ ،‬تح عبد‬ ‫الستار أحمد فراج‪( ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة العامة للكتاب‪ ،‬د‪.‬ت)‪.150 /1،‬‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫من ظالل سالبة في توصيف هالالء البخلة‪ ،‬الذين لم‬ ‫يكتفوا بما عندهم من السوء و"منع الخير"‪ ،‬بل شفعوه‬ ‫بقبيحة أخر ‪ ،‬فحسدوا خالداً على شرفه وعلو منزلته‬ ‫بين الناس وشأو فعاله‪ ،‬وان لم يبوحوا بذلك‪ ،‬واكتفوا‬ ‫بمعالجة لهيب الحقد والحسد الذي يملال صدورهم‪،‬‬ ‫وعض شفهاهم من الحسرة والغيظ‪.‬‬ ‫والنسق المعيب أو القبحي المستتر هنا ارتهان‬ ‫الخالفة العباسية نفسها ألمثال هالالء الكبراء‪ ،‬على‬ ‫الرغم من كل هذه المعايب التي ال تتسق مع ما‬ ‫ينبغي ألمثالهم االتصاف به‪ ،‬ولكنها – كما ير‬ ‫عمارة معزياً نفسه – عقوبة إلهية حلت به‬ ‫وبمعاصريه؛ إذ يقول‪:‬‬ ‫ما زال عصياننا لل يسلمنا‬ ‫حتى ُدفعنا إلى يحيى ودينار‬ ‫تُقطع‬ ‫للشمس‬ ‫إلى ُعليجين‬ ‫ثمارهما‬ ‫لم‬ ‫قد‬ ‫والنار‬ ‫طالما‬ ‫(‪)77‬‬ ‫سجدا‬ ‫واإلشارة إلى األصل األعجمي‪ ،‬وحداثة العهد‬ ‫باإلسالم‪ ،‬وعدم اختتان هذين – كما يزعم عمارة ‪-‬‬ ‫تكثيف للفكرة التي يتضمنها هذا النسق من تولي‬ ‫الفرس والية األقاليم والقضاء في زمن الخالفة‬ ‫العباسية‪.‬‬ ‫والمفارقة األخر التي يلول من أنساق هذه القصيدة‪،‬‬ ‫تعود إلى الحياة المضطربة التي كان يحياها عمارة؛‬ ‫والمتمثلة في عدم التجانس بين المدنية التي وجد‬ ‫نفسه مجب اًر على التأقلم معها‪ ،‬والبداوة التي تشربها‬ ‫في نشئه وشبابه‪ .‬وعلى الرغم من قضائه زهاء‬ ‫العشرين عاماً في بغداد إال أنها لم تكن كافية لتنسيه‬ ‫(‪ )77‬نقل شاكر العاشور هذين البيتين فيما ينسب إلى عمارة وغيره‪ ،‬وأشار‬ ‫إلى أن يحيى بن أكثم ودينار بن عبد هللا أخوان ألم‪ ،‬وكان يحيى قاضياً‬ ‫زمن المعتصم والمأمون‪ ،‬ثم نفي إلى مكة زمن الواثق‪ ،‬ودينار كان أعجمياً‬ ‫من موالي الرشيد‪ ،‬وولي على الجبال زمن المأمون‪ .‬العاشور‪ ،‬ديوان‬ ‫عمارة‪ ،‬ص ‪.128 ،96‬‬ ‫‪137‬‬ ‫عبق الصحراء‪ ،‬ونسيم الفيافي والرياض؛ إذ تكشف‬ ‫أنساق القصيدة تأصل البداوة في نفسه وتمكنها من‬ ‫أعماق تفكيره‪ ،‬ولذا فوصف خالد بالربيع زمن الجدب‬ ‫والقحط يأتي دالة من دوال النسق البدوي الذي لم‬ ‫تفلح سنين العي في بغداد في إضماره‪.‬‬ ‫وهي بالضرورة مشابهة أراد عمارة أن يثبتها بينه‬ ‫وبين ممدوحه خالد‪ .‬وبالمقابل ترسم صورة أعم‪،‬‬ ‫وتصف فكرة أشمل؛ تكشف عن صراع حول هوية‬ ‫الدولة والمجتمع العباسي في العراق بين القيم العربية‬ ‫في الحياة والحكم‪ ،‬والقيم الفارسية والساسانية‪ .‬فخالد‬ ‫القائد العربي الذي لم يعد يشبهه في بغداد إال مادحه‬ ‫عمارة‪ ،‬الذي عرف طريقه إليه كرجلي أدل من القطا‬ ‫في اهتدائه إلى ممدوحه‪ ،‬يسلك إليه الفيافي‪ ،‬ويقطع‬ ‫المفاوز والقفار‪ ،‬ويركب إليه كل صعب وذلول‪ .‬وال‬ ‫يخفى ما فيه هذه األوصاف من تكثيف متعمد‬ ‫لعناصر البداوة‪ ،‬يقوده إليه "ثقته" و"فضل خالد" ألن‬ ‫للشاعر عند ممدوحه "حرمة" وهي إن لم تكن رحماً‬ ‫وال نسباً‪ ،‬فإنها صلة فكرية‪ ،‬ووحدة قيمية أس أساسها‬ ‫البداوة وقيمها‪ ،‬ومحاسن أخالقها وفضائلها‪.‬‬ ‫ويسوق عمارة طرفاً من هذه القيم البدوية األصيلة‪،‬‬ ‫والغريبة على المجتمع المدني في بغداد‪ ،‬كاالستغناء‬ ‫عن المشاورة‪ ،‬وأال يناجي المرء إال ضميره‪ ،‬لئال‬ ‫نسب إلى التردد أو ضعف اإلرادة‪:‬‬ ‫ُي َ‬ ‫برذهأي إذا نذاجذى الضذمذي َذر‬ ‫َو َح َذديذن أُبذرَز ضذحذ ُكذه المحض‬ ‫وقد روي أن الخليفة أبا جفعر المنصور كان يستشير‬ ‫من حوله حتى مدحه ابن هرمة القرشي بقوله‪:‬‬ ‫يزرن امرءاً ال ُيصلح القوم أمره‬ ‫(‪)78‬‬ ‫وال ينتجي األدنين فيما يحاول‬ ‫(‪ )78‬إبراهيم بن هرمة‪ ،‬ديوان إبراهيم بن علي بن هرمة القرشي‪ ،‬تح‬ ‫محمد جبار المعيبد‪( ،‬بغداد‪ :‬مطبعة اآلداب‪ ،)1969 ،‬ص ‪.167‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫‪138‬‬ ‫فلم يشاور أحداً بعد ذلك‪ .‬وغير خاف التشابه بين‬ ‫حالي الشاعرين‪ ،‬وكالهما ينسب إلى البداوة قيماً‬ ‫(‪)79‬‬ ‫وأسلوب شعر؛ إذ ُّ‬ ‫عدا مع هخرين "ساقة الشعراء"‪،‬‬ ‫الذين ساروا على نهج الشعراء القدماء‪ ،‬وحافظوا على‬ ‫قيم البداوة في شعرهم‪ ،‬في العصر العباسي‪.‬‬ ‫ويلمح عمارة بذكره لكرم خالد إلى مفارقة بلي بها من‬ ‫عا في عصره‪ ،‬إذ يبدو لنا مناقشاً فكرة الكرم‪ ،‬هذه‬ ‫القيمة اإلسالمية‪ ،‬والفضيلة العربية األعرابية‪ ،‬وان‬ ‫معنى مستهلكاً‪ ،‬نجده عند‬ ‫كان مم ‪ -‬في الغالب –‬ ‫ً‬ ‫كل مادل قبل عمارة وبعده‪ ،‬إال أننا نستطيع أن نعد‬ ‫حضوره في قصيدة عمارة يكتسب بعداً خاصاً؛ ولدينا‬ ‫الوقائع التاريخية التي تثبت شيوع تلك األفكار في‬ ‫عصر الشاعر؛ إذ ناقشت بعض التيارات الفكرية‬ ‫إبان العهد العباسي فكرة الكرم‪ ،‬خصوصاً في كتابات‬ ‫الشعوبيين‪ ،‬كنوع من الفضائل التي يدعيها العرب‪،‬‬ ‫وحاول بعضهم كعالن الشعوبي نفيها أو تشويهها أو‬ ‫نسبتها إلى اإلسراف‪ ،‬أو تضييع المال‪ ،‬وعدها رذيلة‬ ‫ومنقصة‪ )80(،‬وألمكننا القول‪ :‬إن عمارة وقف دون‬ ‫مواربة في مجابهة هذه الفكرة‪:‬‬ ‫البأس عن سلف‬ ‫ُحذز َ‬ ‫ت النذد و َ‬ ‫َسذنذُّوهذمذا وعذليذهذمذا‬ ‫ف ذكذذأن حذذل المذال عذنذدهذم‬ ‫وحذ ُّ‬ ‫ذصذذون ذه بذُغذض‬ ‫حذذجذذر ُ‬ ‫ذب مذَ ُ‬ ‫ُسذبذُط األنذامذل يج َذلون إذا‬ ‫كذنذزوا المحامد وهي باقية‬ ‫حذَضُّذوا‬ ‫ُسذئلوا ويغتفرون إن ُع ُّ‬ ‫ذضوا‬ ‫العذرض‬ ‫العذيذن و َ‬ ‫مذحذمذودة ال َ‬ ‫إن اإلشارة إلى وراثة خالد‪ ،‬وأبيه يزيد لهذه القمية عن‬ ‫سلفهما‪ ،‬واكتناز المحامد والذكر الحسن الباقي‪ ،‬مع‬ ‫(‪ )79‬علي بن عبد العزيز الجرجاني‪ ،‬الوساطة بين المتنبي وخصومه‪ ،‬تح‬ ‫محمد أبو الفضل إبراهيم ومحمد علي البجاوي‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتبة‬ ‫العصرية‪ ،)2006 ،‬ص ‪.52‬‬ ‫(‪ )80‬عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدنيوري‪ ،‬فضل العرب والتنبيه على‬ ‫علومها‪ ،‬تح وليد محمود خالص‪( ،‬أبو ظبي‪ :‬دار الكتب الوطنية‪،)2010 ،‬‬ ‫ص ‪.87-74‬‬ ‫بغض جمع المال وكنزه‪ ،‬وبذله بجذل لسائليه‪ ،‬من‬ ‫أوضح الدوال على المذهب الذي يدعو إليه عمارة‪،‬‬ ‫ويربطه بسياقه العربي البدوي‪ ،‬واإلسالمي‪ ،‬ودون‬ ‫شك فقد كانت إحد المفارقات – عند عمارة وعندنا‬ ‫يظهر معارض لهذه القيمة النبيلة‪.‬‬ ‫اليوم – أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والتأويل الثقافي لهذه األبيات يكشف لنا األنساق‬ ‫القائمة في ذلك المجتمع‪ ،‬واألفكار المتصارعة في‬ ‫ذلك العصر‪ .‬وقد جعل عمارة خالداً وكرمه مقابالً‬ ‫ًّ‬ ‫مضادا لمنافسيه السياسيين والكبراء في ذلك العصر‪،‬‬ ‫ووصفهم بنقيض أوصافه لخالد‪:‬‬ ‫فذفَذداك مناعون لو ملكوا‬ ‫َم َذد َد البذحذار إذن لمذا َب ُّ‬ ‫ضوا‬ ‫ولَ َووا َمذعذاط َسهم على لَهَب‬ ‫تذحذت الكذشذول وليذتذهم ُر ُّ‬ ‫ضوا‬ ‫أيديهم‬ ‫عذَضُّذوا شذف َ‬ ‫ذاهذهذم و َ‬ ‫ذسذداً عذليذك وطذالمذا عذَضُّذوا‬ ‫َح َ‬ ‫فذهذنذاك أنذك منتهى أملي‬ ‫ج ذذاد وراج م ذذا ب ذذه نذ ذهذذض‬ ‫قدل‬ ‫كنزوا المال‪ ،‬ولم ُينلهم هذا‬ ‫ُ‬ ‫االكتناز مدحاً بل َ‬ ‫كل طالب نوال خرج من امتياحهم بالدعاء عليهم‬ ‫والذم لفعالهم‪ .‬ولما كان خالد هية البشاشة والجذل إذا‬ ‫ُسئل‪ ،‬والعفو والصفح إن ظُلم فإن منافسيه ومناوئيه‬ ‫يتخذون موقفاً مناقضاً فقسماتهم عابسة "لووا‬ ‫معاطسهم" يشيحون بوجوههم‪ ،‬ويعضون أناملهم‬ ‫وشفاههم من الغيظ‪ ،‬وتغلي مراجل الحقد في‬ ‫صدورهم‪ ،‬وتكوي أجوافهم نيران الحسد لخالد على ما‬ ‫نال من ثناء الناس‪.‬‬ ‫لكن النسق المضمر الذي يستتر تحت هذه المعاني‬ ‫يتمثل في محاولة عمارة كشف الصراع بين تيارين‬ ‫متنافسين وثقافتين تتصارعان لتسيد المجتمع العباسي‬ ‫في عصره؛ التيار العربي الذي ُيسبغ عليه عمارة‬ ‫أثواب الثناء بربطه بالموروث الخلقي القديم والممتد‬ ‫إلى أزمنة سابقة عا فيها "سلف" سن الفضائل‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫وحض عليها‪ ،‬وأتى اإلسالم متمماً لها وداعياً إلى‬ ‫ثوب‬ ‫التمسك بها‪ ،‬والتيار الفارسي الذي ُيلبسه عمارةُ َ‬ ‫الل الشر التي اتصفوا‬ ‫المنافسين لخالد‪ ،‬ويسرد خ َ‬ ‫بها‪ ،‬من بخل وتجهم وغيظ وحسد وحقد‪ ،‬وينطلق في‬ ‫ذلك من مفردات قرهنية كذ"عضوا" و"مناع" بما تلقيه‬ ‫من ظالل‪ ،‬أراد من خاللها أن يبين عن طريق‬ ‫العالقة الضدية ربط التيار العربي وحده بالقيم‬ ‫اإلسالمية والفضائل الخلقية‪ ،‬كالشجاعة والكرم‬ ‫وبشاشة الوجه والعفو عن المسيء‪ ،‬والسعي للذكر‬ ‫الحسن الخالد بين العالمين‪.‬‬ ‫الختـــــــام‬ ‫بين هذا البحث اإلمكانات التأويلية التي يحفل بها‬ ‫منهج التحليل الثقافي‪ ،‬على الرغم من أنه محفوف‬ ‫بمزالق كثيرة لعل أهمها يأتي من عدم وضول حدود‬ ‫التأويل‪ ،‬وتعدد القراءات بتعدد القراء مع احتمال أن‬ ‫تأتي القراءات متناقضة بحسب منطلقات القراءة‬ ‫ومواقف المأولين‪ .‬كما أن التركيز على عاملي الثروة‬ ‫والسلطة والصراع على النفوذ عبرهما‪ ،‬على الرغم‬ ‫من أهميتهما ومحوريتهما في حياة الناس عبر‬ ‫العصور‪ ،‬فيه إهمال للعديد من العوامل اإلنسانية‬ ‫األخر التي تحفز األفراد والمجتمعات على التفكير‬ ‫والتعبير بطرائق مختلفة ومتعددة‪ ،‬بعضها قوي الصلة‬ ‫بهذين العاملين‪ ،‬وبعضها إما ضعيف الصلة أو‬ ‫منعدمها‪.‬‬ ‫وبقراءة ضادية عمارة بن عقيل قراءة ثقافية تبين لنا‬ ‫كيف يستعمل الشاعر أساليب تعبيرية وتقنيات‬ ‫تركيبية مشاكلة ألغراضه ومحققة لمراميه‪ ،‬فعمارة‬ ‫عندما أراد التعبير عن البون الشاسع بين المثال‬ ‫والواقع‪ ،‬واالختالف بين ما ينبغي أن يكون وما هو‬ ‫‪139‬‬ ‫كائن؛ اختار عالقة التضاد‪ ،‬وجعلها أس النص‬ ‫بدءا من األلفاظ‪ ،‬ومرو اًر‬ ‫بمستوياته المختلفة‬ ‫ً‬ ‫بالتراكيب والصور‪ ،‬وانتهاء بالبنى واألفكار‪ .‬جاء هذا‬ ‫النص عالمة فارقة في شعر عمارة كله‪ ،‬فلم يحفظ‬ ‫لنا ديوانه قصيدة أخر توازيها أو تدانيها‪ ،‬كما ُعدت‬ ‫هذه الضادية أم الباب بين أصحاب الضاديات إلى‬ ‫زمن عمارة‪.‬‬ ‫إن عمارة بوضعه نفسه مقابالً لممدوحه خالد كأنما‬ ‫أراد أن يجعل من هذه العالقة االستثناء الوحيد في‬ ‫هذه العالقات المتناقضة‪ ،‬وهي ال شك أهم مفارقة‬ ‫بالنسبة له‪" ،‬فهناك أنك منتهى أملي"‪ ،‬ولكنه دون في‬ ‫الثنائيات المتضادة في هذا النص سجالً حافالً لزمن‬ ‫المفارقات الذي عاصره على المستو الشخصي‪،‬‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والخلقي‪ ،‬والحضاري‪،‬‬ ‫والقومي‪ .‬ومن خالل التحليل الثقافي للنص األدبي‬ ‫بالتوازي مع قراءة المصادر األخر أدبية كانت أم‬ ‫تاريخية أم دينية عن تلك المرحلة‪ ،‬يكون بمقدورنا أن‬ ‫نتصور العصر من خالل عدسة جديدة لم تكن لتتال‬ ‫لنا لو لم نمزج بين القراءة الثقافية للنص والمصادر‬ ‫األخر الموازية له عن العصر‪ ،‬أو سلمنا بحتمية‬ ‫صدق األخبار األدبية أو التاريخية عن العصر‬ ‫وأفكاره السائدة‪.‬‬ ‫لقد أبانت لنا القراءة الثقافية لهذا النص أن عمارة قد‬ ‫وظف الثنائيات الضدية للتعبير عن المتناقضات‬ ‫والمفارقات‪ ،‬وكشفت لنا أنساقاً مضمرة في القصيدة‬ ‫لم تكن القراءة النقدية أو الجمالية وحدها لتكشفها؛‬ ‫ذلك أن أدوات القراءة الثقافية أوسع مجاالً وأكثر‬ ‫مرونة وأنسب للتأويل والتعليل‪ ،‬ولكنها تتطلب في‬ ‫الوقت نفسه جهداً مضاعفاً لإلحاطة بمصادر شتى‬ ‫حسين محمد القرني‬ ‫‪140‬‬ ‫عن الشاعر وعن العصر الذي ُكتب فيه النص‪،‬‬ ‫وجرأة في التفسير والتأويل واستعداداً لتحمل نتائج‬ ‫المخاطرة المترتبة على احتمال غلبة الذاتي على‬ ‫الموضوعي‪ ،‬وامكانية تسلل التصورات الخاصة‬ ‫والمنطلقات األيدلوجية أو الشخصية للمالول إلى ثنايا‬ ‫القراءة الثقافية‪ ،‬خصوصاً عند تشابه ظروف عصر‬ ‫المالول مع عصر األديب‪.‬‬ ‫كما أظهر البحث محورية القار ودوره األساس في‬ ‫توجيه المعنى عبر التحليل الثقافي‪ ،‬وهو‪ -‬ما لم يكن‬ ‫له ما يضبطه – نذير بتحويل التحليل الثقافي إلى‬ ‫ضرب من اإلبحار اللغوي والتفنن في تقويل الشاعر‬ ‫ما لم يقل‪ ،‬ونسبة أفكار ومنطلقات إلى غير قائلها‪،‬‬ ‫وتوجيهها توجيهاً يبتعد بها عن الحقيقة التاريخية‬ ‫المصادر والمراجع العربية‬ ‫إبراهيم‪ ،‬عبد الل‪’ ،‬التلقي والسياقات الثقافية‪ :‬بحث في تأويل‬ ‫الظاهرة األدبية‘‪ ،‬كتاب الرياض‪ ،‬مالسسة اليمامة‬ ‫الصحفية‪ ،‬العدد ‪ ،93‬أغسطس ‪.2001‬‬ ‫ابن المعتز العباسي‪ ،‬عبد الل‪ ،‬طبقات الشعراء المحدثين‪،‬‬ ‫تحقيق عبد الستار أحمد فراج‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار المعارف‪،‬‬ ‫‪.)1976‬‬ ‫ابن قتيبة الدنيوري‪ ،‬عبد الل بن مسلم‪ ،‬فضل العرب والتنبيه‬ ‫على علومها‪ ،‬تحقيق وليد محمود خالص‪( ،‬أبو ظبي‪ :‬دار‬ ‫الكتب الوطنية‪.)2010 ،‬‬ ‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪ 6 ،‬مجلدات‬ ‫(القاهرة‪ :‬دار المعارف‪.)1981 ،‬‬ ‫أبو جري‪ ،‬محمود عوده سالمة‪ ،‬قصيدة عمارة بن عقيل‬ ‫وشرحها ألبي العباس ثعلب المتوفى سنة ‪291‬هذ‪ ،‬مجلة‬ ‫التربية – قطر‪ ،‬سنة ‪ ،28‬عدد‪،)1999( ،130‬‬ ‫]صفحات‪.[176-154 :‬‬ ‫األصبهاني‪ ،‬أبو الفرج علي بن الحسين‪ ،‬األغاني‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫علي مهنا وسمير جابر‪ 24 ،‬مجلداً (بيروت‪ :‬دار الفكر‬ ‫للطباعة والنشر)‪.‬‬ ‫مسافة بعيدة‪ .‬وفي اآلن نفسه ال يمكن أن تصل‬ ‫التأويالت الثقافية إلى اكتشاف نسق واحد دون سواه‪،‬‬ ‫فالنص األدبي ليس من المحكمات‪ ،‬وأدوات القراءة‬ ‫الثقافية تتعدد بتعدد القراء وامكاناتهم وظروفهم‬ ‫الزمانية والمكانية‪ ،‬ومنطلقات القراءة واجرائياتها‪ .‬إن‬ ‫التحليل الثقافي له فاعلية ال تُن َكر في قراءة الشعر‬ ‫العربي القديم‪ ،‬ولكن ينبغي لمن يعتمده أن يكون ذا‬ ‫معرفة عالية بثقافة العصر‪ ،‬وأفكاره السائدة‪ ،‬وأن‬ ‫يحذر من مزالق االستطراد في التأويل‪ ،‬وفخاخ‬ ‫القراءات المتعددة‪ ،‬إذ إنها من أهم األدوات الالزمة‬ ‫للنجال في استعمال هذا المنهج‪ ،‬وفي نهاية المطاف‬ ‫فالتحليل الثقافي منهج له محاسنه ومساوئه كشأن‬ ‫سائر المناهج‪.‬‬ ‫الجرجاني‪ ،‬عبد القاهر‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬تحقيق ه‪ .‬ريتر‪،‬‬ ‫(إسطنبول‪ ،‬دون دار‪.)1954 ،‬‬ ‫الجرجاني‪ ،‬علي بن عبد العزيز‪ ،‬الوساطة بين المتنبي‬ ‫وخصومه‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ومحمد علي‬ ‫البجاوي‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتبة العصرية‪.)2006 ،‬‬ ‫حمودة‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬الخروج من التيه‪( ،‬الكويت‪ :‬المجلس‬ ‫الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪.)2003 ،‬‬ ‫الرويلي‪ ،‬ميجان والبازعي‪ ،‬سعد‪ ،‬التاريخانية الجديدة‪/‬التحليل‬ ‫الثقافي‪ ،‬في دليل الناقد األدبي‪ :‬إضاءة ألكثر من سبعين‬ ‫تيا ارً ومصطلحاً نقديا معاص ارً‪ ،‬الطبعة الخامسة‪( ،‬الدار‬ ‫البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.)2007 ،‬‬ ‫الشمسان‪ ،‬إبراهيم‪’ ،‬الضاد بين الكتابية والشفاهية‘‪ ،‬مجلة‬ ‫الخطاب الثقافي – دراسات‪ ،‬عدد ‪،)2007( ،2‬‬ ‫]صفحات‪.[142-107 :‬‬ ‫صالل راوي‪’ ،‬العربية لغة الضاد ‪ ...‬لماذا؟!‘‪ ،‬مجلة كلية‬ ‫دار العلوم جامعة القاهرة – مصر‪ ،‬عدد ‪،)1988( ،11‬‬ ‫]صفحات‪.[101-87 :‬‬ ‫الصولي‪ ،‬أبو بكر محمد بن يحيى‪ ،‬أخبار أبي تمام‪ ،‬تحقيق‬ ‫خليل محمود عساكر ومحمد عبده عزام ونظير اإلسالم‬ ‫جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬ ‫الهندي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪( ،‬بيروت‪ :‬دار اآلفاق الجديدة‪،‬‬ ‫‪.)1980‬‬ ‫الطياليسي‪ ،‬جعفر بن محمد الطياليسي‪ ،‬كتاب المكاثرة عند‬ ‫المذاكرة‪ ،‬تحقيق محمد بن تاويت الطنجي‪( ،‬أنقرة‪ :‬جامعة‬ ‫إسطنبول‪.)1956 ،‬‬ ‫العاشور‪ ،‬شاكر‪’ ،‬المستدرك على ديوان عمارة بن عقيل‘‪،‬‬ ‫مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق – سوريا‪ ،‬مجلد ‪،79‬‬ ‫جزء ‪] ،)2004( ،4‬صفحات‪.[891-881 :‬‬ ‫العاشور‪ ،‬شاكر‪ ،‬ديوان عمارة بن عقيل‪( ،‬بغداد‪ :‬و ازرة‬ ‫اإلعالم‪.)1973 ،‬‬ ‫عبد المطلب‪ ،‬محمد‪’ ،‬نقد ثقافي أم قراءة ثقافية‘‪ ،‬مجلة‬ ‫فصول – مصر‪ ،‬عدد ‪2008( ،74‬م) ]صفحات‪-22:‬‬ ‫‪.[34‬‬ ‫عليمات‪ ،‬يوسف‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ ،‬الشعر الجاهلي‬ ‫نموذجاً‪( ،‬بيروت‪ :‬المالسسة العربية للدراسات والنشر‪،‬‬ ‫‪.)2004‬‬ ‫عليمات‪ ،‬يوسف‪ ،‬النسق الثقافي‪ :‬قراءة ثقافية في أنساق‬ ‫الشعر العربي القديم‪( ،‬عمان‪ :‬و ازرة الثقافة‪.)2014 ،‬‬ ‫عيسى‪ ،‬جمال محمود‪’ ،‬األثر الوراثي في شعر عمارة بن‬ ‫عقيل ت ‪239‬هذ‘‪ ،‬مجلة الدراسات الشرقية –جمعية‬ ‫خريجي أقسام الدراسات الشرقية بالجامعات المصرية –‬ ‫مصر‪ ،‬عدد ‪] ،)2013( ،50‬صفحات‪.[65-23 :‬‬ ‫عيسى‪ ،‬جمال محمود‪’ ،‬عمارة بن عقيل اإلنسان الشاعر‘‪،‬‬ ‫مجلة كلية اآلداب– جامعة طنطا – مصر‪ ،‬عدد ‪،21‬‬ ‫جزء ‪] ،)2008( ،1‬صفحات‪،[42-3 :‬‬ ‫الغذامي‪ ،‬عبد الل‪ ،‬النقد الثقافي‪ :‬قراءة في األنساق الثقافية‬ ‫العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة (الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي‬ ‫العربي‪.)2005 ،‬‬ ‫‪Greenblatt, Stephen, Resonance and Wonder,‬‬ ‫‪Literary Theory Today, ed. by: Peter‬‬ ‫‪Collier and Helda Geyer-Ryan, (New‬‬ ‫‪York: Cornell University Press, 1999).‬‬ ‫‪Greenblatt, Stephen, Shakespeare in Tehran,‬‬ ‫‪at:‬‬ ‫‪<http://www.nybooks.com/articles/2015/0‬‬ ‫‪141‬‬ ‫القالي‪ ،‬أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي‪ ،‬ذيل األمالي‬ ‫والنوادر‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتب التجاري للطباعة والنشر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ت‪.).‬‬ ‫القرشي‪ ،‬إبراهيم بن علي بن هرمة‪ ،‬ديوان إبراهيم بن علي بن‬ ‫هرمة القرشي‪ ،‬تحقيق محمد جبار المعيبد‪( ،‬بغداد‪ :‬مطبعة‬ ‫اآلداب‪.)1969،‬‬ ‫القيسي‪ ،‬نوري حمودي‪’ ،‬ديوان عمارة بن عقيل‘‪ ،‬مجلة العرب‬ ‫– السعودية‪ ،‬مجلد ‪ ،8‬عدد ‪9‬و‪،)1974( ،10‬‬ ‫]صفحات‪.[778-773 :‬‬ ‫المتنبي‪ ،‬أبو الطيب أحمد بن حسين الجعفي‪ ،‬ديوان المتنبي‪،‬‬ ‫(بيروت‪ :‬دار بيروت للطباعة والنشر‪1983 ،‬م)‪.‬‬ ‫المحتسب‪ ،‬عبدالمجيد عبدالسالم‪’ ،‬عمارة بن عقيل بن بالل‬ ‫بن جرير حياته وشعره‘‪ ،‬مجلة هداب المستنصرية‪ ،‬عدد‬ ‫‪] ،)1984( ،9‬صفحات‪.[208-187 :‬‬ ‫المرزباني‪ ،‬أبو عبيد الل بن محمد بن عمران‪ ،‬معجم الشعراء‪،‬‬ ‫تحقيق‪ :‬عبد الستار أحمد فراج‪( ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة العامة‬ ‫لقصور الثقافة‪ ،‬د‪.‬ت‪.).‬‬ ‫مطلوب‪ ،‬أحمد‪ ،‬في المصطلح النقدي‪( ،‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‬ ‫ناشرون‪.)2010 ،‬‬ ‫المطيري‪ ،‬منصور خويلد‪ ،‬عمارة بن عقيل‪ – 000 ،‬منتصف‬ ‫القرن الثالث الهجري حياته وشعره‪( ،‬رسالة ماجستير غير‬ ‫منشورة‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪،‬‬ ‫‪.)2008‬‬ ‫الميمني الراجكوتي‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬الطرائف األدبية‪ ،‬مجلدان‬ ‫(القاهرة‪ :‬مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر‪.)1927 ،‬‬ ‫المراجع اإلنجليزية‪:‬‬ ‫‪Greenblatt, Stephen, ‘Afterward: Shakespeare‬‬ ‫‪in Tehran’ in Shakespeare in Our Time: A‬‬ ‫‪Shakespeare Association of America‬‬ ‫‪Collection, ed. by: Dympna Callaghan and‬‬ ‫‪Suzanne Gossett, (London: Bloomsbury‬‬ ‫‪Arden Shakespeare, 2016).‬‬ ‫حسين محمد القرني‬ 4/02/shakespeare-in-tehran/>, [accessed on 10 March 2017]. Greenblatt, Stephen, Shakespearean Negotiations: The Circulation of social energy in Renaisssance England, (Berkeley: University of California Press 1988). 142 Greenblatt, Stephen, 'Towards a Poetics of Culture', in The New Historicism, ed. by H. Aram Veeser (New York: Routledge, 1989), [pp. 1-14] H. Aram Veeser, ‘Introduction’,The New Historicism, (New York: Routledge, 1989). 143 ‫ الثنائيات الضدية في ضادية عمارة بن عقيل‬:‫جماليات التحليل الثقافي‬ Poetics of Cultural Analysis: Antithetical binaries in Umāra ibn Aqīl's Ḍādiyya Dr. Hussain Muhamad Al-Qarni King Abdulaziz University - Jeddah Saudi Arabra Abstract: This paper examines the application of cultural analysis approach on Arabic poetry, highlighting its points of strength and weakness. It starts with a theoretical framework explaining the principles of cultural reading of literary texts and then analyses a poem by ʿUmāra, chosen because it contains an unusual amount of antithetical binaries at word level, construction and ideas. The aims of the cultural analysis in this paper is to discover the polysystems of the text, to explore the limits of this approach as well as its analytical and hermeneutical potentials and to show its shortcomings. Amongst the findings is that using antithetical binaries was a suitable technique, which served ʿUmāra's porpuse of highlighting paradoxes of his time. Keywords: Cultural analysis, Hermeneutic, Cultural Poetics, Antithesis, ʿUmāra ibn ʿAqīl.